بوتين في فيلم «النظام العالمي»: هل تدركون ما اقترفتم من آثام في الشرق الأوسط؟

أوروبا تنازلت عن بعض سيادتها لواشنطن وليس للناتو

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء تلفزيوني لخص أحداث عام 2015 («الشرق الأوسط»)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء تلفزيوني لخص أحداث عام 2015 («الشرق الأوسط»)
TT

بوتين في فيلم «النظام العالمي»: هل تدركون ما اقترفتم من آثام في الشرق الأوسط؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء تلفزيوني لخص أحداث عام 2015 («الشرق الأوسط»)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء تلفزيوني لخص أحداث عام 2015 («الشرق الأوسط»)

فيما كان العالم يلملم شتات ما تناثر من آثام وكوارث حفل بها العام الذي اقترب من نهايته مع ما بقي من لحظات في عام 2015، أطل الرئيس فلاديمير بوتين على الملايين من مشاهديه في الداخل والخارج ليواجههم بما حمله ويحمله في جعبته من رؤى وتوقعات. طرح الرئيس الروسي في حواره مع فلاديمير سولوفيوف أحد أشهر الإعلاميين التلفزيونيين في روسيا اليوم، الكثير من الأحكام والرؤى التي حرص سولوفيوف أن يودعها صدارة أحداث فيلمه الوثائقي الذي اختار له عنوان «النظام العالمي».
في إطار أكبر نسبة من المشاهدة طالما حظيت بها مثل هذه الأعمال الإعلامية الجماهيرية التي تقدمها القنوات التلفزيونية الإخبارية الروسية، عرضت قناة «روسيا-1» الروسية الرسمية فيلم «النظام العالمي» الذي استعرض فيه الرئيس الروسي مع عدد من رموز السياسة العالمية أهم الأحداث السياسية التي قَضّت، ولا تزال، مضاجع الملايين من ضحاياها في مختلف بلدان العالم، وفي مقدمتها بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تناول بوتين قضايا ومشكلات هاتين المنطقتين من منظور رؤية شاملة تنطلق من سياساته الخارجية ومن واقع علاقاته ولقاءاته مع نظرائه من زعماء الكثير من بلدان العالم.
وقد حرص القائمون على إعداد وإنتاج هذا الفيلم الوثائقي على توفير الفرصة لبوتين وغيره من زعماء العالم لتوضيح رؤاهم وتقديراتهم لما جرى ويجري من تحولات وأحداث كثير منها يحدد ملامح المستقبل خلال الأيام والأشهر، بل والسنوات القليلة المقبلة، ومدى ارتباط ذلك بما لحق من ويلات وكوارث بالكثير من البلدان والشعوب. وفي هذا الصدد كانت صيحة بوتين: «هل تدركون ما اقترفتم من آثام في ليبيا والشرق الأوسط؟»، التي كانت في صدارة العناوين الرئيسية لكلمته التي ألقاها في الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي. وقد تلقفت أجهزة الإعلام والصحف الروسية ما كشف عنه الرئيس بوتين من مواقف وتوجهات لتدفع بها إلى صدارة نشراتها الإخبارية، فيما أدارت حولها الكثير من حلقات النقاش والبرامج الحوارية. وكان بوتين حمل في حديثه على الكثيرين من الزعماء الغربيين الذين اتهمهم صراحة بالمسؤولية عما شهدته ليبيا وغيرها من بلدان المنطقة العربية والشرق الأوسط من كوارث ومآس لم تُفق بعد من ويلاتها. وأوضح بوتين في معرض حديثه مع سولوفيوف أنه قصد «ماذا فعلوا ببلدان الشرق الأوسط وخصوصا في العراق وليبيا». وفي معرض الحديث عما لحق بليبيا من كوارث وما اقترفه البعض من جرائم، استعاد الرئيس الروسي ما أسفر عنه قرار مجلس الأمن الدولي حول حظر الطيران في سماء ليبيا من نتائج مأساوية، زادت حدتها تحت وقع تفاقم ما أسفر عنه عدم التزام التحالف الغربي بهذا القرار.
وأعاد إلى الأذهان الغارات الجوية التي قامت بها طائرات «الأطلسي» فوق الأراضي الليبية، وأبعاد ما بذلته البلدان الغربية من جهود للإطاحة بالنظام في ليبيا. قال بوتين إنهم «أسقطوه وقتلوا القذافي السيئ الحظ بطريقة وحشية»، فيما تساءل: «وماذا بعد ذلك؟ هل حلت الديمقراطية محل النظام السابق؟»