الهدنة السورية تنطلق اليوم.. والمعارضة تحذر من استثناء «داريا»

الزعبي لـ {الشرق الأوسط}: فشلها يعني تكريس خطة موسكو وواشنطن لتقسيم سوريا

دخان متصاعد من بلدة جوبر قرب دمشق، أمس، إثر قصف جوي من الطيران الروسي على المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة (غيتي)
دخان متصاعد من بلدة جوبر قرب دمشق، أمس، إثر قصف جوي من الطيران الروسي على المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة (غيتي)
TT

الهدنة السورية تنطلق اليوم.. والمعارضة تحذر من استثناء «داريا»

دخان متصاعد من بلدة جوبر قرب دمشق، أمس، إثر قصف جوي من الطيران الروسي على المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة (غيتي)
دخان متصاعد من بلدة جوبر قرب دمشق، أمس، إثر قصف جوي من الطيران الروسي على المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة (غيتي)

في وقت تتّجه فيه الأنظار إلى بدء انطلاق الهدنة المؤقتة التي أبدى كل من المعارضة والنظام موافقتهما عليها، جاء إعلان الأخير على لسان أحد مسؤوليه حول استمرار القتال في «داريا» بريف دمشق ليضع علامة استفهام تجاه حظوظ نجاح هذا الاتفاق وأن تكون إحدى الذرائع التي يتسلّح بها النظام لنسف كل الجهود المبذولة. وبعدما كان يفترض أن تنطلق مفاوضات جنيف يوم أمس، قال المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا إنّه سيعلن اليوم الجمعة موعد إجرائها بين الأطراف السورية.
وفي هذا الإطار، اعتبر أسعد الزعبي رئيس الوفد المفاوض في الهيئة العليا التفاوضية أنه لا أرضية مشجّعة لاستئناف المفاوضات في ظل عدم حصول أي خرق إيجابي في جدار الأزمة التي أوقفت من أجلها المفاوضات. وشكّك في حديثه لـ«الشرق الأوسط» في نجاح الهدنة، مستندا في ذلك إلى التجارب السابقة مع النظام وإيران وروسيا، مضيفا: «فشل الهدنة سيؤدي إلى تكريس الخطة (ب) التي اتفقت عليها موسكو وواشنطن لتقسيم سوريا» وفق تأكيده، لافتا أيضًا إلى ما سبق أن أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما لجهة عدم تفاؤله بنجاح وقف إطلاق النار. وسأل: «كيف يمكن أن تكون روسيا هي الحكم في هذه الهدنة وفي تحديد الفصائل والتنظيمات الإرهابية وهي التي تلعب الدور الأساسي في الحرب على الشعب السوري؟».
وأشار الزعبي إلى أن استثناء داريا من الهدنة بحسب ما أعلن أحد مسؤولي النظام بحجة وجود «جبهة النصرة» في المنطقة، ليس بالأمر الجديد، واضعا هذا الأمر في خانة الذرائع التي يقدمها النظام بشكل دائم لاستمرار حربه، موضحا «نؤكد أنه لا وجود للنصرة في داريا وكل من يقاتل فيها هم من فصائل تابعة للجيش الحر على رأسها «لواء شهداء داريا»، واستثناؤها من قبل النظام هو لأنها تشكّل خطرا على النظام الذي لطالما عجز عن الدخول إليها رغم كل محاولاته الفاشلة مستخدما كل الوسائل التدميرية، وهو الأمر الذي ينطبق، وفق الزعبي، على حي جوبر ودوما اللذين لا يزالان عصيين على النظام، مؤكدا: «إذا خرقت الهدنة لن نبقى مكتوفي الأيدي وسنرد بالمثل». وحول «مفاوضات جنيف» قال الزعبي: «ننتظر يوم غد (اليوم) للإعلان عن موعدها مع تأكيدنا على المعطيات لا تزال غير مشجعة للمشاركة فيها». وأضاف: «علّقنا مشاركتنا بالمفاوضات مطالبين بالضغط على روسيا لوقف قصفها وفك الحصار على المناطق وإطلاق سراح المعتقلين من النساء والأطفال، فإذا بموسكو تكثف غاراتها والمساعدات الغذائية تصل إلى بعض المناطق بكميات قليلة من دون المواد الأساسية من الدواء والحليب بينما استمر النظام باعتقالاته العشوائية».
وكانت مصادر إعلام مقربة من النظام السوري نقلت عن مصدر عسكري قوله: «إن قوات النظام ملتزمة بقرارات القيادة السورية، لكن من يوجد في مدينة داريا هم مجموعات جبهة النصرة الإرهابية غير المشمولة بوقف إطلاق النار، ونحن مستمرون في قتال المسلحين على جبهة داريا».
