بروكسل: مداهمات أمنية جديدة.. والمخوخي سادس المعتقلين

معلومة من السويد وراء التحرك الأمني لضبط أشخاص على خلفية التفجيرات الأخيرة

شرطيان من فرقة مكافحة الإرهاب البلجيكية بعد انتهاء عملية تفتيش لمجمع سكني في منطقة إتربيك بوسط بروكسل أمس (أ.ف.ب)
شرطيان من فرقة مكافحة الإرهاب البلجيكية بعد انتهاء عملية تفتيش لمجمع سكني في منطقة إتربيك بوسط بروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

بروكسل: مداهمات أمنية جديدة.. والمخوخي سادس المعتقلين

شرطيان من فرقة مكافحة الإرهاب البلجيكية بعد انتهاء عملية تفتيش لمجمع سكني في منطقة إتربيك بوسط بروكسل أمس (أ.ف.ب)
شرطيان من فرقة مكافحة الإرهاب البلجيكية بعد انتهاء عملية تفتيش لمجمع سكني في منطقة إتربيك بوسط بروكسل أمس (أ.ف.ب)

نفذت الشرطة البلجيكية أمس، عملية مداهمة أمنية في حي إتربيك ببروكسل، وشارك في العملية رجال من عناصر مكافحة الإرهاب، والقناصة، وقوات إبطال المفرقعات، وجرى إجلاء عدد من السكان في المكان القريب من المسكن الذي جرى تفتيشه. وجاء ذلك عقب الإعلان عن اعتقال 5 أشخاص في بروكسل أول من أمس، ولكن تقارير صحافية تحدثت أمس عن اعتقال شخص آخر يدعى المخوخي، وسبقت إدانته في قضية تتعلق بعلاقته بجماعة «الشريعة» في بلجيكا. وقالت وسائل الإعلام البلجيكية أمس، إن معلومة أمنية من الشرطة السويدية، ساهمت في سرعة التحرك من جانب الشرطة البلجيكية الجمعة، واعتقال أشخاص على صلة بتفجيرات باريس وبروكسل. وقالت المصادر الإعلامية: «إن شخصا يدعى أسامة، يحمل الجنسية السويدية، اتصل بشقيقه الأصغر في السويد، وكان الأخير مراقبا من جانب السلطات الأمنية السويدية، نظرا لتردده على أشخاص من جماعات متشددة، وفور حدوث الاتصال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سارعت الشرطة السويدية في الاتصال بنظيرتها البلجيكية، وتحركت بالفعل عناصر الأمن البلجيكي، وألقت القبض على أسامة وآخرين». وأشار الإعلام البلجيكي إلى أن أسامة، كان قد ظهر في الفيديو، مع الشخص الذي فجر نفسه في محطة مترو مالبيك، كما ظهر في فيديو آخر بأحد المراكز التجارية وهو يشتري الحقائب التي استخدمت في تفجيرات بروكسل.
وأول من أمس أيضا، جرى اعتقال محمد عبريني، وشخصين آخرين في أندرلخت، لهم علاقة بتفجيرات باريس، وتشتبه السلطات البلجيكية في علاقة عبريني بتفجيرات مطار بروكسل، ولكن لم يتم التحقق من الأمر حتى الآن. وأفادت وسائل الإعلام البلجيكية، أمس، أن بلال المخوخي الذي صدر ضده حكم بالسجن في قضية تتعلق بملف جماعة «الشريعة» في بلجيكا، قد اعتقلته الشرطة في منزل عائلته مساء الجمعة، في حي لاكين ببروكسل. وكان بلال قد سافر إلى سوريا وعاد منها بعد إصابته، وكان على صلة بجماعة «الشريعة» في بلجيكا، التي جمدت السلطات نشاطها على خلفية الاشتباه في نشاطها في عملية تجنيد الشباب وتسفيرهم إلى الخارج، للمشاركة في العمليات القتالية. وصدر حكم بالسجن على بلال من محكمة إنتويرب شمال البلاد، لمدة 5 سنوات، منها سنتان واجبتا التنفيذ. وصدر حكم مشدد على مسؤول الجماعة، فؤاد بلقاسمي، الذي رفض كل الاتهامات التي أوردتها النيابة العامة في القضية، التي حوكم فيها 32 شخصا، معظمهم محكوم غيابيا.
