تراجع أسعار الغاز يعيق السير في اقتصاد استهلاك الوقود

صناعة السيارات تحت ضغط الالتزام بمعايير كفاءة استهلاك الوقود

إحدى السيارات الكهربائية ماركة «بي إم دبليو» بمعرض نيويورك الدولي بالولايات المتحدة (إ.ب.أ)
إحدى السيارات الكهربائية ماركة «بي إم دبليو» بمعرض نيويورك الدولي بالولايات المتحدة (إ.ب.أ)
TT

تراجع أسعار الغاز يعيق السير في اقتصاد استهلاك الوقود

إحدى السيارات الكهربائية ماركة «بي إم دبليو» بمعرض نيويورك الدولي بالولايات المتحدة (إ.ب.أ)
إحدى السيارات الكهربائية ماركة «بي إم دبليو» بمعرض نيويورك الدولي بالولايات المتحدة (إ.ب.أ)

منذ جرى الاتفاق على معايير فيدرالية جديدة للاقتصاد في استهلاك الوقود قبل خمس سنوات، اتجه صانعو السيارات، وبشكل منهجي، إلى تحسين نسب تسيير الأميال في سياراتهم، وكذلك إلى تخفيض الانبعاثات الضارة بالبيئة.
لكن على الرغم من استثمار مليارات الدولارات في تكنولوجيا ترشيد الوقود وإنتاج طرز أقل استهلاكا للوقود وإنتاج سيارات كهربائية، فإن صناعة السيارات ستقع تحت ضغط إنتاج سيارة تعمل بكفاءة 54.5 ميل لكل غالون من الوقود بحلول عام 2025.
والآن وفي ظل مراجعة منتصف المدة الضرورية لقوانين «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» المقرر البدء في تفعيلها الصيف المقبل، يتوقع أن يسعى منتجو السيارات إلى إدخال تعديلات على معادلة الحكومة بهدف زيادة الأميال وتقليص كمية غازات الانبعاث الحراري.
وقد تشمل التغييرات المقترحة تمديد الإطار الزمني لتنفيذ عدد الأميال المستهدفة وتوسيع اعتماد الانبعاثات بإضافة عوامل خاصة بالأمان والقيادة التلقائية، مثل الخطوة التي اتخذها صانعو السيارات الأسبوع الماضي بتنفيذ خاصية الإيقاف الذاتي في جميع طرز السيارات مع بداية العقد المقبل.
وصرحت غلوريا بريجكويست، المتحدثة باسم اتحاد مصنعي السيارات بواشنطن، بأنها تعتقد أنه «على الحكومة أن تبدأ في التفكير بشكل غير تقليدي وألا تكتفي بالنظر للأساليب التقليدية لتقليل انبعاثات الاحتباس الحراري».
وقد تتسبب جهود الصناعة لتقليل الأميال المستهدفة في إثارة أزمة مع إدارة الرئيس أوباما الذي تعهد بالعمل على تقليل الانبعاثات بمقتضى اتفاقية باريس للمناخ التي وقعت العام الماضي والتي اشتملت على زيادة كفاءة وقود المركبات.
وشرع مسؤولو الحكومات ومصنعو السيارات في السنوات الأخيرة في تبني موقف تعاوني مشترك يدرك الفائدة المرجوة من كفاءة الوقود، بدلا من التركيز على معايير تتعلق بكفاءة السيارة على الطريق.
وفى تقرير مرحلي صدر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أفادت وكالة حماية البيئة أن «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» في السيارات الجديدة التي بيعت في الولايات المتحدة، تحسنت بواقع 26 في المائة خلل الفترة من 2004 – 2014، لتصل إلى 24.3 ميل لكل غالون من الوقود.
وقال كريستوفر غراندلر، مدير مكتب إدارة نوعية النقل ونوعية الهواء بوكالة حماية البيئة: «من الواضح أن معاييرنا حققت تقدما».
