2015.. عام انتصار السعوديين على إرهاب المساجد

النجاح الأمني ووعي المجتمعات المستهدفة قوضا أهداف المتطرفين

تحرك الأمن السعودي لتعزيز الثقة بالدولة كضامن للأمن والاستقرار ومنع الإرهابيين من الحصول على أي منبر يبرر أعمالهم
تحرك الأمن السعودي لتعزيز الثقة بالدولة كضامن للأمن والاستقرار ومنع الإرهابيين من الحصول على أي منبر يبرر أعمالهم
TT

2015.. عام انتصار السعوديين على إرهاب المساجد

تحرك الأمن السعودي لتعزيز الثقة بالدولة كضامن للأمن والاستقرار ومنع الإرهابيين من الحصول على أي منبر يبرر أعمالهم
تحرك الأمن السعودي لتعزيز الثقة بالدولة كضامن للأمن والاستقرار ومنع الإرهابيين من الحصول على أي منبر يبرر أعمالهم

إرهاب المساجد، كان السمة الأبرز للتحديات الأمنية في السعودية، لعام 2015، الذي انتهج أسلوبًا جديدًا، عبر القيام بعمليات انتحارية بين المصلين، أثناء أدائهم للفريضة، خصوصًا يوم الجمعة.
وسقط نحو 56 «شهيدًا» وأكثر من 140 مصابًا في 6 تفجيرات استهدفت المساجد في الأحساء والقطيف والدمام وعسير ونجران وسيهات.
كما مثلت هذه الأحداث الدموية التي أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عنها، تحديًا آخر للسلطات الأمنية، خصوصًا أن التنظيم المتطرف اعتمد تكتيكًا جديدًا لعملياته الأخيرة التي صبغت عام 2015 بلون الدم والخراب، وعمت مختلف أنحاء العام وشملت بالإضافة للسعودية، الكويت، وتونس، ومصر، ولبنان، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، ومالي في أفريقيا، والتكتيك الجديد يقوم على استخدام مجندين جدد غير معروفين غالبًا للسلطات الأمنية ولا يرتبطون ببعضهم تنظيميًا فيما بات يعرف بـ«الذئاب المنفردة»، لكن هذا النوع من الإرهاب فشل في الداخل السعودي في تحقيق أي من أهدافه وغاياته ومقاصده. وارتد سريعًا على صانعيه ومنفذيه، فقد تكسرت أهدافه في بث الفرقة والانقسام الطائفي وإضعاف الثقة بالقدرات الأمنية. وقد كان هذا النوع من حوادث الإرهاب غير مسبوق في السعودية، ولذلك جوبه بحزم أدى لتفكيك الخلايا المسؤولة عنها وكشف الجناة الذين ارتكبوها.
وعلى الصعيد الشعبي أظهر المجتمع السعودي، وخصوصًا الضحايا الذين استهدفهم الإرهاب وعيًا عاليًا انعكس في مزيد من التماسك الوطني والوحدة وعدم الانجرار نحو الفتنة.
ومع كل عملية إرهابية يشيع أهالي الضحايا أبناءهم تحت لافتة الوحدة الوطنية بعزيمة أكبر وحرص علماء القطيف والأحساء عبر بيانات متكررة أن «الحوادث الإرهابية الأليمة لن تزيد المواطنين إلا ثباتًا وصمودًا وولاءً للدين والوطن».
بدأت شرارة هذه العمليات التي اتخذت أساليب انتحارية ضد المدنيين في أماكن عبادتهم قبل بداية هذا العام بشهر، فمنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 دخل الإرهاب في السعودية منعطفًا جديدًا حيث استهدف السلم الاجتماعي وسعى لضرب الوحدة الوطنية، ابتداءً بتفجير حسينية في قرية الدالوة بالأحساء في يوم العاشر من محرم 1436 (نوفمبر «تشرين الثاني» 2014) التي أدت لمقتل وإصابة 15 شخصًا.
تلاها تفجير مسجد الإمام علي في القديح (محافظة القطيف) في 22 مايو (أيار) 2015، وأدى لـ«استشهاد» 22 شخصًا وإصابة 102 آخرين.
تلاه تفجير مسجد الإمام الحسين في حي العنود بالدمام في 29 مايو 2015 وادى لـ«استشهاد» 4 أشخاص كانوا يحمون المصلين.
إرهاب المساجد أصاب في 6 يوليو (تموز) 2015 مسجدا لقوات الطوارئ أبها التابعة لمنطقة عسير جنوب غرب السعودية، وأدى لـ«استشهاد» 15 شخصًا بينهم 12 من قوات الطوارئ.
وفي يوم الجمعة 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2015 (3 محرم 1437هـ) استشهد خمسة أشخاص في مدينة سيهات وأصيب عدد آخر من المواطنين بعد هجوم استهدف مسجدًا بحي الكوثر بسيهات في محافظة القطيف.
وفي 27 أكتوبر 2015 فجر انتحاري نفسه داخل مسجد في نجران أثناء صلاة المغرب، ونتج عن التفجير الإرهابي مقتل شخصين فيما جُرح 19 آخرون على الأقل.

