المعارضة السودانية ترفض الحوار.. وتدشن حملة مناوئة للحكومة

المهدي يدعو إلى حكم يكفل الشفافية والعدالة وسيادة القانون

المعارضة السودانية ترفض الحوار.. وتدشن حملة مناوئة للحكومة
TT

المعارضة السودانية ترفض الحوار.. وتدشن حملة مناوئة للحكومة

المعارضة السودانية ترفض الحوار.. وتدشن حملة مناوئة للحكومة

أجمعت قوى المعارضة السودانية المسلحة والمدنية على رفض المشاركة في الحوار، الذي دعا إليه الرئيس عمر البشير، واشترطت الاستجابة لشروطها المتمثلة في قبول الحزب الحاكم بتفكيك ما أسمته «دولة الحزب لصالح دولة الوطن»، وقبول حكومة انتقالية، ووقف الحرب، وإيصال المعونات الإنسانية للضحايا في مناطق النزاعات، ودشنت بالمقابل حملة تعبئة مناوئة للحكم أطلقت عليها «هنا الشعب»، تمهيدًا لانتفاضة شعبية تطيح النظام.
وقال المعارض البارز الصادق المهدي في حديث هاتفي من العاصمة المصرية القاهرة لأنصاره، الذين احتشدوا احتفالاً بذكرى تحرير الخرطوم من قبضة الاستعمار التركي ومقتل الجنرال البريطاني غردون 26 يناير كانون الثاني 1885، إن حزبه (الأمة) يعمل وحلفاؤه في «نداء السودان» على إعداد ميثاق وطني يضم ما أسماها قوى المستقبل كافة، موضحًا أن الميثاق المعارض يدعو لإقامة نظام حكم جديد، يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، وتبني خريطة طريق تقوم على حوار بكل استحقاقاته مدعومًا أفريقيًا ودوليًا، يبدأ بملتقى تحضيري خارج البلاد لتوفير عوامل بناء الثقة، لينتقل إلى داخل البلاد للوصول إلى تحول ديمقراطي كامل على نمط تجربة جنوب أفريقا (كوديسا).
وقطع المهدي بأن حزبه والتحالف المعارض سيعملون على التعبئة لإسقاط نظام الحكم، وفق ما أطلق عليه حملة «هنا الشعب» لإسقاط النظام بانتفاضة شعبية سلمية، وقال بهذا الخصوص إن «الموقف هو أن تجني البلاد إحدى الحسنين نتيجة الحوار المجدي، أو الانتفاضة السلمية».
وتعهد المهدي ببناء حكم يكفل المشاركة والمساءلة والشفافية والعدالة وسيادة حكم القانون، ويحقق التوازن الذي يعترف بالتنوع الثقافي في البلاد، ويبني تمييزًا إيجابيًا للمناطق التي لم تنل نصيبها العادل من التنمية والخدمات. كما دعا المهدي إلى دراسة آثار انفصال جنوب السودان على الأوضاع في البلدين، وتقييم التجربة بعد ثلاث سنوات من حدوثه، وبحث الصلة الخاصة المطلوبة بين شعبي الدولتين، ومراجعة القرارات التي اتخذت، لتقديم دراسة يعدها خبراء من البلدين لصانعي القرار السياسي.
من جهته، قال فاروق أبو عيسى، رئيس الهيئة العامة لتحالف قوى الإجماع الوطني وعضو اللجنة التأسيسية لتحالف قوى نداء السودان، في كلمته بمناسبة تدشين حملة «هنا الشعب»، إن المعارضة أقفلت باب الحوار غير المنتج مع الحكومة، بينما أكد الأمين العام للحركة الشعبية - الشمال هاتفيًا من خارج البلاد لمحتفلين بذكرى الاستقلال السوداني الأول، إن نظام الحكم متهالك ومحاصر بقضايا الاقتصاد، وفشل التفاوض مع الحركات المسلحة، وفشل الحوار الذي دعا له بالخرطوم، وقطع برفض حركته الاتفاق مع النظام على أية حلول جزئية. وأضاف في معرض حديثه عن حملة «هنا الشعب» أنه «يجب أن تأخذ هذه الحملة في أولوياتها قضايا السدود والأراضي في المدن والريف»، وأن تتحول لحملة عاتية مانعة، تشمل كل أنحاء البلاد، لتسهم في تخليص الشعب من حكم الإسلاميين.
من جهته، قال جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة السودانية المسلحة، هاتفيًا إن السودانيين ورغم ما يعانونه مما أسماه «الجوع والمرض من قبل طواغيت»، ورغم ما تسقطه طائرات النظام من «حمم» على المدنيين الأبرياء والأطفال والنساء والشيوخ في «جنوب كردفان، النيل الأزرق، دارفور»، فإنه قادر على كسر قيده، واعتبر تدشين حملة «هنا الشعب» بداية لنهاية ما أسماه النظام الشمولي.
من جانبها، قالت الأمينة العامة لحزب الأمة القومي، سارة نقد الله، إن حزبها درج على الاحتفال بذكرى انتصار الثورة المهدية، وفتح الخرطوم لاستلهام الدروس والعبر، ولشحذ الهمم من أجل بداية زحف جديد لتحقيق معاني التحرير للمرة الثالثة من أيدي من أسمتهم «الطغاة والشموليين».
ودعت نقد الله إلى استصحاب ذكرى معركة فتح الخرطوم فيما أسمته بـ«معركة التحرير الثالثة»، المستندة على الإرادة الجماهيرية. وقالت إن «التغيير يبدأ بخطوة، وتتعاظم أدواته وصولاً لانتفاضة عارمة»، ونوهت بأن حملة «هنا الشعب» التي دشنها حزبها، وتوافقت عليها قوى المعارضة، تهدف لإيقاف الحرب وصناعة السلام العادل، كما تعهدت بأن تنتظم الحملة في ولايات السودان كافة، بتنسيق كامل مع قوى المعارضة في «نداء السودان»، مؤكدة ما أسمته «سقوط كل الادعاءات الزائفة التي روج لها النظام في حواره الكاذب، وبدأ يؤسس إلى مرحلة جديدة من القهر والتعسف بسن وفرض قوانين البطش، والإذلال للشعب بتعديل القانون الجنائي 1991، وتوسيع رقعة الحرب في دارفور، وإطلاق يد قواته، واستخدام القصف الجوي على المدنيين في جنوب كردفان والنيل الأزرق وجبل مرة، وشن حرب شعواء على حرية التعبير والنشر والرأي»، حسب تعبيرها.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.