ما الذي يحدث لبطلات دوري أبطال أوروبا في آرسنال؟

جانب من آخر حصة تدريبية للاعبات (نادي آرسنال)
جانب من آخر حصة تدريبية للاعبات (نادي آرسنال)
TT

ما الذي يحدث لبطلات دوري أبطال أوروبا في آرسنال؟

جانب من آخر حصة تدريبية للاعبات (نادي آرسنال)
جانب من آخر حصة تدريبية للاعبات (نادي آرسنال)

كانت التوقعات تشير إلى أن يكون هذا الموسم نقطة التحوّل لفريق آرسنال للسيدات؛ فالفوز التاريخي بدوري أبطال أوروبا أمام برشلونة، في مايو (أيار)، تحت قيادة المديرة الفنية رينيه سليغيرز، مروراً بالتعاقد القياسي مع الجناح الكندية، أوليفيا سميث، القادمة من ليفربول، ووصولاً إلى الدور المحوري الذي لعبته لاعبات آرسنال في احتفاظ إنجلترا بلقب كأس أوروبا للسيدات كله، كان يوحي بأن الفريق مقبل على مرحلة هيمنة جديدة في كرة القدم النسائية.

ورغم أنّ التتويج بلقب الدوري الإنجليزي للسيدات للمرة الأولى منذ موسم 2018 - 2019 بدا ممكناً، ولو بشكل نسبي أمام هيمنة تشيلسي بستة ألقاب متتالية، فإنّ واقع هذا الموسم مختلف تماماً؛ فبعد مرور تسع مباريات، يحتل آرسنال المركز الرابع في جدول الدوري، بفارق ثماني نقاط عن مانشستر سيتي المتصدر، بينما شهد التعادل السلبي مع توتنهام هوتسبير في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) أكبر عدد من النقاط المهدرة في أول تسع جولات منذ عام 2014. وعلى مستوى دوري أبطال أوروبا بنسخته الجديدة (مرحلة الدوري)، يقبع الفريق في المركز العاشر بعد خسارته في مباراتين من أصل أربع.

أوليفيا سميث (نادي آرسنال)

وتُعدّ إصابة القائدة ليّا ويليامسون في الركبة خلال بطولة أوروبا 2025، وغياب المخضرمة كيم ليتل (35 عاماً) عن مباريات مفصلية مثل التعادل مع تشيلسي (1-1) والخسارة أمام بايرن ميونيخ (3-2)، عوامل مؤثرة بلا شك. لكن وفقاً لمصادر مطّلعة تحدّثت لـ«The Athletic»، فإنّ هذه العثرات كشفت عن قضايا أعمق داخل منظومة الفريق، تتعلق بالثقافة الداخلية، والبنية الإدارية، وطبيعة النفوذ داخل غرفة الملابس.

على الرغم من أن ثقافة «النادي الواحد» التي يفتخر بها آرسنال تُعتبر جزءاً من هوية المؤسسة، فإنّ الكواليس تشير إلى أن التتويج الأوروبي أخفى خللاً ثقافياً متراكماً؛ فقد استمرّ الاضطراب الداخلي لسنوات، وسط وجود مجموعة صغيرة من اللاعبات تملك تأثيراً واسعاً على ديناميكيات الفريق.

وتؤكد مصادر متعددة أن نفوذ بعض اللاعبات تضاعف مع ارتفاع شعبية كرة القدم النسائية وزيادة الاهتمام الإعلامي، وهو ما خلق بيئة «شديدة التنافسية وشديدة الحساسية»، حسب وصف أحد المطلعين، الذي قال إنه «لم يسبق له رؤية مجموعة بهذه الدرجة من التنافس، ولكن أيضاً من عدم الاحترام في بعض الأحيان».

ويظهر هذا النفوذ حتى في تفاصيل صغيرة، مثل ترتيب الجلوس داخل غرفة الملابس على شكل نصف دائرة، وفقاً لأقدمية الانضمام للنادي، وهو ما يرى البعض أنه يعزز نوعاً من الهرمية غير الرسمية.

