هيئات حكومية في إيران تستولي على كنيسة لتحويلها إلى حسينية

ممثل الآشوريين في البرلمان: تمييز طائفي وقيود قانونية على الأقليات

جانب من قداس رأس السنة في كنيسة سانت سركيس في طهران (غيتي)
جانب من قداس رأس السنة في كنيسة سانت سركيس في طهران (غيتي)
TT

هيئات حكومية في إيران تستولي على كنيسة لتحويلها إلى حسينية

جانب من قداس رأس السنة في كنيسة سانت سركيس في طهران (غيتي)
جانب من قداس رأس السنة في كنيسة سانت سركيس في طهران (غيتي)

استولت الهيئات الحكومية الدينية في العاصمة الإيرانية طهران على كنيسة تابعة للأقلية الآشورية في البلاد، وذلك بحجة إقامة وبناء حسينية. ووصف ممثل الطائفة الآشورية في البرلمان يوناتن بت كليا الحادثة، واصفا إياها بـ«اغتصاب الأماكن» التي تملكها أقلية الآشوريين في إيران.
وانتقد ممثل الآشوريين في البرلمان تصرفات الهيئات الحكومية الدينية تجاه طائفته، مسلطا الضوء على معاناتها والتمييز والقيود القانونية المفروضة عليهم إلى جانب الأقليات الدينية الأخرى كالمسيحيين والمندائيين، وذلك في خطاب له أمام البرلمان الأسبوع الماضي بمناسبة العام الميلادي الجديد. وهدد يوناتن بت باللجوء إلى القضاء، متسائلا: «ما فائدة وجودنا في برلمان يعتبرنا كفارا؟». وأضاف بت بقوله: «هيئات دينية (اغتصبت) أرض كنيسة السريان كاثوليك منذ عامین في وسط طهران بصورة غير قانونية. والجهة الدينية ترفض مغادرة المكان. كما أن احتجاج الأقلية لدى كبار المسؤولين لم يسفر عن أي نتائج ردا على مطالب الأقلية الآشورية. ووفقا للنصوص الفقهية الصريحة فإن العبادة في الأرض المغتصبة باطلة وليست مقبولة».
وكشف بت كليا، في حوار مع صحيفة «شرق» الإيرانية أمس الأربعاء، أنه التقى مساعد الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات والقوميات، علي يونسي، للمطالبة بإعادة الأرض إلى الآشوريين، منتقدا رد يونسي الذي أخبره بأنه لا يمكنه التدخل في حل الموضوع. وأضاف: «مثير للاستغراب أنه رغم كل المتابعات فما زال هؤلاء الأفراد باسم الهيئات الدينية يستمرون في تصرفات غير قانونية وغير شرعية، وتسيء تلك الجهات الدينية للأجهزة الرسمية والحكومية والأقلية المسيحية».
يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه مساعد الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات والقوميات علي يونسي، الاثنين الماضي، أن «المجموعات المتطرفة من أي قوم أو طائفة أو دين عدوة لإيران». واتهم يونسي «أعداء إيران» بمحاولة تصدير الخلافات إلى إيران وإشاعتها بين أتباع الأديان وقيادات الطوائف الدينية، والتفرقة بين الشيعة والسنة واليهود والمسيحيين.
من جانب آخر، انتقد ممثل الطائفة الآشورية، في خطابه البرلماني، الرئيس الإيراني حسن روحاني، بسبب التمييز والقيود في توظيف أتباع الأقليات الدينية في الأجهزة الحكومية وإقصاء كفاءاتهم من مناصب عسكرية وأمنية ورئاسة الإدارات والجهاز الدبلوماسي.
وتطرق بت كليا إلى اعتراف القانون الأساسي والمدني الإيراني بالمسيحيين والأقليات الدينية الأخرى، منتقدا التمييز في القصاص والوراثة في المادة 881، التي تنص على أن الكافر لا يرث من المسلم، وإذا كان بين ورثة الكافر مسلم فإنه يرث أموال الكافر. كما اشتكى من استغلال المادة القانونية في القضاء الإيراني. وأضاف: «منذ سنوات نشاهد في بعض الأسر من الأقليات الدينية أن أحد الأبناء الذي أعلن إسلامه يسيطر على كامل الإرث بينما يحرم إخوته منه وفقا للمادة 881، في الوقت الذي لا يؤمن فيه أكثر هؤلاء بالإسلام، ويستغلون المادة فقط من أجل السيطرة على الميراث».
ويخصص البرلمان الإيراني خمسة كراسي للأقليات، لكنهم يشتكون من تجاهل مطالبهم من قبل البرلمان والحكومة الإيرانية. وفي هذا السياق ذكر بت كليا أن ممثلي الأقليات يطالبون دائما بإعادة النظر في المادة الدستورية الإيرانية التي تنتهك حقوقهم، مشيرا إلى أن البرلمان يتجاهل مشروع قرار رفعه ممثلو الأقليات منذ 12 عاما لتغيير المادة على الرغم من دعمها من قبل 198 برلمانيا في المرة الأولى.
وفي هذا السياق، قال بت كليا، في حواره مع صحيفة «شرق» الإيرانية، إن ممثلي الأقليات الدينية التقوا عددا من المراجع في قم، لكن لم يتلقوا ردا على مطالبهم. بينما ذكر أن ممثل المرجع الشيعي علي السيستاني في إيران، جواد الشهرستانی، شدد على وجوب إعفاء الأقليات المعترف بها رسميا من المادة 881، وأن السيستاني وعد بإصدار فتوى بهذا الخصوص، لكنه «لم يفعل ذلك حتى اللحظة».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.