طوّر فريق بحثي من جامعة روتجرز الأميركية بلاستيكاً صديقاً للبيئة يمكنه التحلل تلقائياً بعد أداء وظيفته، في خطوة علمية واعدة لمواجهة أزمة التلوث البلاستيكي العالمي.
وأوضح الباحثون أن البلاستيك المبتكر يمكنه التحلل تلقائياً تحت الظروف اليومية العادية، دون الحاجة إلى حرارة أو مواد كيميائية قوية، ونُشرت النتائج، الخميس، بدورية «Nature Chemistry».
وتُعدّ أزمة التلوث البلاستيكي واحدة من أخطر التحديات البيئية العالمية في العصر الحديث، حيث تتراكم ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية سنوياً في المحيطات والأنهار والأراضي، مهددة الحياة البحرية والبرية وصحة الإنسان.
وهذه المواد الصناعية المصممة لتدوم طويلاً لا تتحلل بسهولة، مما يؤدي إلى تلوث طويل الأمد وتكسر البلاستيك إلى جزيئات دقيقة، تُعرف بـ«الميكروبلاستيك»، التي تدخل في السلسلة الغذائية.
كما تسبّب النفايات البلاستيكية انسداد المجاري، وتدمير المواطن الطبيعية، وزيادة انبعاثات الكربون عند حرقها، وهذا يجعل البحث عن حلول مستدامة وابتكارات صديقة للبيئة، مثل البلاستيك القابل للتحلل، أمراً ضرورياً لحماية البيئة والصحة العامة.
وحسب الدراسة، يعتمد البلاستيك الجديد على مبدأ مستوحى من البوليمرات الطبيعية التي تحتوي على مجموعات صغيرة تساعد على تفكيك الروابط الكيميائية عند الحاجة. وباستخدام هذا المفهوم، تمكّن الباحثون من تصميم مواد صناعية تحافظ على متانتها في أثناء الاستخدام، لكنها تتحلل عند تفعيل العملية بشكل متحكم فيه.
كما تمكّن الباحثون من ترتيب المجموعات الكيميائية داخل البلاستيك بشكل دقيق يسمح بالتحكم في سرعة التحلل، بحيث يمكن برمجة البلاستيك ليتحلل حسب نوع المنتج والغرض منه، إذ يمكن لبعض المنتجات أن تتحلل خلال أيام، فيما يمكن لقطع الغيار أو المواد التي تحتاج إلى التحمل طويل الأمد أن تبقى لسنوات قبل أن تتحلل. كما يمكن التحكم في العملية باستخدام الضوء فوق البنفسجي أو أيونات المعادن، مما يوفّر مرونة كبيرة للمصنعين والمستهلكين.
وأظهرت الاختبارات الأولية أن المواد الناتجة عن التحلل ليست سامة، مما يشير إلى أمان البيئة.
ويشير الباحثون إلى أن البلاستيك القابل للتحلل يُعدّ حلاً واعداً لأزمة التلوث البلاستيكي، حيث يمكن أن يقلل بشكل كبير من تراكم النفايات في البيئة، ويخفّف الأضرار الناتجة عن الحياة البرية والموارد الطبيعية.
وأضاف الباحثون أن المبدأ الكيميائي المستخدم في تصنيع البلاستيك القابل للتحلل يفتح آفاقاً جديدة للابتكار، إذ يمكن تطبيقه في مجالات متنوعة مثل كبسولات الدواء التي تتحلل لإطلاق الدواء في أوقات محددة، أو الطلاءات الذكية القابلة للمحو الذاتي، مما يعزز إمكانيات تطوير مواد ذكية ومستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، يُسهم البلاستيك المصمم للتحلل في تعزيز الاستدامة والاقتصاد الدائري، إذ يتيح دورة حياة أكثر صداقة للبيئة للمواد دون التضحية بالجودة والمتانة في أثناء الاستخدام.
ومع ذلك، يواصل الفريق دراسة التأثير الكامل لهذه المواد على الكائنات الحية والبيئة، لضمان سلامة دورة حياة البلاستيك بالكامل.













