إردوغان أبلغ بوتين ترحيبه بجهود ترمب لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا

تركيا تطالب بالعمل لإنهاء الحرب بعد هجوم على سفينة تابعة لها بميناء أوكراني

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان أبلغ بوتين ترحيبه بجهود ترمب لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، نظيره الروسي فلاديمير بوتين بترحيبه بالحوار الذي يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وناقش معه المساهمات التي يمكن لتركيا تقديمها لجهود السلام مع أوكرانيا.

وقال إردوغان إنه تبادل مع بوتين، خلال لقائهما الجمعة على هامش «منتدى السلام والثقة الدولي» في عشق أباد، وجهات النظر حول العلاقات بين بلديهما والحرب في أوكرانيا، والقضايا الإقليمية، «وأبلغته بأننا نرى الحوار الذي أطلقته مبادرات السيد ترمب إيجابياً». وأضاف أنه ناقش مع بوتين المساهمات التي يمكن أن تقدمها تركيا لجهود السلام، «إننا ناقشنا ضرورة الاجتماع في أقرب وقت ممكن، ودعوته لزيارة تركيا، وأكد أنه سيعمل على تحقيق هذه الزيارة».

التصعيد بالبحر الأسود

وأكد إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في رحلة عودته من تركمانستان بعد مشاركته في المنتدى نُشرت السبت، أنه «لا ينبغي النظر إلى البحر الأسود بوصفه ساحة حرب، مثل هذا الوضع لن يضر إلا بروسيا وأوكرانيا ولن يفيدهما بأي شكل من الأشكال. الجميع بحاجة إلى ملاحة آمنة في البحر الأسود، ويجب ضمان ذلك».

عمال إطفاء خلال العمل على إخماد حريق نتج عن القصف الروسي في أوديسا... 12 ديسمبر (أ.ف.ب)

وطالبت تركيا بالعمل على إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية بشكل عاجل بعد تعرض سفينة شحن مملوكة لإحدى شركاتها لأضرار في هجوم على ميناء تشورنومورسك الأوكراني مساء الجمعة.

وعدَّت أن الحادث يُبرز المخاطر التي تهدد الأمن البحري في البحر الأسود، داعية إلى وضع آلية لوقف الهجمات التي تستهدف سلامة الملاحة والبنية التحتية للطاقة والمواني لدى الطرفين الروسي والأوكراني؛ لمنع التصعيد في المنطقة.

وذكرت وزارة الخارجية التركية، في بيان ليل الجمعة - السبت، أن «الهجوم على سفن تجارية في ميناء تشورنومورسك الأوكراني، يؤكد صحة مخاوفنا من امتداد الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى البحر الأسود، وانعكاس ذلك على الأمن البحري وحرية الملاحة».

وذكرت شركة «جينك دينيزجيليك»، المشغلة لسفينة الشحن «جينك تي»، أن السفينة التي كانت تحمل إمدادات غذائية تعرَّضت لهجوم جوي بعد وقت قصير من رسوها في نحو الساعة 16:00بالتوقيت المحلي (بتوقيت غرينتش+2)؛ ما أدى إلى اندلاع حريق في مقدمتها.

وأضافت أن السفينة، التي تعمل بين ميناءي كاراصو التركي وأوديسا الأوكراني، استُهدفت بعد فترة وجيزة من رسوها؛ ما أدى إلى اشتعال حريق عملت زوارق القطر وفرق مكافحة الحرائق في الميناء على احتوائه.

مساعٍ تركية للسلام

وجاء الهجوم بعد ساعات من لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في تركمانستان على هامش «منتدى السلام والثقة الدولي» في عشق آباد، حيث دعا إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا يحيد المواني والبنى التحتية للطاقة.

جانب من الاجتماع بين إردوغان وبوتين في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وبحسب بيان للرئاسة التركية، بحث إردوغان وبوتين العلاقات بين تركيا وروسيا، وجهود السلام الشاملة في أوكرانيا، وجميع القضايا، بما في ذلك تجميد الاتحاد الأوروبي للأموال الروسية.

