وزراء الخارجية العرب يدينون التوغل التركي في العراق ويطالبون مجلس الأمن بالتدخل

وزير الخارجية العراقي: قرار المجلس إنجاز تم الإجماع عليه وعكس حسًا عربيًا يرتقي إلى مستوى المسؤولية

جانب من الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
جانب من الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

وزراء الخارجية العرب يدينون التوغل التركي في العراق ويطالبون مجلس الأمن بالتدخل

جانب من الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
جانب من الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

أعرب مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية عن إدانته للحكومة التركية لتوغل قواتها العسكرية في الأراضي العراقية باعتباره اعتداء على السيادة العراقية وتهديدا للأمن القومي العربي.
وطالب المجلس في قرار أصدره في ختام اجتماعه غير العادي أمس الخميس، برئاسة الإمارات، الحكومة التركية بسحب قواتها فورا من الأراضي العراقية دون قيد أو شرط. وأكد المجلس مساندة الحكومة العراقية في الإجراءات التي تتخذها وفق قواعد القانون الدولي ذات الصلة التي تهدف إلى سحب الحكومة التركية لقواتها من الأراضي العراقية، مطالبا الحكومة التركية بالالتزام بعدم تكرار انتهاك السيادة العراقية مستقبلا مهما كانت الذرائع.
وطلب المجلس من الأمين العام لجامعة الدول العربية تبليغ قرار المجلس بهذا الشأن رسميا لرئيس مجلس الأمن، كما طلب المجلس من العضو العربي في مجلس الأمن متابعة الطلب المتضمن انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحين تحقيق الانسحاب الناجز لهذه القوات. واعتبر وزير الخارجية العراقي الدكتور إبراهيم الجعفري أن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الصادر في ختام أعمال دورته «يشكل إنجازا عربيا تم الإجماع عليه وعكس حسا عربيا يرتقي إلى مستوى المسؤولية».
وأعرب الجعفري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي في ختام أعمال الدورة غير العادية عن تطلعه إلى أن تلعب مصر دورا قويا مساندا للعراق لضمان عدم تعرض سيادته للانتهاك، وقال الجعفري إن الإرادة العربية انسجمت مع إرادة العراق وكثير من دول العالم التي تجري معها اتصالات في مواجهة الانتهاكات التركية للأراضي العراقية، مؤكدا في الوقت ذاته أن العراق ليس بلدا ضعيفا ولا يرفض تركيا الجارة أو الشعب إنما يرفض الانتهاك التركي للسيادة العراقية مثلما يرفض انتهاك أي دولة لسيادة العراق، معربا عن أمله في انسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية وعودة العلاقات العراقية – التركية لما كانت عليه.
ونفى الجعفري وجود أي انقسامات عربية خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، مؤكدا أن جلسات المجلس أثمرت قرارا يحظى بإجماع عربي كامل بشأن ضرورة انسحاب القوات العسكرية التركية بأسرع وقت ممكن من الأراضي العراقية، مؤكدا أن هذا القرار لا رجعة فيه وأن بلاده مستعدة لفتح صفحة جديدة مع تركيا لكنها في ذات الوقت على استعداد للتصعيد حال تطلب الأمر ذلك.
وأضاف أن كل الأبواب ستكون مفتوحة أمام العراق حال استمرار التعنت التركي، «ونحن لم نهدد بشيء لكن إذا تهددت بلادنا فسنستخدم كل الطرق المشروعة للرد على أي هجوم»، لافتا إلى أن الدول الصديقة أيدت مطالب العراق المشروعة وعلى تركيا أن تظهر تعقلا عاليا، ليس عراقيا، بل عربيا وإسلاميا.
وفي تعليقه على اختراق تركيا للأراضي السورية، شدد الجعفري على أن السيادة العربية لا يجب أن تتجزأ وأن انتهاك تركيا للأراضي السورية مرفوض كما هو الحال بالنسبة لانتهاكها الأراضي العراقية، مشيرا إلى أن القرار الصادر في ختام اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب يؤكد على ضرورة احترام سيادة الدول العربية دون استثناء.
وردا على سؤول حول البدائل العراقية المطروحة حال عدم انسحاب القوات العسكرية التركية من العراق وأهمية إعادة نظر بلاده في الانضمام إلى القوة العربية المشتركة، أكد الجعفري أن بلاده حريصة على الحل السياسي وترفض التدخل العسكري وانتهاك سيادة العراق وأراضيه.
