«حوار طرشان» بين واشنطن وطهران بشأن برنامج إيران الباليستي

مصادر فرنسية: لا إرادة جماعية لجعل البرنامج الصاروخي «أولوية» لدى «5+1»

«حوار طرشان» بين واشنطن وطهران بشأن برنامج إيران الباليستي
TT

«حوار طرشان» بين واشنطن وطهران بشأن برنامج إيران الباليستي

«حوار طرشان» بين واشنطن وطهران بشأن برنامج إيران الباليستي

مع اقتراب موعد بدء رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على إيران عملا بالاتفاق النووي المبرم بين طهران ومجموعة «5+1»، (الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، إضافة إلى ألمانيا) في 14 يوليو (تموز) الماضي، برزت أزمتان جديدتان يمكن أن تفضيا إلى توتير العلاقات بين الجانبين وقد تكون لهما انعكاسات على تنفيذ الاتفاق النووي.
جاءت الأزمة الأولى مع تصويت الكونغرس الأميركي في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي على قانون يفرض الحصول على تأشيرة دخول على مواطني 38 دولة بينها 30 دولة أوروبية، إن كانوا قد زاروا إحدى الدول الأربع التالية: سوريا، والسودان، والعراق، وخصوصا إيران. أما الأزمة الثانية، فهي آخذة في الظهور، ومصدرها المعلومات التي نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» يوم الأربعاء الماضي، والتي تشير إلى توجه الحكومة الأميركية لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها الصاروخي البالستي.
في الحالة الأولى، ردت طهران بالقول إن القانون الأميركي الجديد «يعد انتهاكا للاتفاق النووي»، لأن من شأنه أن يضر بمساعي إيران لتطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع كثير من البلدان في الوقت الذي تنفذ فيه بـ«أمانة» التزاماتها النووية. وما تنتظره طهران هو صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية، المفترض أن يرى النور في الأيام القليلة المقبلة، حتى تبدأ الولايات المتحدة والدول الأوروبية برفع العقوبات الخاصة بالملف النووي. ولم يعرف حتى الآن طبيعة الرد الإيراني، علما بأن المسؤولين في طهران أكدوا أكثر من مرة أخيرا أنهم «سيردون» على القانون الأميركي.
في الحالة الثانية، تبدو الأمور أكثر تعقيدا. وأساس المشكلة يتمثل في إجراء طهران، في 10 أكتوبر (تشرين الأول) و21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، تجربتين صاروخيتين عدهما تقرير صادر عن هيئة خبراء تابعة للأمم المتحدة، أنهما ينتهكان القرار الدولي رقم «1929» الصادر عن مجلس الأمن في عام 2010. وكان الصاروخان متوسطي المدى من طراز «عماد». وأفاد التقرير الدولي بأنه يمكن تجهيزهما برؤوس نووية.
في المقابل، ترفض إيران «المزاعم» الدولية، وتؤكد أن لها الحق في تطوير تجاربها البالستية «الصاروخية» لأغراض دفاعية، وأنه ليس لديها برنامج نووي عسكري. يذكر أن الجوانب العسكرية في الملف النووي الإيراني قد أغلقت تماما مع التقرير الصادر أواسط ديسمبر الماضي، والمتعلق بمساعي إيران في بداية الألفية الحالية لتطوير سلاح نووي. وخلاصة التقرير أن المساعي الإيرانية لم تتخط عتبة البحوث العلمية والتكنولوجية، لكن التجارب البالستية الإيرانية تعيد طرح المشكلة من جديد، وستكبل أيدي طهران بعقوبات جديدة، بينما تسعى للتخلص من العقوبات القديمة.
وتقول مصادر فرنسية واسعة الاطلاع إن ما يجري بين إيران والولايات المتحدة الأميركية بشأن البرنامج البالستي هو «حوار طرشان»، حيث لا تعترف طهران بأن ما تقوم به أمر محرم أو مقيد. وفي المقابل، يربط الغربيون بين البرنامج البالستي الإيراني، وما يعتقدون أنه استمرار للمساعي الإيرانية للحصول على السلاح النووي، علما بأن الاتفاق الموقع في فيينا الصيف الماضي أساسه حرمان إيران من إمكانية الحصول على سلاح نووي.
لكن المعلومات التي وردت في تقرير الصحيفة الأميركية يوم الأربعاء الماضي دقيقة، والأهم من ذلك أن مصادر الإدارة الأميركية لم تنفها. وأشارت المصادر الفرنسية إلى «دلالات» أن يكون الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون هو من فرض التأشيرات على مواطني الـ38 بلدا، الأمر الذي لا يستبعد أن يكون جزءا من رده على إدارة الرئيس أوباما بعد أن فشل الجمهوريون في نسف الاتفاق النووي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وبحسب المصادر الفرنسية، يستطيع الكونغرس وكذلك الإدارة الاعتماد على تقرير الخبراء الدوليين من أجل فرض عقوبات إضافية على طهران، قبل أن يصبح الاتفاق النووي نافذا. وتستطيع واشنطن فرض عقوبات جديدة، تحت بند البرنامج الصاروخي أو النشاطات الإرهابية أو حتى بند حقوق الإنسان.
وتكمن أهمية النقطة الأخيرة في أن القرار الدولي رقم «2231» الذي «ثبت» الاتفاق النووي مع طهران في مجلس الأمن، يستعيد مضمون القرار «1929»، وعندما يصبح الأخير نافذا، يسقط الأول. والحال أن بين القرارين، بحسب باريس، فروقا؛ إذ إن القرار الجديد يتحدث عن «قيود» على مساعي إيران للحصول على تكنولوجيات ومواد حساسة تدخل في تطوير برنامجها الصاروخي. ويعود الفصل في ذلك للجنة دولية خاصة. والواضح أن البرنامج البالستي الإيراني ليس في الوقت الحاضر، بحسب ما تقوله باريس، «أولوية الأولويات» لدى مجموعة «5+1».
لكن اعتماد واشنطن عقوبات جديدة يمكن أن يكون، بدوره، عاملا مؤثرا على العلاقات مع إيران والمساعي الحالية لتطبيعها سياسيا وأمنيا واقتصاديا وتجاريا. وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن واشنطن بصدد إعداد عقوبات جديدة ضد مؤسسات وأفراد في كل من إيران وهونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة، بسبب ارتباطها ببرنامج طهران للصواريخ البالستية. والواضح أن مساعي الولايات المتحدة جدية، وهو ما يعكسه ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول كبير في الإدارة أفاد بأن واشنطن «تدرس منذ فترة إمكانات اتخاذ إجراءات إضافية مرتبطة ببرنامج الصواريخ البالستية بسبب مخاوفها المتواصلة المتعلقة بهذه النشاطات».



خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
TT

خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، اليوم (الأربعاء)، إن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة خطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل، نافياً تراجع دور إيران في المنطقة.

وأضاف أن «إحدى الدول المجاورة لسوريا كان لها دور أيضاً». ولم يذكر تلك الدولة بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا التي تدعم معارضين مسلحين مناهضين للأسد. ويُنظر للإطاحة بالأسد على نطاق واسع على أنها ضربة كبيرة للتحالف السياسي والعسكري المسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، الذي يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.

وقال خامنئي في كلمة نشرها موقعه الرسمي إن «ما حصل في سوريا كان مخططاً له بشكل أساسي في غرف عمليات بأميركا وإسرائيل. لدينا دليل على ذلك. كما شاركت حكومة مجاورة لسوريا في الأمر»، وأضاف أن تلك الدولة الجارة كان لها «دور واضح ومتواصل للقيام بذلك» في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وكانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال سوريا بعد عدة توغلات عبر الحدود ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة التي سعت للإطاحة بالأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب ونشرت «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة. وبعد ساعات من سقوط الأسد، قالت إيران إنها تتوقع استمرار العلاقات مع دمشق بناء على «نهج بعيد النظر وحكيم» للبلدين، ودعت إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع فئات المجتمع السوري.

وقال خامنئي في كلمته أيضاً إن التحالف الذي تقوده إيران سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها، وأضاف: «كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها زاد توسعها»، وأردف قائلاً: «إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى».

كما نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن خامنئي قوله إن المخابرات الإيرانية حذرت الحكومة السورية بوجود تهديدات لاستقرارها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مضيفاً أن دمشق «تجاهلت العدو».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للتلفزيون الرسمي إن «الاستخبارات الإيرانية والسورية كانتا على دراية كاملة بتحركات إدلب، وتم إبلاغ الحكومة السورية بذلك»، لافتاً إلى أن طهران «كانت تتوقع حدوث هذا السيناريو» بناءً على المعلومات التي وصلت إليها.

وأشار عراقجي إلى أن الأسد أبدى «انزعاجه واستغرابه» من الجيش السوري.

ونفى مكتب علي لاريجاني، ما قاله محلل مقرب من السلطات للتلفزيون الرسمي بشأن عرض إيراني للأسد في اللحظات الأخيرة، يقضي بحض جيشه على الوقوف بوجه المعارضة السورية لمدة 48 ساعة، حتى تصل قوات إيرانية إلى سوريا.

وقال المحلل، مصطفى خوش جشم، في تصريح لـ«القناة الرسمية الثانية»، إن لاريجاني التقى بشار الأسد، الجمعة، وسأله عن أسباب عدم التقديم بطلب لإرسال قوات إيرانية إلى سوريا. وفي المقابلة التي أعادت بثها وكالة «مهر» الحكومية، صرح خوش جشم بأن الأسد قال للاريجاني: «أرسلوا قوات لكنني لا يمكنني إعادة معنويات هذا الجيش»، وأوضح المحلل أن «تصريح الأسد كان اعترافاً منه وكرره عدة مرات»، وتابع: «ماذا يعني ذلك، عندما قال بصراحة: تقرر أن يتدخل الجيش ويعمل لمدة يومين حتى تصل القوات الإيرانية ومستشاروها، وهو ما حدث جزئياً»، ولفت إلى أن «جماعات (محور المقاومة) هي التي تسببت في إيقاف زحف المسلحين في حمص لبعض الساعات»، وأضاف في السياق نفسه: «لكن عندما كانت أفضل قواتنا تعمل هناك، الجيش توقف عن العمل، وانضمت له وحدات الدفاع الشعبي السورية، ونحن بقينا وحدنا، حتى لم يقفوا يوماً واحداً لكي نبقى».