الحكومة التونسية ترفع دعوى قضائية لحل حزب «التحرير»

قيادي في الحزب لـ «الشرق الأوسط»: لا علاقة له بالإرهاب

الحكومة التونسية ترفع دعوى قضائية لحل حزب «التحرير»
TT

الحكومة التونسية ترفع دعوى قضائية لحل حزب «التحرير»

الحكومة التونسية ترفع دعوى قضائية لحل حزب «التحرير»

رفع المكلف العام بنزاعات الدولة دعوى قضائية ضد حزب «التحرير» الإسلامي، بعد اتهامه بالتحريض على تقويض الدولة، وإقامة الخلافة. ونقلت تقارير محلية عن الحبيب الصيد، رئيس الحكومة، عقب لقائه أول من أمس ممثلين عن وسائل إعلام، قوله إن الحكومة تقدمت بثلاث دعاوى قضائية ضد حزب التحرير، مؤكدا أن إحدى الدعاوى القضائية ستكون للمطالبة بحل الحزب.
ووجهت لحزب التحرير اتهامات في أكثر من مناسبة، منذ تأسيسه سنة 2012، بمخالفة قانون الأحزاب لسنة 1988، نتيجة عدم إيمانه بمدنية الدولة، ودعوته لمقاطعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت سنة 2014، وبسبب أطروحاته المتطرفة ومعارضته النظام الجمهوري.
ولم يشارك حزب التحرير في انتخابات 2014، بدعوى معارضته للأنظمة السياسية العلمانية، وهو يؤيد بدل ذلك قيام نظام «الخلافة»، ويدعم مبدأ تطبيق صريح للشريعة الإسلامية. ويعود أحدث اتهام لحزب التحرير إلى الاحتجاجات التي عرفتها جزيرة قرقنة (وسط شرقي تونس)، منذ نحو أسبوعين، إذ اتهم الحبيب الصيد حزب التحرير وتحالف الجبهة الشعبية اليساري بالتحريض على الاحتجاج الاجتماعي، ودعم أعمال العنف التي استهدفت في جانب منها مقرات أمنية. وفي رده على اتهامات الحكومة، والسعي إلى حل حزب التحرير عن طريق اللجوء إلى القضاء، قال محمد بن قديش، القيادي في الحزب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة تعيد منذ مدة أسطوانة مشروخة -على حد تعبيره- وهي تتهم حزب التحرير وأحزاب أخرى معارضة دون دليل، معتبرا المواقف التي اتخذها حزب التحرير من صميم عمله السياسي في صفوف المعارضة. وفيما يتعلق بإمكانية تطور هذه الاتهامات في اتجاه اتهام الحزب بدعم الإرهاب، ومن ثم التسريع بحله، قال بن قديش إن الحزب لا يلجأ إلى العنف السياسي في تعامله مع المشهد السياسي التونسي، وهو لا يتبنى الأعمال المادية من عنف أو حمل للسلاح، ولا يتعامل مع أطراف أجنبية، ولا علاقة له بالإرهاب، ويحترم قانون الأحزاب، وهو يستعمل حقه في المعارضة لا غير، وهذا الأمر يجعل قرار حله صعبا للغاية.
وأشار المصدر ذاته إلى تكرر اتهامات الحكومة لحزبه بدعم التحركات الاجتماعية في القصرين وقرقنة، وهذا لا يزعج إلا الحكومة، على حد تعبيره، لأنها فشلت في حل المشكلات المتراكمة للشباب التونسي.
وختم بن قديش قوله بالإشارة إلى أن الحكومة تعرف جيدا مقر الحزب وعنوانه، ولكنها لم توجه أية مراسلات قانونية إليه. وبشأن خطوات حل الحزب من قبل الحكومة، أكد أن الملف يتجاوزها من الناحية القانونية، ولم يبق لها سوى لباس جبة الديكتاتورية لمنع حزب التحرير من النشاط على حد تعبيره.
من ناحية أخرى، قال كمال الجندوبي، الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، إن أكثر من 157 جمعية يشتبه في علاقاتها بالإرهاب في تونس، مضيفا أن معطيات أمنية تشير إلى وجود علاقة بين هذه الجمعيات وأطراف متطرفة وإرهابية في بعض الأحيان، وهي تمثل خطرا كبيرا على أمن البلاد واستقرارها، مؤكدا في مؤتمر للشباب عقد أمس بالعاصمة التونسية وجود أكثر من 157 جمعية محل متابعة منذ سنة 2014، وقد تم تجميد عدد منها، وحل البعض الآخر بقرارات قضائية لمخالفتها قانون الجمعيات، ويقدر عدد الجمعيات التونسية الناشطة في عدة مجالات بنحو 18 ألف جمعية، وارتفع عددها بصفة ملحوظة بعد الثورة، إذ كان سنة 2010 لا يتجاوز حدود 8 آلاف جمعية.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.