خلاف كردي صامت على آلية اختيار الرئيس العراقي

انقسام بشأن مقترح قدمه بارزاني... ومخاوف من مفاوضات معقدة

رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني (شبكة روداو)
رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني (شبكة روداو)
TT

خلاف كردي صامت على آلية اختيار الرئيس العراقي

رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني (شبكة روداو)
رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني (شبكة روداو)

تتسع دائرة الخلافات الكردية - الكردية، من دون سجالات علنية؛ بسبب آلية طرحها زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني لاختيار رئيس الجمهورية العراقية، في وقت تشهد فيه العملية السياسية برمتها توازنات هشة داخل المكونات الرئيسية الثلاثة، وسط مخاوف من أن تنعكس هذه الخلافات على الاستحقاقات الدستورية المقبلة.

وخصص العرفُ السياسي في العراق منصبَ رئيس الجمهورية للكرد منذ سقوط نظام صدام حسين، بينما تذهب رئاستَا الحكومة والبرلمان إلى القوى الشيعية والسنية، ضمن صيغة محاصصة تكرس نفسها في كل دورة انتخابية.

مقترح بارزاني

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر كردية مطلعة أن مقترح بارزاني بشأن آلية اختيار رئيس الجمهورية فتح باباً جديداً للنقاش داخل البيت الكردي، خصوصاً بين الحزبين الرئيسيين؛ «الحزب الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، بعدما ظل هذا المنصب، منذ عام 2005، من حصة «الاتحاد الوطني» بموجب تفاهمات سياسية غير مكتوبة مقابل احتفاظ «الحزب الديمقراطي» بالمناصب السيادية داخل إقليم كردستان.

وكان بارزاني قد طرح، في رسالة سياسية وُصفت بأنها «إطار عام» للاستحقاق، 3 آليات محتملة لاختيار رئيس الجمهورية: الأولى أن يسمي برلمان إقليم كردستان شخصية تمثل الكرد وتتولى المنصب، والثانية أن تتفق جميع الأطراف الكردستانية على مرشح واحد، والثالثة أن تختار الكتل والنواب الكرد في مجلس النواب العراقي مرشحاً لهذا المنصب.

وشدد بارزاني على أن المنصب «من حصة الكرد»، من دون ربط المرشح بحزب بعينه، مؤكداً أن الأهم هو «تحقيق إجماع كردي» وأن يكون الرئيس «ممثلاً لشعب كردستان في بغداد».

غير أن مصدراً كردياً أبلغ «الشرق الأوسط» أن جوهر الخلاف لا يتعلق بالأسماء بقدر ما يرتبط بـ«كسر العرف السياسي» الذي حكم توزيع المناصب بين الحزبين لعقدين من الزمن.

وأوضح المصدر أن «منصب رئيس الجمهورية لم يكن يوماً موضع تنافس حقيقي بين الحزبين؛ لأنه محسوب على (الاتحاد الوطني)، مقابل رئاسة الإقليم والحكومة والبرلمان التي تذهب إلى (الديمقراطي الكردستاني)». وأضاف أن «أي تغيير في هذه المعادلة يفترض أن تقابله إعادة نظر شاملة في المناصب السيادية داخل الإقليم، وهو ما لم يُطرح حتى الآن».

ويرى المصدر أن الآلية الجديدة «عقّدت مسار التفاوض» أكبر مما سهلته، لافتاً إلى أن «رئاسة الجمهورية استحقاق وطني عراقي، وليس منطقياً حصر آلية اختياره داخل برلمان الإقليم»، عادّاً أن «كون المنصب من حصة الكرد، فهذا لا يعني عزله عن السياق الاتحادي العراقي». وكشف في الوقت نفسه عن «وساطات جارية» بين الحزبين لتطويق الخلاف، خصوصاً بعد بروز مؤشرات تهدئة تمثلت في تصويت «الاتحاد الوطني» لمصلحة مرشح «الحزب الديمقراطي» لمنصب النائب الثاني لرئيس البرلمان.

