صفحات سوداء في تاريخ إيران الحقوقي

العام الماضي شهد إعدام 1000 مواطن واعتقال 65 صحافيًا

شرطي ايراني يضع حبل المشنقة حول رقبة شاب قبيل إعدامه في طهران (غيتي)
شرطي ايراني يضع حبل المشنقة حول رقبة شاب قبيل إعدامه في طهران (غيتي)
TT

صفحات سوداء في تاريخ إيران الحقوقي

شرطي ايراني يضع حبل المشنقة حول رقبة شاب قبيل إعدامه في طهران (غيتي)
شرطي ايراني يضع حبل المشنقة حول رقبة شاب قبيل إعدامه في طهران (غيتي)

منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979 ويحظى التاريخ الإيراني بصفحات سوداء لانتهاكات حقوق الإنسان، أبرزها الإعدامات بحق سجناء الرأي والعقيدة، ما جعلها تتربع على عرش الدول الأكثر إعداما لمواطنيها خلال الأعوام الماضية، بينما زاد عدد سجناء الرأي منذ تولي الرئيس الإيراني حسن روحاني الحكم عام 2013 عن 65 صحافيا.
ويرى مراقبون أن سيطرة التيار المحافظ المتشدد التابع للمرشد علي خامنئي على الأجهزة الأمنية والقضائية يزيد من حالات الإعدام والاعتقالات داخل البلاد، بينما لا يتمتع روحاني بالصلاحيات الكافية للتقليل من حدة الأحكام الصادرة، وهو ما يفسر عدم تنفيذ وعوده بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم زعيم الحركة الخضراء مير حسين موسوي ومهدي كروبي حتى الآن.
ولعل أبرز حالات الإعدام التي قوبلت بانتقاد عربي ودولي منذ تولي روحاني، إعدام الفتاة الإيرانية ريحانة جباري (26 عاما)، التي أدينت بقتل مسؤول سابق في الاستخبارات الإيرانية أكدت أنه اعتدى عليها جنسيا، وعلقت والدتها على الحكم في تصريحات صحافية قائلة: «قلنا الحقيقة والحكم ذبحنا»، في إشارة إلى عدم وجود العدالة في القضاء الإيراني.
الأمر لا يقتصر على الدفاع عن رجال الثورة الإيرانية ورجالها، خلال عام 2014 أصدر القضاء الإيراني الحكم بإعدام 27 داعية سنيا في منطقة الأحواز (جنوب غرب)، بحسب مصادر أحوازية لـ«الشرق الأوسط».
وقالت منظمة الأمم المتحدة إن حالات الإعدام في إيران بلغت في نهاية 2015 أكثر من 1000 حالة، ما يفوق عدد حالات الإعدام التي نفّذتها السلطات الإيرانية في عام 2014 بأكمله، بحسب تقرير أصدرته في نوفمبر (تشرين الثاني)، اعترفت إيران رسميا بتنفيذ 246 منها فقط، بينما في 2014 أعدمت إيران 753 شخصا بتهم الخيانة ومعارضة نظام الجمهورية الإسلامية.
وارتفعت أحكام الإعدام في إيران، خلال عام 2015، وبلغت 3 حالات يوميًا، بحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية في مايو (أيار) 2015، بينما وثقت منظمات حقوقية منتصف العام الماضي مظاهرات احتجاجية عندما شهدت مدينة مهاباد الإيرانية ذات الأغلبية الكردية، محاولة موظف حكومي إيراني الاعتداء جنسيًا على فتاة كردية انتحرت هربًا منه.
وأوضح مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في إيران أحمد شهيد أنه تم تنفيذ حكم الإعدام بالفعل في نحو 700 شخص في إيران في العام الحالي، حتى منتصف العام، ومن المحتمل أن تكون الجمهورية الإيرانية «في طريقها إلى تجاوز الألف بحلول نهاية العام».
