تحضيرات خليجية ـ يمنية لمؤتمر «إعادة إعمار اليمن»

وزير التخطيط اليمني لـ {الشرق الأوسط}: أعددنا وثيقة حكومية وبرنامج تقييم الأضرار

تحضيرات خليجية ـ يمنية لمؤتمر «إعادة إعمار اليمن»
TT

تحضيرات خليجية ـ يمنية لمؤتمر «إعادة إعمار اليمن»

تحضيرات خليجية ـ يمنية لمؤتمر «إعادة إعمار اليمن»

كشف الدكتور محمد الميتمي وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، أن حكومة بلاده تعكف على إعداد وثيقة لإعادة الإعمار في اليمن، تتضمن برنامج تقييم الأضرار التي خلفتها الحرب، وذكر أن مشروع الوثيقة سلّم لشركاء اليمن في مجلس دول التعاون الخليجي وكذا للشركاء الدوليين، تمهيدًا لإقرارها بشكل نهائي واعتمادها كوثيقة نهائية ستكون الأساس لمؤتمر إعمار اليمن الذي دعا إليه البيان الختامي للقمة الخليجية التي اختتمت - أخيرًا - في الرياض.
وبحث الدكتور عبد العزيز العويشق الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس، مع الدكتور محمد الميتمي، الشراكة بين المجلس واليمن، والجهود التي تبذل من أجل إعادة الأمن والاستقرار في اليمن. وناقش الاجتماع خطوات التنسيق المطلوبة للتحضير والإعداد للمؤتمر الدولي لإعادة إعمار اليمن بعد وصول الأطراف اليمنية إلى الحل السياسي المنشود، وذلك في إطار إعلان الرياض الصادر عن الدورة السادسة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون التي اختتمت أعمالها في الرياض بتاريخ 10 ديسمبر (كانون الأول) 2015.
وذكر الدكتور الميتمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة انتهت من إعداد الوثيقة الخاصة بإعادة الإعمار عبر اللجنة العليا لإعادة الإعمار والتنمية التي يرأسها، وتشمل مشروع بناء الدولة وإعادة إعمار مؤسساتها، والبنية التحتية، إضافة إلى مشروع إعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي لا يقل أهمية عن إعادة إعمار المؤسسات المدمرة في المحافظات التي شهدت معارك. وأوضح الدكتور الميتمي أن هذه الوثيقة ستكون الإطار المرجعي للمؤتمر الدولي الخاص بإعادة الإعمار، بحيث تتضمن منهجية مشروع بناء مؤسسات الدولة بشكل كامل، والآليات المرتبطة بذلك، مشيرا إلى أن الدمار الذي خلفته الحرب لم يحدث على مدى عقود من تاريخ اليمن، سواء في البنية التحتية والمقرات السكنية أو على مستوى النسيج الاجتماعي، وقال: «إن مشروع إعادة الإعمار سيستغرق تنفيذه أكثر من ثلاثة عقود، والحكومة منذ وقت مبكر أعدت برامج إعادة الإعمار وأصبحت الوثيقة الخاصة بذلك جاهزة، وحددت ثلاث مراحل لتنفيذها، وهي: مراحل الاستجابة السريعة أو التدخل العاجل لإعادة الخدمات الضرورية للسكان التي بدأت في عدن، ولدينا - حاليا - خطة عاجلة لمحافظتي تعز ومأرب، وهذه المرحلة محددة زمنيا من سنة إلى سنتين، وتتضمن إعادة الخدمات العامة من طاقة وبنية تحتية ضرورية، والمرحلة الثانية، وهي على المدى المتوسط التي تأخذ وقتا أطول، وترتبط بإعادة بناء مؤسسات جديدة ومقرات حكومية بدلاً عن المؤسسات التي دمرت، والمرحلة الثالثة تتضمن برامج إعادة إعمار على المدى البعيد، وهي المشروعات الاستراتيجية التي تتطلب وقتا أطول يمتد لأكثر من عقد».
وحول موعد انعقاد المؤتمر الدولي لإعمار اليمن، أكد الدكتور الميتمي صعوبة تحديد موعد قبل توقف الحرب، والوصول إلى سلام دائم وشامل، وكشف اعتزام الحكومة إعداد خريطة تقييم الأضرار لجميع محافظات اليمن، بعدها سيجرى وضع التكلفة النهائية لميزانية إعادة الإعمار بشكل كامل، وقال: إن «برنامج تقييم الأضرار المادية ستقوم به شركات عالمية، عبر استخدام المسوحات عبر الأقمار الصناعية والمسح الميداني والمسح الجوي».
وأوضح أن هناك تنسيقا عاليا بين الحكومة اليمنية والأمانة العامة لمجلس دول التعاون الخليجي، للإعداد الجيد للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في اليمن، وقال: «إن الأمانة العامة لمجلس دول التعاون الخليجي شكلت لجانا من طرفها للإعداد للمؤتمر الدولي الخاص باليمن، واتفقنا معها على تشكيل لجنة مشتركة للبدء بالمشاورات التحضيرية لهذا المؤتمر». وكان راجح بادي المتحدث باسم الحكومة اليمنية قد أوضح أن الاحتياجات العاجلة لليمن تتطلب ما لا يقل عن 22 مليار دولار، لإعادة إعمار البنية التحتية والعودة للاستقرار، مشيرًا في تصريحات سابقة مع «الشرق الأوسط» إلى أن الحكومة ستعمل على التشاور مع دول الخليج والأمانة العامة لمجلس دول التعاون الخليجي، للإعداد الجيد لهذا المؤتمر. وقال: «ندعو دول العالم إلى المشاركة فيه ومساعدة الشعب اليمني الذي تعرض لأزمة إنسانية واقتصادية صعبة»، مشيدا بما تقدمه دول الخليج لليمن الذي يؤكد من جديد المصير المشترك، والعلاقات الأخوية التاريخية.
من جانبه، عد مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، دعوة دول مجلس التعاون الخليجي لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار وإعداد برنامج عملي لتأهيل الاقتصاد اليمني واندماجه في الاقتصاد الخليجي، خطوة مهمة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في منطقة شبه الجزيرة العربية وليس في اليمن فحسب، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أثبتت الأحداث الأخيرة أن المخاطر السياسية والأمنية لا يقتصر تأثيرها السلبي على دولة دون أخرى».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.