اجتماع بين الزعيم الكردي مسعود بارزاني (وسط) ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان (رئاسة الوزراء العراقية)

سياق سياسي مضطرب

تأتي هذه الخلافات في لحظة دقيقة؛ شهدت تباينات حادة داخل المكونات العراقية الثلاثة بشأن تقاسم المناصب العليا. ففي الوقت الذي نجح فيه العرب السنة في احتواء أزمة كادت تطيح استحقاق رئاسة البرلمان، عبر توافقات داخل «المجلس الوطني السياسي»، فإن المشهدَين الكردي والشيعي لا يزلان أكبر تعقيداً، مع تعدد المرشحين وتداخل الحسابات الحزبية.

وكان الكرد قد واجهوا ارتباكاً لافتاً خلال انتخاب النائب الثاني لرئيس البرلمان، بعد دخول قوى كردية جديدة، أبرزها «تيار الموقف»، على خط المنافسة؛ مما كسر الثنائية التقليدية بين «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني».

ودفع هذا التطور «الحزب الديمقراطي» إلى سحب مرشحه الأول، واستبدال مرشح ثانٍ به تمكن من الفوز، لكن من دون أن يبدد القلق الكردي من تداعيات ما جرى على استحقاق رئاسة الجمهورية.

ويرى أستاذ الإعلام في جامعة الكوفة، غالب الدعمي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن آلية بارزاني «تسعى إلى إبعاد منصب رئيس الجمهورية عن منطق الأوزان الانتخابية، والذهاب نحو شخصية مستقلة تحظى بقبول واسع»، عاداً أن هذه المقاربة «مقنعة إلى حد كبير من الناحية النظرية»، لكنها «تصطدم برفض متوقع من (الاتحاد الوطني) الذي يرى في المنصب ركناً أساسياً من نفوذه السياسي».

ويحذر مراقبون بأن استمرار الخلافات الكردية، حتى وإن بقيت صامتة، قد ينعكس على مسار التفاوض داخل بغداد، خصوصاً مع ترابط استحقاق رئاسة الجمهورية بتوازنات أوسع تشمل اختيار رئيس الوزراء وترتيبات التحالفات داخل البرلمان.


مقالات ذات صلة

«التحالف الدولي» يسلم قاعدة عسكرية إلى القوات العراقية الأسبوع المقبل

المشرق العربي صورة نشرها الجيش الأميركي من زيارة رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول ركن عبد الأمير يار الله إلى قاعدة «عين الأسد» في أغسطس 2024

«التحالف الدولي» يسلم قاعدة عسكرية إلى القوات العراقية الأسبوع المقبل

أعلنت «قيادة العمليات المشتركة» في العراق قرب استكمال انسحاب قوات التحالف الدولي من قاعدة «عين الأسد»، غربي العراق، وتسليمها إلى القوات العراقية الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط»
المشرق العربي أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

برلمان العراق يتجاوز أزمة سياسية... ويفتح الترشح لـ«رئيس الجمهورية»

أنهى مجلس النواب العراقي، الثلاثاء، جدلاً سياسياً بانتخاب قيادي في «الديمقراطي الكردستاني» نائباً ثانياً لرئيس البرلمان.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي نواب يحضرون الجلسة الأولى للبرلمان السادس في بغداد (أ.ف.ب)

تسوية حسمت رئاسة البرلمان العراقي في جلسة «انسيابية»

طويت واحدة من أكثر العقد السياسية في العراق، مع انتخاب مجلس النواب، الاثنين، النائب هيبت حمد عباس الحلبوسي رئيساً للبرلمان للدورة السادسة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي عناصر من «فاطميون» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية)

