قائد الجيش الإيراني يتنصل من مسؤولية إرسال قوات خاصة إلى سوريا

النفي يتناقض مع التصريحات الأخيرة لقائد القوات البرية

قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي يعرض لقائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ملصقًا دعائيًا عن قتلى الجيش في سوريا (موقع دفاع برس)
قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي يعرض لقائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ملصقًا دعائيًا عن قتلى الجيش في سوريا (موقع دفاع برس)
TT

قائد الجيش الإيراني يتنصل من مسؤولية إرسال قوات خاصة إلى سوريا

قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي يعرض لقائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ملصقًا دعائيًا عن قتلى الجيش في سوريا (موقع دفاع برس)
قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي يعرض لقائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ملصقًا دعائيًا عن قتلى الجيش في سوريا (موقع دفاع برس)

بعد أن أثار إعلان الجيش الإيراني إرسال قوات خاصة إلى سوريا جدلا واسعا داخل وخارج إيران، حاول قائد الجيش الإيراني عطاء الله صالحي التنصل من مسؤولية إرسال تلك القوات، لافتا إلى أن الجيش لم يتحمل مسؤولية إرسال تلك القوات، وأن «جهازا خاصا» لم يذكر اسمه، مسؤول عن إرسال المستشارين إلى المعارك السورية.
وقال صالحي أمس في أول تعليق له بعد إعلان مقتل ضباط من القوات الخاصة التابعة للجيش الإيراني في سوريا، إن تلك القوات «متطوعة»، وإن الجيش لا يتحمل مسؤولية إرسالها إلى سوريا. كما كرر ما يعلنه قادة القوات العسكرية الإيرانية حول الطبيعة «الاستشارية» لحضور القوات الإيرانية.
وتعليقا على إعلان مساعد قائد القوات البرية، علي آراسته، أول قيادي في الجيش أعلن إرسال «اللواء 65» للقوات الخاصة، قال صالحي إن قواته لم تعلن «إطلاقا» و«لم تدع» إلى إرسال «اللواء 65» إلى سوريا، موضحا أنه قد يكون بعض من قوات «اللواء 65» بين القوات المرسلة من قبل «جهاز خاص» مسؤول عن إرسال المستشارين إلى سوريا. ولم يقدم صالحي أي تفصيل عن الجهاز المسؤول عن إرسال «القوات التطوعية» للجيش الإيراني، إلا أنه ربما عنى الحرس الثوري وذراعه الخارجية «فيلق القدس» اللذين يقاتلان في سوريا إلى جانب قوات الأسد.
وفي إلقاء المسؤولية على عاتق الحرس الثوري عندما أشار إلى «الجهاز المسؤول» عن إرسال القوات «التطوعية والاستشارية» إلى سوريا، خشية لدى قائد الجيش من إلحاق قادة الجيش الإيراني بقائمة العقوبات الدولية المفروضة على قادة «الحرس الثوري» والشرطة الإيرانية بسبب دورهما في سوريا.
ویفرض کل من الاتحاد الأوروبي وأمیرکا منذ عام 2011 عقوبات على قادة «الحرس الثوري»، تشمل مصادرة الأموال والمنع من السفر، بسبب دورهم في قمع المتظاهرين السوريين. وتشمل العقوبات كلا من قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري وقائد «فيلق قدس» قاسم سليماني، ومساعد قائد مخابرات «الحرس الثوري» حسين طائب، والقيادي في «الحرس الثوري» العميد حسين همداني، الذي قتل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في حلب، ومساعد قائد قوات الشرطة الإيرانية العميد أحمد رضا رادان، وقائد الشرطة السابق إسماعيل أحمدي مقدم، فضلا عن قائد غرفة العمليات في «فيلق القدس» وأهم مساعدي سليماني في سوريا، محسن تشيذري.
