تعرف على العلامات الخفية للفيديوهات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي

تزايد خطر العروض المرئية الاصطناعية وتآكل الثقة الرقمية

وجه حقيقي إلى اليسار ومزيف إلى اليمين يشابه إيلون ماسك بعد التزييف
وجه حقيقي إلى اليسار ومزيف إلى اليمين يشابه إيلون ماسك بعد التزييف
TT

تعرف على العلامات الخفية للفيديوهات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي

وجه حقيقي إلى اليسار ومزيف إلى اليمين يشابه إيلون ماسك بعد التزييف
وجه حقيقي إلى اليسار ومزيف إلى اليمين يشابه إيلون ماسك بعد التزييف

يشهد الفضاء الرقمي تحولاً جذرياً بفعل التقدم في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، لا سيما تقنية التزييف العميق «Deepfake»، وتُعد هذه التقنية التي تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتركيب الوجوه وتغيير التعبيرات والكلام والإيماءات في عروض الفيديو سلاحاً إلكترونياً متنامياً، مما يشكل تحدياً مباشراً لقدرة المستخدم على التمييز بين الواقع والمحتوى الاصطناعي.

ونذكر في هذا الموضوع نصائح وأدوات للمساعدة في التعرف على ما إذا كان فيديو ما مصنوعاً بتقنيات الذكاء الاصطناعي أم لا.

ويُنذر التطور السريع لتقنيات التزييف العميق وإمكانية الوصول إليها بمخاطر جسيمة، بما في ذلك الانتشار الواسع للمعلومات المضللة وسرقة الهوية والاستغلال. ولا يتضخم الخطر فقط بسبب الجودة المتزايدة للفيديو النهائي، ولكن بسبب سهولة استغلالها. وتستطيع أدوات اليوم توظيف أقل من 3 ثوانٍ من صوت شخص إلى إنشاء نسخة صوتية مزيفة تُستخدم في عمليات الاحتيال. وعليه، يجب أن يبدأ الكشف عنها بتدريب العين البشرية على اكتشاف صفات عروض الفيديو المولدة صناعياً قبل الاستعانة بالأدوات التقنية المتخصصة.

وجه حقيقي إلى اليسار ومزيف إلى اليمين يشابه الممثل توم كروز بعد التزييف

الكشف البشري عن التزييف العميق

أول خطوة في التعرف المباشر على الفيديوهات المزيفة هي معرفة أن عروض الفيديو المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي الحديث نادراً ما تبدو سيئة الصنع، بل غالباً ما تكون مثالية بشكل غير طبيعي.

• عدم التناسق. لذلك، لا يجب البحث عن الأخطاء الفادحة، بل عن التفاصيل الدقيقة والمستويات المتعارضة من التناسق التي يُخفق الذكاء الاصطناعي في دمجها بشكل متكامل. ويجب أن ينصب التركيز الأولي على منطقة العينين، حيث غالباً ما تظهر زجاجية أو آلية أو تشوبها ومضات غير طبيعية.

• عدم التزامن السمعي البصري. مع ذلك، تبقى العلامة الأكثر شيوعاً للكشف هي عدم التزامن السمعي البصري بين حركات الشفاه والصوت.

• ملامح بيولوجية. على الرغم من التقدم الكبير، لا تزال الخوارزميات تجد صعوبة في محاكاة التباين الطبيعي للملامح، وينبغي فحص جلد الشخص: هل يبدو ناعماً بشكل مفرط ويفتقر إلى الملمس المسامي الطبيعي؟ كما يُخفق الذكاء الاصطناعي غالباً في محاكاة التفاصيل الصغيرة والدائمة، مثل الشامات على الخد أو التجاعيد الدقيقة.

وهناك نقطة ضعف حيوية أخرى تكمن في غياب الوظائف البيولوجية المستمرة. يجب على المشاهد أن يلاحظ ما إذا كان هناك غياب واضح لحركة التنفس المنتظم في الصدر، مثلاً، أو رمش العينين بمعدل طبيعي.

