القاهرة تحتفي برائد الفن السعودي عبد الحليم رضوي

50 لوحة تعكس التراث والهوية بلغة تشكيلية حديثة

عبد الحليم رضوي... طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر (الشرق الأوسط)
عبد الحليم رضوي... طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر (الشرق الأوسط)
TT

القاهرة تحتفي برائد الفن السعودي عبد الحليم رضوي

عبد الحليم رضوي... طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر (الشرق الأوسط)
عبد الحليم رضوي... طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر (الشرق الأوسط)

يُعدّ معرض الفنان التشكيلي السعودي الراحل عبد الحليم رضوي، المُقام في غاليري «ضي الزمالك» بالقاهرة، تجربةً غامرةً للمتلقّي، تتيح له مشاهدة مجموعة متنوّعة من أعمال الفنان مجتمعةً، كما يُقدّم المعرض نظرةً معمَّقةً على ممارسات فنان من الرعيل الأول، أسهم في تحديد معالم الفنّ البصري السعودي بوصفه رائداً لمدرسة «الأصالة».

وتعكس اللوحات الـ50 التي يضمها المعرض، المستمرّ حتى 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحت عنوان «مائيات رائد الحركة التشكيلية السعودية»، ميله إلى تجسيد التراث وعناصر الهوية الوطنية، إلى جانب احتفائه بالطبيعة، معتمداً التبسيط والاختزال أسلوباً لفنّه، الذي كسر من خلاله القواعد الأكاديمية التقريرية الصارمة، في بحثه عن المعاصرة وتحدّي التوقعات.

وفي كلمته عن تجربة عبد الحليم رضوي، قال الفنان والناقد السعودي عبد الرحمن السليمان: «رضوي من الرعيل الأول الذين رسموا صورة حقيقية لمعالم الفنّ التشكيلي في السعودية». وتابع: «يستطيع المراقب لمسار الحركة التشكيلية في المملكة أن يتعرَّف إلى أي مدى تأثير مشواره الفنّي وما قدّمه لها، حتى توفي في جدة بعد صراع مع المرض خلال الأعوام الأخيرة، وقد عُرف عنه نشاطه وإصراره على أن يكون للفنّ التشكيلي دور في الثقافة العامة للمجتمع».

لوحات رضوي تتميَّز بديناميكية حركية تدعمها الأشكال الدائرية والدوامات اللونية (الشرق الأوسط)

ويُعدّ استلهام التراثَين العربي والإسلامي، والأصالة بشكل عام، من أهم سمات فنه؛ إذ انطلق منهما، وفق السليمان، إلى عالم الفنّ، وقد تطلَّب منه ذلك اهتماماً كبيراً، وكرَّس له أعمالاً تحمل هذا التوجُّه أو تتأثَّر به.

وُلد التشكيلي السعودي عبد الحليم رضوي عام 1939 في مكة المكرمة، وعاش بداية حياته عصامياً؛ فكان لوالدته الدور الكبير في تنشئته وتعليمه، وكان محاطاً في مدرسته بالتشجيع والاهتمام، فخصَّصت جناحاً لرسوماته نفّذها بالألوان المائية والبلاستيكية.

وكان عام 1958 بداية انطلاقه لحياة فنّية تميَّزت بالمثابرة والجدّ والاجتهاد؛ إذ شارك في أول مسابقة جماعية على مستوى المدارس الثانوية في مدينة الرياض، وفاز حينها بالمركز الأول، وكان لهذا الفوز أثره في أن يتّجه، بعد إنهائه الدراسة الثانوية في مدرسة «العزيزية» بجدة، إلى دراسة الفنون الجميلة، بعدما كان يتمنّى دراسة الطب.

وسافر إلى إيطاليا عام 1961 على نفقته، ليدرس في أكاديمية الفنون الجميلة في روما الديكور وفنونه، وفيها أقام أول معارضه الشخصية في العام التالي من التحاقه بالدراسة، قبل أن يُضمّ لاحقاً إلى البعثة الرسمية.

