انخفض الدولار الأميركي، يوم الخميس، بعدما عزَّزت البيانات الاقتصادية الضعيفة مبررات خفض الفائدة المتوقع من جانب «الاحتياطي الفيدرالي»، الأسبوع المقبل، مما خفَّف الضغوط عن الين، ودفع اليورو إلى أعلى مستوياته في نحو 7 أسابيع.
ويدرس المستثمرون أيضاً احتمال تولي كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي في البيت الأبيض، منصب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» خلفاً لجيروم باول عند انتهاء ولايته في مايو (أيار). ومن المتوقع أن يدفع هاسيت نحو مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن أنه سيكشف مرشحه لخلافة باول مطلع العام المقبل، ما يمدِّد عملية الاختيار التي استمرَّت أشهراً، رغم إشارته سابقاً إلى أنه استقرَّ على اسم معين.
ويرى محللون أن تعيين هاسيت قد يمثل ضغطاً إضافياً على الدولار، بعد أن عبَّر مستثمرو السندات لوزارة الخزانة الأميركية عن قلقهم من احتمال اتجاهه إلى خفض قوي للفائدة بما يتماشى مع تفضيلات ترمب، وفقاً لما أوردته صحيفة «فاينانشال تايمز».
وتُظهر منصة «فيد ووتش» أن المتداولين يمنحون احتمالاً بنسبة 89 في المائة لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل، مع توقعات بتخفيضات إجمالية قدرها 89 نقطة أساس بحلول نهاية العام المقبل.
وجاء في مذكرة لمحللي بنك «إيه إن زد»: «لا نعتقد أن غياب البيانات الاقتصادية الجوهرية منذ آخر اجتماع للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سيحول دون تبرير مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر (كانون الأول)». وأضافوا أن باول سيواصل على الأرجح الإشارة إلى نهج قائم على تقييم كل اجتماع على حدة، لموازنة مخاوف ضعف سوق العمل وارتفاع التضخم وغموض مساره.
واستقرَّ مؤشر الدولار عند 98.919 نقطة، قريباً من أدنى مستوى له في 5 أسابيع، بينما تراجع المؤشر بنحو 9 في المائة منذ بداية العام. وأظهر استطلاع لـ«رويترز» أن أقلية كبيرة من محللي العملات باتوا يتوقعون ارتفاعاً في قيمة الدولار العام المقبل، رغم أن معظمهم لا يزالون يرون أنه سيتجه للانخفاض في 2026 مع اتساع توقعات خفض الفائدة.
وقال توماس ماثيوز، رئيس أسواق آسيا والمحيط الهادئ في «كابيتال إيكونوميكس»، إن قوة الاقتصاد الأميركي قد تدفع المستثمرين إلى المبالغة في تقدير حجم التخفيضات المتوقعة على المدى المتوسط، «بصرف النظر عمّا سيفعله الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل». وأضاف: «هذا سيحدّ على الأرجح من أي تراجع حاد في الدولار».
وهبط اليورو بنسبة 0.12 في المائة إلى 1.1657 دولار، لكنه بقي قريباً من أعلى مستوى له منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)، بعدما أظهرت بياناتٌ نموَ النشاطِ التجاري في منطقة اليورو بأسرع وتيرة له في 30 شهراً خلال نوفمبر (تشرين الثاني). وارتفعت العملة الأوروبية بأكثر من 12 في المائة منذ بداية العام، متجهة نحو أكبر مكاسب سنوية منذ 2017، مستفيدة من ضعف الدولار وسط حالة عدم اليقين المتعلقة بالرسوم الجمركية في وقت سابق من العام، ثم مع ازدياد توقعات خفض الفائدة الأميركية.
ومن المقرر أن يجتمع البنك المركزي الأوروبي خلال أسبوعين، ومن المتوقع على نطاق واسع الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، إذ تُسعّر الأسواق احتمال التيسير العام المقبل بنسبة 25 في المائة.
أما الين، فتراجع قليلاً إلى 155.47 مقابل الدولار، لكنه ظل بعيداً عن أدنى مستوياته في 10 أشهر المسجل الشهر الماضي، مع انحسار المخاوف من تدخل السلطات اليابانية. وتراهن الأسواق على رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة في اجتماعه بعد أسبوعين، رغم عدم اليقين بشأن المسار اللاحق. وقال تشيدو نارايانان، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في «ويلز فارغو»: «من المرجح أن يبقي بنك اليابان، وجاذبية صفقات شراء الدولار / الين، والضغوط على عوائد السندات الحكومية اليابانية بفعل التوسع المالي المحتمل، الين تحت ضغط مستمر».
وسجّل الجنيه الاسترليني 1.33425 دولار، مقترباً من أعلى مستوى له منذ 28 أكتوبر، بينما بلغ الدولار الأسترالي 0.66075 والدولار النيوزيلندي 0.5774، وكلاهما قرب أعلى مستوياته في أكثر من شهر.
وتراجع اليوان الصيني قليلاً، لكنه بقي قريباً من أعلى مستوى له في 14 شهراً، بعدما حدّد البنك المركزي سعر المنتصف الرسمي أضعف من المتوقع للجلسة السادسة على التوالي، في إشارة إلى الحذر من الارتفاع السريع للعملة.
وتجاهل اليوان تأثير الحرب التجارية وتباطؤ النمو وخفض أسعار الفائدة بشكل حاد وتراجع الاستثمار الأجنبي، ليتجه نحو تحقيق أكبر مكاسبه السنوية منذ عام 2020، عام تفشي جائحة «كورونا».