• تحليل الحركة. تظل الأيدي والأصابع نقطة الفشل الكلاسيكية في الفيديوهات المصنوعة. ويجب فحص عدد الأصابع بدقة، فقد تظهر الأصابع مشوهة أو بأعداد غير صحيحة. بالإضافة إلى ذلك، يجب الانتباه إلى كيفية تحرك اليدين والمفاصل والأطراف: هل تبدو الحركة عائمة أو طافية أو مشوهة في شكلها؟ كما يجب تحليل الحركة العامة للشخص الذي يظهر في الفيديو. هل تظهر حركات الشخص موجية أو مهتزة وغير طبيعية أو هل يوجد تذبذب واهتزاز في الوجه أو تكتل وتشوه؟ بالإضافة إلى ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار سلوك الشخص: هل يقوم بشيء غير معقول أو يتعارض مع سياق الموقف أو شخصيته المعروفة؟

• الصوت والإيقاع. عند تحليل المكون الصوتي يجب الانتباه إلى الإيقاع؛ هل يوجد نمط غير طبيعي في الكلام يفتقر إلى الترددات البشرية الطبيعية، مثل التوقفات العادية أو توقفات التنفس التي تميز الخطاب البشري؟ يجب التحقق مما إذا كان النطق مثالياً جداً لدرجة تفتقر إلى النبرة أو العمق العاطفي الطبيعي أو العمر المناسب للشخص الظاهر. كما يجب الانتباه لغياب ضوضاء البيئة في الخلفية التي ينبغي أن تكون موجودة بشكل طبيعي.

• الإضاءة والظلال. وغالباً ما يفشل الذكاء الاصطناعي في دمج العنصر المزيف مع الخلفية المحيطة، مما يخلق ما يُسمّى «التماس البصري». هل تبدو الأشياء في الخلفية ذائبة أو متكررة أو متشابهة بشكل غريب؟ الأهم من ذلك، يجب التحقق مما إذا كانت الإضاءة والظلال متطابقة مع مصدر الضوء المفترض في المشهد، فالتناقضات في الإضاءة والانعكاسات والظلال تُعدّ من الدلائل البصرية الأكثر إفشاء للتلاعب.

تساعد أدوات متخصصة في التعرف الفيديو المزيف

أدوات الذكاء الاصطناعي المضاد

وفي ظل التطور المتسارع لتقنيات التوليد، لم تعد الملاحظة البشرية كافية بمفردها لتوفير قرار قاطع، وأصبحت الحاجة ملحة إلى استخدام أدوات تقنية متقدمة تستخدم الذكاء الاصطناعي المضاد للكشف عن البصمة الخوارزمية المخفية التي لا يمكن للعين المجردة رؤيتها. وتُمثل هذه الأدوات الخطوة شبه الحاسمة، حيث تعمل بوصفها مستشعرات متخصصة قادرة على تحليل بيانات الصوت والصورة بسرعة فائقة لتقديم تقييم موضوعي للمصداقية.

جدير بالذكر أنه لا يمكن لأداة واحدة أن تكشف جميع أشكال التزييف بكفاءة عالية، مما يستدعي استخدام مجموعة من الأدوات المتخصصة. ويتمثل التحدي الأكبر في أن جميع طرق الكشف الآلي لديها معدلات فشل، وهذا يتطلب من المطورين والباحثين توقع طرق جديدة لإنشاء الوسائط الاصطناعية بشكل مستمر. ويجب إدراك أن سباق التسلح مستمر، وأن أدوات الكشف الحالية يجب التعامل مع نتائجها بحذر بصفتها مؤشرات وليست أحكاماً نهائية.

ونذكر فيما يلي أبرز الأدوات التقنية المتاحة، للمساعدة في كشف عروض الفيديو المصنوعة بتقنيات الذكاء الاصطناعي:

• كاشف التلاعب الصوتي: تُمثل أداة «ديب فيك ديتيكتر» McAfee Deepfake Detector من «مكافي» دفاعاً متخصصاً ضد الاحتيال الذي يعتمد على استنساخ الصوت عبر الذكاء الاصطناعي، فقد أصبح من السهل جداً على مجرمي الإنترنت استغلال الأصوات المقلدة. وتستخدم هذه الأداة نماذج الشبكات العصبية العميقة التي يتم تدريبها بخبرة للكشف عن الصوت الذي تم توليده أو التلاعب به بواسطة الذكاء الاصطناعي. ويمكن لهذه الأداة إرسال تنبيهات في غضون ثوانٍ مباشرة في متصفح المستخدم، مما يساعد على التمييز السريع بين الحقيقي والمزيف.