ويعتمد رقم 24.3 ميل لكل غالون على الأداء الفعلي، ويعد أقل من عدد الأميال التي تستخدم في حساب «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» في الولايات المتحدة، التي كانت31 ميلا لكل غالون عام 2014.
واستطاع صانعو السيارات أيضا زيادة «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» عن طريق استخدام قائمة معقدة من اعتماد الانبعاثات التي أصدرتها الحكومة للابتكارات التكنولوجية مثل المصابيح الأمامية منخفضة الطاقة ونظام التبريد المتطور.
الأهم هو أن أغلب كبار صانعي السيارات دخلوا الآن في سباق لتحقيق «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» بالوصول إلى رقم 37 ميلا لكل غالون العام المقبل، وبعض تلك السيارات مثل سيارات شركة «فيات كرايسلر أتوموبيل» تسير الآن في هذا الطريق فقط لأنها قامت بشراء اعتماد انبعاثات من شركات أخرى.
لكن تحسين «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» في أساطيل المركبات بدرجة كبيرة أصبح يمثل تحديا كبيرا في ضوء تكلفته المرتفعة.
قالت بريجكويست: «هم ملتزمون الآن، لكنهم قلقون من أنه في المستقبل قد تكون عملية الصعود أشد صعوبة».
دفع الانخفاض في أسعار الغاز كثيرا من المستخدمين لشراء الشاحنات والمركبات الرياضية بدلا من السيارات الصغيرة أو الهجين، أي التي تعمل بالوقود والكهرباء، أو التي تعمل بالكهرباء فقط.
ومع سعر الغالون الذي يحوم حول الدولارين، ارتفعت بدرجة كبيرة أسعار الشاحنات مرتفعة الاستهلاك للوقود حسب «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» الأميركية، وفي الوقت نفسه أصيبت مبيعات السيارات الكهربائية والهجين التي تعمل بالوقود والكهرباء بالركود في معارض بيع السيارات.
وأظهرت دراسة عن المبيعات الشهرية للسيارات أجرتها جامعة ميتشغان أن كفاءة الوقود أخذت في التدني منذ تراجع أسعار الغاز العام الماضي.
وكان وقت الذروة بالنسبة لكفاءة الوقود قد سجل في أغسطس (آب) 2014 عندما وصلت كفاءة «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» في السيارات الجديدة المبيعة عند القيادة الفعلية على الطريق، إلى 25.8 ميل لكل غالون، غير أن الرقم تراجع بوتيرة ثابتة بعد هذا التاريخ، ففي أول شهرين من العام الحالي بلغ المعدل 25.2 ميل لكل غالون، «وعلى الرغم من أن كفاءة استهلاك الوقود في سيارات الركوب والشاحنات تحسنت عاما بعد آخر، فإن غالبية المستهلكين اختاروا بعضا من أقل المركبات كفاءة، خصوصا الشاحنات والسيارات الرياضية»، بحسب مايكل سيفاك، أحد المشاركين في إعداد الدراسة المُقدمة لإدارة أبحاث النقل بجامعة ميتشغان، بالتعاون مع زميله براندون شوتيل.
ويتبني صانعو السيارات الصغار معادلات معقدة للالتزام بـ«معايير اقتصاد استهلاك الوقود» اعتمادا على خطوط الإنتاج، فعلى سبيل المثال، تعد كفاءة استهلاك الوقود للشاحنات والسيارات الرياضية كبيرة الحجم أقل من تلك المطبقة على سيارات الركوب العادية. قالت بريجكويست: «تعد مطالب المستهلكين أحد الأمور التي تحتاج للعلاج»، مضيفة أنه «بمقدور صانعي السيارات إنتاج طرز من السيارات ذات كفاءة عالية في استهلاك الوقود، لكنهم لن يستطيعوا التحكم في المبيعات».