وجاء تصريح صالحي خلافا لآخر تصريح من قائد القوات البرية في الجيش الإيراني أحمد رضا بوردستان، الذي أكد في عدة مناسبات خلال الأسبوعيين الماضيين، إرسال «مستشارين» من القوات الخاصة للمشاركة إلى جانب «الحرس الثوري».
وقال بوردستان الأحد الماضي إن القوات البرية في الجيش الإيراني لم ترسل وحدات من الجيش، إلا أنها أرسلت «مستشارين» بطلب من دمشق، وقال إن «المستشارين» يشاركون في «تقديم حلول استراتيجية» إلى الجيش السوري. وصرح بوردستان: «نحن جنود النظام، وعلى جاهزية للقيام بمهمات في أي مكان يطلب منا النظام ذلك»، وتابع: «إننا لم نرسل وحدات إلى سوريا، لأن (داعش) ليس عدونا الأساسي».
وفي وقت تشهد فيه سوريا هدنة بين قوات المعارضة والنظام السوري، عدّ بوردستان الهدنة «شكلية وظاهرية» مؤكدا أنها «لم تكن هدنة شاملة». وشدد على استمرار القوات العسكرية الإيرانية في العمليات الاستشارية «في جميع المجالات كما في السابق».
كما شدد بوردستان على استمرار تعاون الجيش الروسي والقوات العسكرية الإيرانية في سوريا، وقال إن انسحاب جزء من القوات الروسية «لا يعني أنها تكف عن تقديم الدعم اللوجيستي»، موضحا أن «الدعم اللوجيستي يأتي في ظل وجود أرضية مناسبة للتعاون بين القوات الروسية وقوات النظام السوري والمستشارين الإيرانيين».
من جانبه، أبرز الأستاذ في الكلية العسكرية الملكية في جامعة كينغستون بكندا، هوشنك حسن ياري، التباين في تصريحات قادة الجيش الإيراني حول إرسال القوات الخاصة إلى سوريا، وتساءل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أعلن قائد الجيش أنه لا يتحمل مسؤولية إرسال القوات الخاصة التابعة للجيش، فمن هو المسؤول الذي يتحمل مسؤولية ذلك؟» وتابع ياري: «على أي أساس يعلن قائد القوات البرية إرسال قوات إلى سوريا، كما أكد أن الجيش شارك بتدريب وتجهيز قوات جيش النظام السوري.. كيف لم يطلع صالحي على ذلك؟».
ورأى حسين ياري أن التضارب في مواقف القادة الإيرانيين من إرسال القوات وطبيعة المهام يأتي في سياق التضارب الذي تشهده البلاد في السياسة الداخلية والخارجية. ولفت إلى أن «نفي الجيش يطرح سؤالا أساسيا حول الجهات المسؤولة عن اختيار القوات وإرسالها إلى سوريا، وإذا ما كان قادة الجيش يتعاونون مع تلك الجهات. ومن جانب آخر، يطرح التصريح الأخير أسئلة أساسية حول استقلالية الجيش الإيراني الذي يكلفه الدستور بالقيام بمهام محددة وفق المعايير العسكرية. كما أن سقوط قتلى من القوات الخاصة في الجيش الإيراني يطرح أسئلة أساسية حول جاهزية تلك القوات».
وشكك حسن ياري بالمفهوم «الاستشاري» والقيام بتدريب القوات العسكرية وفق ما تدعي الجهات المسؤولة في إيران، في وقت أعلن فيه عن مقتل ضباط من الجيش الإيراني في معارك حلب. وأكد أن حضور الجيش الإيراني في سوريا يضر بصورته، «لأن الحرب السورية ليست حربا (وطنية) وإنما حرب (آيديولوجية وسياسية)». وشدد على أن «الجيش الإيراني قد يتحمل ضغوطا داخلية مضاعفة داخل إيران بسبب اختلاف نظرة الإيرانيين للجيش مقارنة مع (الحرس الثوري) الذي يعد مؤسسة عسكرية لها دور سلبي في الداخل الإيراني». وفي إشارة إلى دعم «الحرس الثوري» من قبل السلطة الإيرانية وتدخله في الشؤون السياسية الإيرانية، ذكر حسن ياري أن «انكماش» الجيش في قواعده بعد حرب الخليج الأولى والقيام بدور حماية الحدود، «من النقاط الإيجابية للجيش الإيراني الذي تعرضت صورته للاهتزاز عقب إعلان تدخله في الحرب السورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».