• تقنية كاشف البصمة البيولوجية: تُعد تقنية «فيك كاتشر» Intel FakeCatcher من «إنتل» الأولى عالمياً في توفير منصة كشف عن التزييف العميق في الوقت الفوري، وتتمتع بدقة عالية تصل إلى 96 في المائة. وتعتمد آلية عمل هذه الأداة على مبدأ مبتكر يُعرف باسم «البصمة البشرية». فبدلاً من البحث عن عيوب في الصورة المولّدة، تركز الأداة على تحليل وحدات الـ«بكسل» في الفيديو، للكشف عن علامات تدفق الدم الناتجة عن عمل القلب. وبما أن نماذج الذكاء الاصطناعي لا يمكنها محاكاة هذه الوظيفة الفسيولوجية الحية، فإن غياب تلك الإشارات البيولوجية يُعدّ دليلاً قاطعاً على التلاعب.

• الماسح العميق العام: توفر منصة «ديبووير سكانر» Deepware Scanner أداة مصممة لمسح واكتشاف عروض الفيديو والصوتيات المُتلاعب بها اصطناعياً. وتستخدم الأداة تقنية كشف عامة تستهدف التلاعب البصري والسمعي في الوسائط، وهي حل عملي لإجراء فحص سريع ومباشر عبر الإنترنت.

• منصة الأبحاث المفتوحة: تُمثل «ديب فيك أو ميتير» DeepFake o meter منصة تعمل على دمج أحدث طرق البحث مفتوحة المصدر للكشف عن الوسائط الاصطناعية، بما في ذلك الصور وعروض الفيديو والصوتيات. وتم تطوير هذه المنصة بدعم من جامعات ومؤسسات بحثية، وتهدف إلى توفير أداة مجانية للجمهور لتجربة وفهم التطورات الحديثة في اكتشاف الوسائط الاصطناعية. وتستخدم المنصة نماذج بحثية أولية، مثل LipFD لكشف التلاعب بحركة الشفاه في الفيديو، وRawNet2-Vocoder-v3 لكشف الصوت المزيف.


مقالات ذات صلة

أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

تكنولوجيا رودني بروكس

أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

شكوك في قدرة الروبوتات وفي سلامة استخدام الإنسان لها

تيم فيرنهولز (نيويورك)
تكنولوجيا سماعات أمامية وجانبية لتجسيم الصوتيات وسماعة متخصصة في الصوتيات الجهورية بتقنية 5.1

دليل شامل لإعداد نظام الصوت المحيطي المثالي في منزلك

أفضل طريقة للتمتع بتجربة السينما الغامرة في المنزل

تكنولوجيا سماعات أمامية وجانبية لتجسيم الصوتيات وسماعة متخصصة في الصوتيات الجهورية بتقنية 5.1

دليل شامل لإعداد نظام الصوت المحيطي المثالي في منزلك

أفضل طريقة للتمتع بتجربة السينما الغامرة في المنزل

الاقتصاد جانب من اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين «موبايلي» والمنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

«موبايلي» تتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي لتطوير الرقمنة بالسعودية

وقَّعت «موبايلي» اتفاقية تعاون استراتيجي مع المنتدى الاقتصادي العالمي، بهدف تطوير البنية التحتية الرقمية والمساهمة في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الخليج المهندس أحمد الصويان وأنطونيو غوتيريش يبحثان الموضوعات المشتركة وسُبل التعاون (هيئة الحكومة الرقمية)

غوتيريش يشيد بتقدم السعودية النوعي في الحكومة الرقمية

أشاد أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بما حققته السعودية من تقدم نوعي في مجال الحكومة الرقمية، عادّاً ما وصلت إليه نموذجاً دولياً رائداً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)
TT

«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)

كشفت شركة «تسلا»، السبت، عن روبوتها الشبيه بالبشر المُسمى «أوبتيموس» أمام الجمهور في العاصمة الألمانية برلين.

وقام الروبوت بتوزيع الفشار في سوق لعيد الميلاد بمركز التسوق «إل بي 12»، المعروف أيضاً باسم «مول برلين»؛ حيث كان يلتقط علب الفشار الصغيرة ويملؤها، ثم يقدمها للزوار.

وتشكل طابور طويل أمام المنصة. وكما الحال في عروض مماثلة أخرى قدمتها «تسلا»، ظل من غير الواضح إلى أي مدى كان «أوبتيموس» يعمل بشكل ذاتي، أو ما إذا كان خاضعاً للتحكم عن بُعد جزئياً على الأقل.

«أوبتيموس» (أ.ب)

وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تتراجع مبيعات سيارات «تسلا» الكهربائية مرة أخرى هذا العام، أعلن الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك أن مستقبل «تسلا» يكمن في سيارات الأجرة ذاتية القيادة «الروبوتاكسي»، والروبوتات الشبيهة بالبشر.

كما توقّع ماسك أن يفوق عدد الروبوتات عدد البشر في العالم مستقبلاً، مشيراً إلى أن السيارات ذاتية القيادة والروبوتات ستفضي إلى «عالم بلا فقر»، يتمتع فيه الجميع بإمكانية الوصول إلى أفضل رعاية طبية. وأضاف قائلاً: «سيكون (أوبتيموس) جراحاً مذهلًا».

وأوضح ماسك أنه يأمل في بدء إنتاج هذه الروبوتات بحلول نهاية العام المقبل.

وحسب تقارير إعلامية، يتم التحكم في بعض هذه الروبوتات عن بُعد خلال مثل هذه العروض. وأثار مقطع فيديو ضجة على الإنترنت مؤخراً، يظهر فيه روبوت «أوبتيموس» وهو يسقط إلى الخلف مثل لوح مسطح خلال فعالية في مدينة ميامي.

وقبل أن يسقط يرفع الروبوت ذراعيه الاثنتين إلى رأسه، في حركة توحي بأن الشخص الذي كان يتحكم فيه عن بُعد قد نزع نظارة ثلاثية الأبعاد. ولم تعلق «تسلا» على ذلك.


خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
TT

خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)

أفاد تقرير بأن تفويض بعض المهام إلى الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ؛ بل وقد يضر بمهارات التفكير النقدي وحل المشكلات.

في وقت سابق من هذا العام، نشر «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) دراسة أظهرت أن الأشخاص الذين استخدموا برنامج «شات جي بي تي» لكتابة المقالات أظهروا نشاطاً أقل في شبكات الدماغ المرتبطة بالمعالجة المعرفية في أثناء قيامهم بذلك.

لم يتمكن هؤلاء الأشخاص أيضاً من الاستشهاد بمقالاتهم بسهولة، كما فعل المشاركون في الدراسة الذين لم يستخدموا روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي. وقال الباحثون إن دراستهم أظهرت «أهمية استكشاف احتمال انخفاض مهارات التعلم».

تم اختيار جميع المشاركين الـ54 من «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) والجامعات المجاورة. وسُجِّل نشاط أدمغتهم باستخدام تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، الذي يتضمن وضع أقطاب كهربائية على فروة الرأس.

وتضمنت بعض التوجيهات التي استخدمها المشاركون طلب المساعدة من الذكاء الاصطناعي لتلخيص أسئلة المقالات، والبحث عن المصادر، وتحسين القواعد والأسلوب.

كما استُخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد الأفكار والتعبير عنها، ولكن بعض المستخدمين شعروا بأنه لم يكن بارعاً في ذلك.

انخفاض التفكير النقدي

وفي دراسة منفصلة، ​​وجدت جامعة «كارنيجي ميلون» و«مايكروسوفت» التي تُشغّل برنامج «Copilot»، أن مهارات حل المشكلات لدى الأفراد قد تتضاءل إذا ما اعتمدوا بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي.

واستطلعت الدراسة آراء 319 موظفاً من ذوي الياقات البيضاء ممن يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في وظائفهم مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، حول كيفية تطبيقهم للتفكير النقدي عند استخدامها.

ودرس الباحثون 900 مثال لمهام مُسندة إلى الذكاء الاصطناعي، تتراوح بين تحليل البيانات لاستخلاص رؤى جديدة والتحقق من استيفاء العمل لقواعد مُحددة.

وخلصت الدراسة إلى أن ارتفاع مستوى الثقة في قدرة الأداة على أداء مهمة ما يرتبط بـ«انخفاض مستوى التفكير النقدي»، وذكرت الدراسة أن «مع أن الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد يُمكن أن يُحسِّن كفاءة العاملين، فإنه قد يُعيق التفاعل النقدي مع العمل، وقد يُؤدي إلى اعتماد مُفرط طويل الأمد على الأداة، وتراجع مهارات حل المشكلات بشكل مستقل».

كما أُجري استطلاع رأي مماثل على طلاب المدارس في المملكة المتحدة، نُشر في أكتوبر (تشرين الأول) من قِبل مطبعة جامعة أكسفورد. وأظهر أن 6 من كل 10 أشخاص شعروا بأن الذكاء الاصطناعي قد أثر سلباً على مهاراتهم الدراسية.

وقد وجدت دراسة أجرتها كلية الطب بجامعة هارفارد ونُشرت العام الماضي، أن مساعدة الذكاء الاصطناعي حسَّنت أداء بعض الأطباء، ولكنها أضرَّت بأداء آخرين لأسباب لم يفهمها الباحثون تماماً.

معلم خصوصي لا مقدم للإجابات

تقول جاينا ديفاني التي تقود التعليم الدولي في شركة «أوبن إيه آي» -الشركة التي تمتلك «شات جي بي تي»- والتي ساعدت في تأمين الدراسة مع جامعة أكسفورد، إن الشركة «تدرك تماماً هذا النقاش في الوقت الحالي».

وتقول لـ«بي بي سي»: «لا نعتقد قطعاً أن على الطلاب استخدام (شات جي بي تي) لتفويض المهام الدراسية». وترى أنه من الأفضل استخدامه كمعلمٍ خصوصي لا مجرد مُقدّمٍ للإجابات.


أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

رودني بروكس
رودني بروكس
TT

أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

رودني بروكس
رودني بروكس

يقول رودني بروكس: «أحب أن أنظر إلى ما يفعله الجميع، وأحاول أن أجد قاسماً مشتركاً يفترضونه جميعاً ضمنياً... لكنني أنكر وجوده».

رائد في علم الروبوتات

كان بروكس، رائد علم الروبوتات، يتحدث مباشرةً إلى الكاميرا في فيلم إيرول موريس «سريع، رخيص، وخارج عن السيطرة» عام 1997، الذي يجمع بين مقابلات مع بروكس، ومرّوض أسود، وبستاني متخصص في تقليم الأشجار، وباحث يدرس فئران الخلد العارية. قال بروكس حديثاً عن الفيلم: «أربعة رجال، كان كل منهم يحاول السيطرة على الطبيعة بطريقته الخاصة، وكنا جميعاً نفشل».

في الفيلم، كان بروكس يصف إنجازاً مبكراً. ففي ثمانينيات القرن الماضي، قيّدت قيود الحوسبة التقنية تطوير الروبوتات. لكنه وأثناء مراقبته للحشرات، أدرك أنها تمتلك قدرات عقلية محدودة، لكنها أكثر كفاءة بكثير من روبوتاته، وأن محاكاة بيولوجيا الحيوانات أذكى من محاولة التحكم في كل جانب من جوانب سلوك الروبوت عبر البرمجة. وقادته نجاحاته إلى التنبؤ بانتشار الروبوتات «في كل مكان حولنا».