وتواصل السلطات البلجيكية جهودها من أجل التحقق من وجود مطلوبين بين الأشخاص الذين ألقت القبض عليهم الجمعة، تكون لهم صلة بالهجمات الدموية التي وقعت في باريس وبروكسل، ومما إذا كان أي منهم متواجدا خلال هجمات الشهر الماضي في العاصمة البلجيكية.
وكان 130 شخصا قد قتلوا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في الهجمات التي وقعت في حانات، ومطاعم، واستاد رياضي، ومكان لإقامة حفلات في باريس. وفي 22 مارس (آذار) الماضي، قتل 3 انتحاريين 32 شخصا في مطار بروكسل الدولي، ومحطة مترو أنفاق «مايلبيك». والاعتقالات التي جرت الجمعة تقدم مؤشرات جديدة للصلات بين مجموعتي الهجمات.
وأعلنت الجماعة المعروفة إعلاميا باسم «داعش»، مسؤوليتها عن الهجمات. ومن بين المشتبه بهم، المعتقل محمد عبريني، الذي كان قد صدر ضده أمر اعتقال دولي، منذ نوفمبر الماضي بعد أن وجدت الشرطة لقطة فيديو له وهو يقود سيارة «رينو كليو»، استخدمها لاحقا في هجمات باريس. وكانت كاميرات المراقبة قد رصدته مع مشتبه به آخر في هجمات باريس، هو صلاح عبد السلام، في محطة غاز بشمال فرنسا، قبل يومين من الهجمات في العاصمة الفرنسية.
وكان الادعاء قد أكد الجمعة، أنه عثر على بصمات أصابع عبريني والحامض النووي «دي إن إيه» في السيارة «رينو كليو»، إضافة إلى عنوانين في بروكسل يرتبطان بهجمات باريس وبروكسل. وفي أعقاب اعتقال عبريني الجمعة، ذكرت وسائل إعلام بلجيكية أنه «من المرجح أكثر» أنه أحد المهاجمين الهاربين الذي فر من مطار بروكسل في 22 مارس، تاركا وراءه عبوة ناسفة. لكن الادعاء ذكر أنه من السابق لأوانه القول إنهم اعتقلوا المشتبه به الذي أصبح معروفا باسم «الرجل ذي القبعة» استنادا إلى صور لكاميرات فيديو خاصة به.
وقال المتحدث باسم الادعاء، إريك فان دير سيبت: «حاليا، يجري المحققون تحقيقات فيما إذا كان يمكن تحديد هوية عبريني بشكل إيجابي، على أنه الرجل الثالث الذي كان متواجدا خلال الهجمات في مطار بروكسل الوطني».
وشملت اعتقالات الجمعة أيضا رجلا يدعى أسامة كيه، طبقا للادعاء. وكان قد وقع الاختيار على أسامة كيه في مدينة أولم الألمانية، ونقل إلى بلجيكا في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في سيارة تم استئجارها من قبل عبد السلام. وأسامة كيه الذي يعرف أيضا باسم «نعيم الأحمد» تطلق عليه وسائل الإعلام البلجيكية اسم المواطن السويدي أسامة كريم. وقال الادعاء الجمعة، إن أسامة كيه ربما كان متواجدا في الهجوم الانتحاري في محطة مترو أنفاق «مايلبيك». وكان الإعلام قد تحدث سابقا عن مهاجم ثان لمحطة مترو الأنفاق، لكن المسؤولين لم يؤكدوا ذلك.
وقال متحدث باسم الادعاء: «المحققون يحققون الآن فيما إذا كان أسامة كيه يمكن تحديد هويته بشكل إيجابي على أنه الشخص الثاني الذي كان متواجدا خلال الهجوم في محطة مترو أنفاق مايلبيك». وتم رصد هذا الشخص الثاني برفقة مهاجم محطة مترو الأنفاق، خالد البكراوي، قبل وقت قصير من تفجير نفسه، طبقا لما ذكره فان دير سيبت. وتم اعتقال رجل يدعى هيرف بي إم، صباح أول من أمس مع أسامة كيه، وشخصين آخرين مع عبريني، حيث تم ضبطهما في وقت لاحق في حي أندرلخت في بروكسل، طبقا للادعاء.



ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.