محكمة إسرائيلية تعاقب راشقي حجارة مقدسيين أطفالاً بالسجن الفعلي لسنوات

تنفيذًا لقرارات معدلة بتشديد العقوبات عليهم اعتبرها الفلسطينيون «وصمة عار»

فلسطينية تقبل الطفل أحمد دوابشة الذي نجا من حريق أشعله مستوطنون وقتل فيه والداه (أ.ف.ب)
فلسطينية تقبل الطفل أحمد دوابشة الذي نجا من حريق أشعله مستوطنون وقتل فيه والداه (أ.ف.ب)
TT

محكمة إسرائيلية تعاقب راشقي حجارة مقدسيين أطفالاً بالسجن الفعلي لسنوات

فلسطينية تقبل الطفل أحمد دوابشة الذي نجا من حريق أشعله مستوطنون وقتل فيه والداه (أ.ف.ب)
فلسطينية تقبل الطفل أحمد دوابشة الذي نجا من حريق أشعله مستوطنون وقتل فيه والداه (أ.ف.ب)

أثار قرار قاضٍ إسرائيلي بسجن أطفال مقدسيين لسنوات، جدلاً وغضبًا في السلطة الفلسطينية، التي وصفت الأمر بـ«إمعان في السقوط الأخلاقي والإنساني والعدوانية التي تميز الاحتلال».
فقد أصدر قاضي المحكمة المركزية الإسرائيلية، أمس، أحكامًا بالسجن الفعلي، بحق 7 أطفال مقدسيين (بين 14 و17 عامًا)، لفترات تتراوح بين (12 شهرًا و39 شهرًا)، بتهمة إلقاء الحجارة باتجاه مركبات المستوطنين في بيت حنينا بالقدس.
وقال محامي الأطفال، محمد محمود، إن قاضي المحكمة المركزية، حكم على الأطفال السبعة، بعد قضائهم فترة 8 أشهر، بالحبس المنزلي المفتوح. وأضاف محمود في تصريح مكتوب: «إن القاضي حكم على الفتى صالح أشرف أشتي (16 عامًا)، بالسجن الفعلي لمدة 39 شهرًا (3 أعوام و3 أشهر)، وعلى محمد أحمد جابر (14 عامًا)، ومراد رائد علقم (14 عامًا) بالسجن الفعلي لمدة 36 شهرًا (3 أعوام)، وعلى محمد نائل تايه (17 عامًا)، وزيد عايد الطويل (16 عامًا)، بالسجن الفعلي لمدة 28 شهرًا (عامين و4 أشهر)، وعلى يزن هاني أيوب بالسجن الفعلي لمدة 14 شهرًا (عام وشهرين)، وعلى عمر راني ياسين (14 عامًا) بالسجن الفعلي لمدة 12 شهرًا.
واعتقلت إسرائيل الأطفال في شهر يونيو من العام الماضي من حي بيت حنينا في القدس، بتهمة رشق سيارات مستوطنين. وبعد احتجازهم في مركز شرطة «المسكوبية» لمدة أسبوعين، أفرج عنهم بكفالات مالية، وبشرط الحبس المنزلي المفتوح، إلى حين انتهاء الإجراءات القانونية والقضائية ضدهم. وخلال الفترة الماضية، عقدت لهم جلسات عدة إلى أن صدر الحكم النهائي أمس.
ويعتزم أهالي الأطفال تقديم استئناف إلى المحكمة الإسرائيلية العليا على قرار الحكم، الذي يأتي، كما يبدو، تطبيقًا لسياسة الردع التي تنتهجها إسرائيل ضد الأطفال الفلسطينيين في القدس.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قرر، في سبتمبر (أيلول) الماضي، تشديد العقوبة على من يلقون الحجارة، لتصل إلى السجن مدة 20 عامًا في بعض الحالات، تنفيذًا لقوانين سابقة أقرها الكنيست الإسرائيلي.
ويسمح القانون المعدل، بفرض عقوبة تصل إلى السجن 20 عامًا على من يلقي حجرًا على عربة، بقصد إحداث إيذاء بدني، وعشر سنوات سجن إذا لم يثبت وجود نية لذلك.
وكان الادعاء في مثل هذه القضايا لا يطلب عادة أكثر من السجن ثلاثة أشهر، حين لا يسفر الرشق عن إصابات خطيرة.
ويسري القانون على أراض منها القدس الشرقية، لكنه لا يسري على الضفة الغربية المحتلة وغالبيتها خاضعة لسلطة الجيش الإسرائيلي.
وتصدر إسرائيل نحو ألف قائمة اتهام في العام لراشقي الحجارة.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، إن إصدار الاحتلال الإسرائيلي أحكامًا بالسجن، تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، بحق سبعة أطفال مقدسيين، بعد إجبارهم على ما يسمى بالسجن المنزلي لمدة ثمانية أشهر، ومواصلة ملاحقة الأطفال في سائر أنحاء الأراضي الفلسطينية، بالقتل والسجن، إنما يعبر عن مدى الإمعان في السقوط الأخلاقي والإنساني والعدوانية التي تتميز بها سلطات الاحتلال.
وأضاف المحمود: «إن الحكومة الفلسطينية تطالب العالم الذي يدعي الحرية والديمقراطية بتحمل مسؤولياته إزاء وصمة العار التي ألصقها الاحتلال الإسرائيلي على جبينه، في تنفيذ قرارات كبار مسؤوليه السياسيين، والقاضية بالمساس بالأطفال الفلسطينيين».
وطالبت الحكومة الفلسطينية المنظمات والمؤسسات الدولية كافة، ذات الصِّلة بحقوق الأطفال والحريات، بالتحرك العاجل من أجل وقف هذا الظلم والجور الاحتلالي الذي يلحق بالأطفال الفلسطينيين.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.