وبدأت المفاوضات مع الحكومة بالفعل قبل موعد مراجعة منتصف المدة التي تجريها وكالة حماية البيئة، في يونيو (حزيران) الماضي، بحسب بريجكويست.
ولم يطالب رسميا صانعو السيارات بعمل تغييرات على معاير اقتصاد الوقود حتى الآن، إلا أنهم شرعوا في بناء القضية، حيث أفادوا من خلال الأبحاث الأكاديمية والدراسات بأن معايير عام 2025 قم تم الاتفاق عليها بعدما قارب سعر وقود السيارات 4 دولارات للغالون، وبدأ المستهلكون في التفكير الجدي في الطرز ذات الكفاءة في استهلاك الوقود عند اقتناء سيارة جديدة.
ومع كثرة الحديث عن كفاءة استهلاك الوقود وعدد الأميال عاما بعد آخر، عمل صانعو السيارات على إضافة مزيد من السيارات الكهربائية والسيارات الهجين لموازنة المبيعات المتزايدة للسيارات ذات الكفاءة المنخفضة في استهلاك الوقود سواء في الشاحنات أو السيارات الرياضية. غير أن طرز الانبعاثات المنخفضة تعد الأقل انتشارا.
ويؤكد نشطاء البيئة أن صانعي السيارات ليسوا في حاجة إلى مبيعات كبيرة للسيارات الكهربائية لتحقيق أهداف «معايير اقتصاد استهلاك الوقود»، حيث إنه بمقدورهم تحقيق اقتصاد الوقود بشكل مستمر عن طريق إضافة التكنولوجيا الحالية مثل نظام «قف – ابدأ» الذي يمنع الكهرباء عن المحرك عندما تتعطل السيارة، وذلك في جميع المركبات.
وحسب دانيل بيكر، مدير «جماعة حملة المناخ الآمن»، «تنتج شركات السيارات كثيرا من الشاحنات وعددا أقل من سيارات الركوب»، مضيفا: «إلا أنها فشلت في استخدام أفضل ما لديها من تكنولوجيا مثل الشاحن التربو وخاصية (توقف – ابدأ) في جميع أساطيلها».
وبدلا من ذلك، تعتمد الشركات على اعتماد الانبعاثات لموازنة مبيعاتها المتزايدة من السيارات ذات الكفاءة المتدنية في استهلاك الوقود كالشاحنات والسيارات الرياضية.. «تلك الثغرات باتت موضع تساؤل وتحتاج إلى قدر من التشدد»، حسب بيكر.
ويلتزم أغلب صانعي السيارات بمعايير الوقود الحالية، وعملوا على تطوير كفاءة الوقود وتسيير الأميال في أغلب المركبات في خطوط الإنتاج بشكل متواصل باستخدام خامات أقل وزنا وتصميم أشكال إيرو - ديناميكية (للتغلب على مواجهة الهواء) ووضع محركات أصغر.
بيد أن النسخ الهجين التي تعمل بالكهرباء والوقود معا تحقق مبيعات منخفضة بالمقارنة بالطرز التي تعمل بالغازولين (وقود السيارات)، ويميل المستهلكون عادة إلى اختيار السيارات ذات المحرك الأكبر في الشاحنات بسبب انخفاض سعر الغاز.
ومن المقرر أن تعرض في الأسواق هذا الأسبوع مجموعة من السيارات الكهربائية الجديدة والهجين في معرض نيويورك الدولي السنوي للسيارات. ويعد نجاح طرز مثل «شيفروليه بولت» الكهربائية من إنتاج «جنرال موتورز»، و«فيات كرايسلر» الهجين، أمرا مهما لتطور كفاءة اقتصاد الأميال المطلوبة لتحقيق المعايير الفيدرالية في المستقبل.
وبحسب كارل برور، محلل بمؤسسة «كيلي بلو بوك» البحثية، فإن «رفع كفاءة الوقود يشبه عملية إنقاص الوزن، فأول خمسة أو عشرة أرطال هي الأسهل، لكن الأمر يزداد صعوبة بعد ذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»
* خاص بـ {الشرق الأوسط}