بروكس مدير مختبر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا السابق، الذي كرّس حياته المهنية لجعل الآلات الذكية جزءاً من حياتنا اليومية والمشارك في ابتكار مكنسة «رومبا» الروبوتية الشهيرة، وهو في سن السبعين، يجد نفسه الآن متشككاً.

شكوك بقدرة الروبوتات... وأموال مهدورة

يعد رواد الأعمال اليوم بروبوتات لا تبدو بشرية فحسب، بل قادرة أيضاً على القيام بكل ما يستطيع الإنسان فعله.

يضخ مستثمرو التكنولوجيا مليارات الدولارات في هذا المسعى، لكن بروكس يرى أن الروبوتات البشرية متعددة الأغراض لن تعود إلى منازلنا قريباً، وأنها ليست آمنة بما يكفي للوجود حول البشر. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، نشر مقالاً نقدياً لاذعاً خلص فيه إلى أنه خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، «ستُهدر أموال طائلة في محاولة استخلاص أي تحسينات ممكنة من الروبوتات الشبيهة بالبشر الحالية. لكن هذه الروبوتات ستكون قد ولَّت منذ زمن بعيد، وسيتم نسيانها في الغالب».

أثار منشوره على مدونته ضجة كبيرة في عالم الروبوتات الصغير. كان هذا الشخص أسطورة في هذا المجال، وقد ساهمت رؤاه في انتشار موضة الروبوتات الشبيهة بالبشر.

وكتب كريس باكستون، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، معلقاً: «سألني ما لا يقل عن اثني عشر شخصاً عما إذا كنت أوافق على ما قاله بعد وقت قصير من نشره (وأنا لا أوافق)» على ما قاله.

أمثلة تاريخية

ويتذكر بروكس سيارة إرنست ديكمانز ذاتية القيادة، التي انطلقت في رحلاتها عبر أوروبا عام 1987. كان حاضراً عندما هزم حاسوب «آي بي إم» العملاق «ديب بلو» بطل العالم في الشطرنج غاري كاسباروف عام 1997، وعندما تنبأ باحث الذكاء الاصطناعي جيف هينتون عام 2016 بأن علم الأشعة سيصبح من الماضي خلال خمس سنوات لأن برامج التعلم الآلي ستؤدي أعماله بشكل أفضل.

كانت كل هذه تطورات مهمة، لكن السائقين ولاعبي الشطرنج واختصاصيي الأشعة ما زالوا بيننا.

يصر بروكس على أنه يتصرف بواقعية. قال في مقابلة: «سنمر بفترة من الحماس الشديد، ثم ستأتي فترة من خيبة الأمل».

سباق تسلح نحو الروبوتات الشبيهة بالبشر

يقول بروكس، الذي يعمل الآن في مؤسسة «روبست»، إن المظهر الخارجي للروبوت يُوحي بقدراته. فالروبوتات المستخدمة على نطاق واسع اليوم مصممة لمهام محددة في ظروف معينة، وتبدو كذلك - كذراع تؤدي نفس الحركة المتكررة على خط الإنتاج، أو رافعات المنصات الآلية في مستودعات «أمازون». إنها ليست مبهرة. ويضيف: «يرى الناس الشكل الشبيه بالبشر، فيعتقدون أنه قادر على فعل كل ما يفعله الإنسان».

بعبارة أخرى، تُعد الروبوتات الشبيهة بالبشر فكرة مثالية لوادي السيليكون، حيث يُمثل النمو المحتمل كل شيء بالنسبة للشركات المدعومة برأس المال المغامر.

طموحات أم أوهام؟

لهذا السبب يبدو أن شركة تسلا، المملوكة لإيلون ماسك، تُراهن بكل شيء على روبوتها «أوبتيموس». في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صرّح ماسك بأن بناء مثل هذه الروبوتات على نطاق واسع يُمثّل «معضلة مالية لا نهائية»، وتوقّع أن روبوت شركته «قد يُحقق إنتاجية تفوق إنتاجية الإنسان بخمسة أضعاف سنوياً لقدرته على العمل على مدار الساعة». ويعتقد، من بين أمور أخرى، أن أوبتيموس سيكون جراحاً بارعاً، وهو ادعاء جريء، إذ تُعدّ البراعة البشرية من أصعب التحديات في مجال الروبوتات.