ورغم أنّ المشهد التشكيلي كان ينتظر من رضوي تمثيل الواقع ومحاكاته، فإنه رفض استنساخه. ففي الوقت الذي جسَّد فيه كنوز بيئته المتفرّدة، وفي مقدّمتها الكعبة المشرَّفة ومحيط الحرم المكي، إلى جانب الصحراء والخيول، مؤكداً الهوية الوطنية والخصوصية المكانية والحضارية، أطلق لخياله العنان عبر تقنيات حداثية، مقدّماً للجمهور طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر.

والمتأمّل للوحات المعرض يلمس إلى أي مدى أسهمت البيئة في المملكة في تشكيل وجدان رضوي ومزاجه الفنّي، وفي الوقت نفسه يستشعر كيف برع الفنان في توظيف الحلول والتصوّرات الحداثية في أعماله لتأكيد اعتزازه بهذه البيئة.

الفنان الراحل عبد الحليم رضوي مع الناقد الفني هشام قنديل (غاليري ضي)

ومن اللافت أيضاً تعبير هذه الأعمال عن اطّلاعه وتفاعله مع المدارس الفنية العالمية؛ فهو، وإن احتفى بإرثه الثقافي والحضاري، قدَّم في الوقت عينه لغةً تشكيليةً تتوافق مع التيارات الحديثة في حركة الفنّ العالمية.

ولم يقتصر نتاج هذا الفكر والتوجُّه على اللوحات التشكيلية فقط، بل شارك رضوي في كتاب «قضايا معاصرة» مع الدكتور أبو بكر باقادر وأكرم طاشكندي، وجاء إسهامه في شكل مقالات نُشرت في عدد من الصحف.

وخلال دراسته الفنية في إسبانيا، التقى عدداً من الفنانين العرب، وكان حريصاً خلال مناقشاته معهم ومع تلاميذه على التأكيد على أهمية أن تكون للشخصية الفنّية في النتاج العربي خصوصيتها وأسلوبها المميز، مع استخدام المعايير الحديثة.

وتتميَّز لوحات المعرض بديناميكية حركية تدعمها الأشكال الدائرية والدوّامات اللونية، إضافة إلى التقويسات، والشخوص، والرقصات الشعبية، والاحتفالات، والحروفيات المُصاحبة للتقسيمات الهندسية المليئة بالحركة، والنابضة بالحياة.

معرض «إبداعات سعودية معاصرة» نوَّع في موضوعاته (الشرق الأوسط)

وتحمل اللوحات مفردات ترمز إلى الأصالة والحميمية في المجتمع، مثل مفردة الخيول في عنفوان حركتها، والبيوت العربية بعناصر الحياة اليومية داخلها، فضلاً عن القباب والمآذن بكل رمزيتها وشحناتها الدينية والروحية.

وحقَّق الفنان عبد الحليم رضوي عدداً من الأنشطة الفنّية، تمثلت في المعارض الشخصية والجماعية خلال تولّيه منصب مدير فرع «جمعية الثقافة والفنون بجدة»، كما قدَّم فكرة معرض «مختارات من الفنّ التشكيلي السعودي المعاصر» التي تبنّتها الجمعية.

وحصل عام 1984 على وسام القائد من البرازيل، وأنشأ متحفه في جدة، حيث عرض أعماله الفنّية، كما أقام أكثر من 100 معرض شخصي طاف بها عدداً من بلدان العالم، كان أولها في روما وبيروت، ثم في إسبانيا ومصر وتونس وغيرها.

وكرَّمته أكثر من جهة، وتقتني أعماله جهات رسمية عدة داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، ليبقى رائداً حقيقياً للفنّ التشكيلي السعودي.

جانب من معرض «إبداعات سعودية معاصرة» (الشرق الأوسط)

ويُصاحب معرض رضوي تقديم أعمال نخبة من رواد وكبار التشكيليين المعاصرين في المملكة، في قاعة خاصة تحت عنوان «معرض إبداعات سعودية معاصرة».

ويضمّ المعرض مجموعة مختارة من أعمالهم، من بينهم الفنانون: بكر شيخون، وأحمد فلمبان، وفيصل السمر، وفؤاد مغربل، ومحمد سيام، ونوال مصلي، وعبد الرحمن السليمان، وطه الصبان، وعبد الله حماس، وسمير الدهام، وفهد الحجيلان، وشاليمار شربتلي، وعبد الله إدريس، وأيمن يسري، وعلا حجازي، ومحمد الرباط، وفهد خليف، ومحمد الغامدي، وعبد الرحمن المغربي، ورياض حمدون، وغيرهم.