«المركزي» الروسي يطالب بتعويضات من «يوروكلير» بقيمة 230 مليار دولار

العَلم الروسي يُرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العَلم الروسي يُرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي» الروسي يطالب بتعويضات من «يوروكلير» بقيمة 230 مليار دولار

العَلم الروسي يُرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العَلم الروسي يُرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

أفادت محكمة في موسكو، الاثنين، بأن البنك المركزي الروسي رفع دعوى قضائية يطالب فيها بتعويضات بقيمة 18.2 تريليون روبل (نحو 229.36 مليار دولار) من شركة «يوروكلير» البلجيكية، وهي شركة إيداع الأوراق المالية المركزية.

وتحتفظ «يوروكلير» بمعظم الأصول التي جمّدها الاتحاد الأوروبي منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية. وتأتي هذه الدعوى رداً على خطط الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأصول المجمدة لتقديم مساعدات مالية لأوكرانيا.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن تصدر محكمة موسكو حكماً سريعاً لصالح البنك المركزي الروسي، الذي يمكنه بعد ذلك متابعة تنفيذ الحكم في ولايات قضائية أخرى.

كان الاتحاد الأوروبي قد وافق في 12 ديسمبر (كانون الأول) على تجميد أصول البنك المركزي الروسي الموجودة في أوروبا لأجل غير مسمى، مما أزال عقبة كبيرة أمام استخدام هذه الأموال لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد روسيا.

وقال البنك المركزي في اليوم نفسه إن خطط الاتحاد الأوروبي لاستخدام أصوله غير قانونية، وإنه يحتفظ بحقه في استخدام جميع الوسائل المتاحة لحماية مصالحه.

يأتي هذا بالتزامن مع تصريحات لمسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، قالت فيها إنه من المقرر أن يفرض وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي عقوبات على نحو 40 سفينة إضافية يتم استخدامها للالتفات على العقوبات المفروضة على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا.

وقالت كالاس، اليوم الاثنين، في بروكسل إن فرض عقوبات على مزيد من السفن التي يطلق عليها أسطول الظل يعني «حرمان روسيا من سُبل تمويل هذه الحرب».

وسيتم منع السفن التي سيتم فرض عقوبات عليها من دخول المواني الأوروبية والحصول على تأمين. كما من المقرر فرض عقوبات، مثل تجميد الأصول على الذين يدعمون عمل أسطول الظل.

وعلاوة على ذلك، تعتزم الكتلة الأوروبية إجراء مباحثات مع الدول التي تحمل السفن أعلامها، سعياً إلى الحصول على موافقتها بالسماح للقوات البحرية الأوروبية بتفتيش السفن.


باكستان تفاجئ الأسواق وتخفّض الفائدة 50 نقطة أساس

شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال في المقر الرئيسي بكراتشي (رويترز)
شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال في المقر الرئيسي بكراتشي (رويترز)
TT

باكستان تفاجئ الأسواق وتخفّض الفائدة 50 نقطة أساس

شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال في المقر الرئيسي بكراتشي (رويترز)
شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال في المقر الرئيسي بكراتشي (رويترز)

أعلن البنك المركزي الباكستاني، عبر موقعه الإلكتروني، يوم الاثنين، خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 10.5 في المائة، منهياً بذلك فترة تثبيت استمرت أربعة اجتماعات متتالية، في خطوة فاجأت المحللين وجاءت رغم تحذيرات صندوق النقد الدولي من التيسير النقدي المبكر.

وكان جميع المحللين الاثني عشر الذين شملهم استطلاع أجرته «رويترز» قد توقعوا أن يُبقي بنك الدولة الباكستاني سعر الفائدة دون تغيير عند 11 في المائة. وبهذا الخفض، يبلغ إجمالي التيسير النقدي منذ بلوغ سعر الفائدة ذروته عند 22 في المائة نحو 1150 نقطة أساس، بعدما خفّض البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 1100 نقطة أساس بين يونيو (حزيران) 2024 ومايو (أيار) 2025، قبل أن يثبته لأربعة اجتماعات متتالية ثم يعاود خفضه يوم الاثنين.

وتراجع معدل التضخم بشكل طفيف إلى 6.1 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بـ6.2 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، ليظل ضمن النطاق المستهدف لبنك الدولة الباكستاني البالغ 5 في المائة إلى 7 في المائة. ويتوقع محللون أن يعاود التضخم الارتفاع لاحقاً خلال السنة المالية 2026، مع تلاشي تأثيرات المقارنة السنوية واستمرار تقلب أسعار الغذاء والنقل.

وكان تقرير صادر عن خبراء صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع الماضي قد حذّر من مخاطر التيسير النقدي المبكر، داعياً إلى الإبقاء على السياسة النقدية معتمدة على البيانات الاقتصادية، بهدف ترسيخ توقعات التضخم وإعادة بناء الاحتياطيات الخارجية، وذلك رغم حصول باكستان على دفعة تمويلية بقيمة 1.2 مليار دولار ضمن برنامج القروض المخصص لها.