شهدت فترة المدرب السابق يوناس إيديفال تراجعاً في وحدة الفريق، ومع تراجع النتائج ضد الفرق الكبرى، انهارت المعنويات تدريجياً. ومع تعيين سليغيرز مديرة فنية مؤقتة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، ثم تثبيتها في يناير (كانون الثاني)، ارتفعت الآمال بفتح صفحة جديدة، لا سيما بعد سجلّها الخالي من الهزائم في 13 مباراة متتالية.

ثقافة «النادي الواحد» التي يفتخر بها آرسنال تُعتبر جزءاً من هوية النادي لكن الكواليس تشير إلى أن التتويج الأوروبي أخفى خللاً متراكماً (نادي آرسنال)

لكن، ورغم احترام اللاعبات لها وقدرتها على خلق حالة من الحماسة، يرى البعض أن انتقالها من دور المساعدة إلى القيادة الفنية جاء بسرعة تفوق خبرتها، وأنها لا تزال بحاجة إلى تطوير أدواتها في إدارة اللاعبات، خصوصاً فيما يتعلق بشرح اختيارات التشكيلة وإدارة توقعات اللاعبات بشأن دقائق اللعب. وتشير مصادر إلى أن بعض اللاعبات شعرن بأن وعوداً ضمنية بالمشاركة لم تتحقق، بينما تُمنح فرص مستمرة للاعبات «غير قابلات للمساس»، وفقاً لوصف أحد الوكلاء.

غياب التخطيط الاستراتيجي... ومسؤوليات مزدوجة

تمثّل رينيه سليغيرز وكلير ويتلي، مديرة كرة القدم النسائية في النادي، محوراً للانتقادات المتزايدة حول تأخر عملية إعادة بناء الفريق. فرغم تعزيز الصفوف بانتدابات متعددة خلال السنوات الأربع الماضية، لا يزال الفريق يضم ثماني لاعبات من حقبة المدرب جو مونتيمورو (حتى 2021)، كما بات آرسنال صاحب أعلى متوسط أعمار في التشكيلة الأساسية بالدوري الإنجليزي (28 عاماً و55 يوماً)، وهو فارق كبير مقارنة بتشيلسي ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد، الذين تتراوح معدلات أعمارهم حول 26 عاماً.

ووفقاً لمصادر داخلية، لم تُدعَم الأكاديمية بشكل كافٍ لضمان مسار واضح للاعبات الشابات المتميزات. وأسماء مثل: كاثرين كول (22 عاماً) المنتقلة إلى روما، ميشيل أغييمانغ (19 عاماً) المعارة لبرايتون، فريا غودفري (20 عاماً) المنتقلة إلى لندن سيتي، وتُعدّ أبرز الأمثلة على صعوبة اختراق اللاعبات الصاعدات للتشكيلة الأولى.

كما لم تحصل لاعبات المنضمات حديثاً، مثل الأميركية جينا نايسوونغر، والهولندية فيكتوريا بيلوفا، والإنجليزية كلوي كيلي، على دقائق لعب كافية، رغم مؤشرات واضحة على إمكاناتهن.

و بعد ترقية إيدو إلى منصب المدير الرياضي، في 2022، كان يُفترض أن يشرف على ملف كرة القدم النسائية. لكن انشغالاته مع الفريق الأول للرجال جعلت دوره محدوداً. ومع وصول آندريا بيرتا مديراً رياضياً جديداً دون أي اختصاص بالقطاع النسائي، باتت ويتلي ترتبط مباشرة بالرئيس التنفيذي، ريتشارد غارليك، فيما غاب وجود قيادة عليا تتابع التفاصيل اليومية.

ورغم النقلة الإيجابية التي أحدثها قسم «الذكاء الكروي» في النادي، وإضافة خمسة موظفين مختصين بالتعاقدات النسائية، فإن هذه العملية لا تزال في بدايتها، وتتطلب انسجاماً أكبر داخل المنظومة، إضافة إلى رؤية أوضح في إدارة الفريق وتخطيطه على المدى الطويل.

