سنّة لبنان يشكون «اختلال ميزان العدالة» و«التهميش».. ويحذّرون من دفعهم إلى النموذج العراقي

دعوات للضغط على حزب الله للكفّ عن استخدام أجهزة الدولة ضدهم.. وتخوفات من دفعهم للتطرف

سنّة لبنان يشكون «اختلال ميزان العدالة» و«التهميش».. ويحذّرون من دفعهم إلى النموذج العراقي
TT

سنّة لبنان يشكون «اختلال ميزان العدالة» و«التهميش».. ويحذّرون من دفعهم إلى النموذج العراقي

سنّة لبنان يشكون «اختلال ميزان العدالة» و«التهميش».. ويحذّرون من دفعهم إلى النموذج العراقي

ما يصفه كثرة من اللبنانيين بـ«هيمنة» حزب الله على القرارين السياسي والأمني في لبنان ولّد احتقانا مذهبيا، تنامى بالتوازي مع تراكمات أنتجتها تطورات محلية وإقليمية، وامتدت في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق، على شكل استقطاب سنّي - شيعي، ما كانت الحسابات الإيرانية بعيدة عنه.
ولئن كان احتفاظ حزب الله الشيعي بسلاحه حتى بعد الانسحاب الإسرائيلي من العوامل التي أدت إلى اختلال في ميزان القوى الداخلي، ومن ثم ولادة ما يعتبره كثيرون شعورا بالغبن والاستضعاف في الشارع السنّي اللبناني، فإن نتائج غزو العراق وتداعيات الثورة السورية فاقمت الوضع لدرجة تهدّد بإدخال لبنان في المجهول.
رفع قرار القضاء العسكري اللبناني أخيرا بالإفراج عن الوزير الأسبق ميشال سماحة منسوب النقمة في الشارع السّنّي الذي يعتبر نفسه «مغبونا» حينا و«مغلوبا على أمره» في أحيان أخرى. ذلك أن سماحة كان قد حوكم وأدين في قضية إدخال متفجرات من سوريا إلى لبنان، والتخطيط لقتل نواب ورجال دين ومواطنين من الطائفة السنّية في منطقة عكار (شمال لبنان) خلال تجمّعات شعبية وموائد إفطارات رمضانية.
إلا أن إطلاق سراح سماحة ما كان سوى رأس جبل الجليد من سلسلة تطوّرات قضائية وسياسية، تبدأ من الاستمرار في توقيف من باتوا يُعرفون باسم «السجناء الإسلاميين» في سجن رومية (شرق بيروت)، ولا تنتهي بمشاركة حزب الله اللبناني الفعالة في الحرب السورية ضد قوات المعارضة السورية، التي تحظى بتأييد معظم السّنّة في لبنان. ومن ثم، أدّت التراكمات إلى تحذيرات من أن يقود هذا الشعور بـ«الغُبن» الشباب السّنّة إلى «التطرّف»، على غرار ما حصل في العراق، بحسب ما يقول خبراء ومتابعون لـ«الحركات الإسلامية» والمتشددة في البلاد.
صحيح أن ميشال سماحة خرج من السجن بقرار قضائي، لكن في رأي قسم كبير من الشارع السّنّي الغاضب، فإن «قرارا سياسيا يقف خلف قرار محكمة التمييز العسكرية»، وهو ما عبّرت عنه أيضا عائلات الموقوفين الإسلاميين، الذين يعتبرون أن قرارا سياسيا آخر يقف أيضا وراء الاستمرار في اعتقال أبنائهم الذين تغصّ بهم السجون اللبنانية، وهم موقوفون من دون محاكمة منذ سنوات «ما يتسبّب في اختلال ميزان العدالة»، بحسب توصيفهم. ويرى هؤلاء أن عشرات الشباب المسلم السنّي يتعرّضون للاعتقال لمجرد وشاية أو لأنهم ملتحون، أو لأن بعضهم يُقبَض عليهم وتُلصق بهم تهمة الإرهاب لدخولهم سوريا لأسباب ملتبسة، بينما توضع النياشين على صدور مقاتلي حزب الله الذين تشرّع أمامهم الحدود، ويعبرونها ذهابا وإيابا وهم مدججون بأعتى الأسلحة «وعلى عينك يا دولة»، والتي تقف عاجزة ولا تحرّك ساكنا.