وفي رده على سؤال حول جهود المصالحة العراقية، قال الجعفري: «إننا تجاوزنا مسألة المصالحة إلى المشاركة الوطنية حيث تشارك كل القوى والمكونات في جميع مؤسسات وأجهزة الدولة».
ومن جانبه، أكد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي أن قرار مجلس وزراء الخارجية العرب بشأن إدانة الانتهاكات التركية للعراق عكس التضامن العربي بالإجماع مع العراق واحترام سيادته وسلامته الإقليمية، مشيرا إلى أن القرار جسد الموقف العربي المساند بكل قوة للعراق بضرورة سحب القوات التركية من أراضيه كأولوية قصوى واحترام سيادة العراق وعدم تكرار ذلك مستقبلا ومساندة العراق في كل ما يحفظ أمنه واستقراره، وكذلك مساندة الدبلوماسية العراقية في مجلس الأمن لحماية سيادته واستقراره.
واعتبر السفير بن حلي أن دخول القوات التركية داخل الأراضي يزيد من عدم استقرار المنطقة برمتها وحول القوة العربية المشتركة في ظل التعديات التي يواجهها العراق وكثير من الدول العربية، وقال بن حلي إن مقترح القوة العربية المشتركة له منحى آخر ويتطلب جهودا وتوافقات ووثائق لتشكيل القوة المشتركة، مضيفا أن «هناك مشاورات تجرى في هذا الإطار ومتواصلة بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية».
وكان الجعفري قد دعا مجلس وزراء الخارجية العرب إلى اتخاذ قرار عربي قوي وصريح إزاء الانتهاكات التركية للأراضي العراقية، يتضمن إدانة عربية صريحة وسحب القوات العسكرية التركية فورا وعدم تكرار توغلها واحترام السيادة العراقية، محذرا من مغبة انتهاك تركيا لأراضي بلاده، مطالبا بموقف عربي يرتقي للتعامل مع تلك الانتهاكات.
وأضاف الجعفري في كلمته أمام الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة أن العراق يسعى للحلول الدبلوماسية مع أنقرة وحل المشكلات عبر الحوار، وقال إن العراق لا يزال حريصا على علاقات حسن الجوار، لكن ذلك لا يعني السماح بانتهاكات سيادة العراق، موضحا أن العراق بكل مكوناته الاجتماعية والطائفية والدينية يحارب تنظيم داعش نيابة عن المنطقة والعالم.
وطالب الجعفري دول المنطقة بعدم فتح معارك جانبية مع العراق في الوقت الذي يحارب فيه «داعش»، لافتا إلى أن العراق لم يطلب من أي دولة إرسال جندي واحد، بل يريد مساعدات عسكرية وجوية ومالية واقتصادية، مؤكدا تمسك بلاده بالمقاومة حجرا بحجر، موضحا أن العراق حريص على الوصول إلى حقوقه عبر سفينة الحوار.
من جهته، شدد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي على ضرورة انسحاب تركيا على الفور من الأراضي العراقية والتزامها بالحدود المتفق عليها دوليا، واصفا توغل قواتها في العراق بأنه يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على ضرورة احترام سيادة الدول وحدودها المتبادلة.
وأعرب الأمين العام في كلمته أمام الاجتماع غير العادي لوزراء الخارجية العرب برئاسة دولة الإمارات عن أمله في استجابة تركيا بشكل فوري للمطالب العراقية، لافتا إلى أن التدخل التركي لا يهدد العراق فحسب وإنما يهدد الأمن القومي العربي برمته. ونوه العربي بجهود العراق في مواجهة الإرهاب، داعيا إلى تضافر الجهود العربية الداعمة للعراق لمواجهة كل أشكال الإرهاب، لافتا في هذا السياق إلى ما سيناقشه الاجتماع الوزاري العربي أيضًا حول المختطفين القطريين في العراق.
ونبه العربي إلى أن الأمن القومي العربي برمته يتعرض لتحديات جسام في ظل المتغيرات الراهنة وتنامي إرهاب «داعش» الذي بات يهدد الأمن والاستقرار الدولي برمته، وفتح الباب واسعا لتدخلات خارجية، مؤكدا أهمية طلب الإمارات بإدراج بند حول التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، لافتا إلى أن هذا الأمر يستلزم تخصيص جلسة لمجلس الجامعة العربية لبحث حاضر ومستقبل العلاقات مع القوى الإقليمية التي لا تأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة للمنطقة والأمن الإقليمي.
وأكد العربي مجددا دعم الجامعة للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية وضرورة مواصلة الجهود حتى الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 67، كما أعلن العربي في كلمته تأييده لقرار مجلس الأمن 2259 الصادر أمس، بشأن التوقيع السياسي على اتفاق الصخيرات، داعيا جميع الأطراف الليبية إلى الإسراع بتشكيل حكومة الوفاق الوطني لينعم الشعب الليبي بالاستقرار، معربا عن تطلعه للقاء رئيس حكومة الوفاق الجديدة بعد تشكيلها للنظر في تقديم المساعدة العربية لها.
