«الصحة العالمية» تعقد اجتماعًا طارئًا لتحديد خطورة «زيكا»

توقعات بإصابة الملايين في الأميركتين.. والرياض والقاهرة تتخذان الإجراءات الوقائية

«الصحة العالمية» تعقد اجتماعًا طارئًا لتحديد خطورة «زيكا»
TT

«الصحة العالمية» تعقد اجتماعًا طارئًا لتحديد خطورة «زيكا»

«الصحة العالمية» تعقد اجتماعًا طارئًا لتحديد خطورة «زيكا»

عقد خبراء من منظمة الصحة العالمية اجتماعا طارئا أمس لتحديد ما إذا كان انتشار فيروس «زيكا» الذي يشتبه بأنه يسبب تشوهات خلقية يشكل «حالة طوارئ للصحة العامة في العالم».
وكانت المنظمة حذرت الأسبوع الماضي من أن الفيروس الذي ينتقل بلسع البعوض ينتشر بشكل واسع في الأميركتين وتوقعت إصابة ما بين ثلاثة وأربعة ملايين شخص به في تلك المنطقة هذا العام. وبدأ الاجتماع الذي يجري على شكل مؤتمر هاتفي بين مسؤولين في منظمة الصحة العالمية وممثلين لدول ينتشر فيها الوباء وخبراء، بعد الساعة 12.00 بتوقيت غرينتش. ولا يتوقع أن يعلن المشاركون قراراتهم قبل اليوم.
ويبدو أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة تريد محو ذكرى الانتقادات التي تعرضت لها بعد تحركها الذي اعتبر ضعيفا جدا في مواجهة وباء إيبولا الذي شهدته أفريقيا مؤخرا.
من جانبها، قالت مديرة المنظمة مارغاريتشان إن علاقة الفيروس بزيادة حالات صغر الجمجمة لدى المواليد الجدد موضع «اشتباه» قوي مع أنها لم تثبت بشكل نهائي. كما يعتقد أن زيكا له علاقة باضطراب عصبي يدعى «متلازمة غليان - باري». وينتقل الفيروس زيكا بلسع بعوض يسمى «البعوض النمر». وهو يتسبب بأعراض شبيهة بالإنفلونزا (ارتفاع الحرارة ووجع في الرأس وألم في المفاصل)، لكنه يمكن أن يؤدي لدى الحامل إلى تشوه خلقي لدى الجنين الذي يمكن أن يولد بجمجمة أصغر من الحجم الطبيعي وهو ما يعرف بصغر الرأس.
وكانت البرازيل التي تشهد أوسع انتشار للفيروس، حذرت منذ أكتوبر (تشرين الأول) من الارتفاع غير العادي في عدد المواليد المصابين بصغر الجمجمة في شمال شرقي البلاد.
ومنذ ذلك الحين سجلت 270 إصابة مؤكدة بصغر الجمجمة مع الاشتباه بـ3448 حالة أخرى، مقابل 147 طوال عام 2014.
إلى ذلك، أجازت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف لمسؤولي الصحة دخول ممتلكات خاصة بالقوة إذا لزم الأمر، في محاولة للسيطرة على انتشار الفيروس الذي وصفته الحكومة «بالخطر الوشيك على الصحة العامة». ونشر المرسوم الرئاسي في الجريدة الرسمية أمس، ويسمح لمسؤولي الصحة بالدخول بالقوة إلى ممتلكات عامة وخاصة إذا كانت خالية أو لم يكن ملاكها بداخلها.
ويبحث مسؤولون عن أماكن تكاثر البعوض الذي يمكن أن يحمل الفيروس الذي انتشر بسرعة في البرازيل.
بدورها، أوصت كل من كولومبيا والسلفادور والإكوادور والبرازيل وجامايكا وبورتوريكو النساء بتجنب الحمل قبل السيطرة على وباء زيكا. وفي أوروبا وأميركا الشمالية، جرى تسجيل عشرات الإصابات بالفيروس لدى أشخاص عائدين من عطل أو رحلات عمل إلى الدول التي ينتشر فيها الفيروس. ودعت مديرة المنظمة إلى هذا الاجتماع المغلق لبت ما إذا كان الوباء يجب أن يعتبر «حالة طوارئ للصحة العامة على نطاق دولي».
وفي سياق متصل، أكد وزير الصحة السعودي خالد الفالح أن الوزارة اتخذت الإجراءات الوقائية والاحترازية اللازمة لمواجهة فيروس «زيكا». وقال خلال تدشينه فعاليات إطلاق الأسبوع الخليجي للتوعية بمرض السرطان في قاعة الاجتماعات الكبرى بوزارة الصحة في الرياض: «نشهد اليوم انتشار فيروس يشكل قلقا عالميا، وهو ليس بجديد، ولكن انتشاره نما خلال الأيام الماضية، وهو فيروس زيكا».
وبدورها، نفت وزارة الصحة المصرية وجود فيروس زيكا في مصر، أمس، وأكدت في بيان أن البلاد خالية تماما من هذا الفيروس القاتل، وشددت الوزارة على ضرورة الرجوع إليها فيما يخص المعلومات الصحية المتداولة بخصوص هذا المرض. وأكدت في البيان أنها تتابع تطور انتشار المرض مع منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الهيئات الصحية بالدول التي تعاني من انتشاره، لأنها تحرص على عدم وصوله إلى مصر.
في السياق ذاته أكدت إدارة الحجر الصحي بمطار القاهرة الدولي أنه لا توجد أي حالة اشتباه واحدة أو إصابة لأي راكب قادم إلى مصر حتى الآن بفيروس «زيكا»، مؤكدة قيامها برصد ومراقبة جميع الركاب للحرص على وقايتهم الصحية، حيث يتم الكشف بالأشعة تحت الحمراء على جميع الركاب القادمين بشكل مباشر أو غير مباشر من أميركا اللاتينية. يذكر أن هذا النوع من الاجتماعات نادر ويدل على قلق المنظمة من انتشار للفيروس على المستوى العالمي.
وامتنعت منظمة الصحة العالمية حتى الآن عن إصدار توصيات تتعلق بالسفر إلى المناطق التي ينتشر فيها الفيروس، مشيرة إلى أن أفضل وقاية من المرض هي إزالة المياه الراكدة التي ينتشر فيها البعوض واستخدام مواد تطرد هذه الحشرات أو ناموسيات. ولا علاج حتى الآن للمرض الذي يتسبب به الفيروس بينما تؤكد منظمة الصحة العالمية أن إعداد لقاح يحتاج إلى أكثر من عام.
ويحمل الفيروس اسم غابة تقع في أوغندا، حيث كان علماء يجرون أبحاثا عن الحمى الصفراء لدى القردة. ومع إجراء تحليل لدم القردة عثروا على الفيروس الجديد وسموه زيكا، كما كشفت مقالات نشرت في 1952.
وبعد 70 عاما، ما زال العلم عاجزا عن التوصل إلى لقاح ضد هذا الفيروس أو علاج فعال له، وما زالت السلطات الصحية الأميركية تصفه بأنه «فيروس جديد».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.