لبنان: الانتخابات النيابية أمام ممرين إلزاميين... التوافق على القانون ولجم إسرائيل

مصيرها يتأرجح بين إنجازها في الصيف أو ترحيلها لظروف أمنية قاهرة

جنود في الجيش اللبناني يوفرون الحماية لموكب البابا ليو الرابع عشر أثناء زيارته لضريح مار شربل في عنايا شمال لبنان (أ.ف.ب)
جنود في الجيش اللبناني يوفرون الحماية لموكب البابا ليو الرابع عشر أثناء زيارته لضريح مار شربل في عنايا شمال لبنان (أ.ف.ب)
TT

لبنان: الانتخابات النيابية أمام ممرين إلزاميين... التوافق على القانون ولجم إسرائيل

جنود في الجيش اللبناني يوفرون الحماية لموكب البابا ليو الرابع عشر أثناء زيارته لضريح مار شربل في عنايا شمال لبنان (أ.ف.ب)
جنود في الجيش اللبناني يوفرون الحماية لموكب البابا ليو الرابع عشر أثناء زيارته لضريح مار شربل في عنايا شمال لبنان (أ.ف.ب)

انشغال اللبنانيين، على امتداد ثلاثة أيام، باستقبال البابا ليو الرابع عشر لن يسدل الستار، في اليوم التالي لانتهاء زيارته التاريخية للبنان، على التجاذبات السياسية التي تتمحور حول حصرية السلاح بيد الدولة، وقانون الانتخاب الذي ستجرى على أساسه الانتخابات النيابية في ربيع 2026.

ومصير الانتخابات يتأرجح مناصفةً بين إتمامها في الصيف المقبل، أو ترحيلها على نحو يفرض التمديد للبرلمان، ما لم يتأمن الممر الإلزامي لإنجازها في موعدها بامتناع إسرائيل عن توسعة الحرب فور انتهاء العام الحالي، تنفيذاً لتهديداتها بالضغط على «حزب الله» لإلزامه بتطبيق حصرية السلاح، وبتوافق القوى السياسية على تسوية من شأنها أن تُخرج قانون الانتخاب من التأزّم الذي يحاصره.

جموع تنتظر وصول البابا ليو الرابع عشر إلى ضريح مار شربل في عنايا بشمال لبنان ويحملون العلم الأميركي والعلم اللبناني (أ.ف.ب)

فإجراء الانتخابات على أساس القانون النافذ، كما يطالب رئيس المجلس النيابي نبيه بري لا يعني، بحسب خصومه، أن الطريق سالك أمام إتمامها في موعدها في ظل تصاعد وتيرة الاشتباك السياسي حول أي قانون ستجرى على أساسه، خصوصاً أنه بحاجة إلى تعديل في جلسة تشريعية، بعد أن أعفت حكومة الرئيس نواف سلام نفسها من تعديله بإحالتها مشروع قانون على البرلمان يقضي بشطب المادتين 112 و122 من القانون، بما يسمح للمنتشرين اللبنانيين في الاغتراب بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً.

فاعتماد القانون النافذ، كما يقول خصوم بري لـ«الشرق الأوسط»، يتطلب في مطلق الأحوال تعديله بتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة، وإصدار المراسيم التطبيقية الخاصة باستحداث الدائرة الانتخابية السادسة عشرة، وتوزيع المقاعد الستة لتمثيل الاغتراب على القارات، ما يلقى معارضة يصعب تجاوزها بذريعة أنها تمثل، من وجهة نظر الغالبية، الأكثرية النيابية.

لذلك يقف لبنان على بُعد خمسة أشهر وأسابيع قليلة من موعد إجراء الانتخابات النيابية في ربيع 2026، من دون أن تلوح في الأفق حتى الآن بوادر انفراج للتوصل إلى تسوية حول القانون، مع أن الرؤساء الثلاثة يصرون على إنجازها في موعدها.

لكن كيف؟ وعلى أي أساس؟ ومتى؟ رغم أن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يصر على إتمامها بلا أي تأخير، وإعطاء الحق للمغتربين بالاقتراع أسوةً بالمقيمين.

الرئيس اللبناني جوزيف عون لحظة وصوله إلى دير مار مارون في عنايا لاستقبال البابا ليو الرابع عشر خلال اليوم الثاني من زيارته إلى لبنان (رويترز)

وفي هذا السياق، تسأل مصادر نيابية: هل الأبواب لا تزال موصدة أمام التوصل إلى تسوية تكون ممراً إلزامياً لإجراء الانتخابات، بالتلازم مع توفير الضمانات الدولية بعدم قيام إسرائيل بتوسعة الحرب مع انتهاء العام الحالي؟ وإلا فإن تأجيلها حاصل لظروف أمنية قاهرة.

وتؤكد أنه لا مجال للقفز فوق تعديل القانون، لأن التعديلات بحاجة إلى تشريع، ولا يمكن إصدارها بقرار حكومي.

وتلفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لا مجال لفتح أبواب البرلمان لتعديل القانون ما لم يتم التوصل مسبقاً إلى تسوية تمهد لدعوة الهيئة العامة لعقد جلسة تشريعية تخصص لتعديل القانون.

صلاحيات بري

وتقول، من وجهة نظرها، إن دعوتها للانعقاد هي من صلب صلاحيات رئيس البرلمان. وتضيف أن بري يربط دعوته الهيئة العامة للانعقاد بالتفاهم المسبق على التعديلات المقترحة على القانون لقطع الطريق على تمرير المقترحات التي يطالب بها خصومه الذين يتصرفون، من وجهة نظرهم، على أنهم يمثلون الأكثرية في البرلمان، ولديهم القدرة لشطب المادتين 112 و122 منه بما يتيح للمغتربين الاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، وهذا ما يفسر تأييدهم المطلق لاقتراح الحكومة.

