«الطعون» تُحدد شكل جولة «الإعادة» في انتخابات «النواب المصري»

«الإدارية العليا» تنظر شكاوى 187 مرشحاً على النتائج

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب (الرئاسة المصرية)
TT

«الطعون» تُحدد شكل جولة «الإعادة» في انتخابات «النواب المصري»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب (الرئاسة المصرية)

تتجه الأنظار في مصر إلى المحكمة الإدارية العليا التي من المقرر أن تُصدر حكمها خلال الساعات المقبلة بشأن الطعون المقدمة إليها على نتيجة المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)؛ وذلك قبل انطلاق جولة الإعادة لهذه المرحلة، الاثنين المقبل، ما سيُحدد شكل إجراءات تلك الجولة.

وقررت المحكمة الإدارية العليا، السبت، نظر 187 طعناً انتخابياً، وطالبت «الهيئة الوطنية للانتخابات» (المشرفة على انتخابات مجلس النواب) بإحضار محاضر الفرز والتجميع الخاصة بنتائج المرحلة الأولى، على أن تُصدر حكمها النهائي خلال ساعات.

وشهدت المرحلة الأولى من الانتخابات «سلسلة من الاعتراضات والمخالفات»، ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة «الهيئة الوطنية للانتخابات» بمراجعة التجاوزات، وأدّى ذلك إلى إلغاء نتائج 19 دائرة في 7 محافظات، ومن المقرر إعادة الانتخابات فيها أيضاً، يوم الاثنين.

وقبل أيام، قال السيسي إن «بعض ملاحظاته على عملية التصويت في انتخابات مجلس النواب كانت بمثابة (فيتو) لعدم رضاه عنها، (واعتراضاً على بعض الممارسات)».

وتنوعت طلبات المرشحين داخل الطعون بين «إلغاء العملية الانتخابية في بعض الدوائر، أو إلغاء جولة الإعادة، أو وقف إعلان النتائج بزعم وجود أخطاء في الفرز والتجميع، أو إلغاء فوز (القائمة الوطنية الموحدة)»، حسب المحامي ورئيس الهيئة القانونية والاستشارية لحزب «الوعي»، محمود سويلم.

وتنظر المحكمة هذه الطعون بعد أن سبق لها الفصل في 14 طعناً بعدم القبول، وإحالة 59 طعناً إلى «محكمة النقض» للاختصاص.

وقال سويلم لـ«الشرق الأوسط» إن حكم «الإدارية العليا» يُحدد شكل جولة الإعادة، وكذلك الانتخابات برمّتها، وذلك بعد أن طالبت المحكمة (الهيئة الوطنية للانتخابات) بتقديم كشوف الفرز، وهي تشكل أساس الحكم، لأنه في حال لم يتم إثبات تسلم وكلاء المرشحين نسخة من هذه الكشوف بتوقيع المتسلم، فإن ذلك قد يقود إلى إلغاء الانتخابات بتلك الدوائر.

وأوضح أن «تقديم طعون من جانب وكلاء المرشحين والأحزاب لعدم تسلّمهم كشوف النتائج يُبرهن على أنهم حضروا إلى أماكن الفرز ولم يحصلوا عليها، غير أن الحكم النهائي يبقى للمحكمة وفقاً لما تتوفر لديها من أدلة وبراهين»، مشيراً إلى أن «بعض الدوائر جرى تقديم أكثر من طعن فيها، وهو ما يُفسر زيادة عدد الطعون مقارنة بالدوائر الانتخابية».

انتخابات المرحلة الثانية من «النواب» شهدت حضوراً متزايداً عن المرحلة الأولى (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

وجرت المرحلة الأولى من الانتخابات في 70 دائرة انتخابية، وقررت «الهيئة الوطنية» إلغاء الانتخابات في 19 دائرة منها، فيما يخوض 120 مرشحاً جولة «الإعادة» للمرحلة الأولى في 31 دائرة داخل 10 محافظات، وفقاً لأرقام «هيئة الانتخابات».

وانطلقت المرحلة الأولى من انتخابات «النواب» في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ومن المقرر أن تُجرى جولة الإعادة للمصريين بالخارج يومي 1 و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفي الداخل يومي 3 و4 من الشهر ذاته، ويتم إعلان نتائجها النهائية في موعد أقصاه 11 ديسمبر المقبل.

أستاذ العلوم السياسية بـ«مركز البحوث الجنائية والاجتماعية»، حسن سلامة، قال إن قانون الانتخابات المصري حدد إجراءات للاعتراض على النتيجة، بينها الطعون القضائية، وأن «وجود عدد كبير من الطعون أمر متوقع، وهناك بعض المرشحين وجدوا هناك فرصة لتفادي الخسارة، وأقدموا على الخطوة دون أسانيد واضحة، خصوصاً مع (فيتو) الرئيس على بعض الممارسات».

