الرئيس الجزائري يدعو نظيره التونسي للعمل على بعث الاتحاد المغاربي

آخر قمة لـ«مغرب الشعوب» عقدت في تونس قبل 22 عامًا

الرئيس الجزائري يدعو نظيره التونسي للعمل على بعث الاتحاد المغاربي
TT

الرئيس الجزائري يدعو نظيره التونسي للعمل على بعث الاتحاد المغاربي

الرئيس الجزائري يدعو نظيره التونسي للعمل على بعث الاتحاد المغاربي

دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي إلى «العمل سويا من أجل بعث مشروع اتحاد المغرب العربي»، الذي لم يعقد قمة على مستوى القادة منذ آخر قمة جرت أشغالها في تونس عام 1994.
وقال بوتفليقة في رسالة أمس إلى الرئيس التونسي، بمناسبة مرور 27 سنة عن إعلان قيام «اتحاد المغرب العربي»، إن مجابهة التهديدات والتحديات التي تعترض المنطقة تتطلب عملا جماعيا يعتمد على استراتيجية مشتركة ومنسقة.
وجاء في الرسالة، التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، أن المناسبة «حدث تاريخي نستحضر فيه تطلعات الشعوب المغاربية التواقة إلى التكامل والوحدة.. وأعرب لكم مجددا عن عزم الجزائر الثابت على مواصلة العمل مع كل الدول المغاربية، والسعي بكل حزم في سبيل تثمين، وتعزيز هذا المشروع التاريخي المبارك».
واعتبر بوتفليقة أن مشروع الاتحاد، الذي انطلق بمدينة مراكش المغربية عام 1989 في اجتماع للقادة المغاربيين الخمسة «يمثل لبنة أساسية وإطارا أمثل للتكامل والتشاور المثمر، وذلك من خلال تسريع تحديث هياكل اتحادنا وتطوير مؤسساته، ومراجعة منهجية عمله وفق نظرة شاملة ومدروسة، تحدونا في ذلك روح التضامن والإخاء والتفاؤل، تلك التي سادت قمة مراكش».
وأضاف الرئيس: «إننا على قناعة تامة أن استكمال بناء الصرح المغاربي وتفعيل أبعاده الاندماجية أضحى حتمية لا مفر منها في ظل الظرفية الدقيقة، التي تموج فيها منطقتنا المغاربية، بتهديدات وتحديات لا قبل لها بها، لا يمكن مواجهتها ودرء آثارها بعمل منفرد ومتقوقع، بل لا بد من مجابهتها جماعيا واعتمادا على استراتيجية مشتركة ومنسقة».
وجرت محاولات كثيرة لالتئام قمة لقادة الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا، كان آخرها في 2005 بطرابلس، لكنها فشلت بسبب تصريحات من جانب الرئيس بوتفليقة، والعاهل المغربي محمد السادس.، وكان موضوع المناوشات التي وقعت عبر بيانات صحافية، نزاع الصحراء الذي يسمم العلاقات بين أكبر جارين، ويمنع بعث مشروع اتحاد المغرب العربي. ولا تزال الرئاسة الدورية لـ«الاتحاد» لدى تونس منذ 22 سنة، بسبب عجز البلدان الخمسة عن تنظيم اجتماع لتسليمها إلى بلد مغاربي آخر.
وقال قوي بوحنية، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ورقلة (جنوب الجزائر)، لـ«الشرق الأوسط» إن «كلام بوتفليقة عن اتحاد المغرب العربي يستوجب إيجاد ظروف يسودها الاحترام والود، تمهيدا لعودة الأخوة الجزائرية - المغربية إلى ما كانت عليه في السابق. وهذا الشرط أساسي للحديث عن بناء المغرب العربي، الذي هو في الأصل حلم الشعوب المغاربية». وأضاف الخبير في شؤون منطقة المغرب العربي، موضحا أنه «ينبغي أن تظهر كل الأطراف بالمنطقة استعدادا من أجل إزالة الاحتقان بينها، وأن تتعهد بفتح صفحة جديدة تطوي نهائيا الحزازات، التي شابت العلاقات البينية والمتعددة الأطراف».
ويرى مراقبون أن أهم خطوة يمكن إنجازها، تحسبا لبعث مشروع مراكش 1989، هي فتح الحدود المغلقة بين الجزائر والمغرب منذ قرابة 22 سنة. وعن ذلك يقول بوحنية إن «مشكلة الحدود تشكل حاجزا نفسيا، ولو تمت إزالته سيعود الأمل من جديد في بناء المغرب العربي، إذ من غير المعقول إن يظل التبادل التجاري بين دول المنطقة ضعيفا، بينما هي في الأصل سوق واعدة تفوق 120 مليون شخص. لكن هناك مشكلات كبيرة ينبغي حلها في سبيل تحقيق هذا الحلم، فالحرب الأهلية في ليبيا تزيد من أزمات المنطقة تعقيدا، وهشاشة الأوضاع الأمنية في تونس تعيق أي حديث عن تكامل مغاربي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.