تحدي «آبل» الجديد: كيف اخترقت الحكومة الأميركية نظام «آيفون»؟

فك شفرة هاتف مهاجم سان برناردينو في كاليفورنيا دون مساعدة شركات التكنولوجيا

أصبحت عملية الاختراق الأمني لمنتجات «آبل» أمرا بالغ الأهمية في السنوات الأخيرة (نيويورك تايمز)
أصبحت عملية الاختراق الأمني لمنتجات «آبل» أمرا بالغ الأهمية في السنوات الأخيرة (نيويورك تايمز)
TT

تحدي «آبل» الجديد: كيف اخترقت الحكومة الأميركية نظام «آيفون»؟

أصبحت عملية الاختراق الأمني لمنتجات «آبل» أمرا بالغ الأهمية في السنوات الأخيرة (نيويورك تايمز)
أصبحت عملية الاختراق الأمني لمنتجات «آبل» أمرا بالغ الأهمية في السنوات الأخيرة (نيويورك تايمز)

الآن وبعد أن قامت الولايات المتحدة بفك شفرة هاتف «آيفون» الخاص بالمسلح الذي ارتكب جريمة القتل الجماعي في مدينة سان برناردينو، كاليفورنيا، من دون مساعدة من شركة «آبل» وجدت شركة التكنولوجيا نفسها تحت ضغط للتوصل للخلل ومن ثم علاجه. لكن على عكس حالات أخرى حدثت فيها اختراقات أمنية، فقد تواجه «آبل» مجموعة أكبر من العقبات في سبيل العثور على ثغرة هاتف «آيفون» وإصلاحها بعد أن تمكنت الحكومة من اختراقها. تبدأ التحديات بنقص المعلومات عن الطريقة التي استطاعت بها سلطات إنفاذ القانون، بمساعدة طرق ثالث، اختراق هاتف «آيفون» الخاص بسيد رضوان فاروق، المتهم بجريمة القتل الجماعي العام الماضي. رفضت السلطات تحديد هوية الشخص أو الشركة التي ساعدت في اختراق الهاتف، وامتنعت كذلك عن كشف الإجراء الذي اتبعته لفتح الجهاز. كذلك لا تستطيع آبل الحصول على الجهاز كي تحدد الطريقة التي جرى بها فتحه هندسيا لتجنب تكرار اختراق هواتفها في المستقبل.
ما زاد الأمور تعقيدا هو أن إدارة عمليات الأمان في شركة آبل خضعت لتغييرات كبيرة، فقد جرى إعادة ترتيب الإدارة المختصة العام الماضي، إذ إن مديرا مسؤولا عن التعامل مع أغلب طلبات الحكومة للحصول على بيانات كان قد ترك فريق العمل وانتقل لقسم آخر في الشركة، وفق أربعة موظفين بعضهم لا يزال بشركة آبل وبعضهم ترك العمل بها وطلبوا عدم ذكر أسمائهم لأنهم لم يكن مسموح لهم بالحديث للصحافة بشأن التغيرات التي تمت في الشركة. كان هناك موظف آخر مهمته محاولة اختراق أجهزة آبل وقد ترك العمل بالشركة منذ عدة شهور، وانضم آخرون للعمل، وفق موظفي الشركة المذكورين.
الأمر يشبه إلى حد بعيد لعبة القط والفأر تلعبها شركة آبل مع القراصنة، غير أن الجديد وغير المعتاد في عملية القرصنة التي تمت هذه المرة هو أن القرصان هنا هو الحكومة الأميركية، مما يضع الشركة في مأزق. قال جاي كابلان، المدير التنفيذي لشركة سيناك العاملة في مجال أمن التكنولوجيا ومحلل سابق بوكالة الأمن القومي الأميركية، إن «آبل شركة تجارية ويتعين عليها كسب ثقة عملائها»، مضيفا «الشركة في حاجة لأن تصل لطريقة تمنع بها اختراق أجهزتها في أسرع وقت ممكن». وأشارت «آبل» لبيان أصدرته أول من أمس عقب تراجع الحكومة عن دعوى كانت قد رفعتها تطالب فيها الشركة المساعدة في فتح هاتف فاروق. قالت «آبل»: «سوف نستمر في زيادة تعزيز عنصر الأمان في أجهزتنا مع تزايد التهديدات والهجمات وتطور وسائلها». وتسير آبل في طريق التطوير بعيد المدى لزيادة أمن هواتفها، وأفاد تيموثي كوك، المدير التنفيذي للشركة، إنه ملتزم بخارطة الطريق التي رسمتها «آبل» لتشفير كل شيء مخزن في هواتفها وخدماتها، بالإضافة إلى المعلومات المحفوظة في نظام «آي كلاود»، الذي يستخدمه العملاء في حفظ بياناتهم على هواتفهم النقالة. شرع مهندسو «آبل» أيضا في تطوير بعض الإجراءات الأمنية لإضفاء قدر من الصعوبة أمام الحكومة عند محاولة فتح أجهزة «آيفون».
