باريس تقترح رسميًا اجتماعًا لوزراء خارجية مجموعة الدعم لسوريا

الملف السوري على جدول مباحثات خمسة زعماء غربيين في هانوفر

باريس تقترح رسميًا اجتماعًا لوزراء خارجية مجموعة الدعم لسوريا
TT

باريس تقترح رسميًا اجتماعًا لوزراء خارجية مجموعة الدعم لسوريا

باريس تقترح رسميًا اجتماعًا لوزراء خارجية مجموعة الدعم لسوريا

تنشط القيادة الفرنسية على كل الجبهات لتطويق التصعيد الميداني الحاصل في سوريا ومحاولة إنعاش محادثات جنيف المتعثرة بعد قرار «الهيئة العليا للمفاوضات» تعليق مشاركتها في المحادثات. وكان وفد «الهيئة» قد اتخذ قراره بانتظار تحقيق تقدم على الأصعدة الإنسانية (إيصال المساعدات للمناطق المحاصرة والبدء بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين) والميدانية (وقف القصف واحترام الهدنة) والسياسية (حصول تغير في تعاطي النظام مع موضوع الانتقال السياسي) الذي تنص عليه القرارات الدولية وبداية بيان جنيف لصيف العام 2012.
وبانتظار ذلك، أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية في جنيف أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا سيواصل لقاءاته مع وفد النظام والمجموعات الأخرى الموجودة في المدينة السويسرية وفق خطته الموضوعة أصلاً التي نصت على محادثات لمدة أسبوعين. وقالت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس إن «التبرير» الذي يقدمه دي ميستورا هو أنه بدأ محادثاته مع وفد المعارضة ثلاثة أيام قبل انطلاقها مع وفد النظام وبالتالي فإن تمديدها حتى الأربعاء القادم هدفه توفير الوقت نفسه والفرص نفسها للوفدين. وبعد ذلك ستنقطع المحادثات لمدة أسبوعين على أن تستأنف في مايو (أيار) القادم.
بيد أن الدبلوماسية الدولية تجهد لمواكبة جهود المبعوث الأممي. وبعدما كانت باريس أول من دعا إلى اجتماع لوزراء خارجية «مجموعة الدعم لسوريا» التي تضم 17 بلدًا، وذلك في إطار «لجنة الاتصال الخاصة بوقف الأعمال العدائية» منذ إعلان وفد «الهيئة» قراره «تعليق» مشاركته، عمد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت إلى دعوة نظرائه رسميا لعقد هذه الاجتماع. وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية فإنه «يتعين على هذه المجموعة، وخصوصا على الدولتين الراعيتين (الولايات المتحدة الأميركية وروسيا) أن تتحمل المسؤولية وأن توفر دفعة سياسية إضافية لاحترام الهدنة من قبل كل الأطراف بحيث يعود الجميع إلى جنيف». وأفاد وزير الخارجية الفرنسي في تصريحات نشرت له أمس أن الملف السوري وإقرار الاجتماع المشار إليه سيكونان موضع بحث في القمة غير الرسمية في مدينة هانوفر الألمانية يوم الاثنين المقبل والمعروفة باسم «أربعة زائد واحد» وهي تضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة.
حتى عصر أمس، لم يكن قد تم اتخاذ قرار لا بشأن موعد الاجتماع ولا بشأن مكان انعقاده. وقالت المصادر الفرنسية إن مصيره «مرهون» بالاتصالات «المكثفة» الجارية بين واشنطن وموسكو التي زارها أيرولت يوم الثلاثاء الماضي والتقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف. وسيكون الملف السوري اليوم على جدول لقائه مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.
والواقع أن نقطة الاستفهام الأساسية التي تطرحها المصادر الغربية تتناول بالدرجة الأولى «الحجج» التي يمكن تقديمها لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» من أجل أن تعيد النظر في قرار «التعليق» وإرسال وفدها مجددا إلى جنيف. وأفاد عضو بارز من «الهيئة»، في اتصال أجرته «الشرق الأوسط» أمس أن «عددا محصورا» من التقنيين وغير التقنيين سيبقى في جنيف كي يظل «حلقة وصل» بين مكتب دي ميستورا و«الهيئة»، بينما يفترض أن يكون قد عاد اليوم القسم الأكبر من وفد المعارضة. وأضاف العضو المشار إليه أن قرار «الهيئة» في واقع الأمر «مربوط بالتطورات التي ستحصل في الأيام القليلة القادمة» فيما تزداد المخاوف من تصعيد ميداني على نطاق واسع قد يدفع بالمسار السياسي بمجمله إلى المجهول.
ولقد علمت «الشرق الأوسط» أن مسؤولا من وزارة الخارجية الألمانية التقى بالفعل ممثلين عن «الهيئة العليا للمفاوضات» تمهيدا لاجتماع هانوفر. وتستطيع ألمانيا، بسبب «العلاقات الخاصة» التي تربطها بروسيا، وفق المصادر الغربية، أن تلعب دورا مؤثرا على الموقف الروسي. وحقًا قدم الدبلوماسي الألماني «وعودا» للمعارضة السورية التي سيتبين سريعا جدًا مدى مصداقيتها، خصوصًا، أن اجتماع وزراء خارجية «مجموعة الدعم» يفترض أن يتم قبل نهاية الشهر الجاري. وبحسب باريس، فإن المشاورات تتناول عدة مقترحات لمكان وزمان الاجتماع. وتعتبر المصادر الغربية أن الأيام العشرة الفاصلة عن نهاية الشهر الجاري «كافية» للقيام بالاتصالات التحضيرية الضرورية وأنها تتطابق مع فترة توقف المحادثات وفق خطة دي ميستورا الأصلية.
في هذه الأثناء، ما زال السفراء والدبلوماسيون المنتدبون إلى جنيف يتساءلون عن الأسباب التي جعلت النظام السوري يعمد إلى التصعيد العسكري وإلى «إحراج» الطرف الروسي الذي يعد بشكل ما مسؤولا عن «تصرفات» النظام السوري والمجموعات العسكرية التي تقاتل إلى جانبه. ويبدو أن الرأي الغالب هو اعتبار أن هناك عملية «شد حبال» بين النظام السوري والطرف الروسي، وأن الأول يحاول «اختبار» المدى الذي يمكن أن يصل إليه في تجاهله «الراعي» الروسي أو تحدي إرادته أو قراراته. ويبدو أن المعارضة السورية تتحضر لـ«سيناريوهات» أخرى غير «سيناريو المحادثات» في جنيف التي وصفها رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أنس العبدة، في تصريحات له أمس في إسطنبول، بأنها «عديمة الجدوى». وأوضح العبدة أن «التفاوض ليس الخيار الوحيد للحل في سوريا، وكل ما ستشاهدونه في المرحلة القادمة على الأرض سيكون جزءًا من هذه الخيارات»، في تلويح بالرد عسكريا على خروق النظام للهدنة.
من جانب آخر، رد رئيس وفد «الهيئة» العميد أسعد عوض الزعبي على تصريحات السفير بشار الجعفري أول من أمس عندما اعتبر أن رحيل الوفد لن يؤثر على استمرار المفاوضات. وقال العبدة قبل مغادرته جنيف إن شيئا كهذا سيكون بمثابة «نكتة وموضع استهزاء». وترى الهيئة أن «لا معنى» لمحادثات تجرى مع جهات أخرى غيرها وأن قرار التعليق كان «صائبا» لأنه دفع الجميع إلى «إعادة النظر في حساباتهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.