إنجاز أمني
النجاح الأول الذي أحرزه الأمن السعودي أنه لم يسمح لهذه العمليات الإرهابية بأن تحقق أي أهدافها، تحرك سريعا لتعزيز الثقة بالدولة كضامن للأمن والاستقرار ومنع الإرهابيين من الحصول على أي حاضنة اجتماعية أو أي منبر يبرر أعمالهم. فمنذ التفجير الأول، الذي استهدف إثارة الفتنة الطائفية، في الدالوة بمحافظة الأحساء، سجلت الجهات الأمنية حضورًا حازمًا في الكشف عن المعتدين وتفكيك خلاياهم، وتوقيف بعضهم. وكشفت وزارة الداخلية السعودية سريعًا هويات منفذي الهجوم على حسينية الدالوة في الأحساء، وهو الحادث الذي وقع في 3 نوفمبر 2014 والذي أدى لقتل 8 أشخاص وإصابة 9 آخرين.
فقبل أن تمر 24 ساعة على حادثة قرية الدالوة، أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن عمل أمني ضخم طال ست مدن أوقف كل التكهنات عن هوية الضالعين في الحادثة البشعة التي هزت الشارع السعودي. فقبل مرور 10 ساعات من الحادثة فقط تم القبض على 6 من المشتبه بهم في ثلاث مدن هي شقراء والخبر والأحساء.
وتمكنت الأجهزة الأمنية القبض على 15 مشتبهًا به وصفتهم بأن لهم علاقة وثيقة بالحادث الذي كان يراد له تفجير أزمة طائفية في المجتمع السعودي.
وقالت الوزارة إن منفذي الهجوم هم كل من «عبد الله آل سرحان وخالد العنزي ومروان الظفر وطارق الميموني»، وأضافت أن «المعتدين الأربعة ينتمون إلى تنظيم داعش».
وذكرت الوزارة إن «ثلاثة من المعتدين الأربعة سبق محاكمتهم بالإرهاب»، مضيفة أن «قائد خلية (داعش) تلقى أمرًا من الخارج يحدد حسينية الأحساء هدفًا». كما أعلنت الداخلية السعودية أن الأربعة هم من ضمن 77 شخصا تم توقيفهم.
أما حادث الهجوم على المصلين في القديح بمحافظة القطيف، وهو الحادث الذي وقع في 22 مايو 2015 حين استهدف انتحاري مسجد الإمام علي في بلدة القديح التابعة لمحافظة القطيف، وذلك أثناء أداء صلاة الجمعة، مما أوقع 22 قتيلاً و102 جريح، فقد تمكنت وزارة الداخلية السعودية من تحديد هوية الإرهابي الذي فجّر المسجد في القديح، وذلك بعد نحو 24 ساعة من وقوع الجريمة.
وكما حدث في اعتداء «الدالوة» حدث أيضًا في هجوم مسجد القديح، حيث أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم.
وأعلنت وزارة الداخلية أن منفذ الجريمة يدعى صالح بن عبد الرحمن بن صالح القشعمي، وهو من المطلوبين لوزارة الداخلية لارتباطه بخلية تتبع لتنظيم داعش. والانتحاري القشعمي هو أحد الملاحقين أمنيًا ضمن خلية كبيرة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي تم القبض على 26 من أفرادها.
وأوضحت الوزارة أن نتائج التحقيقات أثبتت تورط 5 من عناصر الخلية في جرائم إطلاق نار على دورية تابعة لأمن المنشآت أثناء قيامها بمهام الحراسة بمحيط موقع الخزن الاستراتيجي جنوب مدينة الرياض يوم الجمعة الموافق 19/ 7/ 1436ه التي نتج عنها «استشهاد» قائدها الجندي ماجد عائض الغامدي والتمثيل بجثته بإشعال النار فيها.
وكشفت الداخلية أسماء أعضاء الخلية الخمسة، وهم: عبد الملك فهد عبد الرحمن البعادي، محمد خالد سعود العصيمي، عبد الله سعد عبد الله الشنيبر، محمد عبد الرحمن طويرش الطويرش، ومحمد عبد الله محمد الخميس.
وتم ضبط ترسانة من الأسلحة الهجومية والمركبات الكيماوية المساعدة على صناعة المتفجرات، لكن السلطات تمكنت من تفكيك مجموعة أكبر مكونة من 21 شخصًا على ارتباط بهذه الخلية.. «تبنوا تبنى فكر تنظيم داعش الإرهابي، والدعاية له وتجنيد الأتباع خاصة صغار السن، وجمع الأموال لتمويل عملياتهم، ورصد تحركات رجال أمن وعدد من المواقع الحيوية، والتستر على المطلوبين أمنيًا، وتوفير المأوى لهم ومن ضمنهم منفذ العملية الانتحارية ببلدة القديح الذي ظهر أن الموقوف عصام سليمان محمد الداود كان يأويه».
