تشير كل الوقائع والمعطيات إلى أن جلسة البرلمان اللبناني المقررة في 8 فبراير (شباط) المقبل، المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، لن تختلف عن 34 جلسة من سابقاتها فشلت في ملء الشغور الرئاسي اللبناني المستمر منذ نحو عامين، على الرغم من إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تأييده ترشيح خصمه رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون للرئاسة.
لكن هذا التوافق الذي أدى إلى حصر معركة الرئاسة بين الحليفين، عون، ورئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجية، المدعوم من رئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، أدى إلى المزيد من الانقسام وتصدّع التحالفات التي ستسهم في إطالة أمد الفراغ في موقع الرئاسة. وقد أظهرت مواقف أحزاب فريق 14 آذار، بعد يومين من إعلان الترشيح، رفضها القبول بمبادرة «عون – جعجع» الرئاسية، تاركة حليفها وحيدا.
وبينما يتولى المسؤولون في «التيار الوطني الحر» مهمة الترويج للمبادرة في لقاءات يعقدونها مع الأحزاب اللبنانية، في ظل اتباع حليفه حزب الله وحركة أمل، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، سياسة الصمت حتى الساعة، يبدو أن انفتاح «القوات اللبنانية» على خصمه التاريخي سيترك تداعياته بشكل كبير على علاقته مع حليفها السنّي تيار المستقبل، الذي قرّر المواجهة من خلال المضي قدما في دعم ترشيح فرنجية، وهو الأمر الذي لم يختلف كثيرا في موقف حليفها المسيحي أيضا في «14 آذار» حزب الكتائب، الذي قرّر الوقوف على الحياد، رافضا التصويت لأي من الخصمين.
وقد كشفت أوساط مواكبة لـ«وكالة الأنباء المركزية» أن «الكتائب» ليس في وارد انتخاب رئيس من فريق 8 آذار إلا في حال قدم ضمانات علنية تتصل بالتزام مشروع سياسي وطني من ضمن مبادئ وثوابت «ثورة الأرز»، أقلها التزام «تحييد لبنان» الذي يشكل «إعلان بعبدا» وسياسة النأي بالنفس الحكومية امتدادا له. وأشارت الأوساط إلى أن نواب «الكتائب» سيؤمنون النصاب للجلسة الانتخابية الرئاسية في المقبلة في 8 فبراير، لكنهم سيصوتون بورقة بيضاء، لافتة إلى أن الجميل أبلغ هذا الموقف إلى كل القوى السياسية.
مواقف الحلفاء هذه يضعها «القوات» في خانة «الحق الديمقراطي»، حيث أكد عبر مصادره، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاختلاف بين الحلفاء لا يفسد في الودّ قضية، وسنستمرّ في جهودنا لإقناعهم بخيارنا». وأضافت المصادر: «الاستياء قد يكون على المستوى الشعبي، على غرار ما حصل عندما أيّد (المستقبل) ترشيح فرنجية، من دون أن ينسحب على القيادات، وهذا أمر يبقى علاجه سهلا».
مع العلم بأن وزير الاتصالات، بطرس حرب، إحدى أبرز شخصيات فريق 14 آذار، أعلن كذلك تأييده لفرنجية إذا كان عليه الاختيار بينه وبين عون، وقال بعد لقائه مع رئيس حزب الكتائب سامي الجميل: «أنا أتمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية وبالخضوع لنتائجها». وأضاف: «لا نقبل بأن تتم رئاسة الجمهورية كعملية ابتزاز سياسي».
وبعدما كانت معلومات قد أشارت إلى أنّ بري سيترك الحرية لكتلته النيابية إذا انعقدت جلسة انتخابات الرئيس في 8 فبراير (شباط) المقبل، أكّد النائب في كتلته، ميشال موسى، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار النهائي لم يتّخذ لغاية الآن، ولا يزال بري بانتظار مواقف الأفرقاء اللبنانيين كافة ليبني على الشيء مقتضاه»، مشيرا إلى أنّ كتلة «التنمية والتحرير» ستعلن موقفها الرسمي في اجتماعها المقبل. ويوم أمس نقل النواب عن بري ترحيبه باللقاء الذي جمع عون وجعجع «إلا أنه ليس كافيا لانتخاب رئيس»، موضحا أنّ «موقفه في هذا الإطار سيصدر في النهاية بعد سلسلة مشاورات».
وقالت مصادر في قوى «8 آذار»، لـ«الشرق الأوسط»، إن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري يعني أنه لا انتخاب لعون، أو لأي رئيس في المستقبل المنظور. واعتبرت المصادر أن عون أجهض ترشيح فرنجية، و«المستقبل» أجهض ترشيح عون. وأشارت المصادر إلى أن ما حصل هو تسجيل نقاط من قبل عون و«القوات»، لكن هذا لا يبدو كافيا حتى اللحظة لانتخاب رئيس، مؤكدة أن حزب الله ملتزم بالتصويت لعون في الانتخابات ودعم وصوله إلى منصب الرئاسة كما تعهد سابقا، وهو لا يزال عند تعهده.
وعاد تيار المستقبل، وأكّد يوم أمس، على لسان النائب أحمد فتفت، أن «الحريري مستمر في دعم فرنجية حتى النهاية في موضوع رئاسة الجمهورية»، موضحا أنه «ما دام رئيس تيار المردة مستمرا فإن الحريري لن يغير موقفه بأي شكل من الأشكال، وهذا ما تم إبلاغه إلى فرنجية وإلى كل القيادات».
وقال فتفت في حديث تلفزيوني: «لم يأخذ حزب الله في أي مرة بالاعتبار التوازنات الداخلية لأنه يعتبر أنه يملك فائض قوة كافيا ليحاول فرض ما يريد»، مضيفا «نحن مع أي مصالحة في لبنان، إنما توصيل عون إلى رئاسة الجمهورية يعطي انطباعا بأنه توجد انعطافة إيرانية بكل السياسة اللبنانية».
وأكّد: «لسنا مع قطع الاتصال مع أي طرف سياسي، كل يتخذ خياراته السياسية في مراحل سياسية معينة، إلا أننا لسنا في حال عداء وقطيعة مع (القوات اللبنانية) بأي شكل من الأشكال».
وكان وزير الخارجية جبران باسيل قد زار يوم أمس، والنائب إبراهيم كنعان رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميل. وقال باسيل بعد اللقاء: «من الطبيعي أن نقوم بهذه الزيارة لنحاول أن نستكمل معا مشهد الوحدة الذي شاهده اللبنانيون منذ يومين، وهذا المنطلق الأساسي لإعادة التوازن في البلد، ولإعادة الوحدة على المستوى المسيحي مما يؤسس للوحدة الوطنية ويسهلها». وأضاف: «لا أحد مستعجل لحرق أي مرحلة وصولا إلى تكوين الاقتناعات اللازمة على المستوى المسيحي والوطني لنصل إلى هذا الهدف».
لبنان: «14 آذار» ترفض عون للرئاسة وتترك جعجع وحيدًا
مصادر: لا عون ولا سواه سيكون رئيسًا على المدى المنظور
لبنان: «14 آذار» ترفض عون للرئاسة وتترك جعجع وحيدًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة