دعوات أميركية ودولية لليبيين للتعامل مع «الخريطة» الأممية

بولس أكد التزام واشنطن العمل من أجل «تجاوز الانقسامات»

جانب من جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)
جانب من جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)
TT

دعوات أميركية ودولية لليبيين للتعامل مع «الخريطة» الأممية

جانب من جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)
جانب من جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)

حضّت أميركا ودول أوروبية وعربية، من بينها السعودية ومصر، الأطراف الليبية على التفاعل مع «خريطة الطريق»، التي تعمل عليها البعثة الأممية في البلاد؛ بهدف إجراء انتخابات عامة في غضون 18 شهراً.

ورحبت حكومات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، بالإضافة إلى المملكة المتحدة والسعودية ومصر وقطر وتركيا والإمارات، بقرار مجلس الأمن الدولي الأخير، بشأن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، و«بخطة الطريق التي وضعتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه».

وقال كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الخميس، إن الولايات المتحدة ستظل في «طليعة الجهود الرامية إلى تجاوز الانقسامات، وتحقيق سلام دائم في ليبيا»، مؤكداً «الالتزام بدعم دعوات الشعب الليبي إلى الوحدة والاستقرار والازدهار».

تيتيه تسارع لعقد الحوار المهيكل اللازم لـ«الخريطة السياسية» (البعثة الأممية)

وقالت الدول العشر، في بيان مشترك، مساء الأربعاء، إنها «تحث الأطراف الليبية كافة على استخدام هذه الخطة الأممية والتيسير، الذي تقدمه البعثة لدفع عملية سياسية بقيادة ليبية نحو حوكمة موحدة وإجراء انتخابات».

وبدا أن هذا الملتمس الدولي يأتي على خلفية موقف سلطات شرق ليبيا، الذي تعكسه حكومة أسامة حمّاد، المكلفة من مجلس النواب، تجاه التعامل مع البعثة الأممية.

وسبق أن صعّد حمّاد ضد البعثة، واتهمها بـ«تجاوز القوانين والتشريعات الليبية، والمواثيق والاتفاقيات الدولية المنظمة للعمل الدبلوماسي»، وذلك عقب إعلان تيتيه، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تلقيها «ترشيحات للحوار المهيكل المتعلق بخريطة الطريق السياسية».

وأمام ضبابية المشهد العام في البلاد، أكدت الدول العشر «التزامها بدعم تعزيز التنسيق العسكري والاقتصادي بين الأطراف في غرب ليبيا وشرقها»، ورحبت بـ«الجهود الليبية الرامية إلى دمج القوات الأمنية»، داعية القادة الليبيين إلى «اتخاذ خطوات إضافية لتوسيع التنسيق العسكري بين الشرق والغرب، وإضفاء الطابع المؤسسي عليه وتوحيده».

كما تطرقت الدول العشر إلى الوضع الاقتصادي في ليبيا، وحثّت على اتخاذ خطوات لتعزيز المؤسسات الاقتصادية، لا سيما «الوطنية للنفط»، ومصرف ليبيا المركزي، و«ديوان المحاسبة»، وأشادت بتعيين رئيس للمؤسسة الوطنية للنفط، بموجب قرار صدر في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي.

كما رأت هذه الدول أن الاتفاق على «البرنامج التنموي الموحد»، الذي تم في 18 الشهر الحالي من قبل ممثلين عن مجلس النواب الليبي و«الأعلى للدولة»، يشكل خطوات «من شأنها الإسهام في وضع ليبيا على مسار سياسات اقتصادية أكثر استدامة ونحو ازدهار أكبر»، مبرزة أن هذا الإجراء «يمهّد الأرضية لتنفيذ برنامج المؤسسة الوطنية للنفط لزيادة إنتاج الطاقة والنمو الاقتصادي، وتعزيز استقرار مصرف ليبيا المركزي، واستقرار ليبيا المالي، وتوفير مشروعات تنموية في جميع أنحاء البلاد بإطار رقابي متفق عليه».