جماهير النادي دائماً في انتظاره ومساندته (نادي آرسنال)

على الصعيد التجاري، يواصل آرسنال تفوقه؛ إذ حقق 15.3 مليون جنيه استرليني في موسم 2023 - 2024، وفق أرقام ديلويت، وهي أعلى إيرادات، وبزيادة 64 في المائة في الدخل التشغيلي يوم المباريات، و48 في المائة بالعائدات التجارية، نتيجة المباريات المقامة في ملعب الإمارات (60 ألف متفرج)، إضافة إلى عقود رعاية مستقلة ومشتركة مع فريق الرجال.

لكن هذه النجاحات خارج الملعب لم تُترجم إلى تفوق مستدام على العشب؛ إذ ظل الفريق عاجزاً عن فرض هيمنة محلية، رغم قدرة واضحة على المنافسة القارية.

و مع انتصارهم الأخير أمام ريال مدريد (2-1)، أظهر لاعبات آرسنال أن الوصول إلى الأدوار الإقصائية أوروبياً وإنهاء الموسم ضمن المراكز الثلاثة الأولى محلياً أمر ممكن، ولكن، بالنظر إلى طموحات حاملات لقب دوري أبطال أوروبا، وإلى عمق المشكلات البنيوية والثقافية، فإنّ سقف التوقعات لا يزال أعلى بكثير مما يقدّمه الفريق حالياً.

ويبقى أمام آرسنال مهمة إصلاح الداخل من غرفة الملابس إلى الهيكلة التنظيمية لضمان تحقيق إمكاناته الكاملة والعودة إلى موقع المنافسة على الألقاب محلياً وقارياً.


مقالات ذات صلة

ساكا: سنكون جاهزين لمواجهة إيفرتون

رياضة عالمية بوكايو ساكا مهاجم آرسنال (إ.ب.أ)

ساكا: سنكون جاهزين لمواجهة إيفرتون

قال بوكايو ساكا، مهاجم آرسنال، إن فريقه بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقه خلال فترة الراحة النادرة التي تمتد لسبعة أيام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بن وايت (رويترز)

أرتيتا: إصابة بن وايت أخبار سيئة لآرسنال

قال الإسباني ميكيل أرتيتا، المدير الفني لفريق آرسنال الإنجليزي، إن مدافع الفريق بن وايت شعر بألم في أوتار الركبة، معتبراً أن ذلك «أخبار غير جيدة».

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية اجتفالية لاعبي آرسنال بالفوز القاتل على الوولفز (أ.ب)

«البريمرليغ»: آرسنال يصعق ولفرهامبتون ويبتعد بالصدارة

عزز آرسنال صدارته في الدوري الإنجليزي الممتاز بعدما استفاد من هدفين عكسيين في فوزه 2-1 على ولفرهامبتون متذيل الترتيب السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية آرسنال حصل على راعٍ جديد لأكمام القميص (إ.ب.أ)

آرسنال يتفق على راعٍ جديد لأكمام القميص بدلاً من «زوروا رواندا»

توصل نادي آرسنال إلى اتفاق مع شركة «دييل»، المنصة العالمية المتكاملة لإدارة الرواتب والموارد البشرية، لتصبح الراعي الجديد لأكمام قمصان الفريق.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية فيكتور جيوكريس مهاجم آرسنال (أ.ف.ب)

أرتيتا: أثق بـ«جيوكريس»

لم يكن تسجيل 6 أهداف في 18 مباراة هو المردود الذي يتوقعه آرسنال المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، من فيكتور جيوكريس.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إصابة جديدة لكليندست مهاجم مونشنغلادباخ

تيم كليندست (يمين) مهاجم فريق بوروسيا مونشنغلادباخ (د.ب.أ)
تيم كليندست (يمين) مهاجم فريق بوروسيا مونشنغلادباخ (د.ب.أ)
TT

