أوباما يصل إلى كوبا في أول زيارة لرئيس أميركي منذ 88 عاما

رافقته زوجته وابنتاه.. ومعارضون كوبيون يأملون في أن تساهم في «إنهاء القمع»

سائح يقف بجانب صورة للرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الكوبي راوول كاسترو في أحد شوارع هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)
سائح يقف بجانب صورة للرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الكوبي راوول كاسترو في أحد شوارع هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أوباما يصل إلى كوبا في أول زيارة لرئيس أميركي منذ 88 عاما

سائح يقف بجانب صورة للرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الكوبي راوول كاسترو في أحد شوارع هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)
سائح يقف بجانب صورة للرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الكوبي راوول كاسترو في أحد شوارع هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)

هافانا: «الشرق الأوسط»

وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى كوبا أمس الأحد ليكون بذلك أول رئيس أميركي يزور الجزيرة منذ 88 عاما. وحطت طائرة أوباما «إيرفورس وان» في مطار خوسيه مارتي، لينزل منها أوباما، أول رئيس يزور البلد الشيوعي منذ زيارة الرئيس كالفن كوليدج. وكتب أوباما تغريدة لدى وصوله قال فيها «كيف حالك يا كوبا».
ولدى هبوط طائرته على مدرج مطار خوسيه مارتي في هافانا أمس، أصبح أوباما أول رئيس أميركي يزور الجزيرة إبان ولايته، منذ أيام كالفين كوليدج عام 1928. ,ورافق أوباما زوجته ميشيل وابنتاهما ماليا وساشا، ويهدف أوباما من زيارته إلى تحقيق هدفين، أولهما لقاء الشعب الكوبي، وثانيهما ترسيخ التقارب اللافت الذي بدأ أواخر 2014 مع كوبا التي يتزعمها راوول كاسترو.
إلى ذلك، يسعى الرئيس الأميركي، الذي ينادي بتشجيع الحوار على الصعيد الدبلوماسي، أن يلمع صورة بلاده في أميركا اللاتينية، بعدما شوهتها سنوات من التدخل في حديقتها الخلفية السابقة. ومن كوبا سينتقل أوباما إلى الأرجنتين.
وفي هذا السياق، يشكل العدو الكوبي السابق رمز عودة العلاقات مع الأعداء السابقين، ويأمل أوباما الذي يستعد لإنهاء ولايته الثانية، في أن يحرز أكبر تقدم ممكن حول هذا الملف، لمنع أي عودة إلى الوراء، أيا يكن خلفه في 2017. وهذا هو الهدف الذي حمل البيت الأبيض على أن يعلن في الأشهر الأخيرة تدابير لتخفيف الحصار المفروض على الجزيرة منذ 1962، والذي يعد رفعه بالكامل من اختصاص الكونغرس.
في سياق متّصل، أعلنت شبكة ستاروود الفندقية مساء السبت أنها حصلت على موافقة وزارة الخزانة لافتتاح فندقين في هافانا، فأصبحت الشركة الأميركية الأولى المتعددة الجنسيات التي تدخل كوبا منذ ثورة كاسترو في 1959.
وستبلغ زيارة الرئيس الأميركي ذروتها عندما يلقي الثلاثاء في مسرح هافانا الكبير خطابا ينقله التلفزيون الكوبي. وقد حصل أوباما الذي يرغب في إعطاء مواطنيه ضمانات، على موافقة السلطات الكوبية للقاء منشقين الثلاثاء، ونبّه إلى أنه سيناقش «مباشرة» مسألة حقوق الإنسان مع راوول كاسترو الذي خلف شقيقه فيدل قبل عشر سنوات.
وعشية وصوله إلى كوبا، دعا عدد كبير من المنشقين البارزين، الرئيس الأميركي إلى التشجيع على «تغير جذري» من أجل «وقف القمع واللجوء إلى العنف الجسدي» ضد المعارضة التي تعد غير شرعية في الجزيرة. وإذا كان الحماس بادي الملامح في هافانا، لم يصدّق بعد عدد كبير من الكوبيين الذين عايشوا الإنزال الفاشل في خليج الخنازير في 1961، أن ما كان مستحيلا سيصبح ممكنا. وقال الكاتب الشهير ليوناردو بادورا (60 عاما) على مدونته في موقع «كافيفيورتي» الإخباري إن «رئيس للولايات المتحدة في كوبا.. يُستقبل على الأرجح بالابتسامات والتصفيق والفرق الموسيقية! لم نكن نتخيل أبدا في أحلامنا أو في كوابيسنا أن يحصل شيء مماثل في حياتنا».
وزينت شوارع العاصمة بالأعلام الأميركية في الأيام الأخيرة. حتى إن مطعما في وسط المدينة قد تجرأ على طبع لافتة كبيرة لراوول كاسترو وباراك أوباما. وتباهى صاحبه ميغيل أنخيل موراليس بالقول: «لا أتذكر أن صورة لرئيس أميركي رفعت من قبل في شوارعنا».
وعلى الرغم من أجواء الحماس المرافقة لهذه الزيارة التي لم تكن واردة من قبل، فقد يتأخر تحول التغيرات التي تأمل فيها واشنطن إلى واقع ملموس. فقد ذكر وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز بأن هافانا ليست على استعداد لطرح مواضيع وثيقة الصلة بسيادتها. وقال: «لا يستطيع أحد الادعاء بأن على كوبا التخلي عن واحد من مبادئها.. لإحراز تقدم في اتجاه التطبيع».
وقد شكلت الزيارة المرتجلة للرئيس الفنزويلي نيكولا مادورو الجمعة والسبت إلى هافانا رسالة أخرى إلى الأميركيين. فقد أكدت التضامن الثابت لكوبا مع حليفها الاشتراكي، وحرصها على تغيير خطابها المعادي للامبريالية. وقبل أن يغادر كوبا إلى بوينس آيرس بعد ظهر الثلاثاء، سيحضر أوباما مباراة في البيسبول بين المنتخب الوطني الكوبي وفريق «تامبا باي رايس». وتليه فرقة الرولينغ ستونز التي ستحي حفل مجاني كبير.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.