وفد أسترالي في لبنان لبحث قضية توقيف فريق تلفزيوني متورط في خطف طفلين

مصدر متابع للتحقيق يروي لـ «الشرق الأوسط» كيف دبرت «عملية الكوماندوز» في سيدني

وفد أسترالي في لبنان لبحث قضية توقيف فريق تلفزيوني متورط في خطف طفلين
TT

وفد أسترالي في لبنان لبحث قضية توقيف فريق تلفزيوني متورط في خطف طفلين

وفد أسترالي في لبنان لبحث قضية توقيف فريق تلفزيوني متورط في خطف طفلين

تتفاعل في لبنان قضية تورط فريق تلفزيوني أسترالي في عملية خطف الطفلين ديالا ونوح الأمين، خصوصا بعدما بات هذا الفريق في عهدة القضاء مع والدة الطفلين الأسترالية سالي مولكز، التي دبرت العملية في سيدني وانتقلت مع الفريق المذكور لتنفيذها في العاصمة اللبنانية بيروت، بما يشبه عملية «كوماندوز» سريعة وخاطفة.
«الشرق الأوسط» علمت أن وفدا قانونيا أستراليا وصل أول من أمس إلى بيروت، وباشر لقاءاته مع المرجعيات القضائية اللبنانية، وبحث السبل القانونية التي تساهم في الإفراج عن الفريق الإعلامي والأم الأسترالية. وأفادت المعلومات بأن «القضية لن تحل إلا بالأطر القضائية الواجب اتباعها». كذلك علمت، أن «قاضي التحقيق في جبل لبنان، رامي عبد الله، الذي يضع يده على الملف، لا يمكنه تجاوز الادعاء المقدم من علي الأمين، والد الطفلين، وأن أي حل يجب أن يبدأ بإقناع الوالد بإسقاط الدعوى عن الموقوفين العشرة، حتى يأخذ الأمر طريقه نحو تسهيل إخلاء سبيل الأم والفريق الإعلامي مقابل كفالة مالية».
وفي هذه الأثناء، كشف مصدر متابع للقضية لـ«الشرق الأوسط» عن أن المسؤولين اللبنانيين أبلغوا الوفد الأسترالي أن الموقوفين «ارتكبوا جريمتين في آن، الأولى عملية خطف طفلين بالقوة وتعريض حياتهما للخطر، والثانية خرق السيادة اللبنانية عبر دخول بعضهم إلى لبنان بطريقة غير شرعية، ومحاولة تنفيذ ما يشبه (عملية كوماندوز)، متجاهلين الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية».
وبحسب المصدر، فإن «الوفد الأسترالي قدم اعتذارا رسميا للسلطات اللبنانية عن الخطأ الذي ارتكبه الأستراليون، بينما أثنى الجانب اللبناني على هذه الخطوة، إلا أن البحث في إمكانية إخلاء سبيل الأم والفريق التلفزيوني، متوقف على أمرين أساسيين، الأول الانتهاء من الاستجوابات التي يستكملها قاضي التحقيق وإجراء مقابلات في ما بين الموقوفين، والثاني على إقناع والد الطفلين بإسقاط الدعوى الشخصية المقدمة من قبله ضدهم».
وكشفت مصادر مواكبة للتحقيقات التي تجرى في هذا الملف، عن تفاصيل عملية الخطف وكيفية التخطيط لها وتنفيذها في لبنان، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، أن «خلافات كبيرة نشبت بين اللبناني علي الأمين وزوجته الأسترالية سالي آن مولكز؛ ما دفع بالزوج للانتقال بطفليه إلى لبنان، وهو الأمر الذي أثار غضب الزوجة التي حصلت على حكم من محكمة أسترالية بحضانة طفليها، ومن ثم، بدأت تسوّق قضيتها أمام الجمعيات التي تعنى بحقوق المرأة المحرومة من أطفالها، إلى أن تمكنت سالي عبر إحدى الجمعيات من الوصول إلى محطة تلفزيون أسترالية تهتم بمثل هذه القضايا، وشرحت معاناتها من حرمانها لولديها».
وحسب المصادر، فإن المحطة التلفزيونية «وعدت الأم بالمساعدة للوصول إلى غايتها، فاتصلت (المحطة) بالبريطاني آدم وينتغتون الذي كان ضابطا في شرطة أسكوتلنديارد، وعرضت عليه القضية، فأبدى استعداده لإعادة الطفلين إلى كنف أمهما عبر عملية أمنية معقدة، لكنه طلب مبلغ 120 ألف دولار أسترالي مقابل إنجاز هذه المهمة. وهنا لم توافق الأم على العرض؛ لكونها لا تملك المبلغ لتسديده، فما كان من المحطة التلفزيونية إلا أن تعهدت بدفعه شرط أن ترسل فريقا إعلاميا يصور عملية خطف الطفلين وتحقيق سبق صحافي، وعرضه على شاشتها بعد إنجاز العملية بنجاح ووصول الفريق مع الأم والطفلين إلى أستراليا».
ووفق المصادر، جرى تحويل المال إلى آدم الذي «طلب من الأم والفريق التلفزيوني الانتقال إلى لبنان جوا، بينما اصطحب رفيقه ومواطنه البريطاني كريغ مايكل، وانتقلا إلى رومانيا، وهناك استأجرا يختا بقيادة الروماني سكوزتو بوغدان وقصدا بيروت بحرا، حيث أوقفا اليخت في مرسى لليخوت العائد لأحد فنادق العاصمة اللبنانية على الشاطئ. ومن ثم انتقلوا إلى محلة الحدث، في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث استعانت سالي باللبنانيين محمد حمزة وخالد بربور، اللذين رافقا البريطانيين إلى النقطة التي ينتظر فيها الطفلان حافلة المدرس، وما إن وصلا مع جدتهما إلى المكان، ترجل آدم وكريغ وخالد بربور من السيارة وسحبوا الطفلين وأقدموا على ضرب الجدة، بينما كان الفريق التلفزيوني والوالدة يصوران الواقعة من مكان قريب، وانطلقوا جميعا من الحدث (القريبة من معقل ما يسمّى حزب الله) إلى منطقة صبرا في بيروت».
إلا أن قوة من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي رصدت حركة اتصالات الخاطفين، وهكذا تمكنت من الإطباق عليهم وتحرير الطفلين، بينما أوقفت المجموعة بكامل أفرادها. وهم الأستراليون سالي مولكز (الوالدة)، والفريق التلفزيوني المؤلف من: بنجامين ويلسون، تارا براون، دايفيد بلمنت وستيفين دريكي ربس، والبريطانيون آدم وينتغتون وكريغ مايكل، واللبنانيان محمد حمزة وخالد بربور، والروماني سكوزتو بوغدان، وبدأت التحقيقات معهم، حيث اعترفوا صراحة بفصول العملية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.