إنتاج روسيا النفطي يرتفع إلى 10.9 مليون برميل.. الأعلى منذ الحقبة السوفياتية

ليتفوق على الإنتاج السعودي المنافس الأقرب لها

إنتاج روسيا النفطي يرتفع إلى 10.9 مليون برميل.. الأعلى منذ الحقبة السوفياتية
TT

إنتاج روسيا النفطي يرتفع إلى 10.9 مليون برميل.. الأعلى منذ الحقبة السوفياتية

إنتاج روسيا النفطي يرتفع إلى 10.9 مليون برميل.. الأعلى منذ الحقبة السوفياتية

ما يجري في روسيا هذه الأيام يعيد للأذهان المثل العربي: «نسمع جعجعة ولا نرى طحينًا»، فمنذ الخميس الماضي وحتى أمس، تحدث من لا يقلون عن أربعة مسؤولين عن التعاون مع دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ولكن إنتاج البلاد من النفط وصل إلى مستويات قياسية جديدة.
وأعلنت وزارة الطاقة الروسية أمس أن إنتاج روسيا من النفط في يناير (كانون الثاني) الماضي وصل إلى 10.9 مليون برميل يوميًا، وهو مستوى لم تشهده البلاد منذ الحقبة السوفياتية. وتكون روسيا بذلك قد أنتجت نحو 700 ألف برميل يوميًا فوق مستوى إنتاج السعودية أقرب منافس لها. وهذا الفرق بين البلدين يعادل كامل إنتاج دولة قطر من النفط. ورغم الطفرة الشديدة التي يشهدها الإنتاج الروسي، فإنه لا يزال المسؤولون الروس يصرحون بأنهم على استعداد للتعاون لإعادة الاستقرار إلى السوق النفطية وحضور أي اجتماع لـ«أوبك» تتم دعوتهم إليه.
وفي أبوظبي أمس قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي، إن بلاده منفتحة على مزيد من التعاون في سوق النفط مع الدول من داخل «أوبك» وخارجها.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت روسيا منفتحة على فكرة عقد اجتماع بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في «أوبك» لمناقشة تحقيق استقرار أسعار النفط، قال لافروف: «في الموقف الراهن يبدو أن لدينا مصلحة مشتركة في مواصلة العمل في هذا المسعى، ونحن منفتحون على مزيد من التعاون إذا كانت هناك رغبة من الجميع لعقد مثل هذا الاجتماع الذي تحدث عنه أصدقاؤنا الفنزويليون الفعل».
وأضاف: «الفكرة موجودة، وسنكون مستعدين لتنفيذها بكل الأشكال والأبعاد التي يتفق الجميع عليها». وتقود فنزويلا حاليًا تحركات لإقناع المنتجين بعقد اجتماع طارئ لبحث السبل المؤدية لدعم الأسعار. وتدرس منظمة «أوبك» طلبا من فنزويلا التي تعاني ضائقة مالية لعقد اجتماع طارئ.
وتريد حكومة الرئيس نيكولاس مادورو أن يحدث ذلك الاجتماع في فبراير (شباط) الحالي. ويقوم وزير النفط الفنزويلي إيلوخيو ديل بينو حاليًا بزيارة روسيا لإقناعها بالانضمام للاجتماع، ومن المحتمل أن يتوجه بعدها إلى إيران والسعودية وقطر التي تترأس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لـ«أوبك». وقالت وزارة الطاقة الروسية إن وزير الطاقة ألكسندر نوفاك، ووزير النفط الفنزويلي، بحثا احتمال إجراء مشاورات مشتركة بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في «أوبك» في المستقبل القريب.
وأمس قالت شركة «روسنفت»، أكبر منتج للنفط في روسيا، إن رئيسها إيجور ستشين بحث مع وزير النفط الفنزويلي إمكانية بذل جهود مشتركة سعيا لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية.
وتابع البيان أن الاثنين ناقشا التعاون في تسويق النفط في إطار العقود المبرمة بين «روسنفت» وشركة النفط التابعة للدولة في فنزويلا «بي دي في إس إيه».
ولا يزال الموقف غير واضح في روسيا حول نيتها خفض إنتاجها، فتصريحات أركادي دفوركوفيتش، نائب رئيس الوزراء الروسي يوم الجمعة الماضي لم تؤكد عزم الدولة أخذ أي خطوات. وقال إن أسعار النفط المتدنية ستؤدي إلى خفض الاستثمارات، وقد تراجع إنتاج الخام، لكن الدولة لن تتدخل لجلب التوازن إلى السوق. ومما يزيد الغموض قول دفوركوفيتش في الوقت نفسه إن روسيا على اتصال دائم مع منتجي النفط الآخرين، في الوقت الذي ستسعى فيه شركات النفط الروسية وراء مصالحها في ما يتعلق بأسعار الخام المنخفضة.
ويعلق المحلل عبد الصمد العوضي، الذي سبق أن كان ممثل الكويت الوطني في «أوبك» بين عامي 1980 و2001، على التصريحات الروسية قائلاً: «يبدو أن الروس انضموا إلى (أوبك) في التصريحات، بينما على أرض الواقع لا أحد يخفض». وأضاف العوضي: «هذه الأيام الكل يتكلم عن التعاون وعن النية لإعادة الاستقرار للسوق العالمية، ولكن في واقع الأمر لا أحد يقوم بخفض الإنتاج، بل إن الإنتاج في زيادة من (أوبك) ومن بعض المنتجين الكبار خارجها، وتحديدًا روسيا».
وقد لا تؤدي كل هذه التصريحات الروسية إلى نتيجة في النهاية؛ إذ لا تتوقع المصارف الكبرى المؤثرة في سوق النفط مثل «باركليز» و«غولدمان ساكس» أن يكون هناك أي توافق في وجهات النظر بين «أوبك» والروس. ولن يستسلم الروس بسهولة حتى وإن أرسلوا إشارات الأسبوع الماضي حول إمكانية التعاون مع «أوبك».
وحتى وإن تمكنت روسيا من الخضوع لمطالب «أوبك» والمشاركة في تخفيض جماعي، فإن دول «أوبك» لا تزال منقسمة حول خفض الإنتاج، فهناك دول مثل إيران لا تنوي خفض إنتاجها تحت أي ظرف في المرحلة الحالية قبل أن تتمكن من استعادة حصتها السابقة في السوق التي خسرتها خلال الحظر النفطي المفروض عليها منذ عام 2012، والذي تم رفعه في يناير من العام الحالي.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.