أثار ترحيب رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر بوصول الناشط المصري- البريطاني علاء عبد الفتاح إلى لندن، بعد سنوات من سجنه في مصر، قبل صدور عفو رئاسي عنه، أزمة واسعة في بريطانيا؛ على خلفية تعرض ستارمر لانتقادات من سياسيين معارضين، وهو ما قوبل بـ«شماتة» مصرية ظهرت على منصات «السوشيال ميديا».
القصة وما فيها الدنيا مقلوبه فى بريطانيا بعد ترحيب كير ستارمر رئيس الوزراء البريطانى بوصول المجرم والمحرض على القتل علاء عبد الفتاح إلى لندن قادما من القاهرة، وكتب ستارمر: يسعدنى عودة علاء عبد الفتاح وجمع شمله مع أحبائه.الشعب البريطانى عايز يعرف من ده اللى بيرحب به رئيس...
— أحمد موسى - Ahmed Mousa (@ahmeda_mousa) December 28, 2025

وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر (أيلول) الماضي قراراً بالعفو عن عبد الفتاح، الصادر ضده في ديسمبر (كانون الأول) 2021 حكماً بسجنه لمدة 5 سنوات بتهمة «الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة».
وخلال فترة سجنه حصل عبد الفتاح على الجنسية البريطانية عن طريق والدته ليلى سويف بصفته من مواليد المملكة، وبعد أن أصبح «مواطناً بريطانياً» جرت اتصالات عدّة بشأنه بين الحكومتين المصرية والبريطانية، قبل أن يتم الإفراج عنه ورفع اسمه من قوائم «الإرهاب» والسماح له بالسفر خارج البلاد.
ووصل عبد الفتاح إلى لندن، الجمعة الماضي، بعد أيام من قرار النائب العام رفع اسمه من قوائم «المنع من السفر». وعقب وصوله كتب ستارمر عبر حسابه على منصة «إكس» تدوينة يرحب فيها بوصول عبد الفتاح، عادَّاً أن «قضيته كانت أولوية قصوى لحكومته منذ توليه المسؤولية، وموجهاً الشكر للرئيس المصري لإصدار قرار بالعفو عنه».
غير أن ذلك الترحيب قوبل بانتقادات بريطانية واسعة. وكتب وزير العدل في حكومة الظل عضو البرلمان روبرت جينريك رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني ينتقد فيها ترحيب رئيس الوزراء بوصول عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة، عادَّاً أن هذا الترحيب تجاوز كونه دعماً قنصلياً إلى تأييد سياسي علني غير مبرر.
The Prime Minister very publicly endorsed and welcomed to the UK a man with disgusting, extremist views.Does he really support him? Or was he just ignorant?My letter to @Keir_Starmer pic.twitter.com/Iefk4VxmZc
— Robert Jenrick (@RobertJenrick) December 27, 2025
وأشار إلى أن ذلك يتناقض مع تعهد الحكومة بمحاربة «معاداة السامية»، خاصة في ظل ما يصفه بسجل عبد الفتاح من «تصريحات متطرفة تحرّض على العنف ضد الإسرائيليين والشرطة»، مذكراً بتصريحات عدة سجلها الناشط المصري البريطاني عبر حساباته، ومتسائلاً عما إذ كان رئيس الوزراء البريطاني على علم بهذه التصريحات وما إذا كان يدين تلك التصريحات بشكل قاطع ومن دون أي تبرير.
ووصف نائب زعيم حزب الإصلاح البريطاني ريتشارد تايس بيان ستارمر بأنه «مثير للاشمئزاز» في تدوينة عبر حسابه على «فيسبوك»، فبينما أكد بتدوينة أخرى على «إكس» عدم المسامحة على منحه الجنسية البريطانية قبل سنوات.
Why do the Tories give the known racist antisemite El-Fattah British citizenship in 2021?Never forgive, never forget https://t.co/pIPDSd0Ucx
— Richard Tice MP (@TiceRichard) December 27, 2025
وانتقدت النائبة البرلمانية ساره بوتشين في تدوينة عبر «إكس» ترحيب رئيس الحكومة بالناشط المصري البريطاني، ومتسائلة عن كيفية الترحيب بشخص «يدعو للعنف ضد النساء والفتيات ويتحدث عن قتل رجال الشرطة».
.@Keir_Starmer, how on earth can you welcome a man to our country who denies the Holocaust and is an avowed antisemite, advocates violence toward women and girls, hates white people and has spoken about killing police officers? Do you have the slightest comprehension that your... https://t.co/SMBM8GCxRQ
— Sarah Pochin MP (@SarahForRuncorn) December 27, 2025
ولاقى الجدل البريطاني تفاعلاً في مصر وسط تعليقات حملت «شماتة» في موقف الحكومة البريطانية ودفاعها خلال السنوات الماضية عن عبد الفتاح ومطالب الإفراج عنه.
وقال المحامي البريطاني والمختص بالقانون الدولي أمجد سلفيتي لـ«الشرق الأوسط» إن «الجدل في الداخل البريطاني مرتبط بحسابات انتخابية وسياسات حزبية»، مشيراً إلى أن «الجنسية الممنوحة لشخص يحمل جنسية أخرى يمكن سحبها وفق شروط متعددة، وهو أمر قد يتم اللجوء إليه بالفعل في حالة عبد الفتاح».
وأضاف: «القانون البريطاني نظم إجراءات سحب الجنسية من الحاصلين عليها بالاكتساب المباشر وفق شروط عدة، منها المصلحة العامة أو الإضرار بالأمن القومي، الأمر الذي يتم بناءً على قرار من وزير الداخلية ويناقش في مجلس الوزراء، وفي حال حدوثه يكون للمتضرر منه الحق باللجوء إلى القضاء من أجل الحسم النهائي ما إذ كان سيحتفظ بالجنسية أم ستسحب منه».
علاء عبد الفتاح عامل أزمة سياسية في بريطانيا... سياسيين بريطانيين بيقولوا عليه إرهابي وكيف لا يتم سجنه... طب ما مصر كانت بتقول هذا الكلام من زماااان pic.twitter.com/D6J5DPkmTt
— ماهر فرغلي (@maherfarghali) December 28, 2025
وعدّ الكاتب والمحلل البريطاني عادل مرزوق في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن قضية علاء عبد الفتاح «تعكس بوضوح حالة الارتباك التي تعيشها السياسة البريطانية في ظل لحظة استقطاب حاد»، موضحاً أن «عودة علاء إلى لندن من حيث الشكل، لا تمثل اصطفافاً آيديولوجياً من الحكومة البريطانية معه، لكنها تحوّلت في السياق السياسي المحتقن قراراً ذا كلفة داخلية مرتفعة».
ويشير عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التعامل البريطاني مع ملف علاء عبد الفتاح جاء من دون إدراك طبيعة الأسباب التي سُجن من أجلها»، مشيراً إلى أنه «ارتكب جرائم يعاقب عليها القانون، وثبت ذلك بأدلة واضحة وصدر بحقه حكم قضائي بالحبس، الأمر الذي تغافلت عنه الحكومة البريطانية خلال طلبات الإفراج عنه».
وعدّ أن «محاولة تقديمه بوصفه بطلاً قومياً أمر يعد بمثابة قلب للحقائق القانونية الراسخة»، لافتاً إلى أن «الجدل البريطاني المتأخر لقراءة ما قام به بالفعل وسجن على أساسه يعكس ما أوضح من مصر سلفاً».