وذكر البيان أن إردوغان أكد استعداد تركيا لاستضافة المفاوضات بشأن إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا بأي صيغة. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف: «إن بوتين وإردوغان تبادلا وجهات النظر حول القضية الأوكرانية والشؤون الإقليمية والدولية»، مؤكداً أن روسيا ترحِّب برغبة تركيا في الإسهام في التوصُّل إلى تسوية سلمية في أوكرانيا.

جانب من جولة مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا بإسطنبول في يونيو الماضي (أ.ف.ب)

وتواصل تركيا، التي استضافت 3 جولات من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول بين شهرَي مايو (أيار) ويوليو (تموز) الماضيين، لم تسفر عن نتائج ملموسة باستثناء تبادل للأسرى، مساعيها من أجل استئناف المفاوضات بغية التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار وتحقيق السلام الشامل.

وكان إردوغان أكد، خلال مؤتمر عبر الفيديو لائتلاف يضم 30 بلداً تدعم أوكرانيا في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن وقفاً للهجمات المتبادلة على البنى التحتية ومنشآت الطاقة «يمكن أن يشكِّل تدبيراً من شأنه تهيئة الظروف المناسبة للتفاوض حول اتفاق سلام شامل بين روسيا وأوكرانيا».

وأيَّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي التقاه إردوغان في أنقرة في 19 نوفمبر، الاقتراح التركي، لكنه قال إن روسيا لن تقبل بأي وقف لإطلاق النار ما لم يُوقَّع اتفاق سلام شامل.

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التي استهدفتها أوكرانيا قبالة سواحل تركيا في 28 نوفمبر (رويترز)

وبعد أيام، عبَّر إردوغان عن أسفه إزاء «تصعيد مقلق» في البحر الأسود، بعد هجمات أوكرانية طالت ناقلتَي النفط «كايروس» و«فرات» التابعتين لـ«أسطول الظل الروسي» قبالة السواحل التركية.

واستدعت الخارجية التركية في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها إزاء سلسلة الهجمات على الناقلتين داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود.


مقالات ذات صلة

كييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية في البحر الأسود بواسطة مسيّرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)

كييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية في البحر الأسود بواسطة مسيّرة

اتهمت أوكرانيا روسيا بأنها قصفت السبت بواسطة مسيّرة سفينة شحن تركية في البحر الأسود على متنها 11 مواطناً تركياً، وذلك غداة ضربة جوية روسية

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز) play-circle

برلين تستضيف مفاوضات سلام متوترة على وقع تصعيد روسي كبير

من المقرر أن يلتقي المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعماء أوروبيين في برلين

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)

زيلينسكي: بدء سريان عقوبات ضد نحو 700 سفينة «تستخدمها روسيا لتمويل الحرب»

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم (السبت) بدء سريان العقوبات التي فرضتها بلاده ضد نحو 700 سفينة تقول إن روسيا تستخدمها لتمويل الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال تجمع في ماونت بوكونو بولاية بنسلفانيا 9 ديسمبر (د.ب.أ)

استراتيجية ترمب للأمن القومي تهدد تحالفات واشنطن التاريخية

يتناقض رفض الرئيس دونالد ترمب الانخراط في «حروب أبدية» مع التصعيد الكبير الذي يمارسه على فنزويلا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية جهود لإطفاء الحريق بعد الهجوم الروسي على ميناء تشورنومورسك الأوكراني (رويترز)

إردوغان يحذّر من تحويل البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة»

حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السبت، من تحويل البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة» بين روسيا وأوكرانيا، بعد سلسلة ضربات شهدتها الأسابيع الأخيرة.


ألمانيا: احتجاز 5 أشخاص بتهمة التخطيط لهجوم على سوق لعيد الميلاد

عناصر من الشرطة الألمانية (إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الألمانية (إ.ب.أ)
TT

ألمانيا: احتجاز 5 أشخاص بتهمة التخطيط لهجوم على سوق لعيد الميلاد

عناصر من الشرطة الألمانية (إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الألمانية (إ.ب.أ)

أعلن الادعاء العام في ميونيخ عن احتجاز خمسة رجال بتهمة التخطيط لهجوم على سوق لعيد الميلاد في جنوب ألمانيا.

ووفق ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية»، قال الادعاء العام إن مذكرات توقيف رسمية صدرت بحق أربعة من الرجال، فيما وُضع رجل خامس قيد الاحتجاز الوقائي للاشتباه في تخطيطه لمهاجمة سوق لعيد الميلاد في منطقة دينجولفينج بجنوب ولاية بافاريا.