تقرير: إيران تعمل على حشد فلول «الفرقة الرابعة» لتأجيج الوضع في سوريا

قال موقع «تلفزيون سوريا» إن إيران تعمل منذ مطلع شهر ديسمبر الجاري، على حشد فلول الفرقة الرابعة المرتبطة بإيران لتأجيج الوضع في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي الجديد هيبت الحلبوسي (أ.ب)

مَن هو رئيس البرلمان العراقي الجديد؟

انتُخب النائب هيبت حمد عباس الحلبوسي، القيادي في حزب «تقدم»، الاثنين، رئيساً لمجلس النواب العراقي للدورة البرلمانية السادسة بعد جلسة افتتاحية سلسة وحاسمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

القوات الإسرائيلية تفجر آخر منزل في بلدة مروحين جنوب لبنان

يتصاعد الدخان بعد قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
يتصاعد الدخان بعد قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
TT

القوات الإسرائيلية تفجر آخر منزل في بلدة مروحين جنوب لبنان

يتصاعد الدخان بعد قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)
يتصاعد الدخان بعد قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

أقدمت القوات الإسرائيلية، اليوم (الأربعاء)، على تفجير منزل في بلدة مروحين الحدودية في جنوب لبنان.

وأعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن «العدو الإسرائيلي فجر اليوم منزل عمر ذيب القاسم في بلدة مروحين الحدودية، وهو المنزل الوحيد الذي كان لا يزال على حالته الطبيعية في البلدة».

وكانت قنبلة ألقتها مسيرة إسرائيلية قد استهدفت صباح اليوم الأربعاء حفارة في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان. وتوغلت قوة إسرائيلية بعيد منتصف الليل الماضي داخل الأراضي اللبنانية، وأقدمت على تفجير منزل في بلدة حولا الجنوبية.

تجدر الإشارة إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان وبدأ سريانه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وأسفرت الغارات منذ التوقيع على اتفاق وقف الأعمال العدائية، وحتى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن مقتل 335 شخصاً، وجرح 973 آخرين.


الجيش الإسرائيلي يباشر هدم 25 مبنى سكنياً في مخيم للاجئين بالضفة

جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي تهدم مباني خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين (إ.ب.أ)
جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي تهدم مباني خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يباشر هدم 25 مبنى سكنياً في مخيم للاجئين بالضفة

جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي تهدم مباني خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين (إ.ب.أ)
جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي تهدم مباني خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين (إ.ب.أ)

باشرت جرّافات إسرائيلية، الأربعاء، هدم 25 مبنى تؤوي فلسطينيين في مخيم للاجئين، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه محاولة لاستئصال الجماعات المسلّحة في المناطق الشمالية من الضفة الغربية المحتلة، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

والمباني التي تؤوي نحو مائة عائلة، تقع في مخيم نور شمس، حيث غالباً ما تسجّل اشتباكات بين مسلّحين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية.

وعملت الجرافات والآليات التابعة للجيش الإسرائيلي على هدم المباني، الأربعاء، في الصباح الباكر، فارتفعت في الهواء سحب الغبار الكثيف، وفق ما أفاد صحافي في «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الجيش الإسرائيلي إن عمليات الهدم تندرج في إطار عملية ضد المسلّحين.

وأفاد الجيش «الوكالة الفرنسية» في بيان: «بعد نشاط متواصل لقوات الأمن الإسرائيلية لمكافحة الإرهاب في منطقة نور شمس في شمال السامرة، أمر قائد القيادة المركزية آفي بلوط بهدم مبانٍ عدة؛ تلبية لاحتياجات تشغيلية واضحة وضرورية».

يشاهد فلسطينيون جرافات الجيش الإسرائيلي وهي تهدم مباني خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين قرب مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وتابع البيان: «لقد أصبحت مناطق في شمال السامرة مركزاً رئيسياً للنشاط الإرهابي، يعمل من داخل مناطق مدنية مكتظة بالسكان».