وعلى صعيد الأزمة السورية، حث العربي الأطراف السورية سواء من المعارضة أو الحكومة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، خصوصا ما يتعلق بوقف إطلاق النار، للبدء في المسار التفاوضي نحو تشكيل هيئة انتقالية ذات صلاحيات كاملة وإتاحة الفرصة لمعالجة جدية وشاملة للازمة السورية ترتكز على وثيقة جنيف 2012 وبياني فيينا الأخيرين.
في السياق ذاته، وجه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش انتقادات حادة بشأن التدخل التركي والإيراني في الشأن العربي ووصفه بـ«السافر»، مؤكدا أن هذا التدخل ترك آثاره السلبية على الاستقرار في كثير من الدول العربية.
وقال قرقاش الذي انعقد الاجتماع برئاسته لبحث التدخل العسكري التركي في العراق، إن ما يزيد من قلقنا أن التدخل السافر من جانب تركيا وإيران قد ترك آثاره السيئة على الاستقرار في كثير من الدول العربية باعتباره انتهاكا لسيادتها وسلامتها المهنية على نحو لا يمكن التغاضي عنه ولا التهاون فيه ولا المساومة عليه.
وأضاف قرقاش: «لا ينبغي لهذه الدول الساعية إلى المساس بأمننا القومي أن تغتر ببعض مظاهر الضعف المؤقت الذي يشهده النظام العربي حاليا»، مؤكدا أن «سيادتنا وأمننا وسلامتنا الإقليمية تمثل خطا أحمر يستوجب الدفاع عنها بكل ما أوتينا من قوة، ولنا في هذا الصدد ظهير قوى من نصوص ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة اللذين يجعلان من احترام السيادة الإقليمية حجر الزاوية في العلاقات السليمة في ما بين الدول، كما يجعل من المناسبات صورة من صور العدوان».
وتابع قرقاش: «لذاك ووعيًا منا بحقيقة كوننا نعيش في منطقة واحدة فإنه من مصلحة الجميع خلق أرضية مشتركة للتعاون وإرساء الثقة في ما بيننا، قوامها الحفاظ على المصالح المشتركة لكل الدول على أساس أن الاحترام المتبادل لسيادة دول المنطقة واتباع سياسة حسن الجوار في ما بينها».
وأكد قرقاش أن الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية في دورة طارئة غير عادية أمس «يمثل فرصة طيبة لكي ندعو فيها للحرص على هذه المبادئ، لا سيما أن ما يعاني منه العراق تعاني منه دول عربية أخرى»، مشددا على أن مبدأ احترام السيادة الإقليمية هو مبدأ عام لا يقبل التجزئة ومن ثم يجب احترامه من الكافة وعلى الكافة.
وأعرب قرقاش عن تطلعه إلى الخروج من هذا الاجتماع، «عاقدين العزم ومتوافقين على أن تكون علاقاتنا مع جيراننا قائمة على أساس الاحترام المتبادل لسيادتنا الوطنية مع التعبير على حرصنا الجازم على حمايتها بكل ما أوتينا من عزم وتصميم»، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع يأتي بناء على طلب العراق وبتأييد كل من الكويت والأردن وتونس وموريتانيا ومصر ولبنان.
وقال قرقاش إنه «لا يخفى علينا الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقتنا العربية في هذه اللحظة التاريخية ومدى ما يدور بدُولنا من أخطار تهدد عوامل الاستقرار فيها والمتمثلة على وجه الخصوص في محاولات المساس بالسيادة الإقليمية التي كانت ولا تزال أهم ضمانات الأمن القومي العربي بوجه عام».
وتابع قرقاش: «نشهد محاولات حثيثة لإثارة الفتن في مكونات المجتمعات العربية بما يمس أمننا القومي في الداخل والخارج وبث الدعايات المغرضة»، مشددا على أن «كل ذلك يفرض علينا التمسك بكل ما تفرضه قواعد القانون الدولي وما تضمنته المواثيق الدولية»، مؤكدا «حرص الدول العربية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وفي المقابل فإننا نأبى تدخل الآخرين في شؤوننا تحت أي ذريعة كانت وفي أي صور يأتي عليها هذا التدخل».
وشدد على «القلق العميق من محاولات التدخل في شؤون الدول العربية، كدول وطنية، من جانب بعض القوى الإقليمية، الأمر الذي يجعل من اجتماعنا هذا لمناقشة التدخل التركي في العراق فرصة سانحة لنطرح على بساط البحث مظاهر التدخل الأخرى، سواء من جانب تركيا أو إيران، وما يقتضيه ذلك من مناقشة سبل حماية أمننا القومي والسيادة الإقليمية لدولنا كدول إقليمية ضد مظاهر هذا التدخل وأخطارها».



إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
TT

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالاتفاق الذي توصّل إليه طرفا الصراع في اليمن لتبادل المحتجَزين، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة سلطنة عمان، واصفاً هذه الخطوة بأنها «تعزز جهود التهدئة وبناء الثقة في اليمن».

وفي تغريدة على منصة «إكس»، نوّه آل جابر بالجهود التي بذلها فريقا التفاوض من الطرفين، مؤكداً أن الاتفاق يعالج قضية ذات بُعد إنساني، ويتيح لكل المحتجَزين العودة إلى أُسرهم، كما أعرب عن تقديره توجيهات القيادة السعودية، ومتابعة وزير الدفاع، وتعاون الحكومة اليمنية، والمساعي الصادقة من سلطنة عمان.

كان الوفد الحكومي اليمني ووفد الجماعة الحوثية قد أعلنا، الثلاثاء، توصلهم لاتفاق يقضي بتبادل 2900 محتجَز وأسير من الطرفين، حيث يشمل الاتفاق الإفراج عن 1700 أسير حوثي، مقابل 1200 محتجَز من الجانب الحكومي؛ بينهم 7 سعوديون و23 سوادنياً من قوات «تحالف دعم الشرعية» في اليمن.

من جانبها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتفاق المبدئي لإطلاق سراح المحتجَزين ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم، داعية جميع الأطراف إلى ترجمة الالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة في اليمن، كريستين شيبولا: «نُعوّل على تعاون أطراف النزاع، ومن الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب الاتفاق، وأن تعمل على تحديد المحتجَزين المقرر إطلاق سراحهم دون تأخير».

كما أشادت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، بالجهود المبذولة من اللجنة الدولية وسلطنة عمان، مؤكدة أن التعاون المستمر من جميع الأطراف أمر أساسي لإحراز تقدم نحو إطلاق سراح المعتقلين.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية العمانية بالاتفاق، وثمّنت الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات بين 9 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكدة دور المملكة العربية السعودية، وجهود مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف المشارِكة في نجاح هذا المسعى الإنساني.