وأشارَت لجنة السياسة النقدية إلى أن التضخم العام ظل ضمن النطاق المستهدف على المدى المتوسط خلال الأشهر الثلاثة الماضية. كما أن جميع مكونات التضخم الثلاثة -الغذاء والطاقة والتضخم الأساسي- تتقارب بشكل عام بما يتماشى مع توقعات اللجنة.

وفي هذا السياق، تُسهم السياسة النقدية الحذرة، إلى جانب الانضباط المالي، في المساعدة على استقرار التضخم ضمن النطاق المستهدف، وذلك رغم الاحتكاكات الأخيرة في جانب العرض واستمرار بعض الجمود في التضخم الأساسي. كما أن توقعات التضخم لا تزال مستقرة ومُثبتة.

ومع ذلك، تواصل اللجنة توقّع أن يرتفع التضخم فوق النطاق المستهدف مع اقتراب نهاية السنة المالية 2026، نتيجة انخفاض أثر سنة الأساس مقارنة بالعام الماضي، قبل أن يعود مجدداً إلى النطاق المستهدف في السنة المالية 2027.

وأشارت اللجنة إلى أن هذه التوقعات تظل عرضة لمخاطر عدة، من بينها تقلب أسعار السلع العالمية، وحجم التعديلات على أسعار الطاقة وتوقيتها، والانفلات المالي المحتمل، فضلاً عن حالة عدم اليقين المرتبطة بأسعار القمح والمنتجات المرتبطة به، والمواد الغذائية القابلة للتلف.


معنويات الأعمال باليابان تصل إلى القمة في 4 سنوات رغم الضغوط

منظر عام للعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
منظر عام للعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
TT

معنويات الأعمال باليابان تصل إلى القمة في 4 سنوات رغم الضغوط

منظر عام للعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
منظر عام للعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

أظهر مسح اقتصادي يحظى بمتابعة واسعة أن معنويات قطاع الأعمال لدى كبار المصنّعين في اليابان ارتفعت إلى أعلى مستوى لها في أربع سنوات خلال الربع المنتهي في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في تطور عزّز توقعات الأسواق بأن بنك اليابان المركزي بات أقرب إلى اتخاذ خطوة جديدة نحو تشديد السياسة النقدية، ورفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع. لكن هذا التحسّن في الثقة لا يخلو من الحذر، إذ أبدت الشركات نفسها تشاؤماً بشأن الأشهر المقبلة، في ظل استمرار الضغوط الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية، وضعف الاستهلاك المحلي، ونقص العمالة، ما يعكس حالة عدم يقين تحيط بمسار الاقتصاد الياباني، وقدرة البنك المركزي على مواصلة رفع تكاليف الاقتراض على المدى المتوسط.

• ثقة قياسية

وأظهر مسح «تانكان» الفصلي، الذي يجريه بنك اليابان، أن المؤشر الرئيسي لقياس ثقة كبار المصنّعين بلغ «زائد» 15 نقطة في ديسمبر، مرتفعاً من «زائد» 14 نقطة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ومتوافقاً مع متوسط توقعات السوق. وتُعد هذه القراءة، التي تمثل الربع الثالث على التوالي من التحسن، الأعلى منذ ديسمبر 2021، في إشارة إلى أن الشركات الكبرى تجاوزت في الوقت الراهن جزءاً من تداعيات ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية. في المقابل، استقر مؤشر ثقة الشركات غير المصنّعة الكبرى عند «زائد» 34 نقطة دون تغيير عن سبتمبر، وجاء قريباً من توقعات السوق التي رجّحت قراءة عند «زائد» 35 نقطة، ما يعكس استقراراً نسبياً في قطاعات الخدمات والتجزئة، لكنه لا يشير إلى تسارع واضح في النشاط.

• توقعات برفع الفائدة هذا الأسبوع

ويرى محللون أن نتائج «تانكان» تدعم بقوة الرأي السائد في الأسواق بأن بنك اليابان سيرفع سعر الفائدة خلال اجتماعه المقرر يومي 18 و19 ديسمبر. وقال ماساتو كويكي، كبير الاقتصاديين في معهد «سومبو بلس»، إن «المسح يعزز القناعة بأن البنك المركزي سيمضي قُدماً في رفع الفائدة، ما لم يتعرض الاقتصاد أو الأسواق لصدمة كبيرة ومفاجئة».