على المقلب الآخر، تبدو قضية سماحة شاهدا على «ازدواجية معايير العدالة»، على حدّ تعبير قسم آخر من السّنّة. ويتساءل هؤلاء كيف لشخص مثل سماحة، المعروف بالتصاقه برأس هرم النظام السوري والذي يشغل منصب مستشار بشار الأسد، وقُبض عليه بالجرم المشهود وهو ينقل 25 عبوة ناسفة ويأمر بتفجيرها وقتل المئات، أن يحكم القضاء العسكري عليه بالسجن أربع سنوات، وتُحصر جريمته بـ«نقل متفجرات»، بينما من تضبط معه سكين من الشباب السّنّي يتهم بالإرهاب ويُزَجّ في السجون من دون دليل، وحتى من دون محاكمة عادلة؟
أمام هذا الواقع، يعبّر مفتي البقاع الشيخ خليل الميس عن أسفه، لأن «المفاهيم اختلّت في لبنان، بحيث إن فئة من اللبنانيين يحكمها القانون، وفئة أخرى تتحكّم بالقانون وهذه قمّة الردّة السياسية». ويرى المفتي الميس أنه «في مفهوم الجمهورية يفترض أن تكون الطائفة للوطن، لا أن يكون الوطن لطائفة معينة». ويعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن لبنان «يعيش أصعب مرحلة في تاريخه، إذ باتت الطائفية تشوّه وجهه الجميل»، متسائلا: «أي مفهوم ذاك الذي يجعل سجوننا تكتظ بالمتهمين من أبنائنا بلا محاكمة، فيما آخرون تثبت إدانتهم ويخرجون تحت ستار المحاكمة؟». وحول مسألة ميشال سماحة يتساءل أيضا: «أي قانون ذاك الذي يبرّئ مجرما ثبتت إدانته على الملأ، فيما هناك المئات أقفلت السجون دونهم باسم القانون؟.. ألا يجب أن نحترم أنفسنا أمام العالم؟».
هذا الواقع، دفع بأحمد الأيوبي، رئيس «هيئة السكينة الإسلامية» والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إلى دقّ ناقوس الخطر حيال ما يشهده لبنان، ومن دفع الشباب السّنّة نحو الكفر بسياسة الدولة. وحذّر الأيوبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من «التوغل الأمني والسياسي الذي يتعرّض له السنة في لبنان، نتيجة إصرار حزب الله على استخدام أجهزة الدولة في مشروعه الأمني في لبنان». ورأى أن «قضية ميشال سماحة ليست قضية أمنية ضد اللبنانيين، بقدر ما هي تشريع لسياسة القتل في القضاء، وتشريع للعمالة للخارج في القضاء».
وهنا يقارن الأيوبي بين التوقيفات بحق أبناء مدينة طرابلس الذين شاركوا في معارك جبل محسن (منطقة علوية) وباب التبانة (منطقة سنية) في شمال لبنان، وبين المتهمين بالضلوع في تفجيرين استهدفا مسجدي «السلام» و«التقوى» في طرابلس في 21 أغسطس (آب) 2014، وأدّيا إلى مقتل 52 مصلّيا وجرح أكثر من 500 آخرين. ويقول «إذا كان (رئيس الحزب العربي الديمقراطي النائب السابق) علي عيد (علوي) ونجله رفعت عيد، مطلوبين للقضاء بجرائم إرهاب نتيجة ضلوعهما في تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس، ومارسا القتل على أهل طرابلس من خلال دورات القتال بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن - وهذا يترتب عليه تجريم هذين الشخصين - ومع ذلك لا يجري توقيفهما، عندها لا تكون هناك أي شرعية قانونية لاعتقال أي شخص من أبناء طرابلس الذين واجهوا الإرهاب المُمارس عليهم».
جدير بالذكر أن قرار إخلاء سبيل ميشال سماحة أثار غضب أهالي الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية الموقوفين منذ سنوات إما من دون محاكمة، أو الذين حُكمت عليهم بعقوبات عالية مقارنة مع التهم المنسوبة إليهم، فعمد الأهالي إلى قطع معظم الطرقات الرئيسية في بيروت والشمال والبقاع وجبل لبنان وأمام مقر المحكمة العسكرية في منطقة المتحف.