واعتبرت الهيئة العليا للمعارضة السورية أن استثناء النظام لمنطقة داريا من الهدنة التي من المفترض أن تبدأ ليل الجمعة السبت هو مؤشر بالغ الخطورة. وقال مصدر فيها لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «إن التصريح الصادر عن أحد القادة العسكريين التابعين للنظام والذي لم يتم نفيه من قبل النظام رسميا، حول استثناء داريا من الهدنة المؤقتة، يعتبر مؤشرا خطيرا للغاية قد يطيح بكل الجهود التي تبذلها الهيئة العليا للمفاوضات للتعامل الإيجابي مع الهدنة المؤقتة».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «الهيئة تحمل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي مسؤولية هذه التصريحات المستفزة من قبل رجالات النظام، وتطالب الهيئة العليا كلا من واشنطن وموسكو بإيضاح موقفهما من سلوك وكلام النظام».
وداريا إحدى الضواحي القريبة إلى جنوب غربي العاصمة السورية دمشق ونزح منها معظم أهاليها نتيجة القصف والدمار الذي لحق بها منذ سنوات وحتى اليوم.
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، أعلنت مساء الأربعاء التزامها بـ«هدنة مؤقتة لمدة أسبوعين» تعليقا على الاتفاق الأميركي الروسي الذي نص على وقف لإطلاق النار في سوريا دون تحديد مدة زمنية ويدخل حيز التنفيذ ليل الجمعة السبت.
وجاء في بيان الهيئة بعد اجتماع عقدته في الرياض: «ترى الهيئة أن هدنة مؤقتة لمدة أسبوعين تشكل فرصة للتحقق من مدى جدية الطرف الآخر بالالتزام ببنود الاتفاقية». وأشارت إلى أنها «درست باهتمام» البيان الأميركي الروسي، مؤكدة أنها «تثمن وتنظر بإيجابية لكل جهد يهدف إلى توقف قتل وقصف المدنيين السوريين والجرائم التي ترتكبها قوات النظام والميليشيات الطائفية المتحالفة معه وما تقوم به القوات الروسية من قصف عشوائي يستهدف المدنيين».
وأكدت الهيئة «رفضها الكامل لكل أنواع وأشكال الإرهاب والتطرف بما فيها ممارسات تنظيمات داعش والقاعدة وحزب الله والميليشيات الطائفية الإرهابية القادمة من العراق ولبنان وإيران وأفغانستان وميليشيا الحرس الثوري الإيراني فيلق القدس ومثيلاتها». وأوردت الهيئة أنها وضعت مجموعة من الملاحظات على الاتفاق الأميركي الروسي، من بينها: «تجاهل دور روسيا وإيران في شن العمليات العدائية»، واعتبار قوات النظام السوري «قوة شرعية يسمح لها بالاستمرار في العمليات العسكرية»، وعدم تضمن «البيان تحديدًا واضحًا للأراضي التي لن تشملها الهدنة بسبب السيطرة عليها من قبل التنظيمات المصنفة كمنظمات إرهابية بحسب قرارات مجلس الأمن». وشددت الهيئة على ضرورة «تحديد هذه الأراضي قبل سريان الهدنة».
وأكدت أيضًا على أهمية «تحديد إطار زمني واضح ومحدد» لها، بحيث اقترحت «تحديد إطار زمني مدته أسبوعان قابلة للتجديد رهنا بنجاح الهدنة وتنفيذ البنود 12 و13 و14 في قرار مجلس الأمن الدولي» حول سوريا والمتعلقة بإيصال المساعدات ووقف قصف المدنيين وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين. كما طالبت بـ«وجود جهة محايدة وذات مصداقية» تحدد المسؤولين عن خرق الهدنة، ووضع آلية للإبلاغ عن أي خروقات.
وأكد أسعد الزعبي لـ«الشرق الأوسط» أن جميع الفصائل العسكرية أرسلت بيانات للهيئة العليا للتفاوض تؤكد فيها موافقتها على قرار الهيئة، كما تؤكد أنها ملتزمة بقرار الهيئة.
من جهتها كانت حكومة النظام السوري قد أعلنت عن موافقتها على اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة استمرار «مكافحة الإرهاب ضد داعش وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى المرتبطة بها وبتنظيم القاعدة وفقا للإعلان الروسي الأميركي».
بدورها رأت «قوات سوريا الديمقراطية» في اقتراح الهدنة خطوة إيجابية من أجل إيجاد حل سياسي وسلمي للأزمة الراهنة في سوريا، معلنة أنها ستلتزم بوقف إطلاق النار مع الاحتفاظ بحقها بالدفاع المشروع عن نفسها في حال تعرضها للهجوم من أي طرف كان.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».