المنفي مستقبلاً بولس في مقر البعثة الليبي في نيويورك في 25 سبتمبر (مكتب المنفي)

وانتهت الدول العشر إلى أن تعزيز الاندماج الاقتصادي والأمني يُعدّ «أمراً أساسياً لضمان سيادة ليبيا وأمنها وازدهارها على المدى الطويل، وسيكمل ويعزز العملية السياسية»، لافتة إلى أن وجود مؤسسات اقتصادية وعسكرية وسياسية موحدة «يصب في مصلحة الأطراف كافة».

وأشاد بولس، الذي زار من قبل ليبيا، في تصريح نقلته السفارة الأميركية لدى ليبيا، الخميس، بـ«خطوات تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والاتفاق الليبي بشأن البرنامج التنموي الموحد»، مشدداً على أن واشنطن «ستواصل قيادة المبادرات الدبلوماسية لمساعدة الجهات المعنية الليبية على البناء على هذا الزخم من أجل ليبيا قوية ومزدهرة وموحدة».

وكان حمّاد قد رأى في تصعيده ضد البعثة أنها «مستمرة في التصرفات العبثية أحادية الجانب»، واعتبر أنها «قفزت فوق المرحلتين الأولى والثانية إلى المرحلة الثالثة بالإعداد للحوار المهيكل، دون تقديم إيضاحات تحدد مصير المراحل الأولى»، وهذا الأمر أضاع، بحسبه، «تفاؤل الجميع بنجاح خريطة الطريق، وتسبب في عرقلتها، ووأدها قبل أن تبدأ أولى مراحلها».

وسبق أن أعلنت المبعوثة الأممية، في أغسطس (آب) الماضي، «خريطة طريق» تهدف إلى قيادة ليبيا نحو انتخابات ومؤسسات موحدة في فترة تتراوح بين 12 و18 شهراً (من تاريخ الإعلان عن الخريطة).

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة (الوحدة)

وحتى الآن، لم يبدأ «الحوار المهيكل» في العمل، علماً بأن البعثة سبق أن قالت إنها ستدعو 120 ليبية وليبياً للمشاركة في الحوار. كما ستتيح البعثة للجمهور الليبي فرصاً لتقديم آرائه، والمشاركة في مناقشة القضايا نفسها التي يتناولها الحوار، من خلال استطلاعات رأي عبر الإنترنت، ولقاءات مباشرة وافتراضية. وسينشأ أيضاً تكتل خاص لتعزيز مشاركة المرأة وإسماع صوتها، ومنصة رقمية لتشجيع الشباب على المشاركة والتفاعل.

وأطلقت البعثة «منصة رقمية» للشابات والشباب الليبيين المقيمين في البلاد، والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً، وكذا الراغبون في المشاركة بآرائهم في قضايا «الحوار المهيكل»، وأرجعت ذلك «لضمان وجود صوت لهم في العملية السياسية».

ولفتت تيتيه إلى أن البعثة تهدف من خلال هذه المنصة الرقمية «ضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من الشباب في جميع أنحاء البلاد في هذه العملية، بهدف تكملة ودعم جهود الأعضاء الشباب الذين سيشاركون في الحوار».


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

العالم العربي صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع حفتر مع حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فى بنغازي (القيادة العامة)

حفتر: قوت المواطن الليبي «خط أحمر لا يمس»

شدد المشير حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة أسامة حمّاد، على ضرورة معرفة الأسباب الحقيقية وراء أزمتي نقص السيولة والوقود.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من جلسات «الحوار المهيكل» الذي ترعاه البعثة الأممية في طرابلس الاثنين (البعثة الأممية)

ليبيا: تضارب وشكوك تلاحق «الحوار الأممي المهيكل»

يرى محللون سياسيون وأحزاب ليبية في آلية اختيار الأعضاء «سرية وتخبطاً وتكراراً لوجوه سابقة، واتهامات بإعادة إنتاج الأزمة بدلاً من حلها».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من مظاهرات سابقة خرجت في طرابلس للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة 22 مايو الماضي (إ.ب.أ)

ليبيا: حراك شعبي في مصراتة يطالب بـ«إسقاط» حكومة الدبيبة

حضّ حراك شعبي جميع أطياف الليبيين على المشاركة في «اعتصام مفتوح في طرابلس للمطالبة بإسقاط حكومة الدبيبة بعيداً عن الحزبية والجِهوية والقبلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من «جهاز مكافحة التهديدات الأمنية» (أرشيفية)

استنفار أمني في صبراتة الليبية بعد مقتل «العمو»

هيمنت أجواء الاستنفار الأمني على مدينة صبراتة، الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب طرابلس، بعد مقتل الميليشياوي أحمد الدباشي المعروف بـ«العمو»، المطلوب دولياً.