ويهودا والسامرة هو الاسم الذي تطلقه السلطات الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة.

في وقت سابق من العام، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية قال إنها تهدف إلى تفكيك الجماعات الفلسطينية المسلّحة في مخيمات شمال الضفة الغربية، بما في ذلك نور شمس وطولكرم وجنين.

وقال الجيش، الأربعاء: «بعد مرور عام على بدء عمليات الجيش في المنطقة، ما زالت القوات تعثر على ذخيرة وأسلحة وعبوات ناسفة تستخدمها منظمات إرهابية، وتعرّض جنود الجيش للخطر وتعوق حرية التحرك العملياتية».

في ديسمبر (كانون الأول)، أفادت تقارير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بتوجّه سكان المباني المستهدفة لأخذ مقتنياتهم منها، وقد أشار كثر إلى عدم وجود أي مكان يذهبون إليه.

وتندرج عمليات الهدم في إطار استراتيجية إسرائيلية أوسع نطاقاً ترمي إلى تسهيل وصول المركبات العسكرية داخل المخيمات المكتظة للاجئين في الضفة الغربية.

تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967.

وبعد قيام دولة إسرائيل وبعد حرب عام 1948 التي أدت إلى نزوح وتهجير آلاف الفلسطينيين، أُنشئت مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ودول عربية مجاورة.

حينها كانت الخيام مأوى للاجئين. لكن مع مرور الوقت والسنوات، تحولت تلك الخيام مساكن معظمها بُني من الطوب. ودفع ازدياد عدد السكان إلى بناء مزيد من الطوابق.

وتتوارث أجيال السكان في المخيمات صفة اللاجئ.

ويعتقد كثر أن إسرائيل تسعى إلى تدمير فكرة المخيمات بذاتها، وتحويلها أحياء عادية من المدن المجاورة؛ وذلك لتصفية قضية اللاجئين.


الغزيون يودعون «كابوس» 2025... ويتطلعون بأمل إلى سنة أفضل

منحوتة رملية للفنان يزيد أبو جراد تمثل العام المقبل حيث يستعد الفلسطينيون النازحون لاستقبال العام الجديد في دير البلح بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
منحوتة رملية للفنان يزيد أبو جراد تمثل العام المقبل حيث يستعد الفلسطينيون النازحون لاستقبال العام الجديد في دير البلح بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الغزيون يودعون «كابوس» 2025... ويتطلعون بأمل إلى سنة أفضل

منحوتة رملية للفنان يزيد أبو جراد تمثل العام المقبل حيث يستعد الفلسطينيون النازحون لاستقبال العام الجديد في دير البلح بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
منحوتة رملية للفنان يزيد أبو جراد تمثل العام المقبل حيث يستعد الفلسطينيون النازحون لاستقبال العام الجديد في دير البلح بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يستقبل الفلسطينيون من سكان قطاع غزة السنة الجديدة بكثير من التعب والحزن، لا بأجواء احتفالية، لكنّ لديهم أملاً ولو طفيفاً في أن تُطوى أخيراً مع انصرام 2025 صفحة «الكابوس الذي لا ينتهي».

فالحياة بالنسبة إلى سكان القطاع المنكوب اليوم هي بمثابة كفاح يومي من أجل البقاء، إذ إنّ جزءاً كبيراً من البنية التحتية فيه مُدمّر، ولا يتوافر التيار الكهربائي إلاّ فيما ندر، فيما يعيش مئات الآلاف من السكان في خيام بعدما نزحوا مراراً خلال العامَين الأخيرَين جرّاء الحرب التي بدأت بعد هجوم «حماس» على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقالت هناء أبو عمرة التي تقيم في مدينة غزة: «نحن في القطاع نعيش يا للأسف في كابوس لا ينتهي».