، ليخلص إلى قوله «إنه سرعان ما قُتل سفير الولايات المتحدة بطريقة وحشية بعد بضعة أشهر». وأضاف بوتين «إن الأميركيين القابعين وراء المحيط لا يفكرون في العواقب السلبية الممكنة، ويواصلون عملياتهم غير عابئين بالعمليات الفاشلة. ولكي تستمر زعامتهم يستخدمون القوة». على أن بوتين ورغما عن كل ذلك يظل يحمل بين جوانحه قدرا من التفاؤل كشف عنه في قوله «إنه لا يرى مع ذلك، أن العالم أصبح على شفير الكارثة»، وذلك لأن «المتعقلين موجودون في كل مكان، في أوروبا وفيما وراء المحيط وفي آسيا». وكان سولوفيوف استشهد أيضا في شريطه الوثائقي «النظام العالمي» بما قاله الناطق الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الذي أعرب بدوره عن قلق الكرملين تجاه ظهور مصطلح جديد في عالم التوصيف السياسي، وهو ما يسمى «آسيا الوسطى الكبرى» الذي قال إنه «يرمي إلى إعادة تسمية آسيا الوسطى وتصنيفها». وذكر بيسكوف أن هذه التسمية تعيد إلى الأذهان مصطلح «الشرق الأوسط الكبير» الذي تحولت البلدان المعنية به إلى ميدان لسلسلة مما يسمى «الثورات الملونة» وما تمخض عنها. وأضاف «عندما بدأ الحديث عن (الشرق الأوسط الكبير) في أواخر القرن الماضي، أخذ الخبراء يتداولونه، ومن ثم أصبح القادة والزعماء يتناقلونه عنهم، كما حمل هذا المصطلح طابعًا نظريًا في بادئ الأمر، إذ لم يكن يبدو أنه قابل للتطبيق عمليا». ومضى ليقول: «إننا نرجح أن تكون سلسلة (الثورات الملونة)، التي كان من المقرر لها ألا تخرج عن نطاق (الفوضى الموجهة)، اندلعت تحديدًا في إطار ما أطلق عليه الشرق الأوسط الكبير». وفي معرض التعليق على الأوضاع في سوريا وأوكرانيا، ذكر بيسكوف أن زعزعة الاستقرار في سوريا تمت وفقًا لنفس سيناريو «الثورة الملونة» في أوكرانيا، معتبرًا أن تقنية «الثورات الملونة» متطابقة، نظرًا لاستنساخها وإعادة استخدامها المتكرر في مناطق متعددة من العالم. وقال أيضا «إن كل ما شهدناه في أوكرانيا منذ عامين يحمل من حيث المضمون الكثير من الصفات لما يحدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوقت الراهن.
ونعود ثانية إلى بوتين وما قاله في معرض تناوله لجوانب العلاقات الدولية المعاصرة على ضوء ما نجم عن سقوط أوروبا في شرك المخططات الأميركية. أوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه «كان من الأفضل لأوروبا أن تشارك في صياغة وتبني القرارات بدلا من الامتثال للتوجيهات الأميركية». وأضاف أن «مشكلة أوروبا تتمثل في كونها لا تنتهج سياسة خارجية مستقلة»، وأنها أي أوروبا وعلى حد اعتقاده، «سلّمت بعضا من سيادتها إلى حلف الناتو، وإلى الولايات المتحدة الأميركية بالدرجة الأولى». وأشار بوتين إلى أنه لا ينتظر من أوروبا أن تغير مسارها الشمال أطلسي، لكن من الصحيح أن لا تتبع أوروبا إملاءات الولايات المتحدة فقط، بل وأن تشارك في إيجاد الحلول». وأضاف «نحن لا ننتظر من شركائنا، أن يتخلوا عن توجههم الأوروأطلسي، لكننى أعتقد، أنه سيكون من الصواب لو أن شركاءنا في أوروبا، شاركوا على الأقل في إيجاد الحلول، بدلا من أن يتقبلوا في كل مرة، الأوامر الصادرة من وراء المحيط». وذلك يعيد إلى الأذهان ما سبق وقاله بوتين في معرض حديثه في الشريط الوثائقي المكرس لنجاح روسيا في إتمام عملية ضم القرم الذي بثه التلفزيون الروسي في وقت سابق من العام الماضي. وكان الرئيس الروسي أشار آنذاك إلى دهشته من استمرار تدخل الدوائر الغربية في شؤون بلاده والمناطق المجاورة بقوله: «أنتم على مسافة آلاف الكيلومترات من أراضينا.. ماذا تريدون؟ أما نحن.. فنعرف ماذا نريد!».
وفيما يتعلق بالأزمة السورية قال بوتين «إن القوات الروسية لم تستخدم في عمليتها في سوريا جميع إمكانياتها العسكرية»، مشيرا إلى أن هناك وسائل إضافية قد تستعملها موسكو في حال ما استدعت الضرورة ذلك. وأضاف «نحن نرى كيف أن الطيارين الروس ورجال الاستخبارات يعملون في سوريا بشكل فعال، وكيف أنهم ينجحون في تنسيق خطواتهم المشتركة»، فيما أكد أن جميع أفرع القوات الروسية بما فيها الجيش والقوات البحرية وسلاح الجو تستخدم أحدث أنواع الأسلحة. وأشار بوتين إلى أن «الوضع في العالم صعب جدا وأن التوتر يتزايد في منطقة الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى وأن الإرهابيين قد بدأوا بالحرب علنا على المجتمع الدولي وأن خططهم وأعمالهم تشكل تهديدا مباشرا على روسيا». ولم يغفل بوتين بطبيعة الحال علاقات بلاده مع تركيا وموقفه الشخصي من رمزها الأول رجب طيب إردوغان. وبهذا الشأن حمل بوتين ضد القيادة التركية وأعاد إلى الأذهان اتهاماته لها بالخيانة وتوجية «طعنة في الظهر»، فيما استعرض موقفها وعلاقاتها مع الفصائل الإرهابية و«داعش» في المنطقة.



السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
TT

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

قبل عام بالتمام والكمال، فازت الرياض، بتفوق، بتنظيم المعرض الدولي لعام 2030 وسط حالة من البهجة والسرور في الداخل والخارج ووسط حضور إعلامي استثنائي، نادراً ما شهد مثله المكتب العالمي للمعارض الذي استعاض بهذه المناسبة عن مكاتبه الباريسية الضيقة بقصر المؤتمرات في مدين «إيسي ليه مولينو» الواقعة على المدخل الغربي الجنوبي للعاصمة الفرنسية.

والثلاثاء، كان المكتب على موعد مع جمعيته العمومية الـ175، والاجتماع السنوي الذي ضم ممثلين عن أعضائه الـ184 لم يكن للإعلان عن فوز دولة جديدة بأي من المعارض بأنواعها الأربعة التي ينظمها المكتب الدولي، بل كان الغرض الأول منه الاستماع لوفد اليابان ليعرض التقدم الذي تحقق على درب تنظيم المعرض الدولي المقبل في مدينة أوزاكا ما بين 13 أبريل (نيسان) و13 أكتوبر (تشرين الأول) 2025. من هنا، كان الحضور الكاسح لوسائل الإعلام اليابانية والوفد الرسمي الكبير الذي جاء لفرنسا بهذه المناسبة. ولم يكتف الوفد الياباني بالكلمات التفصيلية بل قرن ذلك بثلة من أفلام الفيديو التي تشرح طموحات أوزاكا.

عبد العزيز الغنام المدير العام لإكسبو الرياض 2030 متحدثاً في الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض (الشرق الأوسط)

بيد أن الجمعية العمومية كانت أيضاً على موعد مع وفد المملكة السعودية ليعرض خططه والخطوات التنظيمية التي اجتازتها الرياض التي ما زال أمامها خمسة أعوام قبل الاستحقاق الكبير.

