تونس تستعد لاستقبال عشرات الإرهابيين من السجون الليبية

تخوف من استيعابهم في سجون البلاد.. وتوجس من تأثيرهم على بقية المساجين

شرطي ينظم حركة  السير في العاصمة تونس أمس (رويترز)
شرطي ينظم حركة السير في العاصمة تونس أمس (رويترز)
TT

تونس تستعد لاستقبال عشرات الإرهابيين من السجون الليبية

شرطي ينظم حركة  السير في العاصمة تونس أمس (رويترز)
شرطي ينظم حركة السير في العاصمة تونس أمس (رويترز)

ذكرت مصادر أمنية تونسية أن تونس تستعد خلال هذه الفترة لاستقبال عشرات الإرهابيين الذين تنتظر تسلمهم من السلطات الليبية بعد إلقاء القبض عليهم من بين 400 إرهابي من الجزائر والمغرب ومصر، وبينهم نحو 100 إرهابي من تونس. وتعمل وزارات الداخلية والعدل والخارجية بشكل حثيث على تسلم العناصر الإرهابية بالتعاون مع الحكومة الليبية. ومن المنتظر توزيعهم على ستة سجون قالت وزارة العدل التونسية إنها وزعت عليها السجناء المتهمين في قضايا إرهابية. ووفق مصادر أمنية من المنتظر إرسال العناصر الإرهابية في سرية تامة إلى تونس، ومن المتوقع إعادة محاكمتهم والتعرف الدقيق على القضايا الإرهابية التي نفذوها في ليبيا المجاورة وذلك قبل إعادة توزيعهم على الوحدات السجنية. وتتأهب تونس لتوزيعهم على السجون التونسية في ظل تخوفات متزايدة على مستوى استيعابهم في السجون التونسية وتوجس وريبة من إمكانية تأثيرهم على بقية السجناء واستقطابهم لصالح التنظيمات الإرهابية التي لديها قوة تأثير على الشباب التونسي. وأشارت المصادر الأمنية ذاتها إلى أن معظم العناصر الإرهابية التي ستتسلمهم تونس قد شاركوا في عمليات إرهابية سابقة نتج عنها القتل والدمار. وتشير تقارير أمنية أميركية إلى وجود نحو 1500 إرهابي تونسي ضمن تنظيم داعش في مدينة سرت الليبية. وتوجد في السجون التونسية أعداد هامة من السجناء المتهمين في قضايا إرهابية، وقدرتها الإدارة العامة للسجون والإصلاح بنحو ألفي عنصر إرهابي. وتتخذ السلطات التونسية احتياطات هامة على مستوى تعاملها مع القيادات الإرهابية، إذ تعمل على عزلهم عن بقية العناصر الإرهابية المعتقلة وتجعلهم تحت رقابة أمنية دائمة، خشية امتداد تأثيرهم إلى بقية السجناء. ويعود هذا الإجراء إلى ثبوت تأثير قيادات إرهابية على سجناء حق عام وتحويلهم في مدة قياسية من منحرفين إلى عناصر إرهابية جاهزة لتنفيذ عمليات إرهابية والانصياع إلى أوامر القيادات الإرهابية. وسبق لتونس أن تعاملت مع الجهات الليبية في ملف المعتقلين المتهمين بالإرهاب، ففي شهر أغسطس (آب) من السنة الماضية سلمت جهات ليبية رسمية ثمانية تونسيين مطلوبين للعدالة التونسية ومشتبه في انتمائهم لتنظيمات إرهابية. وخلال شهر فبراير (شباط) الماضي تسلمت تونس أربعة إرهابيين آخرين من السلطات الليبية إثر إلقاء القبض عليهم متسللين إلى مدينة زوارة الليبية، وأشارت إلى أنهم كانوا متجهين إلى مدينة صبراتة للالتحاق بتنظيم داعش، ثم التوجه في مرحلة لاحقة نحو مدينة سرت معقل هذا التنظيم الإرهابي. وبشأن إمكانية تأثير العناصر الإرهابية على بقية السجناء، أفاد عمر منصور وزير العدل التونسي أن نسبة الاختلاط بين الإرهابيين وسجناء الحق العام في السجون التونسية لا تتجاوز حدود 5 في المائة بعد أن بلغت خلال السنوات الأولى التي تلت ثورة 2011 نحو 30 في المائة. وأكد المصدر ذاته وجود برنامج إصلاح متكامل في مجال التعامل مع السجناء، وتعمل الوزارة على تنفيذه بنسق حثيث بهدف منع الاختلاط بين السجناء حفاظًا على الأمن العام في ظل التهديدات الإرهابية المتكررة في تونس. وكانت وزارة العدل التونسية قد نفذت برنامجا لتوزيع السجناء المتهمين بالإرهاب على نحو ستة سجون موزعة على عدة مناطق تونسية، وذلك بهدف تشتيت اهتمام التنظيمات الإرهابية التي هددت في السابق باقتحام بعض السجون التونسية وإطلاق سراح السجناء المنتمين لتلك التنظيمات باستعمال القوة والسلاح. وكان السجناء المتهمون بارتكاب جرائم إرهابية يسجنون في سجن المرناقية غربي العاصمة التونسية قبل أن تقرر سلطات الإشراف توزيعهم على مجموعة من السجون بعد تنامي التهديدات الإرهابية والكشف عن مخططات لاستهداف بعض السجون التونسية، خاصة تلك التي توجد بها قيادات إرهابية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.