الآن وفي ظل شح المعلومات عن كيفية اختراق هاتف فاروق «آيفون 5 سي» الذي يعمل بنظام تشغيل «آي أو إس 9»، فإن خبراء الأمن لا يستطيعون سوى محاولة تخمين الطريقة التي استطاعت بها الحكومة اختراق الهاتف الذكي. وقال خبراء شرعيون إن الحكومة ربما اخترقت نظام «آبل» باستخدام طريقة شائعة للحصول على معلومات من مكان محمي داخل الهاتف عن طريق نزع شريحة وابتكار آلية تمنع تخمين كلمة السر بهدف الوصول لكلمة سر المستخدم وفك شفرة البيانات. ربما استخدمت السلطات طريقة لنسخ شريحة التخزين بالهاتف تسمى شريحة «ناند» ثم قامت بنسخها في شريحة أخرى. تسمى تلك العملية «ناند ميرور»، حيث يسمح هذا الإجراء للمباحث الفيدرالية بوضع الشريحة الجديدة التي تحمل نفس المحتوى مكان الشريحة الأصلية. فإذا حاول المباحث الفيدرالية إدخال كلمة السر 10 مرات وفشلت في فتح الجهاز، فبمقدورها عمل نسخة جديدة من محتوى الهاتف ثم تكرر محاولة تخمين كلمات سر جديدة. و«يشبه الأمر محاول لعب نفس المستوي في لعبة سوبر ماريو بروذرز مرات ومرات، ومعاودة نفس اللعبة التي جرى فيها قتل فيها ماريو»، وفق جوناسان زدزيارسك، خبير شرعي بنظام تشغيل «آي أو إس».
وتعتبر طرز آيفون الجديدة أقل عرضة للاختراق باستخدام طريقة «ناند ميرور»، إذ إن الجهاز مزود بشريحة متطورة تُعرف باسم «ايه 7» بها معالج أمني يسمى «سكيور انكليف» به كود عددي فريد لا يعرفه أحد بالشركة ويعتبر ضروريا لتأمين المعلومات المخزنة على الهاتف. وأصبحت عملية الاختراق الأمني لمنتجات «آبل» أمرا بالغ الأهمية لقراصنة المعلومات في السنوات الأخيرة بالنظر إلى انتشار الأجهزة المحمولة التي تنتجها الشركة. بيد أنه بعد الاهتمام المتزايد باختراق أجهزة وتطبيقات «آبل»، فإن فريق الأمن بالشركة يخضع لتغييرات مستمرة. وكان لشركة «آبل» في السابق فريقي أمن رئيسيين، وهي مجموعة تسمى «كور أو إس سيكورتي انجنييرنغ»، وفريق لأمن المنتجات. يشمل فريق أمن المنتجات مجموعة للخصوصية يتركز عملها في اختبار قوة تشفير البيانات، إضافة إلى بعض المهام الأخرى، بحسب ثلاثة موظفين سابقين بشركة «آبل». يضم فريق الأمن بشركة «آبل» أيضا موظفين مهمتهم الاستجابة والتصرف حيال الخروقات الأمنية التي يبلغ عنها المستخدمين من خارج الشركة، بالإضافة إلى فريق استباقي يسمى «ريد تيم» يعمل بنشاط على خرق أجهزة «آبل». العام الماضي، انفرط عقد الفريق الأمني وانتقل فريق الخصوصية للعمل تحت قيادة مدير جديد، وفق مجموعة الموظفين سالفي الذكر.
انتقل باقي موظفي فريق أمن المنتجات (الفريق الاستباقي والتفاعلي) إلى إدارة «كور أو إس سيكروتي انجنيرينغ» التي مرت أيضا بتغييرات، وترك مدير إدارة «كور أو إس» القسم الأمني لينتقل للعمل في قسم آخر بالشركة. وكان السيد ديتالي أحد القلائل بالشركة ممن عملوا لسنوات في التعامل مع بلاغات الحكومة الخاصة بالحصول على بيانات من الهواتف، غير أنه لم يوافق على الإدلاء بتصريح أو تعليق.
* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.