ويشتبه الادعاء حالياً في وجود «دافع إسلاموي» وراء الهجوم.

كانت صحيفة «بيلد» واسعة الانتشار قد نشرت تقريراً عن القضية في وقت سابق.

ويُعتقد أن عمليات الاعتقال جرت، أمس الجمعة، قبل أن يُعرض الرجال على قاضي التحقيق، اليوم السبت.


كييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية في البحر الأسود بواسطة مسيّرة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)
TT

كييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية في البحر الأسود بواسطة مسيّرة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ)

اتهمت أوكرانيا روسيا بأنها قصفت، السبت، بواسطة مسيّرة سفينة شحن تركية في البحر الأسود على متنها 11 مواطناً تركياً، وذلك غداة ضربة جوية روسية قالت كييف إنها ألحقت أضراراً بسفينة نقل تركية أخرى قرب ميناء أوديسا.

وقالت البحرية الأوكرانية، في بيان، إن ضربة السبت لم تسفر عن جرحى وأصابت في البحر السفينة «فيفا» فيما كانت تنقل زيت دوار الشمس إلى مصر، موضحة أن السفينة واصلت طريقها إلى وجهتها المحددة.

وأضافت أن السفينة كانت في المنطقة الاقتصادية الخالصة لأوكرانيا، لكن خارج مدى الدفاعات الجوية الأوكرانية.

واتهمت البحرية روسيا بانتهاك القوانين البحرية «بشكل سافر».

وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالهجوم، متعهداً الرد عليه.

وقال زيلينسكي في مداخلته المسائية: «كان ذلك اعتداء على الأمن الغذائي»، عادّاً «استهداف هذه السفن، التي لا علاقة لها بالحرب، تحدياً مباشراً من روسيا للعالم أجمع. وسنعمل مع شركائنا لتحديد كيفية الرد على ذلك. وسيكون هناك رد بالتأكيد».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وفي وقت سابق السبت، حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من تحويل البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة» بين روسيا وأوكرانيا، بعد سلسلة ضربات في الأسابيع الأخيرة.

والجمعة، ألحقت غارة جوية روسية أضراراً بسفينة تركية قرب أوديسا في منطقة البحر الأسود، على ما أعلنت كييف والشركة المشغلة للسفينة، الجمعة.

وجاء الهجوم بعد ساعات من طرح إردوغان القضية شخصياً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة في تركمانستان.

وخلال الأسابيع الماضية، استهدفت هجمات عدة ناقلات نفط مرتبطة بروسيا في البحر الأسود، بعضها نُفّذ بمسيّرات وأعلنت كييف المسؤولية عنها.


برلين تستضيف مفاوضات سلام متوترة على وقع تصعيد روسي كبير

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)
TT

برلين تستضيف مفاوضات سلام متوترة على وقع تصعيد روسي كبير

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)

في مشهد يعكس التوتر المتصاعد في شرق أوروبا والتحديات المعقدة التي تواجه جهود إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، تتوجه الأنظار إلى العاصمة الألمانية برلين مع نهاية الأسبوع الحالي وبداية الأسبوع المقبل. يأتي ذلك في أعقاب إلغاء اجتماع باريس الذي كان مقرراً السبت.

ومن المقرر أن يلتقي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي يقود المفاوضات بشأن خطة السلام الأميركية، بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعماء أوروبيين رفيعي المستوى، بما في ذلك المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. هذه القمة تأتي في ظل ضغط أميركي متزايد لوضع حد للقتال قبل نهاية العام، الأمر الذي يضعه البيت الأبيض في مقدمة أولوياته.

الرئيسان ترمب وبوتين خلال «قمة ألاسكا» في 15 أغسطس (أ.ف.ب)

وقال مصدر بالحكومة الألمانية، السبت، إن بلاده ستستضيف وفوداً أميركية وأوكرانية خلال مطلع الأسبوع لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وذلك قبل قمة الاثنين في برلين. وقال المصدر، كما نقلت عنه «رويترز»، عندما سئل عن الاجتماعات: «تجري في برلين مطلع هذا الأسبوع محادثات بشأن وقف محتمل لإطلاق النار في أوكرانيا بين مستشاري السياسة الخارجية من الولايات المتحدة وأوكرانيا وغيرهما». ولم يدل المسؤول الحكومي بأي تفاصيل إضافية حول التوقيت الدقيق لمحادثات ويتكوف أو بشأن الصيغ التي ستجري على أساسها الاجتماعات أو المشاركين فيها.

