لبنان خرق الإجماع العربي مرتين في شهر واحد.. وحزب الله «يصادر إرادة الدولة»

امتنع عن التصويت على بيانين يدينان التدخل الإيراني في الدول العربية

لبنان خرق الإجماع العربي مرتين في شهر واحد.. وحزب الله «يصادر إرادة الدولة»
TT

لبنان خرق الإجماع العربي مرتين في شهر واحد.. وحزب الله «يصادر إرادة الدولة»

لبنان خرق الإجماع العربي مرتين في شهر واحد.. وحزب الله «يصادر إرادة الدولة»

خرق الأداء السياسي اللبناني في الفترة الأخيرة، الإجماع العربي والإسلامي فيما يخص المصلحة العربية المشتركة، وهو ما دفع المملكة العربية السعودية لاتخاذ قرار إيقاف مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي اللبناني، نظرًا للمواقف اللبنانية التي «لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين».
وإضافة إلى موقف حزب الله المناهض للمواقف العربية التي تمثلها المملكة العربية السعودية، يقول المسؤولون في لبنان، وفي طليعتهم وزير الخارجية جبران باسيل، إن لبنان ينتهج موقف «النأي بالنفس». وقد تمثل الموقف اللبناني مرتين في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك في خرق الإجماع العربي الذي حظي به القرار المتضامن مع السعودية في مواجهة الأعمال العدائية الإيرانية في اجتماع «جامعة الدول العربية» في 10 يناير الماضي في القاهرة، والقرار الذي اتخذته «منظمة التعاون الإسلامي»، في اجتماعها في جدة في 22 يناير الماضي.
ففي اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ، امتنع لبنان عن التصويت على القرار العربي المتضامن مع السعودية في مواجهة إيران، إذ أعلن في ختام اجتماع طارئ عقد في القاهرة «التضامن الكامل» معها، ودانوا «الأعمال العدائية والاستفزازات الإيرانية». حيث دان المجلس «تدخل إيران المستمر في الشؤون الداخلية للدول العربية على مدى العقود الماضية»، معتبرين أن «هذا النهج يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، كما يعتبر انتهاكًا لقواعد القانون الدولي ومبدأ حسن الجوار».
وندد المجلس بالتدخل الإيراني في الأزمة السورية «وما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية»، وكذلك «بتدخلات إيران في الشأن اليمني الداخلي عبر دعمها للقوى المناهضة للحكومة الشرعية، وانعكاس ذلك سلبًا على أمن واستقرار اليمن ودول الجوار والمنطقة بشكل عام».
وبرر وزير الخارجية اللبناني موقف بلاده بالقول: «لقد نجحنا في الحفاظ على وحدتنا الداخلية، دون التخريب على الإجماع العربي، ولذلك فإن لبنان امتنع عن التصويت، في قرار الوزراء العرب، ونأى بنفسه عن الأمر». أما عن البيان الذي ذكر حزب الله اللبناني، وربطه بأعمال إرهابية، فقال: «طالبنا بإزالته، واعترضنا على هذا البيان».
موقف الامتناع عن التصويت، اتخذه لبنان مرة أخرى في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، حين دانت المنظمة في ختام اجتماع طارئ في جدة إحراق بعثات دبلوماسية سعودية في إيران و«التصريحات الإيرانية التحريضية» و«تدخلات» طهران في شؤون دول المنطقة و«استمرار دعمها الإرهاب». وقالت المنظمة في بيان صدر في ختام اجتماعها على مستوى وزراء الخارجية إن الاجتماع «يدين الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات المملكة العربية السعودية في طهران ومشهد التي تُشكل خرقًا واضحًا» للاتفاقيات والقوانين الدولية التي «تحمي حرمة البعثات الدبلوماسية وتفرض الحصانة والاحترام للبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى أي دولة بوضوح ملزم للجميع».
وأعلنت وزارة الخارجية اللبنانية عقب اجتماع «منظمة التعاون الإسلامي»: «إزاء ما يتم التداول به حول موقف لبنان من مقررات منظمة التعاون الإسلامي، يهم وزارة الخارجية والمغتربين أن توضح أنها كانت قد أعطت التعليمات لسفير لبنان في المنظمة قبل انعقاد الاجتماع بوجوب اتخاذ الموقف نفسه المشابه للموقف السابق في الجامعة العربية، في حال تضمن القرار المضامين نفسها الواردة سابقًا، وذلك التزامًا بسياسة الحكومة القاضية بالنأي بلبنان عن هذه المواضيع المشابهة والمرتبطة بالأزمة السورية».
إضافة إلى موقف لبنان الرسمي في الاجتماعين، تأتي مواقف حزب الله في صدارة الأسباب التي دفعت السعودية لاتخاذ قرارها، بالنظر إلى ما نقلته وكالة «واس» عن المصدر الذي أكد «مصادرة ما يسمى حزب الله اللبناني لإرادة الدولة». فالحزب لا يكف عن إطلاق مواقف معادية للمملكة العربية السعودية، والبحرين، كما يهاجم السلطة الشرعية في اليمن، ويدعم المتمردين الحوثيين وقوات المخلوع صالح. ويطلق الحزب مواقف سياسية وإعلامية ضد المملكة العربية السعودية، فيما يمارس الإرهاب بحق الأمة العربية والإسلامية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.