مقالات ذات صلة

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

يوميات الشرق جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

لم يعد سؤال صنّاع السينما يدور حول عدد العناوين، بل حول أيّ الروايات تصلح لأن تُروى على الشاشة...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق تحاول الفنانة التشكيلية في هذه المجموعة العبور من المحدود إلى المطلق (الغاليري)

معرض «تفتّحت الزهور من بين حجار الإسمنت المكسور»... عود على بدء

تستخدم ندى صحناوي الألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأسود والأبيض. وفي قوالب الزهور الحمراء والبيضاء، يخال للناظر إليها أنها تُشبه كعكة عيد...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق بورتريه مُتخيَّل للإسكندر تظهر في خلفيته عناصر حداثية (مكتبة الإسكندرية)

فنان يوناني يُعيد قراءة الإسكندر الأكبر في معرض بمكتبة الإسكندرية

قصة الإسكندر وغزوه مصر حاضرة بين المعروضات، من بينها لوحة تُصوّره واقفاً في معبد آمون بواحة سيوة.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق إقبال واسع على كتب الفانتازيا العربية في معرض جدة للكتاب (الشرق الأوسط)

كاتبان عربيان يُعيدان تعريف الفانتازيا من جدة إلى السويد

ما بين جدة واستوكهولم، تتشكّل ملامح فانتازيا عربية جديدة، لا تهرب من الواقع، بل تعود إليه مُحمّلة بالأسئلة...

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الرسومات الملونة على نوافذ المبنى القديم (الشرق الأوسط)

«بوابة البوابات»... معاذ العوفي وتصوير تاريخ باب البنط بجدة

«بوابة البوابات» معرض يُقام حاليا بجدة يقدم مشروع بصري من تصوير الفنان السعودي معاذ العوفي وتنسيق الكاتب فيليب كاردينال يستكشف مبنى «باب البنط» قبل إعادة تأهيله

عبير مشخص (جدة)

الأوبرا المصرية تستقبل الكريسماس بحفل عالمي في الإسكندرية

أغاني عيد الميلاد في أوبرا الإسكندرية (دار الأوبرا المصرية)
أغاني عيد الميلاد في أوبرا الإسكندرية (دار الأوبرا المصرية)
TT

الأوبرا المصرية تستقبل الكريسماس بحفل عالمي في الإسكندرية

أغاني عيد الميلاد في أوبرا الإسكندرية (دار الأوبرا المصرية)
أغاني عيد الميلاد في أوبرا الإسكندرية (دار الأوبرا المصرية)

استقبلت دار الأوبرا المصرية احتفالات الكريسماس لهذا العام بحفل غنائي في مسرح سيد درويش «أوبرا الإسكندرية» تضمن عزف مقطوعات موسيقية من أشهر الأعمال الكلاسيكية العالمية المرتبطة بعيد الميلاد والعام الجديد، وكذلك الترنيمات والأغاني المرتبطة بهذه المناسبة.

الحفل الذي قدمته فرقة أوبرا القاهرة، الجمعة، تحت إشراف مديرها الفني عماد عادل احتفالاً بالكريسماس بمصاحبة عازف البيانو مينا حنا وأخرجه حازم طايل، شهد حضوراً جماهيرياً حاشداً، كما حضره رئيس دار الأوبرا، الدكتور علاء عبد السلام، والقنصل التركي بالإسكندرية، دينيز جانكايا، ونائبها علي مرتجان كيليتش، وفق بيان لدار الأوبرا المصرية.

