«داعش» يقطع منفذ النظام إلى مدينة حلب بعد السيطرة على خناصر الاستراتيجية

أكثر من 279 ألف قتيل بينهم نحو 14 ألف طفل خلال خمس سنوات من الحرب في سوريا

«داعش» يقطع منفذ النظام إلى مدينة حلب بعد السيطرة على خناصر الاستراتيجية
TT

«داعش» يقطع منفذ النظام إلى مدينة حلب بعد السيطرة على خناصر الاستراتيجية

«داعش» يقطع منفذ النظام إلى مدينة حلب بعد السيطرة على خناصر الاستراتيجية

سيطر تنظيم «داعش» يوم أمس على بلدة خناصر الاستراتيجية في الشمال، وقطع خط إمداد النظام إلى مدينة حلب وريفها، في وقت وصل عدد قتلى الحرب في سوريا منذ نحو خمس سنوات إلى أكثر من 270 ألف شخص، بينهم ثمانون ألف مدني، في حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «تنظيم داعش ومقاتلين من فصائل جهادية، بينهم مقاتلون تركستان، شنوا هجوما واسعا تخللته عملية انتحارية ضد مواقع قوات النظام السوري في خناصر وتمكنوا من السيطرة على البلدة التي تقع على طريق الإمداد الوحيد الذي يربط محافظة حلب بسائر المناطق السورية الخاضعة لقوات النظام». وأسفر الهجوم، بحسب عبد الرحمن، عن «مقتل 35 عنصرا على الأقل من قوات النظام السوري و16 عنصرا من تنظيم داعش».
وتأتي السيطرة على خناصر غداة تمكن التنظيم المتطرف من خلال هجومين متزامنين، من قطع طريق حلب - خناصر الاستراتيجي في ريف حلب الجنوبي الشرقي (شمال). وهذا الطريق هو الوحيد الذي يمكن لقوات النظام الموجودة في غرب مدينة حلب ومناطق محيطة بها سلوكه للوصول من وسط البلاد إلى محافظة حلب وبالعكس.
وبحسب عبد الرحمن، تعد بلدة خناصر «معبرا» إلى هذا الطريق الاستراتيجي، مذكرا بأن قوات النظام السوري «خاضت معارك عنيفة لاستعادتها من فصائل إسلامية قبل نحو عامين». وأوضح أن خسارتها تعد «خسارة معنوية لقوات النظام». وسيطر تنظيم داعش أيضًا خلال اليومين الماضيين على 12 تلة محيطة بها.
وبدأت قوات النظام منذ نحو ثلاثة أسابيع هجوما واسعا في ريف حلب الشمالي، إذ نجح في السيطرة على مناطق عدة من أيدي الفصائل الإسلامية والمقاتلة وبفرض حصار شبه كامل على الأحياء الشرقية لمدينة حلب.
وتعرض طريق خناصر - حلب للقطع مرات عدة منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011، إذ تمكنت فصائل معارضة من قطعه بالكامل في الفترة الممتدة بين أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول) 2013، ما تسبب بنقص في المواد الغذائية والوقود في المناطق تحت سيطرة النظام.
وفي 23 أكتوبر الماضي، تمكن داعش من السيطرة على جزء من طريق خناصر اثريا (محافظة حماه، وسط)، ما أدى إلى قطع الطريق المؤدي إلى مدينة حلب وحصار مئات الآلاف من سكانها. لكن قوات النظام نجحت في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) في استعادة السيطرة على الطريق.
في غضون ذلك، وفي حين سجّل سقوط عدة صواريخ على مناطق في طريق حلب - اللاذقية بأطراف المدينة، استمرت معارك الكر والفر بين غرفة عمليات قوات النظام بقيادة ضباط روس ومشاركة جنود روس، بالإضافة إلى قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من جهة، و«الفرقة الأولى الساحلية» و«حركة أحرار الشام» و«أنصار الشام» و«الفرقة الثانية الساحلية» و«الحزب الإسلامي التركستاني» و«جبهة النصرة»، من جهة أخرى، في عدة محاور بجبلي الأكراد والتركمان بريف اللاذقية الشمالي، وسط تقدم لقوات النظام في محور منطقة عين الغزال.
ووثق المرصد السوري مقتل 271 ألفا و138 شخصا منذ بدء الأزمة في مارس (آذار) عام 2011، بينهم 79 ألفا و997 مدنيا، ضمنهم 13 ألفا و597 طفلا.
وأفادت حصيلة سابقة للمرصد أعلنها في نهاية ديسمبر (كانون الأول) بمقتل 260 ألفا، بينهم 76 ألف مدني منذ بدء النزاع، ما يعني أن حصيلة القتلى ارتفعت نحو عشرة آلاف منذ مطلع العام الحالي.
وإلى جانب المدنيين، وثق المرصد السوري مقتل 46 ألفا و452 عنصرا من فصائل المعارضة، وأكثر من 44 ألف مقاتل متشدد، أكثريتهم عناصر من تنظيم داعش وجبهة النصرة.
إلى ذلك، وثق المرصد مقتل 97842 عنصرا من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها، بينهم 1025 مقاتلا من حزب الله اللبناني و3809 مقاتلا مواليا للنظام من الطائفة الشيعية من جنسيات عربية وأجنبية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.