الأوروبيون يطالبون بضمانات أمنية أميركية

وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، عملت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أو ما يعرف بمجموعة الترويكا الأوروبية، على تنقيح المقترحات الأميركية التي دعت في مسودة تم الكشف عنها الشهر الماضي إلى تنازل كييف عن مزيد من الأراضي والتخلي عن طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وفرض قيود على عدد أفراد الجيش الأوكراني.

وكان الرئيس الأوكراني خطط للسفر إلى العاصمة الألمانية للقاء حلفائه الأوروبيين، في إطار الجهود المحيطة بالخطة الأميركية التي جرى الكشف عنها قبل شهر تقريباً.

ووفقاً لكييف، فإنّ المفاوضات عالقة بشكل خاص على القضايا المرتبطة بالأراضي، في ظل مطالبة الولايات المتحدة للأوكرانيين بتنازلات كبيرة بشأنها.

الرئيسان الأميركي والأوكراني خلال اجتماعهما في لاهاي على هامش قمة الحلف الأطلسي 25 يونيو الماضي (د.ب.أ)

ومساء الجمعة أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الأوروبيين والأوكرانيين يطالبون الأميركيين بأن يقدموا «ضمانات أمنية» قبل أي تفاوض حول الأراضي في شرق أوكرانيا المحتل من الروس. وقال مستشار للرئيس الفرنسي إن «المطلوب شفافية كاملة بشأن الضمانات الأمنية التي يمكن للأوروبيين والأميركيين تقديمها للأوكرانيين قبل أي تعديلات تطول قضايا الأراضي المتنازع عليها». وأوضح أن «ما ينتظره الأوروبيون من الأميركيين... قد يشبه ما نسميه +البند الخامس+ (في ميثاق حلف شمال الأطلسي)، أي ضمانة أميركية بالنسبة إلى من يشاركون في تحالف الراغبين»، مؤكداً أن هذا الضمان الأميركي يجب أن يبعث برسالة واضحة للروس بأنهم «إذا كانوا يخططون لمهاجمة أوكرانيا مرة أخرى، فسيتعين عليهم مواجهة ليس فقط الأوروبيين والأوكرانيين ولكن أيضاً الأميركيين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومساعده يوري أوشاكوف خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

كما نفى موافقة الأوكرانيين على أي تنازلات إقليمية في مناقشاتهم مع واشنطن، وذلك في أعقاب تقارير صحافية أشارت إلى أنهم منفتحون على نزع السلاح من الأراضي التي لا يزالون يسيطرون عليها ويطالب الروس بضمها. وقال: «لم يبرم الأوكرانيون أي صفقة بشأن الأراضي، ولا يفكرون في إبرام صفقة بشأن الأراضي اليوم، ولا يفكرون في إنشاء منطقة منزوعة السلاح».

أرضية مشتركة

لكن بدا أن ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس فولوديمير زيلينسكي، يؤيد هذه الفكرة، إذ صرح لصحيفة «لوموند» الفرنسية بأنه «سيتعين وجود منطقة منزوعة السلاح على جانبي خط المواجهة»، وأن جزءاً من الأراضي «سيظل للأسف تحت الاحتلال الفعلي من جانب روسيا». وأقر المستشار الفرنسي بأن المحادثة التي جرت الأربعاء بين إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأميركي دونالد ترمب كانت «صعبة» من هذه الناحية، مشيراً إلى «اختلافات» مع الأميركيين حول «كيفية تنظيم تسلسل الأحداث في الأيام والأسابيع المقبلة».