وخلال الحفل الذي مزج بين الموسيقى والأغاني، جاءت الأصوات الفريدة لنجوم الفرقة لتعبر عن أجواء عيد الميلاد، وما تحمله المناسبة من فرحة ودعوة للسلام والمحبة، وتفاعل الحشد الجماهيري الذي امتلأت به مقاعد المسرح التاريخي، وأجاد النجوم ليلى إبراهيم، أحمد الشيمي، جيهان فايد، عزت غانم، مينا رافائيل، أسامة علي، إيمان مصطفى، منى رفلة في أداء أغانٍ من بينها «فليحفظكم الله سعداء»، و«القديسة مريم»، و«ليلة مقدسة»، و«عيد الميلاد الثلجي»، و«إنه عيد الميلاد»، و«بشائر عيد الميلاد»، و«أيا مؤمنون»، و«فلتجلجل الأجراس بقوة»، و«الجليد الأبيض»، و«فلتنعم بعيد ميلاد سعيد»، و«أغنية الأجراس»، و«العذراء تغسل ملابس الطفل وهو نائم»، و«إنه أجمل وقت في السنة»، و«عيد ميلاد مجيد»، و«فلتسقط الثلوج»، و«شجرة الكريسماس».

جانب من حفل الكريسماس بمسرح سيد درويش بالإسكندرية (دار الأوبرا المصرية)

وعدّ رئيس الأوبرا الحفل «يمثل نغمة تفاؤل ورمزاً للرسالة التي يحملها الفن بمختلف صوره والمتضمنة قيم السلام والمحبة»، مشيراً إلى قدرة الموسيقى على جمع القلوب حول مبادئ الخير والجمال.

وكانت وزارة الثقافة المصرية أعلنت عن احتفالات بمناسبة الكريسماس في العديد من مواقعها الثقافية، خصوصاً حفلات الأوبرا، ومن بينها حفل للفنانة نيفين علوبة، بمسرح الجمهورية «وسط القاهرة»، الأحد، يتضمن تقديم مختارات من الأعمال الغنائية العالمية التي عبرت عن هذه المناسبة منها «وقت الكريسماس»، و«نخبكم» من أوبرا كارمن، و«أغنية الكريسماس»، و«شروق... غروب»، و«السلام عليك يا مريم»، و«الفتاة الصغيرة الجميلة»، و«روك أجراس الميلاد»، و«شتاء ساحر»، و«ليلة صامتة»، و«الحلم المستحيل»، و«وقت المرح»، و«أشتاق للجبال»، و«الحياة سهلة»، و«قائمة أمنيات عيد الميلاد»، وغيرها.

ويشارك بالأداء خلال الحفل كارما باسم، وجورج جمال، وحسين حواس، وأندرو عطية، وسراج محمود، وفريدة بركات، وكريستين مجدي، ولوريت، وعمر وردة، ولانا بن حليم، وجورج جمال، وسارة شريف، وزينة، وإيفا البارودي، وكيرولوس محب.

كما أعلنت الأوبرا عن تقديم حفل لأوركسترا القاهرة السيمفوني بقيادة المايسترو أحمد الصعيدي، بمشاركة الميتزوسوبرانو جالا الحديدي مع كورال كابيلا، بمناسبة الكريسماس على المسرح الكبير بالأوبرا، السبت، متضمناً العديد من المقطوعات الموسيقية العالمية لروسيني وهاندل وتشايكوفسكي وكالمان، والمرتبطة بأعياد الميلاد والكريسماس.


ما السر وراء قفزات الكنغر المميزة؟

صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
TT

ما السر وراء قفزات الكنغر المميزة؟

صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)

تتميز حيوانات الكنغر بشكلها الفريد وأسلوب حركتها المميز. عند السرعات المنخفضة، تستخدم هذه الحيوانات مشية خماسية الأرجل؛ حيث تلامس أطرافها الأمامية والخلفية وذيلها الأرض، بينما عند السرعات العالية تستخدم مشيتها المميزة بالقفز، ويمتد هذا التميز ليشمل مقدار الطاقة المستهلكة المطلوبة لاتخاذ هذه الحركات، وفق نتائج دراسة جديدة.

حقق فريق الدراسة من جامعة صن شاين كوست الأسترالية، تقدماً ملحوظاً في فهم كيفية زيادة سرعة قفز الكنغر دون تكبّد تكلفة إضافية من الطاقة المبذولة.

