حزب الله يتقدم باتجاه مركز مضايا و«النصرة» تستعرض عسكريًا في حلب

مقتل 471 مدنيًا سوريًا بغارات روسية خلال شهر واحد

حزب الله يتقدم باتجاه مركز مضايا و«النصرة» تستعرض عسكريًا في حلب
TT

حزب الله يتقدم باتجاه مركز مضايا و«النصرة» تستعرض عسكريًا في حلب

حزب الله يتقدم باتجاه مركز مضايا و«النصرة» تستعرض عسكريًا في حلب

من دون سابق إنذار قرر حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري، يوم أمس (الأربعاء)، التقدم باتجاه مركز بلدة مضايا الواقعة في الريف الغربي للعاصمة السورية دمشق. ولم تنجح فصائل المعارضة بصد هذا التقدم، بعدما باعت بمعظمها أسلحتها مقابل تأمين الطعام للعائلات المحاصرة التي تعاني حاليا إلى جانب الجوع من الصقيع بسبب التدني الكبير بدرجات الحرارة وغياب مواد التدفئة.
ومن جهة ثانية، وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 471 مواطنًا مدنيًا جراء غارات نفذتها طائرات حربية روسية، استهدفت عدة محافظات سورية منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي.
الناشط المعارض في مضايا محمد الشامي أبلغ «الشرق الأوسط» أن عناصر الحزب تسللوا من ثلاثة محاور، هي: مدخل البلدة، ومحور البلدية، ومحور نبع بقين، وذكر أنهم يتمركزون حاليًا عند المدخل، وبالتحديد عند القصر البديري. وأوضح الشامي أن حزب الله «وجّه إنذارًا مفاجئًا للأهالي مطالبًا إياهم بالإخلاء الفوري فهجّر 15 عائلة»، وأردف الناشط أنه «لم يلقَ إلا مقاومة عشوائية وخجولة من أفراد هذه العائلات، خصوصا أن معظم الثوار باعوا سلاحهم مقابل الطعام ولم يعودوا يمتلكون إلا أسلحة صيد وأسلحة بدائية».
كذلك أشار الشامي إلى أن التطورات الأخيرة «أصابت أهالي مضايا بحالة من الهلع، خصوصا أن عناصر الحزب أصبحوا على مقربة من مركز البلدة ولا يبتعدون عنه إلا نحو 800 متر، وثمة مخاوف من جريمة إبادة ترتكب بداخلها نظرا لكم الاستياء لدى الحزب نتيجة الحرج الذي أصيب به أمام العالم أجمع، الذي رأى صور أطفالنا يموتون جوعا». وتابع الشامي: «وما يزيد من مخاوفنا عدم وجود قوة عسكرية حقيقية على الأرض ترد أي هجوم مقبل، علما بأن عناصر حركة أحرار الشام هم الأكثر وجودا داخل مضايا».
أما في شمال سوريا، فتنشط استعدادات فصائل المعارضة لصد هجوم مرتقب لقوات النظام والمجموعات المقاتلة التابعة لها. وفي هذا الإطار، أعلنت «الجبهة الشامية» أكبر فصائل المعارضة في مدينة حلب وكتائب «ثوار الشام» العاملة في المدينة، يوم أمس، عن اندماج جميع مكاتبهم تحت مسمى «الجبهة الشامية»، وذلك في بيان تم نشره على الصفحة الرسمية لكل منهما. وأفاد مدير المكتب الإعلامي في «الجبهة الشامية» هيثم أبو حمو «مكتب أخبار سوريا»، بأنَّ الجبهة الشامية العاملة في محافظة حلب، وبقيادة محمد لامع الحركوش، أعلنت عن اندماج جميع مكاتبها العسكرية والسياسية والإدارية تحت مسمى «الجبهة الشامية»، «في ظل الهجمة الشرسة التي تشهدها حلب من الميليشيات الأجنبية التي تساند القوات النظامية». وأشار إلى أن تعداد عناصر الجبهة بعد هذا الاندماج وصل إلى عشرة آلاف مقاتل، «هدفهم الوحيد هو محاربة القوات النظامية على جبهات حلب المدينة وريفيها الشمالي والجنوبي، وتنظيم داعش على جبهات ريف حلب الشمالي».
