بعد مائة يوم على انتخابه.. رئيس كندا يواجه تحديات وانتقادات

أبرزها الاقتصاد المتدهور.. وغضب عائلات ضحايا حوادث الإرهاب

بعد مائة يوم على انتخابه.. رئيس كندا يواجه تحديات وانتقادات
TT

بعد مائة يوم على انتخابه.. رئيس كندا يواجه تحديات وانتقادات

بعد مائة يوم على انتخابه.. رئيس كندا يواجه تحديات وانتقادات

بعد مائة يوم في السلطة، وسط موجة عارمة من الأمل والحماس التي أثارها انتخاب جاستن ترودو رئيسا للحكومة الكندية، بدأ السياسي الشاب يتلقى كما من الانتقادات، مدفوعة باقتصاد مترنح، وانسحابه الجزئي من مكافحة المتطرفين.
فمنذ أن تولى ترودو منصبه في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اتسعت شعبيته عبر الحدود، وفي كل أنحاء العالم كانت القنوات الإخبارية والصحف تعرض بشكل متكرر صور رئيس الوزراء الشاب الفتي المظهر وهو يبتسم لمؤيديه. وما زاد من شعبيته أكثر إصراره منذ البداية عبر رسالة واضحة سعيه إلى إعادة كندا إلى الساحة الدبلوماسية العالمية، ومحو صورة التلميذ الكسول في حصة البيئة، التي التصقت بالبلد الخامس في إنتاج النفط منذ انسحابه من بروتوكول «كيوتو» قبل أربع سنوات.
وينعكس تجدد الشعبية الدبلوماسية هذا في زيارة مقررة بعد غد الخميس إلى أوتاوا يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فيما كان سلف ترودو، ستيفن هاربر قد أبدى استياءه لانعقاد الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة. وقد تعهد ترودو أثناء حملته باستعادة دور كندا كأرض مضيفة، وهو ما سيتحقق بالفعل حيث سيصل 25 ألف لاجئ سوري إلى كندا مع نهاية فبراير (شباط) الجاري، رغم المصاعب اللوجستية والمخاوف الناجمة عن اعتداءات باريس في 13 من نوفمبر الماضي.
وفيما فضل المحافظون المشاركة في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش في العراق وسوريا، عبر الغارات الجوية، قررت الحكومة الليبرالية وقف هذه المساهمة، وإعطاء الأولوية للعمل الإنساني، وتدريب العسكريين في الميدان. لكن وتيرة الغارات الكندية على مواقع التنظيم المتشدد تسارعت منذ تولي ترودو الحكم، بعد أن وجهت إليه المعارضة المحافظة، التي تطالب باستمرار بمشاركة الطائرات، هجوما لاذعا بعد مقتل سبعة كنديين في هجمات جاكرتا وواغادوغو في أقل من 48 ساعة.
كما أثارت هذه المأساة انتقادات عائلات الضحايا له، حيث قال رجل فقد زوجته في بوركينا فاسو في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي «لقد أغلقت الخط في وجهه»، ذاكرا أن رئيس الوزراء لم يقدم تعازيه للعائلات إلا بعد يومين. كما طالبت والدة مفجوعة ترودو بضمان مواصلة الطائرات المقاتلة عملها لقتال المتشددين.
وترد في حصيلة أعمال ترودو، إلى جانب اللاجئين الذين استقبل شخصيا الدفعة الأولى منهم على طائرة تشارتر، فتح تحقيق رسمي في فقدان أثر أو أعمال قتل لم تتضح ملابساتها لأكثر من ألف امرأة من السكان الأصليين على امتداد أزيد من ثلاثين عاما. وتعتبر هذه القضية جرحا مفتوحا لدى «الشعوب الأولى»، ولذلك تبدو مبادرة رئيس الوزراء عملا جديا لإقامة المساواة مع شريحة سكانية تعاني من الفقر والتمييز.
لكن يبقى الاقتصاد النقطة السوداء بالنسبة إلى الحكومة. فبعد أن شهد انكماشا في النصف الأول من 2015 تحت حكم المحافظين، شهد اقتصاد البلاد تدهورا إضافيا نتيجة انهيار أسعار النفط، ما أدى بالتالي إلى تفاقم البطالة. وفي هذا السياق اعتبر داف كوناكر، الأستاذ في جامعة أوتاوا، أن «الموازنة المقبلة ستكون محورية» بالنسبة لحكومة ترودو، التي وعدت بإنعاش الاقتصاد عبر نفقات البنى التحتية، وأضاف أنه يتحتم «على الليبراليين أن يثبتوا في الموازنة تصميمهم على معالجة المشاكل التي وعدوا بحلها».
لكن في الوقت الراهن، يستمر «شهر العسل» بين الكنديين ورئيس وزرائهم، حيث ما زالت الأغلبية تؤيده، إذ قال فيرنر انتوايلر، الأستاذ في جامعة بريتش كولومبيا «لا أظن أن الناخبين سيلومون الحكومة على وضع الاقتصاد لأنهم يعون أنه ناتج بشكل أساسي عن عوامل خارجية».
وسيعتمد المواطنون بلا شك حياتهم اليومية وقدرتهم الشرائية كمعايير للحكم على عمل حكومتهم، وهي ناحية يركز عليها ترودو في أحاديثه. كما أنه حتى الآن وفى بوعده أن يحكم بشكل مختلف وبشفافية تامة، ما شكل ابتعادا تاما عن سلفه. وبابتسامته المعهودة يخوض ترودو بلا كلل مساءلات الصحافيين، ويهوى بشكل خاص التواجد وسط الحشد.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.