ونشرت منظمة «مراسلون بلا حدود» تقريرا لها حول وضع الصحافيين والمدونين المسجونين في إيران بعد مرور عام على تولي حسن روحاني رئاسة إيران، وذكرت المنظمة في تقريرها أن هناك ما يزيد على 65 صحافيا ومدونا يقبعون في السجون، من بينهم 10 صحافيات و3 صحافيين أميركيين، وبهذا سجلت إيران رقما قياسيا في ارتفاع عدد الصحافيين المسجونين خلال العام الماضي، حيث تعد الدولة الخامسة على مستوى العالم في اعتقال الصحافيين. ومنذ الانتخابات الرئاسية في عام 2009 تم اعتقال ما يقرب من 300 صحافي، أجبر كثير منهم على العيش في المنفى. وتفيد تقارير إيرانية معارضة بأن ثلاثة سجناء في العنابر 5 و6 و7 في السجن المركزي لزاهدان لقوا مصرعهم أيام الأحد والاثنين والثلاثاء 27 و28 و29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي إثر التعذيب الوحشي.
وناشدت المقاومة الإيرانية في بيان لها إنقاذ حياة افشين بايماني وارجنك داودي (62 عاما)، وهما من السجناء السياسيين في سجن كوهردشت بمدينة كرج، بعد أن أضربا عن الطعام داخل السجون، بينما يقضي السجين السني عمر فقيه بور الحبس في سجن كوهردشت منذ 15 عاما دون إجازة ولقاء حضوري. وفي الوقت الذي تشهد إيران زيادة ملحوظة في معدل الاتجار بالأطفال، ورغم الانتقادات الغربية لتلك الظاهرة وتفشيها في البلاد، وهجوم الإعلام الإيراني على الحكومة للحد منها، إلا أن نظام روحاني يقف مكتوف الأيدي دون رادع.وتعترف الحكومة الإيرانية بتفشي تلك الظاهرة في البلاد نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر والفساد الاجتماعي في البلاد، بينما يرى مراقبون أن العصابات في إيران يستفيدون من وراء هذه الأطفال في مجالات عدة، أبرزها التسول وتجارة المخدرات.
وقالت رئيس اللجنة الاجتماعية بالبرلمان الإيراني عن مدينة طهران، فاطمة دانشور، في تصريحات لها: «للأسف التقارير تشير إلى أن فتيات الليل وبائعات الهوى بعد عملية الولادة في بعض المستشفيات في الجنوب ومركز المدينة يبيعون الطفل بمقابل 200 ألف تومان (6.69 دولار)»، إلا أنها أضافت: «الأطفال مصابون بالإيدز، وشراؤهم وبيعهم ليس مسؤولية مسؤولي المستشفيات».
وانتقدت صحيفة «شرق» تفشي تلك الظاهرة وسط صمت الحكومة الإيرانية، ووصفت الصحيفة في تقرير لها الشهر الماضي عملية الشراء والبيع بالأسرع، حيث لا يستغرق شراء طفل سوى 5 دقائق.
ويقع أكثر من 30 مليون إيراني تحت خط الفقر من إجمالي 80 مليونا، بينما نفى نائب الشؤون السياسية والاجتماعية لمحافظ طهران، سيد شهاب الدين جاوشي، انتشار تلك الظاهرة، إلا أنه عاد وحمل مسؤوليتها للأجهزة المعنية، بحسب ما نقلته صحيفة «شرق» الإصلاحية.
وجاء في تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي حول الاتجار بالبشر في العالم وجود زيادة ملحوظة شهدتها إيران خلال السنوات الأخيرة في حالات الاتجار بالبشر، والعمالة القسرية، والدعارة، خلال عام 2015.
وكانت صحيفة «اعتماد» الإيرانية نشرت العام الماضي تقريرا حول ظاهرة الاتجار بالأطفال في البلاد، والتقت الصحيفة بعائلة في حي «دوازده غار» شرق العاصمة طهران. ويشير التقرير إلى أن سعر الطفل يتراوح بين 120 دولارا تدفع للأبوين فقط إلى 2425 دولارا يحصل عليها السمسار.
ووفقا لتقرير الخارجية الأميركية فإن جماعات الجريمة المنظمة تقوم باستغلال النساء والفتيات والفتيان الإيرانيين في تجارة الجنس داخل إيران وخارجها، والاتجار بأطفالهم واستخدامهم في حالات التسول والسرقة والعمل في ورش عمل صغيرة.
وأضاف التقرير أن الحكومة الإيرانية لا تلتزم بشكل كامل بالحد الأدنى من معايير القضاء على الاتجار بالبشر، ولا تبذل مجهودًا كبيرًا لفعل ذلك، ولا تنشر معلومات عن جهودها لمكافحة تلك التجارة، ولا تعمل على تطوير الشفافية في ما يتعلق بسياساتها وفعالياتها المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر.



