أفادت وكالة «رويترز» بأن شركة «زد تي إي» (ZTE) الصينية، المتخصصة في تصنيع معدات الاتصالات، قد تُضطر لدفع أكثر من مليار دولار للحكومة الأميركية لتسوية اتهامات تتعلق برشوة مسؤولين أجانب، وفق ما ذكره مصدران مطلعان على القضية. وتأتي هذه التطورات بينما تواجه الشركة تحقيقات ممتدة منذ سنوات في عدد من الدول بشأن مزاعم دفع رشاوى للحصول على عقود اتصالات. وبحسب المصادر، تمضي وزارة العدل الأميركية قدماً هذا العام في تحقيق يتعلق بانتهاك الشركة لقانون ممارسات الفساد الأجنبية في دول بأميركا الجنوبية وغيرها. ويحظر هذا القانون تقديم أي رشوة أو منفعة لمسؤولين أجانب بهدف الفوز بعقود تجارية.
وللمرة الأولى تكشف «رويترز» أن مسؤولين أميركيين يعملون على تسوية قد تُلزم الشركة بدفع أكثر من مليار دولار، وربما يصل المبلغ إلى ملياري دولار أو أكثر، بناءً على الأرباح التي يُعتقد أن الشركة حققتها من العقود المشتبه بأنها نتجت عن ممارسات فساد.
الأسهم تهوي والشركة تعلّق
ومع تداول هذه الأنباء، تراجعت أسهم «زد تي إي» المدرجة في هونغ كونغ بأكثر من 9 في المائة يوم الخميس، في حين هبطت أسهمها في «شينزن» بنحو 8 في المائة.
وفي بيان لبورصة هونغ كونغ، قالت الشركة إنها على «اتصال مستمر» مع وزارة العدل بشأن التحقيق، مؤكدة التزامها «بتعزيز نظام الامتثال» واتباع سياسة عدم التسامح مطلقاً مع الفساد. وبحسب المصادر، لا يزال من غير الواضح موعد التوصل إلى اتفاق، إذ إن أي تسوية مع واشنطن ستتطلب موافقة الحكومة الصينية. من جانبه، قال المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، ليو بينغيو، إنه لا يملك معلومات محددة بشأن قضية «زد تي إي»، لكنه أكد أن بكين «تلزم الشركات الصينية بالامتثال للقوانين المحلية في الخارج».
إرث من العقوبات السابقة
وتشير مصادر التحقيق إلى أن آخر واقعة مرتبطة بالرشوة حدثت في عام 2018، ويُرجح أن تتضمن الاتهامات المحتملة التآمر الجنائي لارتكاب الرشوة. كما يُشتبه بأن «زد تي إي» عقدت صفقات عدة في أميركا الجنوبية، إحداها في فنزويلا، تضمنت ممارسات فساد. وتُعقّد القضية اتفاقيات سابقة بين الشركة ووزارة التجارة الأميركية. ففي عام 2017، اعترفت «زد تي إي» بانتهاك قيود التصدير الأميركية بإرسال بضائع إلى إيران ودُفعت حينها غرامة قدرها 892 مليون دولار. وفي 2018، اتهمتها وزارة التجارة بالكذب بشأن معاقبة الموظفين الضالعين في الانتهاكات، وفرضت حظراً شاملاً على صادرات الشركات الأميركية إليها، مما أصاب عمليات «زد تي إي» بالشلل قبل أن يتدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب (خلال فترة رئاسته الأولى) لرفع الحظر بعد سداد مليار دولار إضافية. وتقوم وزارة التجارة حالياً بمراجعة القضية نفسها، لتقييم ما إذا كانت «زد تي إي» قد انتهكت اتفاق عام 2018 الذي يمتد لعشر سنوات.
تداعيات اقتصادية خطيرة
وقد تُلحق الغرامة الجديدة ضربة قاسية بالوضع المالي للشركة، التي حققت العام الماضي أرباحاً بلغت 1.16 مليار دولار. كما تخشى الشركة إعادة فرض حظر التصدير الأميركي الذي قد يوقف وصولها إلى مورّدين أساسيين مثل «كوالكوم»، التي تعتمد «زد تي إي» على شرائحها في هواتفها المتطورة، بالإضافة إلى مكونات من «إنتل» و«إيه إم دي» لشبكاتها وخوادمها. وتاريخياً، واصلت الولايات المتحدة ملاحقة قضايا الرشوة في قطاع الاتصالات. وفي عام 2015، قال «صندوق التقاعد الحكومي النرويجي» إن «زد تي إي» مرتبطة باتهامات فساد في 18 دولة، من بينها الجزائر والفلبين وزامبيا، في الفترة بين 1998 و2014، وقُدرت المدفوعات المشتبه فيها بما بين عدة ملايين وعشرات الملايين من الدولارات.