وأضافت المرأة الثلاثينية التي هُجرت بسبب الحرب: «نأمل في أن ينتهي هذا الكابوس في 2026 (...) وأقل ما نتمناه حياة طبيعية، وأن نرى الكهرباء عادت والشوارع عادت طبيعية، وأن نمشي في هذه الشوارع ولا تكون فيها خيام».

وباتت مشاهد المعاناة مألوفة في مختلف أنحاء قطاع غزة الذي يتجاوز عدد سكانه مليونَي نسمة.

ووسط خيام ممتدة في الشوارع والساحات المفتوحة التي تؤوي عائلات فقدت منازلها، ينتظر الأطفال في طابور حاملين غالونات بلاستيكية يملأونها بالمياه.

وأصبحت الأحياء التي كانت تعج بالحياة تحمل آثار القصف، وتقتصر الحياة اليومية فيها على الضروريات الأساسية.

في خضمّ هذا المشهد، تمثّل نهاية هذه السنة للكثيرين لحظة حزن بقدر ما هي لحظة أمل.

وفي مدينة غزة، رسم مراهق الرقم «2026» على خيمته، في حين كان فنان محلي منكباً على نحت الرقم نفسه على الرمال في دير البلح وسط غزة.

وقالت شيرين الكيالي: «نودّع سنة 2025 بالأسى والحزن»، بعدما شهدت دماراً وموتاً وخوفاً.

وأضافت: «فقدنا أناساً كثراً، وفقدنا ممتلكاتنا، وعشنا حياة صعبة وقاسية من نزوح إلى نزوح، ومن مدينة إلى أخرى تحت القصف والرعب».

أطفال يسيرون خلف منحوتة رملية للفنان يزيد أبو جراد تمثل العام المقبل في حين يستعد الفلسطينيون النازحون لاستقبال العام الجديد في دير البلح بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أمل في 2026

ويشكّل ما عاشته الكيالي نموذجاً لما عاناه عدد لا يُحصى من سكان غزة الذين اضطروا إلى النزوح مراراً وتكراراً، غالباً من دون سابق إنذار، ولم يحملوا معهم إلا ما تيسّر لهم نقله.

وشُردت عائلات بأكملها، ودُمّرت سُبل عيشها خلال عامين من الحرب، لكنّ هذا الواقع لم يمنع بعض السكان من التمسك بالأمل في أن تحمل السنة الجديدة نهاية للحرب وفرصة لإعادة البناء.

وقد أصبح الأمل فعل صمود بالنسبة إلى كثر من سكان غزة، خصوصاً بعد الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، وأدت إلى وقف الحرب إلى حد كبير.

وعلّق خالد عبد المجيد (50 عاماً) الذي يقيم في خيمة بمخيم جباليا: «ما زلنا نأمل في حياة أفضل في السنة الجديدة، وأناشد العالم الحر مساعدة شعبنا المظلوم حتى نتمكن من استعادة حياتنا».

وأملت فاتن الهنداوي في أن تشهد السنة الجديدة «نهاية الحرب».

وأضافت: «سنودع سنة 2025 ونترك لها الألم، ونتمنى أن تكون سنة 2026 بداية الأمل والدعاء، وإصرارنا على الحياة، وقصص نجاح كبيرة».

وتعمّ هذه الآمال على نطاق واسع في غزة، رغم استمرار الأوضاع المزرية على أرض الواقع.

وقد حذّرت منظمات الإغاثة الإنسانية من استمرار نقص الغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبية، في حين أن ظروف الشتاء القاسية تزيد من معاناة سكان مخيمات النزوح المكتظة.

ووسط الأنقاض والخيام، يقول العديد من سكان غزة إن تطلعاتهم متواضعة، ولا يريدون أكثر من الأمان والاستقرار والكرامة.

وقالت الهنداوي: «آمل في أن تبدأ إعادة إعمار غزة في 2026. كانت غزة جميلة، ونتمنى أن تعود جميلة كما كانت».

عاجل إعلام سوري: سماع دوي انفجار في حلب وجار التحقق من مصدره