إصابة جديدة لكليندست مهاجم مونشنغلادباخ

تيم كليندست (يمين) مهاجم فريق بوروسيا مونشنغلادباخ (د.ب.أ)
تيم كليندست (يمين) مهاجم فريق بوروسيا مونشنغلادباخ (د.ب.أ)

تعرض تيم كليندست، مهاجم فريق بوروسيا مونشنغلادباخ، للإصابة مجدداً، لكن ناديه يأمل في أنه لن يغيب لفترة طويلة مرة أخرى.

وكان كليندست قد احتفل بعودته من إصابة في الغضروف المفصلي، وهي إصابة أبعدته لفترة طويلة وصلت لعدة أشهر، وشارك لعدة مباريات في الدوري والكأس في ألمانيا.

لكن تعرضه لكدمة في الركبة أجبرته على الغياب مجدداً، حيث سيخضع لجراحة بسيطة.

وقال روفن شرودر، رئيس قسم الرياضة بالنادي في بيان له، الاثنين: «هذا أمر سيء لتيم ولبوروسيا مونشنغلادباخ، لكن بعد تلك الإصابة الطويلة التي تعرض لها من قبل، كان يجب توقع أمور مثل هذه للأسف، عمل تيم بجد خلال فترة التأهيل في الأشهر القليلة الماضية وسيقوم بذلك هذه المرة أيضاً».

وأضاف: «أنا متأكد من أنني سأراه مجدداً يعود إلى الملعب قريباً».

وكان كليندست هو المهاجم الأساسي للمنتخب الألماني منذ فترة ليست ببعيدة، لكنه الآن سيواجه منافسة شرسة للانضمام لقائمة الفريق المشارك في كأس العالم في الصيف المقبل.


فودين: الصبر مفتاح تحقيق النتائج الجيدة

فيل فودين صانع ألعاب مانشستر سيتي مع مدربه غوارديولا (رويترز)
فيل فودين صانع ألعاب مانشستر سيتي مع مدربه غوارديولا (رويترز)
TT

فودين: الصبر مفتاح تحقيق النتائج الجيدة

فيل فودين صانع ألعاب مانشستر سيتي مع مدربه غوارديولا (رويترز)
فيل فودين صانع ألعاب مانشستر سيتي مع مدربه غوارديولا (رويترز)

قال فيل فودين صانع ألعاب مانشستر سيتي، إن الصبر سيكون مفتاح التغلب على المنافسين، وذلك في ظل مطاردة الفريق لنظيره آرسنال متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز، في صراع اللقب.

وخاض سيتي مواجهة قوية ضد كريستال بالاس فاز فيها 3 - صفر على ملعب سيلهورست بارك يوم الأحد، ليقلص الفريق فارق النقاط مع آرسنال إلى نقطتين.

وقد يتصدر مانشستر سيتي الترتيب وقتما يأتي موعد المباراة المقبلة لفريق المدرب ميكيل أرتيتا.

ويستقبل مانشستر سيتي نظيره وست هام الذي يقع في الثلث الأخير من جدول الدوري، بينما يخوض آرسنال رحلة صعبة صوب إيفرتون بمساء اليوم نفسه، حيث تغيرت صورة صراع الصدارة بشكل كبير، منذ أن كان آرسنال متقدماً بفارق 7 نقاط في نوفمبر (تشرين الثاني).

وكانت مباراة الأحد ضد كريستال بالاس بمثابة عائق يهدد مطاردة مانشستر سيتي للصدارة، حيث يسعى فريق المدرب أوليفر جلاسنر لدخول المربع الذهبي، ولكن بعد ضغط مبكر، استطاع الضيوف التقدم في الشوط الأول من خلال رأسية إيرلينغ هالاند، قبل أن يحسم الأمور هدف فيل فودين في الشوط الثاني.

