«مرآب» للسيارات يفجر غضبًا ضد السياسيين في طرابلس

اعتصام وسط المدينة ينتظر التراجع عن المشروع وإلا التصعيد

رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لدى استقباله السفير الكوري الجنوبي أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لدى استقباله السفير الكوري الجنوبي أمس (دالاتي ونهرا)
TT

«مرآب» للسيارات يفجر غضبًا ضد السياسيين في طرابلس

رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لدى استقباله السفير الكوري الجنوبي أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لدى استقباله السفير الكوري الجنوبي أمس (دالاتي ونهرا)

لم يعد من شاغل لطرابلس غير «المرآب» الذي اتخذ قرار أن يكون مكانه وسط المدينة، وتحت ساحة التل. وهي الفسحة الوحيدة المتبقية للأهالي بعد أن أكل الباطون جماليات الفيحاء، ما يجابه بمعارضة شعبية، وشبه توافق بين السياسيين.
المعتصمون في الساحة منذ الخميس الماضي، يتأكلهم الغضب. يقضون النهار تحت سقيفة تقيهم أشعة الشمس، وفي الليل يبيتون يومهم في الخيام التي نصبوها، خشية أن تغدر بهم جرافات المتعهد الذي تم تلزيمه المشروع، وتبدأ الحفر. يتحدث المعتصمون، عن صفقات، وسمسرات، وأحابيل تحاك في الخفاء. يسأل أحدهم: «يظنون أنهم حلوا كل مشكلات المدينة، ولم يعد عندنا من مطلب غير موقف للسيارات؟ يريدون دفن 20 مليون دولار تحت الأرض، والناس تموت جوعًا». يرد آخر: «سياسيو طرابلس تقاتلوا فيما بينهم طوال ست سنوات، واتفقوا فقط على موقف للسيارات». النقاشات بين المعتصمين والمارة لا تتوقف، أحد الواقفين يطالب بمساكن شعبية، لأن «آلاف البنات من دون زواج، والشبان لا يجدون مسكنًا، فليبنوا بالعشرين مليون دولار بيوتًا للعازبين».
تدهشك المعلومات التي جمعها بعض الموجودين هنا، ممن يظهر عليهم رقة الحال. ثمة إحساس بأنه بلغ السيل الزبى، يعدّون لك كل المشاريع التي قيل بأنها لإنماء طرابلس وفشلت، وكأنما هذا المرأب، فجر نقمة عمرها سنوات. يقول مجدي عمري من «لجنة تنسيق التحرك ضد المرأب» التي تضم هيئات وجمعيات المجتمع المدني المعارضة: «المتعهد الأول أخذ المشروع بعشرين مليون دولار، وأوكله إلى آخر بمبلغ 11 مليونا. يعني أن 9 ملايين اختلست قبل البدء بالمشروع». تساؤلات أيضا عن الرمال التي ستخرج من باطن الأرض. «التربة هنا –يقول أحدهم - وبعد الحفر، بعض البيوت القديمة من الممكن أن تتصدع، والرمال المستخرجة ستباع بما يقارب ثلاثة ملايين دولار، لمن ستذهب العائدات؟» يهزأ أحد المعتصمين: «المهندسون يقولون: إن المياه موجودة في الساحة على عمق 19 مترًا، أي أن المتعهد سرعان ما سيطالب بمضاعفة المبلغ، لسحب المياه وإكمال العمل». مجدي عمري يقول: «البلدية لا تستطيع أن تحمي فتاة تمر في المنشية الصغيرة المجاورة، فمن سيحمي امرأة تركن سيارتها في الطابق الرابع تحت الأرض؟ لم تتمكن البلدية بعد صيانة الساعة العثمانية وسط التل، من دفع 300 دولار لإصلاحها ميكانيكيًا، وها هي متوقفة، من سيدير مرأبا من أربع طبقات، وينظم أوضاعه؟».