خالد محمود (القاهرة )

الأمم المتحدة: أكثر من ألف قتيل في هجوم «الدعم السريع» على مخيم للاجئين في أبريل

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: أكثر من ألف قتيل في هجوم «الدعم السريع» على مخيم للاجئين في أبريل

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الخميس، أنّ أكثر من ألف مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» خلال أبريل (نيسان) الماضي في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور السودانية.

وأشارت المفوضية، في تقرير، إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وبحسب المفوضية «قُتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً»، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وانقطعت الكهرباء عن مدن رئيسية في السودان، بينها الخرطوم وبورتسودان، ليل الأربعاء الخميس، إثر قصف جوي بمسيّرات استهدف محطة توليد كهرباء رئيسية في جنوب البلاد، وفق ما أفاد شهود عيان «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول في محطة توليد الكهرباء إن اثنين من عناصر الدفاع المدني قُتلا في أثناء محاولتهما إخماد حريق اندلع عقب الغارة الأولى التي اتهم «قوات الدعم السريع» بتنفيذها.

عائلات سودانية نازحة من الفاشر تتواصل مع عمال الإغاثة خلال توزيعهم الإمدادات الغذائية بمخيم العفد الذي أُنشئ حديثاً في الضبعة بولاية شمال السودان (أ.ب)

كما أفاد شهود برؤية ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل في شرق السودان، الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، الذي يخوض معركة مستمرة ضد «قوات الدعم السريع».

وأمس، قُتل 8 أشخاص بضربة نفّذتها طائرة مسيّرة في قرية في جنوب السودان، وذلك خلال فرارهم من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ 18 شهراً، ووقع الهجوم في قرية الكوركل على بعد نحو 50 كيلومتراً إلى الشمال من كادوقلي.

وقال شاهد عيان فرَّ مع النازحين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قصفت مسيّرة نازحين من كادوقلي في أثناء محاولتهم مغادرة المدينة عند وصولهم لقرية الكوركل». بعدما أحكمت سيطرتها على إقليم دارفور في غرب البلاد، تتركّز عمليات «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الذي يضم 3 ولايات غنية بالنفط والذهب والتربة الخصبة. ومن شأن توسُّع سيطرة «قوات الدعم السريع» في مناطق دارفور وكردفان تقسيم السودان فعلياً إلى محورين شرقي وغربي، إذ تسيطر هذه القوات على غرب السودان وقسم من الجنوب، بينما يحتفظ الجيش بسيطرته على شمال البلاد وشرقها.

وتعاني كادوقلي من توقف شبكة الاتصالات وضعف الإنترنت. وقال مصدر في برنامج الأغذية العالمي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الوضع «سيئ للغاية»، مشيراً إلى أن كثيراً من السكان يحاولون مغادرتها، إلا أن الأوضاع الأمنية تجعل ذلك محفوفاً بالمخاطر. بين يومي الاثنين والثلاثاء، غادر 460 شخصاً كادوقلي وفق المنظمة الدولية للهجرة. ووصل نحو 1850 نازحاً من جنوب كردفان، غالبيتهم نساء وأطفال، في الأيام الـ10 الأخيرة إلى ولاية النيل الأبيض المجاورة الخاضعة لسيطرة الجيش، بعدما «فرّوا من هجمات قوات الدعم السريع على مناطق مدنية»، وفق ما أفاد مسؤول محلي، الأربعاء. أدّت هذه الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 إلى سقوط عشرات آلاف القتلى ونزوح الملايين، وتسبّبت بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، وفق الأمم المتحدة.


تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.