وقال فودين، الذي يواصل تقديم موسم مميز، خصوصاً في المباريات ضد الفرق اللندنية: «الشيء الأكثر أهمية هو الصبر».

وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا): «أعتقد أننا ربما حاولنا أن نهاجم مبكراً، وفي الشوط الثاني كنا أفضل كثيراً، فالصبر مفتاح الحصول على نتيجة، فقد سيطرنا بشكل أكبر وقمنا بتمريرات أكثر، وهذا هو أسلوب مانشستر سيتي، لقد كان أداء جماعياً من الفريق».

وسجل هالاند قبل النهاية هدفاً ثانياً له وثالثاً لفريقه من ركلة جزاء، بعدما تعرض البديل سافينيو لإعاقة من الحارس دين هندرسون.

وقال فودين أيضاً: «لقد كانت مباراة صعبة حقاً... نعرف كريستال بالاس جيداً، لقد جعلوا الأمور صعبة، واستعدوا بشكل جيد، ولديهم لاعبون مميزون في المرتدات، في الشوط الأول كنا نحاول فقط التعرف على أسلوبهم».

وتابع: «في الشوط الثاني بدأنا في إزعاجهم أكثر، وفي النهاية قتلنا المباراة».


هل نجح فليك أخيراً في إصلاح منظومة «البارسا» الدفاعية؟

المدرب الألماني لبرشلونة هانزي فليك (إ.ب.أ)
المدرب الألماني لبرشلونة هانزي فليك (إ.ب.أ)
TT

هل نجح فليك أخيراً في إصلاح منظومة «البارسا» الدفاعية؟

المدرب الألماني لبرشلونة هانزي فليك (إ.ب.أ)
المدرب الألماني لبرشلونة هانزي فليك (إ.ب.أ)

أي أزمة تضرب الغريم التقليدي ريال مدريد تُسعد جماهير برشلونة بطبيعة الحال، لكن المشهد يبدو أكثر إشراقاً هذه الأيام، في ظل التطور الواضح الذي يقدمه فريق هانزي فليك، خصوصاً على المستوى الدفاعي.

فوز برشلونة على أوساسونا بهدفين دون رد، مساء السبت على ملعب «كامب نو»، أبقى الفريق متصدراً للدوري الإسباني بفارق 4 نقاط عن ريال مدريد، كما أنه أول «شباك نظيفة» لبرشلونة بعد 6 مباريات متتالية استقبل فيها أهدافاً. الأهم من ذلك، أن فليك يبدو أنه اقترب أخيراً من إيجاد التوليفة الدفاعية الأنسب.

وبحسب شبكة «The Athletic»، فإن المدرب الألماني اعتمد على نفس رباعي الدفاع للمباراة الرابعة على التوالي: جولز كوندي ظهيراً أيمن، وباو كوبارسي في قلب الدفاع من الجهة اليمنى، وجيرارد مارتين إلى جواره، وأليخاندرو بالدي ظهيراً أيسر.

ومنذ بداية الموسم، شكّل الخط الخلفي نقطة ضعف واضحة لبرشلونة، وهو أمر تفاقم بعد رحيل إينيغو مارتينيز في أغسطس (آب)، إضافة إلى مشاكل في الضغط الأمامي تزامنت مع إصابات لاعبين مؤثرين مثل رافينيا.

وكان رونالد أراوخو المرشح الأبرز لتعويض مارتينيز، لكن فليك فضّل منح الفرصة لجميع المدافعين المتاحين. ومع توالي العروض المتواضعة، وبدء الخصوم في استغلال ثغرات النظام الدفاعي، واصل المدرب تعديلاته المستمرة.

التحول اللافت جاء عندما جرب فليك جيرارد مارتين، الذي يشغل عادة مركز الظهير الأيسر، في قلب الدفاع إلى جانب كوبارسي، وذلك خلال الفوز الكبير على أتلتيك بلباو (4 - 0) يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني). التجربة نجحت، وجاءت في توقيت مثالي، خصوصاً في ظل غياب أراوخو وعدم اقتناع النادي بإبقاء أندرياس كريستنسن ضمن المشروع طويل الأمد، إذ ينتهي عقده بنهاية الموسم الحالي دون عرض للتجديد.