خطوة إنسانية وتوقعات بالتنفيذ

في تعليق حكومي يمني، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني عن ترحيبه بالاتفاق الذي يشمل شخصيات سياسية بارزة مثل الأستاذ محمد قحطان، واصفاً الخطوة بأنها «إنسانية مهمة طالَ انتظارها، وتُخفف من معاناة آلاف الأُسر اليمنية، وتمثل تقدماً ملموساً في أحد أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً».

وأكد الإرياني أن الاتفاق جاء ثمرة توجيهات ومتابعة القيادة السياسية بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، وتجسيداً لالتزام الحكومة بالتعامل مع ملف الأسرى والمحتجَزين كقضية إنسانية وأخلاقية، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو انتقائية؛ لضمان الإفراج عن الجميع دون استثناء.

كما أشاد بالدور المحوري للسعودية وجهود قيادتها في متابعة هذا الملف الإنساني، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، مشيراً إلى حرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني وتعزيز فرص التهدئة وبناء الثقة.

وأشار الإرياني أيضاً إلى مساهمة سلطنة عمان في استضافة جولات التفاوض، وتهيئة الأجواء المناسبة للتوصل إلى الاتفاق، مُعرباً عن تقديره الجهود الدولية والمبادرات الأممية التي أسهمت في تقريب وجهات النظر.

ولفت إلى أن الحكومة اليمنية ستواصل تنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية؛ لضمان الإفراج الكامل عن جميع المحتجَزين والمختطَفين والمخفيين قسراً، ووضع حد لمعاناة آلاف الأُسر اليمنية التي طال انتظارها لهذا اليوم.


العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
TT

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، التحذير من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية على الدولة اليمنية.

وشدد العليمي على أن أي مساع لفرض واقع خارج إطار المرجعيات المتوافق عليها تهدد المركز القانوني للدولة وتضعف مؤسساتها، بما يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الصراعات داخل الشرعية، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأشار العليمي إلى أن الشراكة السياسية القائمة يجب أن تُحترم كأداة لحماية الدولة، وأن أي محاولة لتحويلها إلى وسيلة لفرض أجندة أحادية تعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدامها غطاءً لمشاريع خارجة عن التوافق الوطني.

وأضاف أن الحفاظ على وحدة القرار اليمني والتوافق الوطني العريض يمثل مصلحة عليا، ويعد شرطاً أساسياً لاستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، وضمان استقرار المجتمع اليمني، ومنع تفتيت الشرعية أو إضعافها.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي عقد اجتماعاً مع رئاسة «هيئة التشاور والمصالحة» بحضور نواب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي، وصخر الوجيه، وجميلة علي رجاء، وأكرم العامري، لمناقشة الإجراءات الأحادية الأخيرة وتداعياتها على الشراكة السياسية.

وركز الاجتماع على دور الهيئة كأحد أعمدة التوافق الوطني التي أنشأها إعلان نقل السلطة لحماية مؤسسات الدولة من الانزلاق نحو الفوضى، وضمان استمرار التعاون بين القوى الوطنية المناهضة لمشروع الحوثيين المدعوم من إيران.

مسؤولية جماعية

أكد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - أن الهيئة مطالبة بتحمل مسؤولية جماعية تتجاوز ردود الفعل، نحو بناء أدوات حاكمة تحمي مؤسسات الدولة وتردع أي محاولات لاستغلالها في مشاريع خارج التوافق.

وشدد على أن القضية الجنوبية، رغم عدالتها، يجب أن تعالج ضمن المرجعيات المتفق عليها، وعدم السماح بتحويلها إلى ذريعة لإجراءات أحادية قد تقوض فرص الحل السلمي، وتضعف التعاطف سواء الإقليمي أو الدولي، وتعيد القضية من مسارها السياسي الآمن إلى مسار تصادمي قد يفاقم الأزمات.

كما حذر العليمي من أن التهاون مع هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي إلى إفراغ مجلس القيادة وهيئاته المساندة من مضمونها التوافقي، وتهديد المركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج صراع داخلي جديد داخل الشرعية، ما يضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة (سبأ)

ولفت إلى أن المصالح العليا لليمن تتمثل اليوم في الحد من المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة القرار، واستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، ومنع عزل أو إضعاف الشرعية.