إصابة إسرائيلي برصاص الجيش للاشتباه بمحاولته تنفيذ هجوم طعن في الضفة

جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
TT

إصابة إسرائيلي برصاص الجيش للاشتباه بمحاولته تنفيذ هجوم طعن في الضفة

جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)

أُصيب رجل إسرائيلي في العشرينات من عمره، يعاني اضطرابات نفسية، بجروح خطيرة، صباح اليوم الاثنين، بعدما أُطلق عليه النار للاشتباه بمحاولته تنفيذ هجوم طعن قرب محطة وقود خارج مستوطنة «كدوميم» شمال الضفة الغربية، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي.

وذكر الجيش أن الرجل اقترب من قواته وهو يحمل سكيناً، فأُطلق عليه النار من قِبل جندي ومدني مسلَّح. وجرى نقله إلى مستشفى «مئير» في كفار سابا، حيث وُصفت حالته بالخطيرة.

كانت تقارير أولية قد أفادت بأن المشتبَه به مُهاجم فلسطيني، إلا أن تحقيقاً أولياً أكّد لاحقاً أنه مواطن إسرائيلي.

ووقع الحادث قرب مدخل مستوطنة «كدوميم»، ما أدى إلى إغلاق البوابة الرئيسية للمستوطنة لفترة وجيزة. ووصلت قوات الأمن إلى المكان، في حين لا تزال ملابسات إطلاق النار قيد التحقيق.


طهران تعقد اجتماعاً يناقش تطورات أفغانستان بغياب كابل

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
TT

طهران تعقد اجتماعاً يناقش تطورات أفغانستان بغياب كابل

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الاستقرار في أفغانستان لن يتحقق عبر «وصفات مستوردة» أو «قرارات عابرة للأقاليم»، مشدداً على أن «الجيران الحل الأمثل والأكثر موثوقية».

وعقدت وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد، اجتماعاً بعنوان «مراجعة التطورات بأفغانستان» بمشاركة دبلوماسيين من جيران أفغانستان وروسيا، في ظل غياب ممثلين عن الجانب الأفغاني. وقالت الخارجية الإيرانية إن كابل دُعيت لكنها لم تحضر، مشيرة إلى مشاركة روسيا والصين وطاجيكستان وباكستان وأوزبكستان وتركمانستان في الاجتماع.

وقال عراقجي: «لا يمكن لأي وصفة عابرة للأقاليم أن تحل المشاكل والأزمات الإقليمية»، مضيفاً أن التجارب السابقة أظهرت أن «المقاربات الخارجية والوصفات المفروضة لا تؤدي إلى الاستقرار ولا تضمن التنمية المستدامة»، في إشارة إلى «تجربة التدخل العسكري ووجود حلف الناتو في أفغانستان على مدى عقدين»، وما أعقب ذلك من «انسحاب متسرع في عام 2021»، حسب وكالة «إرنا» الرسمية.

واعتبر عراقجي أن استقرار أفغانستان وتنميتها «ضرورة استراتيجية للمنطقة بأسرها»، مشيراً إلى أن موقعها «في قلب شبكات الاتصال في آسيا الوسطى وغرب آسيا وجنوب آسيا» يمنحها إمكانيات اقتصادية ولوجيستية، وتحدث عن أهمية «دمج أفغانستان في العمليات السياسية والاقتصادية للمنطقة» وبناء الثقة بين دولها عبر «الحوار البناء» و«الآليات المحلية» والتعاون المستدام.

عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

كما أعلن استعداد بلاده «لتوسيع تعاونها مع جميع الدول المجاورة لأفغانستان» في مجالات من بينها النقل والتجارة والطاقة والخدمات القنصلية، ودعا إلى «آليات حوار منتظمة» بين دول الجوار لتنسيق السياسات والبرامج الاقتصادية والحدودية والإنسانية وخفض التوترات، معتبراً أن المنطقة «على أعتاب تطورات اقتصادية مهمة» قد تفتح «مرحلة جديدة في التعاون الإقليمي».