إنجاز آخر حققته القوات الأمنية يتعلق بحادث الهجوم الانتحاري على مسجد الإمام الحسين في حي العنود بالدمام الذي وقع في 29 مايو 2015 وأدى لـ«استشهاد» 4 أشخاص كانوا يحمون المصلين.
ففي 3 يونيو (حزيران) 2015 كشفت وزارة الداخلية هوية منفذ الجريمة الإرهابية الآثمة بمسجد الحسين بحي العنود بالدمام، الذي اتضح أنه يدعى خالد عايد محمد الوهبي الشمري (سعودي الجنسية)، وتمكنت الجهات المختصة من الحصول على معلومات مهمة عن أطراف لها ارتباطات متفاوتة بالجرائم الأخيرة، معلنة عن قائمة لـ16 مطلوبًا.
وبالنسبة لتفجير مسجد قوات الطوارئ في عسير فقد تمكنت السلطات الأمنية من الكشف سريعًا عن شخصية الانتحاري حيث هدف تنظيم داعش خلط الأوراق وضرب قوات الأمن، وقالت الداخلية إن الانتحاري هو يوسف السليمان عبد الله السليمان سعودي الجنسية، من مواليد 1415ه.
كذلك كشفت وزارة الداخلية تفاصيل الهجوم الذي استهدف أحد المساجد بمدينة سيهات في محافظة القطيف يوم الجمعة 16 أكتوبر 2015 (3 محرم 1437هـ) وأدى لـ«استشهاد» خمسة أشخاص، وأصيب عدد آخر.
وقالت وزارة الداخلية إن دورية أمن كانت في الموقع بادرت بالتعامل مع الجاني الذي أطلق النار على المواطنين في محيط المسجد، حيث تم تبادل إطلاق النار معه ما أدى إلى مقتله، لافتة إلى أنه نتج عن إطلاق الجاني النار مقتل خمسة مواطنين من المارة - بينهم امرأة - وإصابة 9 آخرين.
الأداء الأمني تواصل خليجيًا، ففي السابع من يوليو 2015 تمكنت السلطات الأمنية السعودية وبالتعاون مع السلطات الكويتية من كشف علاقة أربعة أشقاء سعوديين ينتمون لتنظيم داعش، أحدهم ما زال يقاتل في سوريا، على صلة بتفجير مسجد الإمام الصادق في الكويت.
فقد ألقت الجهات الأمنية السعودية القبض على ثلاثة أشقاء سعوديين على صلة بالتفجير الانتحاري الذي استهدف مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر في الكويت (26 يونيو الماضي)، وأدى لمقتل 27 شخصًا وإصابة 227 آخرين.
وقال المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية في بيان إنه في إطار التحقيقات الحالية بالتعاون والتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة بدولة الكويت، لتتبع أطراف التفجير بمسجد الإمام الصادق، فقد أسفرت التحريات المشتركة وتبادل المعلومات بين الجهات الأمنية المختصة بالسعودية والكويت عن الاشتباه القوي بعلاقة ثلاثة أشقاء سعوديين بأطراف الجريمة الإرهابية بمسجد الإمام الصادق.
من جهتها، قالت الداخلية الكويتية إن التعاون المعلوماتي مع السلطات السعودية أدى للقبض على المتهمين السعوديين وهما شقيقان، الأول: ماجد عبد الله محمد الزهراني، والثاني: محمد عبد الله محمد الزهراني، ولهما شقيق ثالث موجود في الكويت وتم تسليمه للسلطات السعودية وآخر يوجد في سوريا ضمن تنظيم داعش الإرهابي وأن المتهمين المذكورين قد دخلوا الكويت عن طريق منفذ النويصيب يوم الخميس الموافق 25/ 6/ 2015 عصرا، وقاموا بتسليم المتفجرات في صندوق (آيس بوكس) إلى المتهم عبد الرحمن صباح عيدان سعود في منطقة النويصيب، ثم غادر المتهمين البلاد مباشرة بعد عملية التسليم للعيدان والذي التقي بالإرهابي القباع لتنفيذ العملية في اليوم التالي.
وذكر البيان أنه وفق المعلومات الأمنية الكويتية السعودية المشتركة تم ضبط المتهم الأول ماجد الزهراني بمنطقة الطائف، كما تم ضبط المتهم الثاني محمد الزهراني أمس أيضًا بمنطقة الخفجي بعد تبادل إطلاق النار مع رجال الأمن السعودي مما أدى إلى إصابة اثنين من رجال الأمن السعودي.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)