لماذا تخاف إسرائيل من علاقة حب بين فلسطيني وإسرائيلية في نيويورك؟

لماذا تخاف إسرائيل من علاقة حب بين فلسطيني وإسرائيلية في نيويورك؟
TT

لماذا تخاف إسرائيل من علاقة حب بين فلسطيني وإسرائيلية في نيويورك؟

لماذا تخاف إسرائيل من علاقة حب بين فلسطيني وإسرائيلية في نيويورك؟

منذ بداية الثمانينات برزت في إسرائيل ظاهرة «المؤرخين الجدد». كانت ظاهرة جديدة لأنها شكلت تيارا عرف زخما متصاعدا في تلك الفترة، وظاهرة خطيرة أيضا لأنها تنفي الأسباب التاريخية التي استند إليها رواد الحركة الصهيونية في دعوتهم لإنشاء وطن لليهود في «أرض بلا شعب».. ومن هؤلاء بني موريس، ويوسي بيلين، وإسرائيل شاحاك، وإيلان بابيه، وباروخ كمرلينغ، وآخرون نشروا معظم أعمالهم خارج إسرائيل.
لم نعد نعرف الكثير عن هذا التيار، إما بسبب قصور الترجمة، وإما لأن حركتهم أخذت في التراجع نتيجة للقمع الفكري والثقافي في مجتمع أخشى ما يخشاه التشكيك في هويته ووجوده بالذات، فروج أساطير كثيرة عن التهديد الذي يتعرض له، وخاض حروبا دامية بحجة هذا التهديد الوهمي. إنه بحاجة دائمة لهذا الوهم، ونجح في تسويقه داخليا، وكان ذلك من أسباب تماسكه المتين إلى حد كبير. ومن هنا، كان خوفه الأكبر من ظاهرة المؤرخين الجدد، الذين كشفوا عن زيف هذا الوهم، وأثبتوا، استنادا إلى التاريخ الموثق، أن الرواية الإسرائيلية هي رواية خيالية، وأن هذا الوجود قام في الحقيقة على حساب وجود آخر، وأن ما قاله «الآباء المؤسسون» لم يكن سوى سرد من صنع الخيال، إن لم يكن تزييفا للتاريخ.
ومع ظاهرة المؤرخين الجدد، وربما بالترافق معها، أو نتيجة لها، ظهر أدب جديد لجيل مختلف عما سمي «أدباء جيل الدولة». إنه جيل مختلف «يكتب عن وطن مختلف، مغاير لوطن (الآباء والأجداد) الذي كتبته أجيال الأدب العبري الأولى. جيل ليس مدينا لأحد، أو ملتزما بفكر واحد، أو رؤية واحدة.. ومعظم مبدعي هذه (الموجة الحديثة) في الأدب الإسرائيلي العبري اليوم ينبشون في خبايا الذاكرة الجماعية، ويحاول بعضهم إعادة صياغتها - وفق رؤية إنسانية - من جديد»، كما يقول الشاعر والمترجم الفلسطيني الراحل حمد حمزة غنايم في مقال مهم له عن الترجمة من العبرية للعربية والعكس.
من هذا الجيل، دوريت رابيان التي يثير سحب روايتها «بوردر لاين»، من المنهج الدراسي الثانوي، ضجة كبيرة في إسرائيل الآن، كما نشرت «الشرق الأوسط» في عددها الصادر يوم أمس. الرواية تتحدث عن علاقة حب بين امرأة يهودية وشاب فلسطيني (لو كانت العلاقة معكوسة، أي بين شاب إسرائيلي وفتاة فلسطينية، لاختلف الوضع). وأدرجت هذه الرواية في المنهج الدراسي لطلاب الدراسة الثانوية حسب توصية من المدرسين. ولكن سرعان ما انتبه الأمن القومي، اليقظ دائما، وحولها إلى قضية مصيرية فأمر، على لسان الجهات الثقافية الرسمية بالطبع، بسحبها من المنهاج التدريسي لأن ذلك يمثل «ضرورة للحفاظ على هوية الأمة»! أي أمة تهددها رواية؟
وكانت هذه الرواية قد صدرت عام 2014، وحصلت على جائزة أدبية إسرائيلية هي جائزة «برنستاين». لكن أحداثها، أو قصة الحب فيها، لا تدور في إسرائيل نفسها، بل في نيويورك. وهنا ضربتها الكبيرة. لا يمكن لإسرائيل أن تكون مكانا لقصة حب بين فلسطيني «من فلسطيني 48»، الذين هم إسرائيليون رسميا لأنهم يحملون جنسيتها، وبين «يهودية خالصة».
أرادت المؤلفة أن تسلط الضوء، كما تقول في تصريح لها نقلته «الغارديان» عن «هآرتس» الإسرائيلية، على الاختلافات والتشابهات بين بطلي الرواية اللذين «يراقبان الصراع من بعيد»، ويتفحصان التفاصيل أكثر. وكل ذلك «لا يمكن أن يحصل في إسرائيل». اعتراف شجاع من كاتبة تمثل الجيل الجديد من جيل «ما بعد أدباء الدولة»، الذين مسحوا هوية الفلسطيني، وألغوا وجوده الإنساني. حولوه إلى شبح يجول في الليل يقض مضاجعهم. تقديم الإسرائيلية دوريت رابيان الفلسطيني ككيان إنساني موجود في المجتمع الإسرائيلي، وليس كشبح أو في أحسن الأحوال إنسانا هامشيا، إذا لم يكن إرهابيا، وتقديم الإسرائيلية إنسانة من لحم ودم يمكن أن تحب هذا الفلسطيني، «العدو المغروس» في قلبها، هو ما أرعب المؤسسة الرسمية.
ولكن هذه الرواية، وغيرها من روايات «الجيل الأدبي الجديد في إسرائيل»، تطرح الكثير من الأسئلة على أنفسنا. فنحن للأسف لا نعرف الكثير عن صورة الإسرائيلي في مرآته. قرأنا عن صورة العربي في الأدب الإسرائيلي، ولكن، باستثناء الكتابات السياسية، وهي كثيرة جدا، وضرورية بالطبع، لم نقرأ الكثير عن الأدب الإسرائيلي الجديد، عن الجيل الذي «نضج في جو مفتوح كثر فيه الشك والنقد الذاتي». لم نذهب إلى النص العبري المعاصر، «الآخر»، للبحث عنه، ولا عن أنفسنا فيه؛ كما يقول غنايم. ويبدو أننا خائفون لحد الآن من ترجمة «أدب العدو» على الرغم من أن غسان كنفاني، الذي لا يستطيع أحد أن يتهمه في عروبته، فعل ذلك في كتابه «في الأدب الصهيوني»، الصادر عام 1968. كانت محاولة رائدة، لكنها بقيت لحد الآن شبه يتيمة، خوفا من الاتهامات الجاهزة بالتطبيع الثقافي التي يروجها تيار «قومنجي» لا يزال قويا في الساحة العربية سياسيا وثقافيا، على الرغم من أنه ألحق أضرارا بـ«قضية العرب الأولى» ربما أكثر من إسرائيل نفسها.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.