واطلع الاجتماع على إحاطة من رئاسة هيئة التشاور حول مقارباتها بشأن المستجدات الجارية، مؤكدة دعم الهيئة الكامل لمجلس القيادة والحكومة، وأهمية المضي قدماً في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض قيادة مجلس القيادة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التوافق الوطني العريض، وحشد الطاقات كافة لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

حماية الدولة ووحدة القرار

في سياق تحركات العليمي، ذكرت المصادر الرسمية أنه التقى بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحضور وزير الخارجية شائع الزنداني، لبحث مستجدات الوضع المحلي، خصوصاً الإجراءات الأحادية التي دفعت بعض المؤسسات لإصدار بيانات سياسية خارجة عن اختصاصها.

وحذر من أن هذا المسار يهدد وحدة القرار، ويخلق سلطة موازية بالقوة، مما قد يؤدي إلى ارتباك قانوني وسياسي داخلي، ويضعف جهود المجتمع الدولي في دعم استقرار اليمن.

وشدد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن المواقف السياسية العليا تتحدد عبر مجلس القيادة ومؤسسات الدولة المختصة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، وليس من خلال بيانات منفردة أو اصطفافات أحادية.

العليمي مجتمعاً مع قيادة وزارة الخارجية ومع البعثات الدبلوماسية عبر الاتصال المرئي (سبأ)

كما أشار إلى أن أي ازدواج في السلطة أو القرار من شأنه إعاقة برامج الدعم وإعادة اليمن إلى مربع الدولة الفاشلة المتنازع عليها، ومنح الحوثيين فرصة لتعزيز نفوذهم وتحشيد المقاتلين خلف شعارات زائفة.

وأكد العليمي على أهمية تحصين مؤسسات الدولة من أي تسييس إداري، ومنع استخدام الوزارات والمؤسسات السيادية والخدمية في أي مشاريع خارج نطاق المرجعيات الرسمية، مع اتخاذ مسار قانوني واضح ضد أي تجاوزات تهدد وحدة القرار أو المركز القانوني للدولة. وشدّد على توجيه الجهد الوطني نحو مواجهة الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وحماية مصالح اليمن العليا على الصعيدين الداخلي والدولي.


قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979، إلا أن مصدرين مطلعين بمصر قالا لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ليست لديها أي نية أو دافع لإجراء تعديلات، وإن كل ما يهمها هو تأمين حدودها وفق مقتضيات الأمن القومي».

وبحسب المصدرين، فإن «مصر ترغب في زيادة تسليح القوات المصرية في سيناء، وخصوصاً القريبة من إسرائيل بأسلحة ووسائل تكنولوجية حديثة تمكنها من مراقبة الحدود وتحقيق المرونة اللازمة في حفظ الأمن القومي المصري بشكل دائم وتحت أي ظروف بالنظر للأحداث التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين، وشكلت تهديداً كبيراً لأمن مصر».

وشدّد المصدران على أن مصر تنتظر ما سيحدث في لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة نتنياهو للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، مع «وجود اعتقاد لدى العديد من المسؤولين المصريين أن ترمب سيضغط بشدة على نتنياهو للتعاطي مع المطالب المصرية والعمل بشكل أكبر لتحقيق التهدئة اللازمة لإعادة العلاقات الطبيعية بين إسرائيل وجيرانها وبقية دول المنطقة».

ووفق المصدرين، فإن «الأنباء التي تتداول عن مطالب مصر بتعديل معاهدة السلام مع إسرائيل لزيادة القوات المصرية في سيناء غير دقيقة، لأن هناك ملاحق للاتفاقية تحقق المرونة اللازمة بشأن زيادة عدد القوات وقت الحاجة».

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية حذّرت من «نشر الجيش المصري مؤخراً منظومة الدفاع الجوي الصينية (HQ-9B) في شمال سيناء، وهي واحدة من أكثر الأنظمة تطوراً عالمياً». وسلّطت الصحيفة الضوء على ما تتميز به هذه المنظومة من قدرة على اعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مسافات تصل إلى 300 كيلومتراً وارتفاع 30 كيلومتراً، مع إمكانية تتبع أهداف متعددة في وقت واحد ومواجهة تهديدات متقدمة، مثل الصواريخ فرط الصوتية.