ولا تتوقف النقمة عند قضية سماحة، بل تمتد إلى مشاركة حزب الله في القتال في سوريا. إذ يرى قسم كبير في الشارع السنّي أن مواصلة حزب الله القتال في سوريا تعني أن الحزب «مسؤول عن معاناة ملايين السوريين بين مهجّرين من بلادهم، أو قتلى بسلاح الحزب وحلفائه في سوريا، وآخرين يموتون جوعا في حصار المدن والقرى كما يحصل في الزبداني ومضايا ومعضمية الشام وداريا وغيرها».
وفي هذا الشأن، يعتبر المفتي الميس أن «قتال حزب الله في سوريا لا يمكن أن يبرّره دين أو قيم أو أخلاق»، متابعا: «أيعقل أن نقول للمدافع عن وطنه وأرضه وعرضه أنت إرهابي، ونقول للمعتدي أنت صاحب قضية؟ من هنا نقول لحزب الله ما تقوله الآية الكريمة (إن إلى ربك الرجعى)، فلا يمكن للظلم أن يدوم».
وبدوره، يتهم رئيس «هيئة السكينة الإسلامية» القضاء العسكري بـ«استكمال الحصار الأمني والسياسي على الشباب المسلم»، منبّها إلى أن «هذه المعايير تدفع الشباب إلى خيار التطرّف، وها قد بدأنا نخسر جزءا من شبابنا، وأخشى ما نخشاه أن نصل إلى ما وصل إليه سنّة العراق، نتيجة ممارسات إيران وممارسات نوري المالكي، التي أدت إلى هجر السنّة للدولة العراقية».
ويضيف الأيوبي: «أخشى أن يقول لنا شبابنا في يوم من الأيام لا نريد هذه الدولة المرتبطة بمحور الظلم المحيط بلبنان من كل مكان». ثم يشير إلى أن «حزب الله يصرّ على تهجير (رئيس الحكومة الأسبق) سعد الحريري، لذلك نخشى ونأمل ألا نصل إلى يوم يقول فيه السنّة لا نريد هذه الدولة»، مشيرا إلى أن «الفارق بين ما يحصل في لبنان ومحيطه هو أن الذبح غير موجود والحمد لله في بلدنا، لذلك ندعو العقلاء في هذا البلد إلى التكاتف، وأن يضغطوا على حزب الله ليكف عن استخدام أجهزة الدولة ضد فئة من اللبنانيين لقهرهم ودفعهم إلى التطرّف».
أضف إلى ما سبق أن التراكمات ازدادت أخيرا بمبادرة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، بترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، علما بأن الأخير يعتبر من أبرز حلفاء حزب الله. وحول هذا التطور يتوقف المفتي الميس عند تداعيات التحالفات السياسية على الواقع اللبناني، غامزا من قناة ترشيح جعجع لعون للانتخابات الرئاسية، قائلا: «عندما كانت سطوة الفلسطينيين قوية في لبنان، اجتمع المسيحيون بكل طوائفهم واستنجدوا بالعالم كلّه لكي يخرجهم من لبنان، فكيف للمسيحيين اليوم أن يقولوا لإيران تفضلي وادخلي بكل سطوتك إلى لبنان؟». وأعطى الميس أمثلة على ذلك «غياب الأصوات المسيحية في وجه المرشّح صاحب الولاء المطلق لإيران»، مشددا على أن «كل اللبنانيين مدعوون اليوم ليقولوا للإيرانيين نريد وطنا من دون تسلّط خارجي ومن دون سلاح غير سلاح الدولة». وختم بالقول: «هل يعقل أننا دفعنا دماء وشهداء لنخرج القوات السورية، وبعدها نقول لإيران تفضلي»، آسف لأن المسيحيين، والموارنة خصوصا «لم يرفعوا صوتهم بوجه عون».
ولم يخفِ الأيوبي، من جانبه، أن «ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون أخذ منحى طائفيا، لكنه كشف حقيقة أن حزب الله لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية وإنما يريد استمرار الفراغ الرئاسي والفوضى». ولفت إلى أن هذا الترشيح «استطاع أن يكون بمثابة الفيتو الذي عطّل ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية»، مقترحا على الحريري وجعجع أن «يعودا عن مبادرتيهما اللتين استنفدتا دورهما ووصلت إلى طريق مسدود، لأن هذه الترشيحات جاءت على حساب وحدة قوى 14 آذار وعلى حساب الاعتدال في لبنان».



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.