وأظهرت دراستهم، المنشورة في مجلة «إي لايف (eLife)» أن تغير وضعية الكنغر عند السرعات العالية يزيد من إجهاد أوتار القدم ومن عملية تخزين الطاقة واستعادتها، وأن عملية التخزين والاستعادة المتزايدة للطاقة تعادل القوة العضلية المطلوبة عند زيادة السرعة.

توضح لورين ثورنتون، الباحثة الرئيسية في الدراسة من كلية العلوم والتكنولوجيا والهندسة، جامعة صن شاين كوست، أن فرضية «تكلفة توليد القوة»، التي تم تطويرها في دراسة سابقة، «تشير إلى أنه كلما زادت سرعة حركة الحيوانات وقلّ زمن ملامستها للأرض، زادت تكلفة الطاقة المبذولة، لكن حيوانات الكنغر تخالف هذا الاتجاه».

وتضيف: «لا تزال الآليات الكامنة وراء قدرة حيوانات الكنغر على فصل سرعة قفزها عن تكلفة الطاقة غير واضحة، لذلك شرعنا في معالجة هذا الأمر من خلال دراسة حركة أطرافها الخلفية، والقوى التي تؤثر على هذه الحركة أثناء قفزها بسرعات مختلفة».

يقول محررو «eLife» إن البحث يقدم أدلة دامغة للمساعدة في الإجابة عن هذا السؤال الذي طال أمده في ميكانيكا الحركة الحيوية، ويمهد الطريق لمزيد من الدراسات للتحقق بشكل أدق من كيفية ارتباط سرعات قفز الكنغر بالتكلفة الأيضية للطاقة.

ابتكرت ثورنتون وزملاؤه نموذجاً ثلاثي الأبعاد للجهاز العضلي الهيكلي للكنغر، بالاعتماد على بيانات التقاط الحركة ثلاثية الأبعاد ولوحة قياس القوة - المتعلقة بالقوة المبذولة على الأرض أثناء القفز - لتحليل حركات الكنغر الأحمر والرمادي.

باستخدام هذا النموذج، قيّموا كيفية تأثير كتلة جسم الحيوان وسرعته على شكله وحركته أثناء القفز، وما يرتبط بها من إجهاد على أوتار عضلات بسط الكاحل؛ وجهد الكاحل المبذول.

وكشفت تحليلاتهم أن وضعية الطرف الخلفي للكنغر تتغير بتغير كتلة الجسم وسرعته، وأن الطرف الخلفي كان أكثر انحناءً مع زيادة سرعة الحركة.

وأظهر تحليل طاقة مفاصل الكنغر أن معظم العمل والطاقة التي يبذلها الحيوان في كل قفزة في الطرف الخلفي تُؤدى بواسطة مفصل الكاحل. ومع ازدياد انحناء الطرف الخلفي مع زيادة السرعة، انخفضت الطاقة الحركية المرنة للكاحل.

تقول ثورنتون: «وجدنا أنه كلما زادت سرعة قفز الكنغر، زاد انحناؤه، ويعود ذلك أساساً إلى تغيير زوايا مفصلي الكاحل ومشط القدم السلامي، مما يُقلل من الطاقة الحركية المرنة للكاحل. ونتيجة لذلك، يزداد إجهاد وتر أخيل، وبالتالي تزداد كمية الطاقة المرنة التي يمكنه تخزينها وإعادتها في كل قفزة».

وتضيف: «وجدنا أن هذا يساعد الكنغر على الحفاظ على نفس مقدار صافي العمل عند الكاحل، ونفس مقدار العمل العضلي، بغض النظر عن السرعة».


حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
TT

حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، السبت، لرحيل الفنانة سمية الألفي، التي توفيت بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 72 عاماً، وصدم الخبر محبيها وأصدقاءها لكونه يأتي بعد وقت قصير من ظهورها في كواليس تصوير فيلم نجلها أحمد الفيشاوي «سفاح التجمع» قبل أسابيع قليلة.

ووُري جثمان الراحلة الثرى بمقابر العائلة بحضور عدد من أصدقائها وأقاربها وغياب نجلها أحمد الفيشاوي الموجود خارج مصر، بينما سيكون حاضراً لمراسم العزاء المقرر إقامتها مساء الاثنين بمسجد عمر مكرم (وسط القاهرة) حسبما أعلنت «نقابة الممثلين».

ونعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، الراحلة، مؤكداً أنها كانت ذات «مسيرة فنية متميزة، وأسهمت بأعمالها المتنوعة في إثراء المشهد الفني المصري وترك بصمة خاصة لدى الجمهور من خلال أدوار مختلفة».

تشييع جثمان سمية الألفي (الشرق الأوسط)

وُلدت سمية يوسف أحمد الألفي في 23 يوليو (تموز) 1953 بمحافظة الشرقية في دلتا مصر، وتخرجت في كلية الآداب، قسم علم الاجتماع، وبدأت مسيرتها الفنية في سبعينات القرن الماضي عبر المسرح، ثم انتقلت إلى التلفزيون، لتنطلق في مسيرة قدمت خلالها عشرات الأعمال المتنوعة بين الدراما التلفزيونية في المسلسلات والسهرات، أو المسرحيات، بالإضافة إلى بعض المشاركات السينمائية.

وشكَّلت مشاركتها في مسلسل «ليالي الحلمية» بشخصية «البرنسيسة نورهان» نقطة تحول في مسيرتها الفنية، وقدّمت نموذج المرأة الأرستقراطية المرتبطة بزمن اجتماعي يتغير، بينما برزت بأكثر من عمل درامي، من بينها «الراية البيضاء». وغابت الألفي في السنوات الأخيرة مفضِّلةً الابتعاد عن الوسط الفني بسبب مشكلات صحية.

على المستوى الشخصي، تزوجت سمية الألفي الفنان الراحل فاروق الفيشاوي، وأنجبت منه ابنيهما أحمد وعمر، وبعد انفصالهما، تزوجت الملحن مودي الإمام، ثم المخرج جمال عبد الحميد، والفنان مدحت صالح، لكنها جميعها كانت زيجات قصيرة.

ورافقت الألفي والد ابنيها، فاروق الفيشاوي، في محنة مرضه وإصابته بالسرطان، وخلال رحلة العلاج كانت إلى جواره، ووصفته بأنه «حب عمرها» في تصريحات إعلامية عدة.

ونعى عدد من الفنانين والنقاد الراحلة عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم الفنان إدوارد، والإعلامية وفاء الكيلاني، والناقد طارق الشناوي، مقدمين العزاء لعائلتها ونجليها.

وقالت الناقدة ماجدة خير الله لـ«الشرق الأوسط» إن «مسيرة سمية الألفي لم تكن طويلة زمنياً، وكانت قادرةً على الاستمرار لفترة أطول، لكنها فضَّلت الانسحاب والابتعاد لأسباب تخصها»، مشيرة إلى أنها «قدَّمت أدواراً جيدة ومؤثرة، لكنها لم تحصل على فرص بطولة رغم استحقاقها لها».

شاركت سمية الألفي بعدد كبير من الأعمال (المركز الكاثوليكي للسينما)

وأشارت إلى أن من أبرز أعمالها المسرحية «الأيام المخمورة» مع خالد الصاوي التي قُدِّمت في نهاية التسعينات، لافتة إلى أن السينما لم تكن المساحة الأوسع في مسيرتها، لكن تميُّزها الحقيقي كان في تقديم الأدوار الأرستقراطية بشكل غير مفتعل.

هذا الرأي دعمه الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «سمية الألفي، منذ نهاية السبعينات، احتفظت بخط فني واضح، تَمثَّل في أداء الشخصية الجادة أو (الهانم) وهو خط برز في أعمالها التلفزيونية، خصوصاً في (ليالي الحلمية) و(الراية البيضاء)»، مشيراً إلى أن الأخير منحها فرصة لإظهار موهبتها بشكل أكبر مع كثرة التحولات التي مرَّت بها الشخصية والمساحة التي شغلتها بالأحداث.

وأوضح سعد الدين أنها قدَّمت أدواراً مميزة في أعمال مثل «العطار والسبع بنات» مع نور الشريف، ولم تخشَ تقديم مرحلة عمرية متقدمة، مؤكداً أن جزءاً من تميُّز مسيرتها الفنية اعتمد على دقتها في اختيار أدوارها.