ليس ماسك الوحيد الذي يطمح إلى تحقيق أهداف كبيرة. فمن بين شركات أخرى، جمعت شركة Figure AI الناشئة ما يقارب ملياري دولار منذ عام 2022 لتطوير خط إنتاجها من الروبوتات الشبيهة بـ C-3PO، التي تُستخدم في مجالات متنوعة من التصنيع إلى رعاية المسنين. كما يمكنك إنفاق 20 ألف دولار للحصول على روبوت من إنتاج شركة 1X Technologies في بالو ألتو، ووضعه في منزلك العام المقبل، ولكن سيتم دعم استقلاليته المحدودة من قِبل موظفي الشركة، الذين سيتحكمون به عن بُعد ضمن خطة لتعليمه مهامَ جديدة.

صعوبة محاكاة البشر

هذه ليست سوى أحدث محاولة لتحقيق ما وصفه بروكس وزملاؤه في حينه في ورقة بحثية نُشرت عام 1999 بتطوير «الكأس المقدسة». وقد تعثرت المحاولات السابقة لبناء روبوتات بشرية متعددة الأغراض بسبب صعوبة المشي على قدمين، وغيرها من الصعوبات المتعلقة بمحاكاة الشكل البشري باستخدام الإلكترونيات.

ثم هناك العدد الهائل من المواقف التي قد يجد الإنسان نفسه فيها. كيف يُمكن كتابة برنامج يُساعد الروبوت، لحل إحدى المهام الروتينية الشائعة التي يُمكن الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذها، على التنقل في كل منزل، وجمع الغسيل، وفرزه؟

الذكاء الاصطناعي التوليدي

يُقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي إجابة جديدة: تعليم الروبوت القيام بذلك بنفس الطريقة التي نُعلم بها أجهزة الكمبيوتر التعرف على الأشخاص، أو نسخ التسجيلات الصوتية، أو الاستجابة لطلبات مثل «اكتب أغنية راب من التسعينيات».

يُعدّ تدريب الشبكات العصبية باستخدام كميات هائلة من البيانات تقنيةً مُثبتة، وهناك كمّ هائل من البيانات التي تُظهر البشر وهم يتحركون في بيئتهم - عقود من اللقطات المصورة لأشخاص يقومون بأعمال مختلفة تُغذّي مراكز البيانات.

قد تبدو النتائج مُبهرة، على الأقل في مقاطع الفيديو، حيث يُمكن رؤية روبوتات بشرية من شركة Figure وغيرها من الشركات وهي تطوي الملابس، أو تُرتّب الألعاب، أو تُصنّف قطع الغيار في مصنع BMW بولاية كارولاينا الجنوبية.

الإنسان وأخطار الروبوت

لكن ما لا يُرى في معظم مقاطع الفيديو هو وجود أشخاص بالقرب من الروبوتات. يقول بروكس إنه لن يقترب من أي روبوت بشري لمسافة تقل عن متر واحد. ويضيف أنه إذا - وعندما - فقدت هذه الروبوتات توازنها، فإن الآليات القوية التي تجعلها مفيدة، تُحوّلها إلى أداة خطرة.

تُلزم لوائح السلامة عموماً الأفراد بالابتعاد عن الروبوتات في البيئات الصناعية. ويقول آرون براذر، مدير قسم الروبوتات والأنظمة المستقلة في ASTM International، وهي منظمة معنية بوضع المعايير، إن الروبوتات البشرية ليست غير آمنة بطبيعتها، ولكنها تتطلب إرشادات واضحة، خاصةً عند خروجها من البيئات التي تدرب فيها البشر على العمل جنباً إلى جنب معها.

ويضيف براذر: «بالنسبة للروبوتات التي تدخل المنازل، وخاصة الروبوتات الشبيهة بالبشر التي يتم التحكم بها عن بُعد، فنحن في منطقة جديدة».