مشروع المرأب، فكرة قديمة موجودة في الأدراج، منذ ما يقارب 15 سنة، أقرها مجلس الوزراء، وأحالها إلى مجلس الإنماء والإعمار لتنفيذها، بعد أن وافقت حكومة الرئيس ميقاتي على 100 مليون دولار لإنماء طرابلس، سيقطع منها ما هو مرصود للمرأب. ومنذ نحو السنة –تروي ريان كمون، من لجنة متابعة مشاريع طرابلس - اجتمع المجلس البلدي، ورفض المشروع، ليعود ويجتمع بعد 72 ساعة، وهي مهلة غير قانونية، لا ندري، ما الذي حصل خلالها، لتعود الغالبية وتقره، متمنية على مجلس الإنماء والإعمار تزويدها بمخطط توجيهي، وهو ما لم يحدث. أي أنه ليس هناك، لغاية الآن، دراسة علمية حول جدوى المشروع ولا مدى ملاءمته للمنطقة الأثرية، أو صورة متكاملة حول ما يراد الوصول إليه من أهداف تنموية لطرابلس القديمة. كفانا مشاريع عشوائية. أحد المعتصمين يقول: «قدموا لنا صور فوتوشوب ليضحكوا علينا، أنجزوها في عدة أيام. نحن لسنا بلهاء، الدراسة تستلزم شهورًا».
تتحدث ريان كمون عن رفض من قبل البلدية ومهندس المشروع لإعطاء أي توضيحات «ليقال: إننا نرفض وليس لدينا معلومات، إذن زودونا بما نسألكم عنه. طلبنا خرائط المشروع رفضت البلدية وعرضت علينا خرائط قديمة. سألنا المهندس المسؤول، لم يعطنا سوى فتاتا. هناك غموض مريب. حتى الكلفة تتحرك صعودًا وهبوطًا في البدء قالوا عشرين مليونا والآن انخفضت إلى 11 مليونا. وبدل المخطط التوجيهي صاروا يتحدثون عن مخطط جمالي أي القليل من الأشجار، ودهن للحيطان، وأنا مهندسة معمارية وأعلم الفرق بين المخططين».
لجنة التنسيق ضد المرأب، تضم مهندسين ومحامين وصحافيين، وخبراء من مختلف الاختصاصات وتقدمت بشكوى ضد مخالفات قامت بها البلدية وتنتظر الرد. وتقول الناشطة المهندسة كمون، بأن المواجهة الأولى جاءت في الخامس من هذا الشهر. كان ذلك فجر الأحد. علمنا في وقت متأخر من الليل، أنهم سينتهزون يوم العطلة ليبدأوا مشروعهم «كنا أربع نساء نرابط على الساحة خشية أن يأتوا بآلياتهم ويبدأوا العمل، وحين ذهبنا لنتناول الفطور عند الخامسة والنصف صباحًا، غافلنا المتعهد وبدأ بوضع السياج فجئنا، على عجل واقتلعناها، واتصلنا بالمتضامين الذين حضروا فورًا. يوم الخميس الماضي، أعلن محافظ الشمال رمزي نهرا أن العمل سيبدأ بمؤازرة الجيش والقوى الأمنية. تجمع آلاف الناشطين والمحتجين، ولم يأت المتعهد خشية الاصطدام بالأهالي. من حينها والمعتصمون في الساحة، يقولون: إنهم باقون حتى تعلن بلدية طرابلس أنها سحبت المشروع أو جمدته، وتنتظر أن تتم الانتخابات البلدية المقبلة بعد شهرين، والمجلس المقبل هو الذي يقرر. كمون تتهم المجلس الحالي، بأنه يريد تمرير المشروع مستفيدًا من الوقت القصير المتبقي له. ثمة تبادل اتهامات بين مناصرين لـ«تيار المستقبل»، ومناصرين آخرين للرئيس نجيب ميقاتي، على اعتبار أن الأول هو أكثر المتشجعين للمرأب. لكن أحدًا من سياسيي طرابلس لم يعلن صراحة أنه ضد المرأب. الرئيس ميقاتي ربط موافقته بخطة تنموية شاملة للمنطقة الأثرية وكذلك الوزير السابق فيصل كرامي، وطلب الوزير محمد الصفدي بعض التعديلات. ولا يوفر المعتصمون أحدا من السياسيين من غضبهم، ويقولون: إن اعتراضهم تنموي معيشي، ولا صلة له بالانتماءات السياسية. «نحن هنا من كل التيارات والتوجهات، وكان معنا بالأمس (الخميس) رئيس البلدية السابق نادر الغزال الذي أقر برئاسته المشروع وشرح لنا أنه تعرض لضغط سياسي وقد تراجع، ومعنا الجماعة الإسلامية. الموضوع ليس سياسيا، وإنما يتعلق بحياتنا وحياة أولادنا» يشرح، مجدي عمري.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».