وبعد الاجتماع، قال عراقجي للتلفزيون الرسمي إن طهران ترى أن «الحل الإقليمي فقط يمكن أن يساعد»، ولفت إلى أن إدراج أفغانستان في «مسار تقارب مع المنطقة» يصب في مصلحة كابل ودول الجوار، مضيفاً أن اجتماع طهران عقد لهذا الهدف بهدف «تقريب وجهات نظر» دول الجوار تمهيداً لبحث توسيع التعاون عبر «تفاعل منتظم» مع الحكومة الأفغانية، معرباً عن تفاؤله بنتائج «إيجابية»، ونقل مخرجات الاجتماع إلى كابل.

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن إيران «وجهت الدعوة إلى جميع الدول المعنية للمشاركة في هذا الاجتماع، بما في ذلك أفغانستان». وأضاف: «كنا نرغب في مشاركة أفغانستان في الاجتماع... غير أننا نحترم قرارها بعدم المشاركة».

وأوضح أن الاجتماع جاء نتيجة «مشاورات جرت خلال الأسابيع الماضية» بين إيران ودول الجوار الأفغاني، وأنه يأتي بصيغة مشابهة لاجتماعات سابقة لمتابعة التطورات المرتبطة بأفغانستان، مشيراً إلى مرور نحو عامين من دون عقد اجتماع مماثل على مستوى وزراء الخارجية.

وقال إن الهدف هو «الحوار وتبادل وجهات النظر حول تطورات أفغانستان»، وإن «جميع القضايا والأحداث المرتبطة بهذا البلد ستناقش بطبيعة الحال». وأشار إلى أن «بيئة الجوار» تحظى بأهمية خاصة لإيران، لافتاً إلى أن الأمن والاستقرار في شرق البلاد «مسألة محورية»، وأن إيران تشترك بنحو ألفي كيلومتر من الحدود مع أفغانستان وباكستان، وأن أي توتر بين البلدين «ينعكس بالضرورة» على إيران ويثير مخاوف لدى دول أخرى في المنطقة.

وتطرق بقائي إلى اجتماع عُقد الأسبوع الماضي بين مجموعات المعارضة الأفغانية، قائلاً إن إيران ترى أن حل القضايا المتعلقة بأفغانستان يمر عبر «الحوار والتفاعل بين مختلف الأطراف»، وأن الحل في أفغانستان يكمن في «حوار أفغاني - أفغاني».

وأضاف أن عقد اجتماع جيران أفغانستان في طهران يعكس قناعة بلاده بضرورة «تعزيز التفاهم وبناء الثقة» بما يساعد على ترسيخ الاستقرار والأمن.


طهران: قواتنا المسلحة في حالة جاهزية كاملة لأي طارئ

بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
TT

طهران: قواتنا المسلحة في حالة جاهزية كاملة لأي طارئ

بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)
بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)

قالت إيران إن قواتها المسلحة في حالة جاهزية كاملة للتعامل مع أي طارئ، في وقت أكدت فيه استمرار اتصالاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشددة على أن الدبلوماسية ما زالت إحدى أدواتها الأساسية لصون «المصالح الوطنية»، رغم ما وصفته بتعاملها مع أطراف لا تولي أي قيمة للتفاوض.

ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مرة أخرى وجود وساطة بالمعنى التقليدي بين طهران والوكالة التابعة للأمم المتحدة، وقال خلال مؤتمر صحافي أسبوعي، الأحد، إن «أساس تعامل إيران مع الوكالة الذرية يقوم على القانون الذي أقره البرلمان، والذي يحدد إطار التعاون بشكل واضح»، حسبما نقلت وكالة «إرنا» الرسمية.

وتعليقاً على أحدث تصريحات المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، الذي جدّد مطالبة طهران بالكشف عن مصير مخزون اليورانيوم عالي التخصيب واستئناف عمل المفتشين، قال بقائي إن تكرار هذه التصريحات «لا يغير من الواقع شيئاً»، داعياً غروسي إلى توجيه الاهتمام إلى «الأطراف المسؤولة عن الوضع الحالي».