وأفادت مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» بأن بنك اليابان قد يرفع سعر الفائدة قصير الأجل إلى 0.75 في المائة من 0.5 في المائة حالياً، بعد أن تراجعت المخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إلحاق ضرر بالغ بالاقتصاد الياباني المعتمد على التصدير.

• إشارات داعمة

وأظهر مسح «تانكان» أن الشركات الكبرى تتوقع زيادة الإنفاق الرأسمالي بنسبة 12.6 في المائة بالسنة المالية الحالية المنتهية في مارس (آذار) 2026، مقارنة بمتوسط توقعات السوق البالغ 12 في المائة، في إشارة إلى استمرار شهية الاستثمار رغم الضبابية العالمية. وفي تطور داعم آخر، قال بنك اليابان إن معظم الشركات التي شملها استطلاع أجرته فروعه في أنحاء البلاد تتوقع أن يكون نمو الأجور في السنة المالية 2026 قريباً من مستوياته المرتفعة في 2025. وتُعد استدامة نمو الأجور أحد الشروط الأساسية التي وضعها البنك المركزي لمواصلة تشديد السياسة النقدية، بهدف ترسيخ «الدورة الحميدة» بين ارتفاع الأجور والأسعار.

وفي المقابل، أظهر المسح أن الشركات ترى سوق العمل في أشد حالاتها ضيقاً منذ عام 1991، حين كانت اليابان تعيش فقاعة تضخم الأصول. ويعكس ذلك تفاقم نقص العمالة في اقتصاد يعاني تراجعاً في عدد السكان في سن العمل، ما قد يشكّل عائقاً أمام النمو على المدى الطويل. لكن بعض المحللين يرون أن هذا النقص قد يخدم أهداف البنك المركزي في المدى القريب.

وقال أبيجيت سوريا، كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في «كابيتال إيكونوميكس»، إن «النقص الحاد في العمالة يمنح مجلس إدارة بنك اليابان ثقة في أن مكاسب الأجور ستستمر»، متوقعاً أن يصل سعر الفائدة الرئيسي إلى 1.75 في المائة بحلول عام 2027.

• تفاؤل حذر

وأشار مسح «تانكان» إلى أن الشركات رأت ارتفاعاً في أسعار البيع خلال الربع الأخير، وتتوقع استمرار هذا الاتجاه في الأشهر المقبلة، ما يدل على قدرتها، حتى الآن، على تمرير جزء من التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين. غير أن الشركات نفسها تتوقع تدهور ظروف الأعمال خلال الربع المقبل، في ظل القلق من تأثير ارتفاع الأسعار على الاستهلاك المحلي. وقال مسؤول في بنك اليابان خلال إحاطة إعلامية إن عدداً من الشركات عبّر عن مخاوفه من أن يؤثر نقص العمالة وارتفاع تكاليف المعيشة سلباً في الطلب، رغم تحسّن الرؤية بشأن السياسة التجارية الأميركية مقارنة بالأشهر السابقة.

وعكست الأسواق المالية هذه التطورات، إذ ارتفع الين الياباني مع ترسّخ توقعات رفع الفائدة، مستفيداً أيضاً من تراجع الدولار عالمياً. ويرى محللون أن أي تعافٍ مستدام للعملة اليابانية سيعتمد ليس فقط على رفع الفائدة، بل أيضاً على وضوح أكبر في مسار السياسة النقدية والتزام حكومي بالانضباط المالي.

• بين التفاؤل والضبابية

وفي المحصلة، يعكس ارتفاع معنويات الأعمال في اليابان صورة اقتصاد يُظهر قدرة على الصمود في مواجهة الصدمات الخارجية، مدعوماً بتحسن الأجور والاستثمار، لكنه لا يزال محاطاً بمخاطر حقيقية تتعلق بالاستهلاك المحلي والبيئة التجارية العالمية. وبينما يتهيأ بنك اليابان لاتخاذ خطوة جديدة في مسار تطبيع سياسته النقدية، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى قدرته على الاستمرار في هذا الاتجاه دون الإضرار بزخم النمو الهش.