نجح فريق بحثي من جامعة طوكيو اليابانية في تحديد مجموعة فريدة من كواكب «المشتري الحارّة» (Hot Jupiters)، وهي كواكب ضخمة بحجم كوكب المشتري.
وأوضح الباحثون أن هذا الاكتشاف يقدّم دلائل جديدة على أصل كواكب «المشتري الحارّة» وكيفية تكوّنها داخل أقراص تكوّن الكواكب، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (The Astronomical Journal).
وكان أول كوكب يُكتشف خارج المجموعة الشمسية عام 1995 من نوع كواكب «المشتري الحارّة»، وهي كواكب عملاقة بحجم كوكب المشتري تقريباً، لكنها تدور حول نجومها في مدارات قريبة للغاية، بحيث تكمل دورة كاملة خلال أيام قليلة فقط.
وتتميّز هذه الكواكب بدرجات حرارة مرتفعة جداً نتيجة قربها الشديد من نجومها، ومن هنا جاء وصفها بـ«الحارّة». ويُعتقد أن معظمها تكوّن بعيداً عن النجوم قبل أن يهاجر تدريجياً نحوها، إما عبر حركة سلسة داخل القرص الكوكبي، أو نتيجة اضطرابات جاذبية ناجمة عن أجرام سماوية أخرى. وأصبح هذا النوع من الكواكب محوراً رئيسياً لدراسة الهجرة الكوكبية وفهم كيفية انتقال الكواكب العملاقة من مواقع تكوّنها الأصلية إلى مداراتها القريبة الحالية.
وحسب الدراسة، هناك آليتان رئيسيتان لتفسير هذه الهجرة: الأولى تُعرف بـ«الهجرة عالية الانحراف المداري»، حيث تتعرض مدارات الكواكب لتشويش بفعل جاذبية أجرام سماوية أخرى، ثم تستدير تدريجياً بفعل قوى المدّ والجزر قرب النجم. أما الآلية الثانية فهي «الهجرة داخل القرص الكوكبي»، حيث يتحرك الكوكب تدريجياً نحو النجم داخل القرص المكوَّن من الغاز والغبار المحيط به. إلا أن التمييز بين هاتين الآليتين اعتماداً على الملاحظات الفلكية وحدها كان دائماً صعباً؛ إذ يمكن لقوى المدّ والجزر إعادة محاذاة مدارات الكواكب بمرور الوقت، ما يجعل المدار المستقيم لا يدل بالضرورة على الهجرة داخل القرص.
ولمواجهة هذا التحدي، اقترح الباحثون طريقة جديدة تعتمد على حساب زمن استدارة المدارات الناتجة عن قوى المدّ والجزر في حالات الهجرة عالية الانحراف. وبدراسة أكثر من 500 كوكب من «المشتري الحارّة»، تمكن الفريق من تحديد مجموعة صغيرة وفريدة تضم نحو 30 كوكباً تمتلك مدارات دائرية، رغم أن زمن استدارة مداراتها أطول من عمر أنظمتها النجمية.
ووفقاً للنتائج، تُظهر هذه المجموعة خصائص تتوافق مع توقعات الهجرة داخل القرص، مثل استقامة المحاذاة المدارية ووجود عدة كواكب ضمن النظام الواحد. ولم يُسجَّل أي ميل في محاذاة مدارات هذه الكواكب، ما يشير إلى أنها هاجرت بسلاسة داخل القرص دون تعرّضها لاضطرابات قوية، كما أن وجودها ضمن أنظمة متعددة الكواكب يعزّز هذا السيناريو.
ويأمل الباحثون أن تكشف الدراسات المستقبلية لتكوين الغلاف الجوي ونِسَب العناصر في هذه الكواكب عن مواقع تكوّنها داخل القرص الكوكبي، ما يسلّط مزيداً من الضوء على أصل هذه الكواكب العملاقة وتاريخ تطور أنظمة الكواكب حول النجوم الأخرى.