يذكر أن «الجبهة الشامية» تشكلت في ديسمبر (كانون الأول) 2014 بعد اندماج عدد من الفصائل العسكرية المعارضة العاملة في محافظة حلب، أهمها «حركة نور الدين زنكي» و«جيش المجاهدين» و«جبهة الأصالة والتنمية»، لتعلن بعض فصائلها، بعد عدة أشهر، عن تركها للجبهة والعودة إلى القتال بشكل مستقل.
بدورها، عززت «جبهة النصرة» وجودها العسكري في مدينة حلب وريفها الغربي في شمال سوريا، مستحدثة مراكز جديدة بعدما جابت نحو مئتي آلية تابعة لها شوارع المدينة، وفق ما أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وشريط فيديو للجبهة. وذكر «المرصد» أن الجبهة استحدثت «نقاطا جديدة» في أحياء عدة في المدينة ومحيطها، مشيرا إلى «دخول رتل ضخم قبل يومين مؤلف من نحو مئتي آلية محملة بعناصر من (جبهة النصرة) مدججين بالسلاح الكامل» إلى المنطقة. كذلك نشر «مراسل حلب» في شبكة «المنارة البيضاء» الإعلامية التابعة لـ«جبهة النصرة» شريط فيديو على شبكة الإنترنت يظهر عشرات السيارات الرباعية الدفع والحافلات الصغيرة التي تقل عشرات العناصر الذين يرتدي بعضهم لباسا عسكريا ويرفعون الرايات السوداء. وتجوب السيارات شوارع رئيسية، بحسب ما يظهر الفيديو الذي حمل عنوان «جبهة النصرة أرتال المجاهدين تتوجه لتعزيز جبهات حلب».
قال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)، إن «الرتل جاب شوارع وأحياء في مدينة حلب.. والاستعراض العسكري في مدينة حلب تزامن مع استحداث (جبهة النصرة) مراكز جديدة لها لم تكن موجودة سابقًا، وتحديدا في حي الفردوس بشكل أساسي، وكذلك حيي الكلاسة وطريق الباب، بالإضافة إلى تعزيز نقاط وجودها في بعض الأحياء». وبحسب عبد الرحمن، قدم الرتل «من الريف الشمالي الغربي لحلب آتيا من محافظة إدلب التي تسيطر عليها «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية منضوية في إطار «جيش الفتح» منذ الصيف الماضي. ورجّح أن يكون «الاستعراض مقدمة لاستلام جبهة النصرة جبهات القتال في حلب، استعدادا لقيادة المعارك فيها في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل ضعف الفصائل المقاتلة في المنطقة، وأبرزها حركة نور الدين زنكي».
وفي الجنوب السوري، كثّفت قوات النظام قصفها بالطائرات الحربية وراجمات الصواريخ للطرق المحيطة بمدينة الشيخ مسكين الخاضعة لسيطرتها بريف محافظة درعا الشمالي، وأبرزها تلك المؤدية إلى بلدة إبطع ومدينة نوى الخاضعتين لسيطرة المعارضة، وذلك تمهيدًا للتقدم نحوها وتأمين محيط المدينة. ويأتي ذلك بعد يومين من سيطرة قوات النظام على جميع أجزاء مدينة الشيخ مسكين وقطع طُرق إمداد المعارضة في محيطها، وذلك بعد انسحاب مقاتلي المعارضة من الحي الجنوبي الغربي من المدينة تحت وطأة القصف المكثف بالطيران النظامي وراجمات الصواريخ على الحي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.