الرئيس الأوكراني زيلينسكي مع المستشار الألماني ميرتس (أ.ف.ب)

وأكدت الرئاسة الفرنسية مجدداً ضرورة أن يتفق الأميركيون أولاً مع الأوروبيين والأوكرانيين على تقديم مقترحات سلام مشتركة قبل أي مفاوضات مع روسيا. وأشار المستشار الرئاسي إلى أن «هذه الأرضية المشتركة يجب أن تجمع الأوكرانيين والأميركيين والأوروبيين. ويجب أن تتيح لنا، معاً، تقديم عرض تفاوض، وعرض سلام متين ودائم، يحترم القانون الدولي ومصالح أوكرانيا السيادية». وأكدت الرئاسة الفرنسية أن «الأمر سيكون متروكاً للأميركيين لممارسة نفوذهم وموهبتهم لإقناع الروس بأن هذا الخيار الموحد، الأرضية الأوروبية الأوكرانية الأميركية المشتركة، هو الخيار الذي يُبنى عليه السلام». في هذا السياق، لم يقرر إيمانويل ماكرون بعد ما إذا كان سيحضر اجتماع القادة الأوروبيين المقرر عقده الاثنين في برلين. واكتفى قصر الإليزيه بالقول إنه «قد تُعقد اجتماعات الأسبوع المقبل في أوروبا، وبرلين خيار ممتاز. لكن رئيس الجمهورية لم يتخذ بعد قراراً».

ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض 18 أغسطس (رويترز)

ضغوط أميركية وتحديات أوكرانية

يؤكد قرار واشنطن إرسال ويتكوف، ومعه صهر الرئيس جاريد كوشنر، ضرورة الإسراع في ردم الخلافات بين كييف وواشنطن. ورفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة تقديم تفاصيل بشأن بند رئيسي في اقتراح السلام الأميركي. ويدعو هذا البند إلى إنشاء منطقة اقتصادية حرة في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا، الذي تريد موسكو أن تتخلى كييف عنه بالكامل. وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن فريق ترمب المفاوض كان غامضاً في تحديد تفاصيل من سيسيطر على الأمن بموجب اقتراح ترمب للمنطقة. وقال ترمب: «إنه وضع معقد للغاية، لكنه سينجح. ويريد الكثير من الناس أن يروا نجاحه».

بوتين ومستشاره للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف (يسار) والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف (يمين) (أ.ب)

كما كشف المسؤولون الأوكرانيون عن أن المقترح الأميركي يفرض سقفاً على حجم الجيش الأوكراني يبلغ نحو 800 ألف جندي، وهو حجمه الحالي تقريباً، ويزيل أي إشارة إلى رفض «الآيديولوجية النازية» من مسودة سابقة. وفي المقابل، قدمت كييف مقترحاً مضاداً من 20 نقطة، لا يتوقع أن تقبله روسيا، يطالب بضمانات أمنية قانونية صارمة ضد أي عدوان روسي مستقبلي، على أن تحافظ أوكرانيا على الأراضي التي تسيطر عليها حالياً، كما يصر على حق أوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وإزاء هذا التناقض في مواقف الطرفين، عبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استيائه من المفاوضات، وتأكيده أنه لن يرسل مسؤولاً إلا «إذا شعر بأن من الممكن إحراز تقدم»، مع إشارته إلى أنه «سئم من الاجتماعات لمجرد عقدها». وفي مكالمة متوترة، طلب ترمب من قادة أوروبا الضغط على زيلينسكي لقبول الخطة الأميركية، قائلاً إن أوكرانيا «تخسر الحرب».

الشكوك الدبلوماسية

ماكرون وزيلينسكي يوقعان «رسالة النوايا» في قاعدة فيلاكوبيله الجوية جنوب باريس وبموجبها تحصل كييف على 100 طائرة من طراز رافال (إ.ب.أ)

على الرغم من التقييم القاتم الذي تتبناه الإدارة الأميركية حول خسارة أوكرانيا للحرب، نقلت صحف أميركية عدة عن رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، اللواء كيريلو بودانوف، قوله إنه يرى أن القوات الأوكرانية «تحافظ على الخط» وأن الجبهة «مستقرة نسبياً» وأن اختراقها «صعب للغاية»، مع إقراره بأن الجبهة «تتحرك بشكل ديناميكي ولكن يمكن السيطرة عليه»، وهي «ليست انهياراً».

