القوات العراقية تدخل مركز الرمادي.. و«داعش» على وشك الانهيار

قوات أميركية خاصة مدعومة بالمروحيات تشارك في المعركة

جنود عراقيون خلال دخولهم شمال الرمادي بين المباني المهدمة غربي بغداد أمس (ا.ف.ب)
جنود عراقيون خلال دخولهم شمال الرمادي بين المباني المهدمة غربي بغداد أمس (ا.ف.ب)
TT

القوات العراقية تدخل مركز الرمادي.. و«داعش» على وشك الانهيار

جنود عراقيون خلال دخولهم شمال الرمادي بين المباني المهدمة غربي بغداد أمس (ا.ف.ب)
جنود عراقيون خلال دخولهم شمال الرمادي بين المباني المهدمة غربي بغداد أمس (ا.ف.ب)

دخلت القوات العراقية فجر أمس مركز الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار التي يسيطر عليها تنظيم داعش منذ مارس (آذار) الماضي، في آخر خطوة لتحرير المدينة.
وتمكنت القوات المقتحمة من الدخول إلى أحياء سكنية من الجهات الأربع للمدينة، حيث أكدت مصادر عسكرية وشهود عيان من سكان المدينة أن «قوات الجيش ومكافحة الإرهاب ومقاتلي العشائر وأفواج شرطة الأنبار تمكنوا من اقتحام المدينة والسيطرة على مناطق جديدة والاقتراب كثيرًا من المربع الحكومي الذي يضم مبنى محافظة الأنبار».
ويأتي هذا التقدم بعد أن أمهلت قيادة العمليات المشتركة أهالي الأنبار المحاصرين في الأحياء السكنية التي يسيطر عليها مسلحو التنظيم المتطرف ثلاثة أيام من أجل الخروج من المدينة، لكنّ مسلحي التنظيم منعوا العائلات من الخروج من المدينة، الأمر الذي دعا القوات العراقية للتقدم قبل انقضاء المهلة.
وقال المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعمان إن «قوات الجيش والقوات المساندة لها استطاعت السيطرة على أحياء سكنية داخل مدينة الرمادي بالكامل، وكان أولها حي البكر وحي الأرامل الذي دخلت قوات جهاز مكافحة الإرهاب بعد عبور شارع 60، الرابط بين شمال وشرق المدينة. وتحاول القطعات العسكرية التوجه صوب حي الضباط ومن ثم السيطرة على مركز مدينة الرمادي».
وأضاف النعمان: «من المتوقع أن تفرض القوات الأمنية العراقية سيطرتها بالكامل على مركز مدينة الرمادي خلال الساعات المقبلة»، مشيرا إلى أن تنظيم داعش يعاني انهيارا واضحا بين صفوفه من خلال تراجعه عن المواجهات المباشرة.
وأشار النعمان إلى أن «القطعات العراقية المسلحة تخوض كذلك اشتباكات عنيفة في مناطق الحميرة والملعب جنوب مدينة الرمادي، بينما تقوم مقاتلات التحالف الدولي وطائرات سلاح الجو العراقي بعمليات المساندة للقطعات المتقدمة، وقامت أيضًا بشن عدد من الطلعات الجوية ضد مواقع تنظيم داعش بالتزامن مع انطلاق العملية العسكرية». ومن جهة أخرى، أكدت مصادر عسكرية مطلعة في قيادة عمليات الأنبار الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، عن وجود قوات أميركية خاصة مدعومة بالمروحيات تشارك بشكل فعلي في معارك تحرير مدينة الرمادي، وإنها تنفذ عمليات منفردة وخاصة بها ضمن قواطع العمليات.
وقال المصدر: «إن المعلومات الاستخبارية أكدت لنا وبما لا يقبل الشك مشاركة قوات أميركية خاصة مدعومة بمروحيات الأباتشي في معارك تحرير مدينة الرمادي وبشكل منفرد في محاور عدة من المدينة». وأضاف المصدر أن «القوات الأميركية قامت بمنع إيصال الدعم القتالي إلى مجاميع مسلحي (داعش) التي تقوم بالاشتباك مع القوات العراقية، عبر قطع خطوط تمويلهم وإمداداتهم وحصر تحركات المسلحين».
