الجزائر تطالب بـ«احترام سيادة ليبيا» عند شن الحرب على «داعش»

كي مون يزور الجزائر الشهر المقبل لبحث تهديدات الإرهاب في المنطقة

الجزائر تطالب بـ«احترام سيادة ليبيا» عند شن الحرب على «داعش»
TT

الجزائر تطالب بـ«احترام سيادة ليبيا» عند شن الحرب على «داعش»

الجزائر تطالب بـ«احترام سيادة ليبيا» عند شن الحرب على «داعش»

قال وزير خارجية الجزائر رمضان لعمامرة إن بلاده «حريصة على أن تتم محاربة الإرهاب بليبيا، في إطار الشرعية الدولية وفي ظل احترام سيادة وأمن واستقرار هذا البلد». ويعد كلام لعمامرة أول رد فعل رسمي من الجزائر على الغارة التي شنتها القوات الأميركية على مواقع «داعش» في صبراتة بليبيا.
وذكر لعمامرة أمس للصحافة بالعاصمة الجزائرية، بمناسبة لقاء جمعه بمساعد وزير الخارجية الأميركي توماس شانون الذي يزور الجزائر حاليا، أن البلدين «يتعهدان بضرورة البحث عن حل سلمي وسياسي للأزمة الليبية، على أن تكون محاربة الإرهاب في إطار الشرعية الدولية وفي ظل احترام سيادة ليبيا». وتحدث عن «اتفاق بين البلدين على عدد من النقاط التي أدرجت في جدول أعمال لقائنا، منها ما تعلق بانتهاج الحلول السياسية المطابقة للشرعية الدولية، بشأن كل الأزمات والنزاعات، لا سيما في منطقتنا هذه». وأضاف لعمامرة: «استعرضنا في لقائنا جدوى ونشاط الأمم المتحدة، في ما يتعلق بالتوصل إلى حل سلمي لقضية الصحراء (...) إلى جانب العمل المشترك الذي قام به البلدان، من أجل مساعدة الماليين على تجاوز وحل الأزمة في شمال مالي».
وبحث اللقاء، حسب وزير خارجية الجزائر، تطورات السوق النفطية العالمية، مشيرا إلى «جهود الجزائر مع شركائها والمؤثرين في السوق الدولية، من أجل تحديد أسعار مرضية للمنتجين والمستهلكين على حد سواء». ووصف لعمامرة مباحثاته مع شانون بـ«الهامة، كونها تسبق الدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين البلدين على المستوى الوزاري، المزمع عقدها قريبا بالجزائر». وتابع المسؤول الجزائري بأن العلاقات بين الجزائر وواشنطن «تتطور بصفة إيجابية، وهما تتطلعان إلى مزيد من الإنجازات على درب تنويع وتطوير الشراكة الثنائية».
أما المسؤول الأميركي فقال إنه بحث مع الوزير لعمامرة الوضع في ليبيا، لا سيما محاربة الإرهاب، ومساعدة الليبيين وحكومة الوفاق الوطني في هذا البلد ومؤسساته، لممارسة سيادتهم التامة في بلادهم بما يسمح لليبيا برفع التحديات المستقبلية». وأشاد شانون بـ«الدور الهام الذي تلعبه الجزائر على الصعيد الإقليمي، وبلادي تقدر وتحترم هذا الدور وتحيي الدور الذي لعبته في مسار السلم بمالي».
وكشف شانون أن اجتماع «الحوار الاستراتيجي» سيعقد في أبريل (نيسان) المقبل، وهو يسعى حسبه، إلى تنويع «العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، فالجزائر تعد شريكا هاما للولايات المتحدة الأميركية».
ولم يرد في تصريحات لعمامرة، بشكل مباشر، أي شيء بخصوص الغارة الجوية التي شنها الطيران الأميركي على ما أشيع بأنها مراكز للتدريب، تابعة للتنظيم المتطرف «داعش». وسبق للجزائر وتونس أن عبرتا عن رفضهما دخول طرف أجنبي عن المنطقة لفرض حل بالقوة للأزمة الليبية، بحجة أن ذلك سيزيدها تعقيدا.
وفي نفس السياق، أعلنت وزارة الخارجية في بيان عن زيارة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الجزائر، يومي 6 و7 من الشهر المقبل. وجاء في البيان أن مون سيبحث مع المسؤولين المحليين تهديدات الإرهاب بشمال أفريقيا والشرق الأوسط، من دون تفاصيل أخرى.
ويرجح بأن خطر «داعش» في ليبيا، واحتمال اتساع رقعته إلى الدول الحدودية، خصوصا الجزائر وتونس ومصر، هو سبب زيارة الأمين العام الأممي. ونشر الجيش الجزائري قوات إضافية على الحدود مع ليبيا بعد الغارة الأميركية، وتخشى السلطات تسلل أعداد كبيرة من الإرهابيين عبر الحدود في حال اشتد الضغط عليهم في ليبيا، لذلك فهي شديدة الحساسية لقيام عمل عسكري أجنبي في البلاد.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».