رئيسة البرازيل تخفق في وقف إجراءات إقالتها

دراسة كيفية إعفائها تشكل موضوع تصويت حاسم للنواب

الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف (رويترز)
الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف (رويترز)
TT

رئيسة البرازيل تخفق في وقف إجراءات إقالتها

الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف (رويترز)
الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف (رويترز)

أخفقت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف أمس في دفع القضاء إلى وقف إجراءات إقالتها التي ستكون موضوع تصويت حاسمًا للنواب اليوم الأحد.
فبعد ثماني ساعات من المناقشات رفض غالبية قضاة المحكمة البرازيلية العليا طعنًا قدمته الحكومة لإلغاء إجراءات إقالة الرئيسة اليسارية، وبناء عليه بدأ النواب صباح اول من أمس اجتماعًا عامًا مارثونيًا سيستمر ثلاثة أيام للبت في مصير الزعيمة اليسارية، التي تتهمها المعارضة بإخفاء نفقات في الحسابات العامة.
ولمواصلة إجراءات الإقالة سيتعين على المعارضة أن تحشد تأييد ثلثي النواب (342 من أصل 513)، وإلا فإن هذه الإجراءات تلغى نهائيًا وتظل روسيف في منصبها. وفي حال صوت النواب لصالح إقالة روسيف فإن وضعها سيصبح دقيقًا للغاية، إذ يكفي أن تصوت غالبية بسيطة في مجلس الشيوخ خلال شهر مايو (أيار) المقبل لتتم إحالتها إلى القضاء.
وفي هذه الحالة سيتم استبعادها من السلطة خلال مهلة لا تتجاوز 180 يومًا، بانتظار تصويت نهائي على إقالتها يتطلب تأييد ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. وعندها، يتولى نائبها ميشال تامر الرئاسة بالنيابة عنها حتى انتهاء ولايتها في عام 2018، وسيكون لديه الصلاحية الكاملة لتشكيل حكومة انتقالية.
وتواجه روسيف التي تعد «بالنضال حتى اللحظة الأخيرة»، منذ الثلاثاء الماضي سلسلة من الانشقاقات في تحالفها. ويزداد وضعها صعوبة يومًا بعد يوم مع الدعوات التي تطلقها أحزاب الوسط في تحالفها المفكك، إلى نوابها من أجل التصويت بإقالتها.
وما زالت روسيف تأمل في أن يصوت ثلث النواب (172 نائبًا) غدًا لمصلحتها، وهذا سيكون كافيًا لإفشال إجراءات الإقالة وإنقاذ ولايتها الرئاسية.
وإلى جانب دعم 57 نائبًا من كتلة حزبها، حزب العمال، وأحزاب صغيرة يسارية متطرفة، تعول روسيف على ولاء بعض نواب يمين الوسط الذين يعارضون توجه أحزابهم إلى إجراءات الإقالة. لكن المعارضة تؤكد أنها باتت تستطيع الاعتماد على 342 نائبًا لنقل الإجراءات إلى مجلس الشيوخ.
وأقامت السلطات حاجزًا يصل ارتفاعه إلى مترين وطوله كيلومتر واحد للفصل بين المتظاهرين المؤيدين لإقالتها و«المعارضين للانقلاب»، لتجنب مواجهات في نهاية الأسبوع التاريخية هذه. وكتب على لافتة ألصقت على الحاجز في جانب المعارضين للرئاسة: «هنا جدار برلين، الشطر الغربي».
وعند حلول ليلة الخميس، كان نحو 200 متظاهر يطالب «بإقالة فورية» لروسيف في ساحة الوزارات. وعلى بعد بضعة كيلومترات من الساحة، تجمع نحو 500 متظاهر من مؤيدي الرئيسة تحت خيام في الباحة الرياضية لملعب ماني غارينشا.
وبهذا الخصوص قال النقابي باولو جواو ايستوسيا، الذي قدم من ساو باولو: «لقد بلغ عددنا 500 لكن بنهاية الأسبوع سنصبح مائة ألف لمنع حدوث هذا الانقلاب».
وتتهم المعارضة روسيف (68 عامًا) المناضلة السابقة، التي تعرضت للتعذيب في عهد الحكم العسكري، بالتلاعب بالنفقات العامة في 2014 السنة التي أعيد انتخابها خلالها، وفي 2015 لتقليل حجم العجز العام في هذه الدولة العملاقة التي تشهد انكماشًا في أميركا اللاتينية. لكن الرئيسة البرازيلية تؤكد أنها لم ترتكب «أي جريمة مسؤولية إدارية تبرر إقالتها»، وتدين ما تصفه بـ«انقلاب مؤسساتي» من قبل معارضة رفضت الإقرار بهزيمتها الانتخابية في 2014.
وتقدم مدعي الحكومة جوزيه إدواردو كاردوزو المدافع عن روسيف، من المحكمة العليا أول من أمس لمطالبتها بأن «تلعب دورها كحارسة للدستور، وبالتالي ممارسة رقابة على التجاوزات التي ترتكبها السلطة التشريعية». وقد شكك خصوصًا بحياد رئيس مجلس النواب إدواردو كونا، الخصم الشرس لروسيف والعضو في حزب الحركة الديمقراطية للبرازيل، الذي يقوده نائب الرئيسة ميشال تامر.
لكن غالبية القضاة في المحكمة العليا رأوا أن هذه الحجج لا يمكن الدفاع عنها إلا أمام مجلس الشيوخ في حال فتح قضية ضد الرئيسة رسميًا. لكن الوقت سيكون بالتأكيد قد تأخر بالنسبة للرئيسة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.