في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفع رئيس قسم سلامة المنتجات السابق في شركة «فيغر» Figure دعوى قضائية ضد الشركة بتهمة الفصل التعسفي، مدعياً أنه طُرد بعد محاولته تطبيق إرشادات سلامة صارمة. رفضت الشركة التعليق على تقنيتها، لكن أحد ممثليها نفى الادعاءات الواردة في الدعوى، قائلاً إن الموظف فُصل بسبب ضعف أدائه. من جهته، قال ممثل عن شركة 1X إن روبوتها المنزلي يعتمد على آليات جديدة «تجعله آمناً ومتوافقاً بشكل فريد مع البشر».

قدرة الأصابع الحسّية المذهلة... يصعب ترجمتها للآلات

يشكّك بروكس بشدة في قدرة الشبكات العصبية على حلّ مشكلة البراعة. لا يمتلك البشر لغةً لجمع وتخزين ونقل البيانات المتعلقة باللمس، كما هو الحال بالنسبة للغة والصور. تجمع قدرة أصابعنا الحسية المذهلة أنواعاً شتى من المعلومات التي يصعب علينا ترجمتها للآلات. ويرى بروكس أن البيانات المرئية التي يفضلها الجيل الجديد من الشركات الناشئة في مجال الروبوتات لن تتمكن ببساطة من محاكاة ما نستطيع فعله بأصابعنا.

ويقول بروكس: «لقد صنع طلابي العديد من الأيدي والأذرع، وشحنوا عشرات الآلاف من أذرع الروبوت. أنا على يقين تام بأن الروبوتات الشبيهة بالبشر لن تصل إلى مستوى قدرات التلاعب (الحركي) البشري».

يجادل الباحثون بأنه إذا لم تكن البيانات المرئية وحدها كافية، فيمكنهم إضافة مستشعرات لمسية إلى روبوتاتهم، أو استخدام البيانات الداخلية التي يجمعها الروبوت عند تشغيله عن بُعد بواسطة مستخدم بشري. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه التقنيات ستكون رخيصة بما يكفي لجعل هذه الشركات مستدامة.

لكن هناك أيضاً احتمالات عديدة بين براعة الإنسان وفشل الروبوت. يقول براس فيلاغابودي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة أجيليتي روبوتيكس: «يطرح بروكس العديد من النقاط المهمة، لكنني أختلف معه في نقطة واحدة، وهي أننا بحاجة إلى بلوغ مستوى براعة الإنسان لنستفيد من الروبوتات متعددة الأغراض».

واقعي... لا متشائم

يصف بروكس نفسه بأنه واقعي، لا متشائم. ويكمن قلقه الرئيسي في أن التركيز المفرط على أحدث أساليب التدريب سيؤدي إلى إهمال أفكار واعدة أخرى. ويتوقع أن تعمل الروبوتات يوماً ما جنباً إلى جنب مع البشر، وأننا قد نطلق عليها اسم «الروبوتات الشبيهة بالبشر»، لكنها ستكون، كما يقول، مزودة بعجلات وأذرع متعددة، وربما لن تكون متعددة الأغراض.

وهو يعمل حالياً فوق مستودع النماذج الأولية في سان كارلوس، كاليفورنيا، حيث تتعلم روبوتات شركة روبست عملها، لكنه يتوقع الابتعاد عن العمل في الشركات خلال السنوات القليلة المقبلة. ليس للتقاعد، بل لكتابة كتاب عن طبيعة الذكاء، ولماذا لن يتمكن البشر من ابتكاره اصطناعياً قبل 300 عام أخرى.

يقول عن حلمه المتنامي بالذكاء الاصطناعي: «لقد كان هذا حلمي طوال حياتي». ويضيف: «ما أكرهه الآن هو الذكاء الاصطناعي العام. لطالما سعينا نحو الذكاء الاصطناعي العام! وقريباً سيُطلقون عليه اسم الذكاء الاصطناعي الفائق».

«لا أعرف ما سيأتي بعد ذلك، لكنه سيكون الذكاء الاصطناعي الخارق».

* باختصار، خدمة «نيويورك تايمز».