ووقعت المهمة على عاتق عبد العزيز الغنام، المدير العام لـ«إكسبو الرياض 2030» ليلقي كلمة ركز من خلالها على التوجهات الثلاثة الرئيسية التي تعمل الهيئة على تحقيق تقدم بشأنها، تاركاً التفاصيل لمتكلمين جاءوا بعده إلى المنصة. وفي المقام الأول، أشار الغنام إلى أن مدينة الرياض «أطلقت برنامجاً محدداً لتهيئة المدينة، وذلك من خلال دراسة أفضل الممارسات التي اتبعتها الجهات التي استضافت معارض إكسبو في السابق، وحددت المجالات الرئيسية للاستعداد للحدث الكبير». وأضاف الغنام: «أطلقنا، إضافة إلى ما سبق، دراسة لتقييم قدرة الرياض على المدى الطويل في عام 2030 والقيام بالاستثمارات اللازمة». وفي المقام الثاني، أفاد الغنام بأن المملكة «على المسار الصحيح لتقديم ملف التسجيل (للمكتب) لمراجعته بحلول أوائل عام 2025». وزاد: «نحن، في الوقت نفسه، نحرز تقدماً سريعاً حتى نكون جاهزين لتوقيع اتفاقية المقر بمجرد تسجيل إكسبو رسمياً». وأخيراً، وفي المقام الثالث، أشار الغنام إلى تطورات عمل الهيئة المنظمة: «بناءً على ملاحظاتكم ومساهمات كبار الخبراء، قمنا بتنقيح وتحسين موضوعنا العام ومواضيعه الفرعية ومخططنا الرئيسي وشعار إكسبو 2030 الرياض». واختتم كلمته بالقول إن «إكسبو الرياض 2030 ملك لنا جميعاً ونحن ملتزمون بتعميق شراكتنا معكم في كل خطوة على الطريق، بينما نواصل هذه الرحلة الرائعة معاً».

وكانت الكلمة الثانية لغيدا الشبل، من الهيئة المنظمة للمعرض، التي ركزت كلمتها على ما حققته الهيئة «لكسب ثقة المكتب ومواصلة الجهود لتقديم معرض غير مسبوق». وفي كلمتها، تناولت الشبل ثلاث نقاط؛ أولاها هيكلة حوكمة إكسبو. وفي هذا السياق، أشارت الشبل إلى أن «اللجنة العليا لإكسبو ستعمل، على أعلى مستوى، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء على ضمان استمرار إكسبو بوصفه أولوية وطنية وقصوى للمملكة».

وأضافت: «ستتولى شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية. وأخيراً، سيواصل المفوض العام لإكسبو 2030 تنسيقه الوثيق مع المكتب الدولي للمعارض، وسيمثل حكومة المملكة في جميع الأمور المتعلقة بإكسبو». وأشارت أيضاً إلى أن شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، «ستتولى الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية».

كذلك، فصلت الشبل الموضوع العام الذي سينعقد المعرض على ضوئه والذي يحمل رؤية المملكة، وهو «تخيل الغدّ» الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة مواضيع فرعية، وهي موضوع «تقنيات التغيير» وكيف يمكن للابتكار والإنجازات العلمية أن تحدث تغييراً إيجابياً. والموضوع الثاني عنوانه «حلول مستدامة» والمقصود بذلك الأساليب المبتكرة للعمل المناخي والتنمية المستدامة وتجديد النظام البيئي التي تدعم التقدم والإشراف البيئي.

فيما الموضوع الثالث محوره «الازدهار للجميع» بمعنى أن «التقدم الحقيقي تقدم شامل، ويعزز عالماً يكون فيه الازدهار واقعاً يتقاسمه الجميع». وأخيراً، أشارت الشبل إلى حضور الهيئة القوي في معرض أوزاكا وما ستقوم به في هذه المناسبة، كما وجهت الشكر للشريك الياباني لتعاونه. وأعقب ذلك فيلم فيديو قدمه مازن الفلاح يبين ما سيكون عليه المعرض المرتقب.