البيت الأبيض يرفض الكشف عن الخطة «ب».. ويحمل روسيا والأسد مسؤولية تثبيت الهدنة

أوباما يحذر من الإفراط في التوقعات حول تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى استقباله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى استقباله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

البيت الأبيض يرفض الكشف عن الخطة «ب».. ويحمل روسيا والأسد مسؤولية تثبيت الهدنة

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى استقباله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى استقباله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض أمس (رويترز)

حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما من الإفراط في التوقعات بشأن اتفاق وقف الأعمال العدائية التي توصلت إليه الولايات المتحدة مع روسيا يوم الاثنين الماضي.
وقال أوباما للصحافيين خلال اجتماعه مع العاهل الأردني الملك عبد الله ظهر أمس بالبيت الأبيض: «نحن حذرون للغاية بشأن رفع سقف التوقعات حول هذا (الاتفاق)». وأضاف: «الوضع على الأرض صعب»، وأشار إلى أنه إذا تحقق بعض التقدم في سوريا فإن ذلك قد يقود إلى عملية سياسية لإنهاء الحرب الأهلية السورية. وأكد أوباما أن وقف الأعمال العدائية سيسمح للولايات المتحدة وشركائها بما في ذلك روسيا بالتركيز على استهداف داعش.
وأشار أوباما إلى أنه ناقش مع الملك عبد الله كيفية مساعدة اللاجئين السوريين الذين يصل عددهم إلى أكثر من 630 ألف لاجي في الأردن. وأكد مساندة بلاده كشريك قوي للأردن في مواجهة التحديات، وقال: «قضينا معظم مناقشتنا حول الوضع في سوريا والعراق وجهودنا المشتركة لمكافحة داعش، وقد شهدنا تقدما في دحر داعش في العراق وبعض أجزاء من سوريا، لكن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به».
وأضاف: «أطلعت الملك عبد الله على المحادثات التي أجريتها مع الرئيس بوتين حول وقف الأعمال العدائية، ونحن حذرون للغاية بشأن رفع التوقعات في هذا الشأن، فالوضع على أرض الواقع صعب لكننا شهدنا تقدما متواضعا على مدى الأسبوع الماضي في ما يتعلق بتوصيل المساعدات الإنسانية».
وشدد الرئيس الأميركي على أنه «خلال الأسابيع المقبلة يمكننا أن نرى خفضا للعنف، وهذا يوفر لنا أساسا لبناء وقف لإطلاق النار على المدى الطويل في كل من الشمال والجنوب، ويسمح لنا بالمضي قدما في التحول السياسي، وهو في نهاية المطاف ضروري لوضع حد للحرب الأهلية في سوريا، كما سيسمح لنا بتركيز جهودنا وجهود الأطراف في المجتمع الدولي بأكمله، بما في ذلك روسيا في مكافحة داعش، وهو أمر لا يفعلونه الآن ولا يركزون عليه».
وأشاد الملك عبد الله بدعم الولايات للأردن ودعمها لعملية السلام في سوريا، وقال إن «العملية السياسية هي أولويتنا في الوقت الراهن، ومن المهم لجميع الأطراف إدراك أن داعش هو عدونا كلنا». وتطرقت المحادثات إلى جهود التقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف جهود السلام.
وشارك في اللقاء ولي العقد الأمير حسين بن عبد الله ووزير الخارجية ناصر جودة ورئيس مكتب الملك جعفر حسن ورئيس الديوان الملكي الهاشمي فايز الطراونة، ومن الجانب الأميركي نائب الرئيس جو بايدن ومستشار الأمن القومي الأميركي سوزان رايس.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه تحدث مع نظيره الروسي، أمس، وإن فريقين من البلدين سيجتمعان قريبا لبحث خطط «وقف الاقتتال» المزمع أن يبدأ في سوريا يوم السبت.
وقال كيري للمشرعين: «تحدثت هذا الصباح - وهو سبب تأخري - مع وزير الخارجية (سيرغي) لافروف، ولدينا فريق سيجتمع غدا أو نحو ذلك.. في مهمة عمل لوقف إطلاق النار.. وقف الاقتتال».
وأضاف: «لست هنا لأجزم بأنها ستنجح بالتأكيد... الكل قال إنه يتعين أن يكون هناك حل دبلوماسي في وقت ما. السؤال سيكون: هل آن الأوان؟.. هل ستعمل روسيا بنية حسنة؟.. هل ستعمل إيران بنية حسنة لمحاولة تحقيق الانتقال السياسي؟».
من جانب آخر، أشار جوش إرنست المتحدث باسم البيت الأبيض إلى أن واشنطن تراقب عن كثب الوضع في سوريا، متوقعا حدوث انتهاكات وعراقيل تعوق دون تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية.
وقال إرنست: «نحن نتوقع انتهاكات، وسيتضح ذلك خلال أيام وأسابيع من بدء تنفيذ الهدنة، والاتفاق لا يمنع الولايات المتحدة من الاستمرار في قصف داعش». وأضاف: «الغرض من اتفاق وقف الأعمال العدائية هو دفع الأطراف للتركيز على مكافحة داعش ثم تحقيق تقدم في العملية السياسية».
ورغم حذر الرئيس أوباما من الإفراط في التوقعات حول تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وتأكيدات المتحدث باسم البيت الأبيض توقع حدوث انتهاكات وعدم التزام بنصوص الاتفاق، فإن البيت الأبيض رفض توضيح الخطة «ب»، وما إذا كانت تحمل عنصرا عسكريا، وما هي البدائل المطروحة في حال فشل اتفاق الهدنة الذي يبدأ سريانه ليل الجمعة 27 فبراير (شباط) الحالي.
وقال إرنست: «لا أريد التكهن حول الخطة (ب)، ونركز الآن على كيفية التنفيذ الناجح لوقف الأعمال العدائية، ولن يكون ذلك واضحا سواء في الأيام أو الأسابيع القليلة القادمة».
وألقى إرنست بالمسؤولية على كل من روسيا وسوريا، وقال: «مسؤولية تنفيذ الاتفاق لا تقع على عاتق الولايات المتحدة فقط»، وقال إنه «على كل من الاتحاد الروسي والنظام السوري قدر كبير من المسؤولية في التأكد من تنفيذ وقف الأعمال العدائية، وبمدى التزامهما بها، فإن ذلك يضعهما على المحك أمام العالم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.