وأكّد لـ«الشرق الأوسط» أن «العبء الآن يقع على (المحكمة الإدارية العليا)، وهي جزء من السلطة القضائية، والعبرة بقبول ما سوف يصدر عن المحكمة دون التأثير على سير الانتخابات»، لافتاً إلى أن «فكرة إلغاء الانتخابات برمتها في مصر ليست جديدة، وحدثت من قبل خلال العقدين الماضيين؛ لكنها ليست الحل الأمثل في الوقت الحالي».

وتختص «المحكمة الإدارية العليا» وحدها بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بسير العملية الانتخابية وصحة إجراءات الفرز والتجميع ومشروعية النتائج المعلنة من «الهيئة الوطنية للانتخابات»، على أن تُصدر أحكامها خلال 10 أيام فقط من تاريخ تقديم الطعن، وهي مدة قانونية ملزمة، وفق قانون الانتخابات.

انتخابات مجلس النواب المصري بانتظار نظر طعون المرشحين (تنسيقية شؤون الأحزاب والسياسيين)

وشدد مدير «الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات»، المستشار أحمد بنداري، في تصريحات لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، الجمعة، على أن «الهيئة ستواصل نهجها في التعامل بكل حزم ومسؤولية مع أي خروقات قد تطرأ خلال العملية الانتخابية وإعلانها أمام الرأي العام، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيالها، وذلك في إطار حرصها على حقوق الناخبين وحماية إرادتهم الحرة في انتخاب من يرونه مناسباً لعضوية البرلمان».

غير أن عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، رئيس حزب «الجيل الديمقراطي»، ناجي الشهابي، أشار إلى أن «الانتخابات شهدت بعض المخالفات في المرحلة الأولى تستوجب إعادتها برمتها، بوصفها عيوباً جوهرية تؤثر على صورة المؤسسة التشريعية، والقضاء الإداري سوف يفصل في هذه المخالفات، خصوصاً مع صدور قرارات سابقة من (هيئة الانتخابات) بإلغاء الانتخابات ببعض الدوائر».

وتوقع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تشهد المرحلة الثانية وجولة الإعادة طعوناً أخرى، خصوصاً مع «استمرار حضور المال السياسي خلال المرحلة الثانية».

ومن المقرر إعلان النتيجة الرسمية للمرحلة الثانية من الانتخابات، الثلاثاء، ووفق البنداري، فإن «(الهيئة الوطنية للانتخابات) تسلّمت، الجمعة، من اللجان الانتخابية العامة كل محاضر الحصر العددي لأعمال فرز أصوات الناخبين في المرحلة الثانية، وتتم مراجعتها بدقة لإعداد التقرير اللازم، وعرضه على مجلس إدارة (الهيئة الوطنية للانتخابات) لدراسته واتخاذ اللازم بشأنه».


مقالات ذات صلة

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

شمال افريقيا الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

قضت سائحة إيطالية، الأحد، إثر حادث تصادم بين مركبين سياحيين في محافظة الأقصر بجنوب مصر، وفقاً لوزارة النقل المصرية ووسائل إعلام إيطالية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«مستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية في المجال الأمني».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر» استجابة لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

أعرب الرئيس المصري خلال لقاء لافروف، السبت، عن «تقديره لمسار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، التي تشهد نمواً متواصلاً في مختلف المجالات»

فتحية الدخاخني (القاهرة )

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
TT

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل

قضت سائحة إيطالية، الأحد، إثر حادث تصادم بين مركبين سياحيين في محافظة الأقصر بجنوب مصر، وفقاً لوزارة النقل المصرية ووسائل إعلام إيطالية.

وأكدت وزارة النقل المصرية في بيان تصادم فندقين عائمين بنهر النيل في محافظة الأقصر بجنوب مصر أثناء إبحارهما بين مدينتي الأقصر وأسوان السياحيتين و«وفاة إحدى النزيلات».

وأشار البيان إلى «تهشم 3 كبائن» في أحد الفندقين العائمين وتضرر الآخر، بينما تمت إحالة الواقعة إلى النيابة.

https://www.facebook.com/MinistryTransportation/posts/في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةAA-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة81في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7/1174605321503189/?locale=ar_AR

وأفادت وكالة «أنسا» الإيطالية للأنباء بمقتل سائحة إيطالية تبلغ 47 عاماً بعد نقلها للمستشفى عقب إصابتها في الحادث.

وتعتبر محافظتا الأقصر وأسوان (أكثر من 600 كيلومتر جنوب القاهرة) وجهتين سياحيتين بارزتين، بينما تحاول الحكومة المصرية تنشيط قطاع السياحة الذي عانى من الأزمات الاقتصادية والجائحة العالمية في السنوات الأخيرة.

وتساهم السياحة بـ10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري ويعمل في هذا القطاع نحو مليوني شخص، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي نمو نشاط الفنادق بنسبة 13 في المائة مقارنة بالعام السابق، بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير في بداية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأعلن وزير السياحة المصري شريف فتحي الأسبوع الماضي ارتفاع أعداد السائحين إلى نحو 19 مليون، مقارنة بنحو 15 مليون عام 2024.


توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.