وقال إن «تجاهل الهجمات التي طالت المنشآت النووية السلمية الإيرانية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، والاكتفاء بمخاطبة طرف واحد، نهج غير منصف ولا يمكن أن يسهم في حلّ الأزمة»، داعياً الوكالة إلى الالتزام بمقاربة فنية بحتة في التعامل مع الملف الإيراني.

وشنَّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) هجوماً غير مسبوق على منشآت استراتيجية في إيران، ما أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري»، الجهاز الموازي للجيش النظامي، إضافة إلى مسؤولين وعلماء في البرنامج النووي الإيراني. وأشعلت تلك الضربات حرباً استمرّت 12 يوماً بين البلدين، شاركت خلالها الولايات المتحدة بقصف 3 مواقع نووية داخل إيران.

وعقب الهجمات، علقت إيران تعاونها مع الوكالة الذرية، وقيدت وصول مفتشيها إلى المواقع المستهدفة، منتقدةً عدم إدانة الوكالة للهجمات. كما ربط قانون أقرّه البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) دخول المفتشين بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي.

وفي سبتمبر (أيلول)، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بوساطة مصرية على إطار عمل جديد للتعاون، غير أن طهران أعلنت لاحقاً اعتباره لاغياً، بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مسار إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

عراقجي ونائبه مجيد تخت روانتشي خلال محادثات مع غروسي على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك... سبتمبر الماضي (الخارجية الإيرانية)

وخلال الأسابيع التالية، أجرى وزير الخارجية المصري اتصالات مع نظيره الإيراني ومدير الوكالة الذرية، في محاولة لإحياء «تفاهم القاهرة» واحتواء التوتر، لكن إيران أعلنت رسمياً طي هذا المسار رداً على قرار مجلس محافظي الوكالة في 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي دعاها إلى التعاون مع المفتشين الدوليين.

وسبق ذلك تأكيد مسؤولين إيرانيين انتهاء الاتفاق، فيما أبدت طهران استعدادها قبل قرار المجلس لبحث وساطة صينية - روسية، بهدف استئناف التعاون مع الوكالة الذرية.

وقبل الهجمات على منشآتها النووية، كانت إيران تخصّب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من مستوى الاستخدام العسكري، وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران كانت تمتلك نحو 441 كيلوغراماً من هذه المادة عند اندلاع الحرب، قبل أن يتعذر عليها التحقق من المخزون منذ 13 يونيو.

وتؤكد الدول الغربية عدم وجود حاجة مدنية لهذا المستوى من التخصيب، فيما تقول الوكالة الذرية إن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة على سلاح نووي التي تخصّب اليورانيوم عند نسبة 60 في المائة.

وفي أواخر أكتوبر(تشرين الأول)، قال غروسي إن إيران لا تبدو منخرطة حالياً في تخصيب نشط، لكنه أشار إلى رصد تحركات متجددة في مواقع نووية، وسط تقارير غربية عن تسريع أعمال بناء في منشأة تحت الأرض قرب نطنز.

غموض المسار التفاوضي

ويسود الغموض بشأن مستقبل المفاوضات النووية بين إيران والقوى الغربية، التي أعادت فرض العقوبات الأممية على طهران اعتباراً من نهاية القرار 2231 في 18 أكتوبر الماضي.

وكانت طهران وواشنطن قد قطعتا شوطاً في 5 جولات تفاوضية حول الملف النووي، وإمكانية التوصل لاتفاق جديد، لكن المفاوضات دخلت مرحلة جمود بعد حرب الـ12 يوماً، رغم تمسك الجانبين بخيار التسوية، كل وفق شروطه.

وتشترط واشنطن على إيران وقف تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وتقييد برنامجها للصواريخ الباليستية، ووقف دعمها للجماعات المسلحة في المنطقة، وهي مطالب تقول طهران إنها «مرفوضة وغير قابلة للتفاوض».