وتابع: «وتقوم كذلك بتنفيذ عمليات قتالية منفردة دون مشاركة القوات العراقية معها، وتشن عمليات عسكرية لأهداف منتخبة وفق معلومات استخبارية تقدمها مصادرهم السرية داخل الرمادي، كما قامت بتنفيذ عمليات قتل استهدفت قادة بارزين في تنظيم داعش داخل المدينة».
وفي سياق متصل، قال رئيس أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي إن «قوات الجيش العراقي وأبناء العشائر تقدموا من منطقة البوفراج باتجاه مستشفى الرمادي العام، حيث تجري معارك ضارية تمكنت فيها قواتنا من السيطرة على مستشفى الرمادي، بينما تمكن جهاز مكافحة الإرهاب من تحرير منطقة البوعلوان عسكريًا»، مؤكدًا أن «الساعات القادمة ستشهد تحرير المدينة».
وأضاف الغانمي أن «عناصر تنظيم داعش منعت المواطنين من مغادرة الرمادي، قبل الهجوم على المدينة، وكانت طائراتنا المروحية قد أسقطت يوم الأحد الماضي منشورات على الرمادي تطالب الأهالي بمغادرتها، خلال 72 ساعة، وتشير إلى الطرق الآمنة للمغادرة، ولذلك تقدمت القوات لتحرير المدينة وإنقاذ المدنيين من قبضة (داعش) الإرهابي».
ومع تقدم القوات العراقية المشتركة إلى مناطق جديدة وسط المدينة أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي عن عمليات مسك الأراضي المحررة عبر وصول تعزيزات عسكرية قوامها خمسة أفواج قتالية من مقاتلي عشائر الأنبار، بينما أشار إلى أن تقدم القطعات المسلحة مستمر من الجهات والمحاور الأربعة للمدينة.
وقال المحلاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «عمليات مسك المناطق والأحياء السكنية في داخل المدينة وخارجها قد تم بالفعل، حيث وصلت اليوم خمسة أفواج قتالية من مقاتلي عشائر الأنبار إلى المناطق المحررة، وكذلك إلى المناطق المحيطة بمركز المدينة في القاطع الشمالي والشرقي والجنوبي والاستعداد لمسك الأرض التي سيتم تطهيرها من عصابات تنظيم داعش الإرهابي». وأضاف المحلاوي أن «معارك التطهير متواصلة مع تقدم كبير للقوات الأمنية من محاور الرمادي كافة مع تكبد عصابات (داعش) خسائر فادحة بالعناصر والعجلات التي يستقلونها». وأكد المحلاوي أن «التنظيم أصبح منهارًا ومنكسرًا بعد الضربات الموجعة التي تعرض لها خلال الساعات القليلة الماضية في معارك التظهير».
يذكر أن محافظة الأنبار شهدت معارك عنيفة وسيطرة تنظيم داعش على أغلب مدن المحافظة ومنها الرمادي والفلوجة والمناطق الغربية وسقوط المئات من القتلى والجرحى بين عناصر الجيش والشرطة والمدنيين خلال المواجهات منذ عامين تقريبًا.
إلى ذلك، تمكنت 15 عائلة من أهالي مدينة الرمادي الهرب من قبضة تنظيم داعش، والتوجه إلى القوات الأمنية العراقية بعد أن كانت محاصرة داخل المدينة. وقال عضو مجلس محافظة الأنبار راجح العيساوي إن «15 عائلة كانت محاصرة من قبل مجاميع (داعش) الإجرامية وسط مدينة الرمادي، تمكنت من الهروب إلى إحدى القطعات العسكرية المتمركزة شمال مدينة الرمادي، على الرغم من الاشتباكات العنيفة التي تشهدها أحياء مختلفة داخل مركز المدينة بعد تقدم القوات الأمنية باتجاه تطهيرها بالكامل من عصابات (داعش) الإجرامية». وأضاف العيساوي: «إن مجاميع (داعش) الإجرامية تحاصر مئات العوائل داخل مركز مدينة الرمادي كدروع بشرية لحماية عناصرهم الإجرامية التي تتخذ من المجمعات السكنية والمناطق الآمنة مكانا لاستهداف القوات الأمنية والقوات المساندة لها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».