تسوية مفاجئة؟

وتؤكد أن بري يتحسب، بدعوته الهيئة العامة للانعقاد، لحصول مفاجأة ليست في الحسبان تؤدي لتغليب وجهة نظر خصومه بإقرار التعديلات التي يطالبون بها، وبالتالي لا مفر من التفاهم قبل انعقادها على تسوية تعبّد الطريق أمام إنجاز الاستحقاق النيابي. وترى أنها تنص على صرف النظر عن تمثيل الاغتراب اللبناني بـ6 مقاعد، في مقابل حصر اقتراع المنتشرين بمجيئهم إلى لبنان لتأدية حقهم في اختيار ممثليهم في الندوة النيابية.

موسم المغتربين

وتقول المصادر نفسها إن عون وسلام لا يريدان حرق المراحل، وإن ما يهمهما هو إجراء الانتخابات في موعدها، ويلتقيان بذلك مع بري، ولن يعترضا على التوصل إلى تسوية تقرها الهيئة العامة في جلسة تشريعية تعقدها لهذا الغرض، وليس لأي سبب آخر.

ترحيل وعطلة صيفية

وتؤكد أن التوافق عليها سيفتح الباب أمام تأجيل إنجازها نظراً لضيق الوقت إلى مطلع الصيف المقبل، إفساحاً في المجال أمام مجيء المغتربين إلى لبنان لتمضية عطلتهم الصيفية، وتأديتهم لواجبهم الانتخابي.

وترى أن قدوم المغتربين في أوائل الصيف سيؤدي لتحريك العجلة الاقتصادية، وإنعاش المرافق السياحية، هذا في حال أن الضغوط الدولية، وتحديداً الأميركية، على إسرائيل ستؤدي لتوفير الأجواء الآمنة لتمرير الاستحقاق الانتخابي الذي تنظر إليه واشنطن على أنه محطة لإحداث تغيير في ميزان القوى يأخذ في الاعتبار التحولات في المنطقة، ولبنان.

جنود في الجيش اللبناني يوفرون الحماية لموكب البابا ليو الرابع عشر أثناء زيارته لضريح مار شربل في عنايا شمال لبنان (أ.ف.ب)

ويبقى السؤال: هل تتقدم حصرية السلاح، من منظور أميركي ودولي جامع، على إتمام الاستحقاق النيابي، ما يقلق لبنان على المستويين الرسمي والشعبي بغياب الضمانات الأميركية للجم جنوح إسرائيل نحو توسعتها للحرب، رغم أنه لا مجال للعودة عن حصريته.

جناح الدولة

وعليه، بات على «حزب الله» أن يكف عن مكابرته، وإنكاره للواقع، وأن تتخذ قيادته قرارها بالانضواء تحت جناح الدولة في خيارها الدبلوماسي لتحرير الجنوب، كونها وحدها توفر الحماية للبنانيين، وتدفع بالإدارة الأميركية أن تضغط على إسرائيل لإعادة الاعتبار لاتفاق وقف الأعمال العدائية تطبيقاً للقرار 1701، مع تأكيد مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أن الخطاب الأخير للشيخ نعيم قاسم لا يشبه الواقع السياسي الراهن، وهو يحاكي فيه بيئته بدلاً من أن يبادر إلى رفع الضغوط الخارجية على لبنان بأن يتوجّه للبنانيين بموقف شجاع وجامع يضع حصرية السلاح بعهدة الدولة بتخليه عن تمسكه به لشراء الوقت الذي من شأنه تعريض لبنان لمزيد من الأخطار، مع مواصلة إسرائيل الضغط بالنار عليه، وتهديدها بتوسعة الحرب، وغياب الضمانات لتطويقها.


مقالات ذات صلة

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: أميركا وحلفاؤها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار غزة

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصادر مطلعة، اليوم الاثنين، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

وقالت المصادر إنه جرت دراسة واشنطن كمكان محتمل للمؤتمر الذي قد يُعقد مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير، وأن مصر من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة.

وأضاف مصدر أن المؤتمر لن يُعقد على الأرجح إلا بعد أن يُكمل المسؤولون تشكيل «مجلس السلام» بقيادة ترمب، والمقرر أن يشرف على الحكومة الانتقالية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل و«حماس» في أكتوبر.

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق غزة في شرم الشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «بلومبرغ» إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف التقى مسؤولين من مصر وتركيا وقطر في فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع لبحث تنفيذ وقف إطلاق النار.

وأضافت أن المؤتمر جزء من جهد أوسع نطاقاً للحفاظ على زخم خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي والمؤلفة من 20 بنداً، والتي قُسّمت إلى مرحلتين، تهدف الأولى إلى وقف القتال وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، أما المرحلة الثانية، والأكثر صعوبة، فتتمثل في الانتقال إلى إدارة طويلة الأمد لغزة، مع نزع سلاح «حماس» وتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار.

وذكرت «بلومبرغ» أن مسؤولين أميركيين أقروا بصعوبة المرحلة الثانية، إذ يواجه مجلس السلام العديد من التساؤلات، بدءاً من تحديد أعضائه، كما لم يتم بعد إنشاء قوة الاستقرار الدولية، في حين أن أصعب مهام المرحلة الثانية ربما تكون نزع سلاح «حماس».


واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.