نيويورك تواجه انتقادات التعليم بـ«قائمة أهداف»

برنامج تجديد المدارس يسعى لتحسين الجودة

عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو في زيارة لإحدى مدارس مانهاتن منتصف العام الحالي (نيويورك تايمز)
عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو في زيارة لإحدى مدارس مانهاتن منتصف العام الحالي (نيويورك تايمز)
TT

نيويورك تواجه انتقادات التعليم بـ«قائمة أهداف»

عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو في زيارة لإحدى مدارس مانهاتن منتصف العام الحالي (نيويورك تايمز)
عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو في زيارة لإحدى مدارس مانهاتن منتصف العام الحالي (نيويورك تايمز)

وسط الانتقادات المتزايدة بأن مدينة نيويورك الأميركية تطالب بتحسين ضئيل جدًا من مدارسها ذات الأداء المتدني، أصدرت الإدارة التعليمية، الأسبوع الماضي، قائمة بالأهداف التعليمية التي من المتوقع أن يحققها برنامج تجديد المدارس الذي أطلقه العمدة بيل دي بلاسيو بقيمة 400 مليون دولار.
فمن خلال إضافة قسم مخصص لتجديد المعايير على كل صفحة إنترنت رسمية خاصة بالمدارس، جعلت الإدارة أهدافها سهلة التحقيق لأول مرة. فقد عملت بعد أيام من الانتقادات الإعلامية لبرنامج التجديد، بالإضافة إلى التساؤلات من المطروحة من جانب أعلى مسؤول تعليمي حول دقة البرنامج.
ويهدف برنامج تجديد المدارس إلى رسم خط مشرق بين سياسات السيد دي بلاسيو التعليمية وسلفه العمدة مايكل بلومبيرغ. فقد أغلق السيد بلومبيرغ العديد من المدارس سيئة الأداء، وفتح مؤسسات جديدة وصغيرة في مكانها. وبدلاً من ذلك، قال السيد دي بلاسيو إن المدارس يمكن أن تتحسن عن طريق تزويدها بالمال والدعم، وخصص تحسين 94 مدرسة في برنامج التجديد.
لكن كان من الصعب تمييز مدى تحسين المدارس المجددة، إذ إن العديد من الأهداف دُفِنَت في الخطة التعليمية الشاملة الخاصة بكل مدرسة، وبين الوثائق التي تمتد بشكل روتيني إلى 75 صفحة ولا تخلق أهداف تجديد محددة.
وقال مسؤولو المدينة إن المعايير الصادرة، الأسبوع الماضي، التي تتضمن أهدافًا مثل عدد الطلاب الذين «حققوا تقدما»، وإذا ما كانت المدارس قد بنت «علاقات أسرية مجتمعية قوية» أم لا، ليست جديدة. فقد تم وضع الأهداف العام الماضي، والجديد فقط تقديمها في شكل أكثر سهولة.
وتدخل 50 مدرسة من مدارس التجديد في برنامج التلقي أيضًا بهدف تحفيز التحسينات في المدارس ذات الأداء المنخفض. واعتمادًا على مدى سوء المدارس، فإنها تحتاج إلى سنة أو سنتين لإبداء تحسينات في مجالات مثل معدلات التخريج والحضور، قبل تعيين متلقٍ خارجي - مثل مجموعة غير ربحية - للإشراف عليها. وتوجد المعايير التي يجب تحقيقها كجزء من البرنامج أيضًا على صفحات الإنترنت الخاصة بالمدارس.
على مدى الأشهر القليلة الماضية، عمل مسؤولو التعليم في المدينة والولاية معا للتوفيق بين الأهداف، حتى تصبح كل الأهداف التجديدية إما مساوية أو أعلى مما تتطلبه ولاية نيويورك.
وقال إيرا شوارتز، مساعد مفوض في وزار التعليم بالولاية: «كانت هناك بعض الحالات شعرنا بأنه ينبغي أن تكون أكثر صرامة مما اقترحها المسؤولون علينا».
وذكرت المدينة أنها كانت مطالبة بتحقيق سبعة فقط من أصل 100 هدف، وأن التغييرات كانت ضئيلة.
وعلى بعض المقاييس، رغم ذلك، كان برنامج المدينة أكثر طموحًا. ويتم تعيين سنتين للمدارس المندرجة في برنامج التلقي لزيادة معدل التخرج لديها بنقطة مئوية، وبـ3 نقاط مئوية خلال 3 سنوات بغض النظر عن المعدل الذي بدأت منه، بحسب متحدث باسم الولاية. واستخدمت المدينة صيغة تستلزم المزيد من النمو.
وحققت «فاونديشنز أكاديمي» في حي بروكلين، على سبيل المثال، معدل تخرج 20 في المائة في السنة الدراسية 2013 - 2014، وسيحتاج المعدل للزيادة إلى 23 في المائة في إطار المبادئ التوجيهية للولاية، فيما يضع برنامج التجديد هدفه عند 75 في المائة.
لكن، لا يقتنع الجميع بذلك. ففي مقابلة أجريت الأسبوع الماضي مع موقع «شوكبيت» التعليمي، قالت ميريل تيش، مستشارة الخريجين بمجلس الحكام، إن بعض أهداف التجديد كانت متدنية للغاية لدرجة تجعلها «مثيرة للسخرية».
ومن المفترض تحقيق كل أهداف التجديد بحلول عام 2017. لكن في بعض الحالات، تُعد الأهداف متدنية للغاية لدرجة أن المستوى الحالي يتجاوزه. ففي مدرسة «جون أدامز» الثانوية في حي أوزون بارك بمقاطعة كوينز، على سبيل المثال، كان من المفترض أن يحقق مؤشر الاستعداد للجامعة بالمدرسة 15.1 بحلول عام 2016. لكن النتيجة هي بالفعل 20.2.
وقالت ديفورا كاي، المتحدثة باسم الإدارة التعليمية بمدينة نيويورك، إنه إذا حققت المدرسة المعيار المحدد مبكرًا، فإنه سيزيد.
وأضافت: «تمتلك كل مدرسة من تلك أكثر من هدف واحد. ولمجرد تحقيق أحد المعايير لا يعكس ضرورة تحقيق المدرسة إنجازًا ضروريًا».
وفي مقابلة أجريت معها مطلع الشهر الحالي، واصلت السيدة تيش انتقادها، قائلة: «عندما تضع معايير متدنية، وتسمح للمدارس بتجاوزها، فإن ذلك يصبح بمثابة نهوض اجتماعي - وفي مرحلة ما، توائم المعايير هؤلاء الأطفال. عندما تضع معايير منخفضة للغاية، ويصل الناس إلى أداء منخفض، فإنك بذلك لم تحقق شيئًا».
وأضافت: «في مرحلة ما، يجب علينا أن نتوقف عن دعم تلك المدارس التي فشلت على مدى عقود».
وردت السيدة كاي: «تتجاوز الأهداف الملموسة التي وضعناها تلك الأهداف التي وضعتها الولاية لبرنامج التلقي الخاص بها، والمؤسس تحت زعامة المستشارة تيش. نحن نطالب بتقدم مطرد، وستخضع المدارس للمساءلة إن لم تحقق تلك الأهداف».

* خدمة «نيويورك تايمز»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.