ورداً على أسئلة حول الغموض الذي يلف المسار الدبلوماسي، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية، قال بقائي إن إيران أظهرت «اقتدارها وقدراتها» في مختلف المجالات، منوهاً أن الدبلوماسية ستبقى أحد الخيارات المتاحة «متى ما توفرت الظروف المناسبة». لكنه أشار في المقابل إلى أن طهران «تواجه أطرافاً لا تعطي وزناً للتفاوض».

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس الماضي، للصحافيين، إنه يسعى بقوة إلى اتفاق مع إيران، لكنه حذر من أن طهران ستواجه هجوماً أميركياً جديداً إذا عادت إلى أنشطتها النووية. وأشار إلى أن إيران كانت على مقربة من امتلاك سلاح نووي، لكنها ابتعدت عن ذلك بعد الضربات التي شنّتها قاذفات «بي-2» الشبح.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث في المكتب البيضاوي بينما وضع أمامه مجسماً من قاذفات «بي 2» التي قصفت منشآت إيران النووية 6 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

ونبّه بقائي أن القوات المسلحة الإيرانية «في حالة جاهزية كاملة للتعامل مع أي طارئ أو مغامرة»، مضيفاً أن خصوم إيران «يدركون هذه القدرات»، معتبراً أن ما وصفه بالدفاع خلال حرب الاثني عشر يوماً «لا يترك مجالاً للغموض».

وقال بقائي أيضاً إن استمرار أمانة الأمم المتحدة وبعض أعضاء مجلس الأمن في الاستناد إلى القرار 2231 «لا يستند إلى أي أساس قانوني»، مشيراً إلى أن القرار «انتهى مفعوله». وأضاف أن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة «أعدّ استناداً إلى قرار لم يعد قائماً من الناحية القانونية»، لافتاً إلى أن دولتين دائمتين في مجلس الأمن تشاركان طهران هذا التقييم، في إشارة إلى الصين وروسيا.

واتهم المتحدث الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) باللجوء إلى آلية تسوية النزاع في الاتفاق النووي «بدوافع سياسية وتحت ضغط الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن هذا المسار «لا تترتب عليه أي آثار قانونية». وقال إن الصين وروسيا تتبنيان موقفاً مماثلاً، محذراً من أن الإصرار على مواصلة هذا النهج «سيؤدي إلى تعميق الانقسام القانوني داخل مجلس الأمن».

وفي سبتمبر الماضي، فشل قرار دفعت به روسيا والصين، أمام مجلس الأمن لتمديد القرار 2231.

وانتقد بقائي ما وصفه بـ«غياب الاستقلالية» في سياسات بعض الدول الأوروبية خلال العامين الماضيين، معتبراً أن تعاملها مع الملف النووي الإيراني «حوّلها عملياً إلى أداة لخدمة الأهداف الأميركية»، متهماً واشنطن بالسعي وراء إثارة الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي.

إيران وفنزويلا

وفي سياق منفصل، تطرق بقائي إلى التوتر مع الولايات المتحدة بشأن فنزويلا. وقال إن واشنطن «لا تملك أي أساس قانوني» لاحتجاز ناقلة نفط فنزويلية، رافضاً مزاعم واشنطن بأن الناقلة كانت تنقل نفطاً إلى إيران عبر السوق السوداء.

كما اتهم واشنطن بمحاولة ربط إيران بالأوضاع في فنزويلا، قائلاً إن هذه الادعاءات «لا تستند إلى أي وقائع»، مضيفاً أن فنزويلا «دولة مستقلة ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية».

وأضاف أن الولايات المتحدة «لها سجل طويل من التدخل في أميركا اللاتينية»، وأن ما يجري «ينتهك مبادئ القانون الدولي».

وفي ما يتعلق بتوقيف ناقلة فنزويلية وسفينة صينية، قال إن استخدام القوة ضد سفن تجارية «لا يملك أي مبرر قانوني»، مشيراً إلى أن إيران «ستستخدم الأدوات المتاحة لحماية مصالحها».

وحول تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن هجوم أميركي على سفينة إيرانية كانت متجهة من الصين إلى إيران، قال بقائي إن طهران لم تتلقَّ حتى الآن تأكيداً رسمياً من الجهات المختصة.