مصادر من داخل الفريق الأول ترى أن كثرة التغييرات الدفاعية في بداية الموسم أثرت سلباً على الانسجام، حيث كان اللاعبون يتنقلون بين أدوار مختلفة باستمرار. أما الآن، فقد شكّل ثنائي كوبارسي ومارتين شراكة واعدة؛ وهي الشراكة السادسة التي يجربها فليك في قلب الدفاع هذا الموسم.

برشلونة سيظل عرضة لاستقبال الفرص، بحكم أسلوب فليك القائم على الخط الدفاعي المتقدم والضغط العالي، لكن الفريق بات يتعامل بشكل أفضل مع هذه المخاطر.

التغيير لم يقتصر على الدفاع؛ بل شمل وسط الملعب أيضاً. ورغم جاهزية فرينكي دي يونغ الكاملة في آخر مباراتين، فضّل فليك الاعتماد على إريك غارسيا لاعبَ ارتكاز، وهو قرار يبدو أنه لن يتغير قريباً.

غارسيا، الذي قضى الموسم الماضي معاراً وكان قريباً من الرحيل أكثر من مرة، أصبح اليوم أحد أكثر لاعبي فليك موثوقية، بل وأحد المفضلين لدى الجماهير، التي باتت تهتف باسمه في كل مباراة منذ عودة الفريق للعب في «كامب نو».

وتميز غارسيا بمرونته، بعدما شغل عدة مراكز هذا الموسم، لكنه وجد مكانه الحقيقي في الارتكاز الدفاعي، حيث أضاف صلابة واضحة بفضل شراسته في الالتحامات، وحسن تمركزه في إيقاف الهجمات المرتدة.

الجهاز الفني يعترف بأن دي يونغ يتفوق في الاستحواذ وبناء اللعب، لكنهم يرون أن مساهمة غارسيا الدفاعية خارج الكرة، أكثر فائدة للفريق في الوقت الراهن. كما أن انسجامه مع بيدري كان لافتاً، فيما عبّر مهاجمون مثل لامين يامال عن ارتياحهم لوجوده حاجزاً دفاعياً خلفهم.

وقال فليك قبل مواجهة أوساسونا: «هذا هو الواقع حالياً. إريك يقدم مستوى رائعاً، خصوصاً مع خط الدفاع الذي نلعب به. هو ممتاز دفاعياً، ويساعد كثيراً في بناء اللعب. لا أعلم ما الذي سيحدث مستقبلاً، لكن لا يمكنني استبعاده الآن».

مرة أخرى، كان بيدري أفضل لاعب في الملعب، مؤكّداً تعافيه التام من إصابة العضلة الخلفية التي تعرض لها أمام ريال مدريد في أكتوبر (تشرين الأول)، كما واصل رافينيا تألقه بتسجيله هدفي اللقاء، ليؤكد أهميته الكبيرة في منظومة فليك.

وقال المدرب الألماني عن البرازيلي: «رافينيا عنصر أساسي في خطتنا. عندما يدافع الخصم بكتلة منخفضة، تحتاج إلى لاعبين قادرين على استغلال أنصاف الفرص، وهو ما فعله في الهدف الأول».

أوساسونا اعتمد أسلوباً دفاعياً حذراً، شبيهاً بما فعله آينتراخت فرنكفورت في دوري الأبطال، وربما يعكس ذلك احترام الخصوم المتزايد لبرشلونة. في المقابل، الفرق التي حاولت الضغط العالي؛ مثل ريال بيتيس مؤخراً، دفعت الثمن غالياً.

ومع عودة اللاعبين المصابين، يبدو برشلونة أكثر قدرة على السيطرة وفرض إيقاعه، تماماً كما فعل في طريقه للتتويج باللقب الموسم الماضي.