مصر وقّعت مع إسرائيل صفقة غاز كبرى مؤخراً (أ.ف.ب)

واعتبر التقرير العبري «نشر مصر لهذه المنظومة المتطورة جزءاً من جهود القاهرة لتعزيز أمنها الجوي أمام التهديدات الإقليمية، لكنه يجدد الشكوك حول الالتزام ببنود اتفاق السلام الذي يحدّ من التسليح في سيناء».

ويرى نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر لا تحتاج لتعديل اتفاقية السلام كما يتردد، لأنه تم تعديل ملحق الاتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 بحجم القوات والمعدات الموجودة حالياً في سيناء، ولكن مصر قد تطلب في ذلك الشأن تطوير تسليح ومعدات قوات المنطقة (ج) القريبة لغزة وإسرائيل بوسائل وأجهزة مراقبة إلكترونية حديثة لمراقبة حدودها مع إسرائيل، التي يبلغ طولها نحو 220 كيلومتراً، وذلك لضبط الحدود أمنياً ومنع التهريب والتسلل بأنواعه المختلفة».

وأوضح: «دائماً كانت ترفض إسرائيل مطلب التسليح الحديث للقوات المصرية في تلك المنطقة خلال محادثات لجنة التنسيق المشتركة لأجهزة الاتصال بين الجانبين».

كامل قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب الرئيسي لمصر هو إعلان نتنياهو تنفيذ جميع بنود اتفاق شرم الشيخ الخاص بغزة، والانسحاب الكامل من قطاع غزه، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد قال إن «العلاقات بين مصر وإسرائيل باردة حالياً، ولكن يتم احتواء الخلافات من خلال التنسيق المشترك والوساطة الأميركية، والخلافات تركز على غزة والأمن الحدودي».

وشرح عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط» أن «اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية تحدد حدوداً صارمة للقوات المصرية في سيناء، مقسمة إلى مناطق (A ،B ،C ،D). وأي زيادة في القوات أو المعدات الثقيلة تتطلب موافقة إسرائيلية مسبقة».

أما الأستاذ المتخصص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، طارق فهمي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل تضغط عبر تسريبات لإعلامها من أجل عمل تعديلات جديدة، لأن آخر تعديل على الملحق الخاص بالاتفاقية تم في 2021، واتفقت اللجنة العسكرية المشتركة على زيادة عدد وقدرات قوات حرس الحدود المصرية بمنطقة رفح، وحالياً هناك محاولات إسرائيلية لتعديل هذا الملحق الأمني لضمان بقاء القوات الإسرائيلية في محور صلاح الدين، وهي المنطقة (د) لديهم، بينما مصر ترى ذلك انتهاكاً لمعاهدة السلام».

وفي تقدير فهمي، فإنه «ستتم مواءمات بين الطرفين بشكل أو بآخر دون حدوث مخالفات كبيرة للمعاهدة»، منوهاً إلى أنه «لا توجد أي خروقات من جانب مصر للمعاهدة، وأغلب الأمور التي تتم حالياً وسابقاً في سيناء تكون بالتنسيق، ومصر ليست في حاجة لاستئذان أحد لحفظ أمنها أو تسليح قواتها».

فهمي وهو محاضر في كلية الدفاع والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، شدّد على أنه «لن تكون هناك قمة بين السيسي ونتنياهو في هذا التوقيت، بصرف النظر عن أي لقاءات أخرى يمكن أن تتم، ونحن في انتظار نتائج القمة بين نتنياهو وترمب أولاً، وبعد ذلك تتم التوافقات، وحينما يتم الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وتكون هناك جدية في تنفيذه من جانب إسرائيل، يمكن عقد قمة عربية تشارك فيها عدة دول، بجانب الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، ثم قمة رباعية بين مصر وإسرائيل وأميركا والأردن. وكل ذلك يتم في الولايات المتحدة، ولا توجد مخططات لقمم تعقد بالشرق الأوسط».