وتواجه أوكرانيا تحديات جمة، أبرزها نقص القوات والأعتدة، خاصة مع تفوق روسيا في تجنيد الجنود (حيث سجلت أكثر من 400 ألف مجند هذا العام وفقاً لبودانوف) وحصولها على دعم كبير من القذائف المدفعية، حيث يسهم توريد كوريا الشمالية بنحو 40 في المائة من قذائف روسيا المدفعية. كما حققت روسيا تقدماً في حرب الطائرات المسيَّرة. ويبقى التحدي الأكبر لكييف هو الصمود وسط تراجع الدعم العسكري الغربي.

زيلينسكي وستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن يوم 24 أكتوبر (إ.ب.أ)

في خضم هذا المشهد الميداني المعقد، تسيطر الشكوك على الشارع الأوكراني بشأن نجاح المفاوضات. فبعد سنوات من القتال، أصبح الأوكرانيون يركزون أكثر على كيفية العيش في ظل انقطاعات الكهرباء المنتظمة نتيجة القصف الروسي، أكثر من اهتمامهم بـ«نقاط» خطة السلام. وبحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» يقول العديد من الأوكرانيين إنهم يرون في «الازدحام الدبلوماسي» الأميركي مجرد «رقصة» يؤديها قادتهم لتجنب تخلي إدارة ترمب عنهم كلياً، مع قناعتهم بأن روسيا لا تهتم باتفاق.

ونقلت الصحيفة عن محللين سياسيين أوكرانيين أن استراتيجية كييف حالياً هي «ألا تقول لا مباشرة لترمب أو ممثليه، مع الاستمرار في الدفاع عن مصالح أوكرانيا نقطة تلو الأخرى». ويواجه زيلينسكي مهمة شبه مستحيلة: إظهار استعداده للتفاوض، على الرغم من يقينه باستحالة إبرام صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يسعى إلى «إخضاع أوكرانيا بالكامل».

تصعيد روسي ورد أوكراني

تتزامن هذه التحركات الدبلوماسية المضغوطة مع تصعيد عسكري روسي كبير على الأرض. فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تنفيذ «ضربة واسعة النطاق» على منشآت الطاقة والصناعة العسكرية الأوكرانية باستخدام أسلحة، من بينها صواريخ «كينجال» فرط صوتية. زعمت موسكو أن الهجوم يأتي رداً على «هجمات إرهابية أوكرانية على أهداف مدنية».

وقد ألحقت الضربات الليلية الروسية أضراراً بأكثر من 10 مرافق مدنية، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن آلاف الأشخاص في سبع مناطق، لا سيما في مدينة أوديسا الساحلية. وندد زيلينسكي بالهجمات، مؤكداً أنها لا تدل بأي شكل على «سعي لإنهاء الحرب»، بل تهدف إلى «تدمير دولتنا وإلحاق أقصى قدر من المعاناة بشعبنا»، مجدداً الدعوة لتكثيف الضغط على روسيا وتعزيز الدفاعات الجوية والقوات على الجبهات.

رفع عقوبات عن بيلاروسيا

أعلنت الولايات المتحدة، السبت، أنها تعتزم رفع العقوبات المفروضة على البوتاس من بيلاروسيا، في أحدث مؤشر على حدوث انفراجة في العلاقات بين واشنطن ومينسك، التي تسعى إلى تحسين علاقاتها مع الغرب. والتقى المبعوث الأميركي الخاص إلى بيلاروس، جون كول، رئيس البلاد ألكسندر لوكاشينكو، لإجراء محادثات في العاصمة مينسك، يومي الجمعة والسبت. يشار إلى أن مينسك حليف وثيق لروسيا، وقد واجهت عزلة غربية وعقوبات على مدار سنوات. ولطالما فرضت دول غربية عقوبات على بيلاروس بسبب قمع مينسك لحقوق الإنسان، وأيضاً لأنها سمحت لموسكو باستخدام أراضيها في غزو أراضي أوكرانيا عام 2022.

ومن جانب آخر، اتفق الاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، على تجميد أصول البنك المركزي الروسي المودعة في أوروبا إلى أجل غير مسمى، في خطوة تزيل عقبة كبرى أمام استخدام هذه الأموال لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا. وتتمثل الخطوة الأولى، التي وافقت عليها دول الاتحاد الأوروبي، الجمعة، في تجميد 210 مليارات يورو (246 مليار دولار) من الأصول السيادية الروسية كلما اقتضت الحاجة، بدلاً من التصويت كل ستة أشهر على تمديد التجميد.