تاكايتشي تطمئن الأسواق: اليابان لن تشهد «صدمة تروس»

برنامج تحفيز ضخم يرفع الدين... وطوكيو متأهبة لحماية الين

رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي تتحدث خلال جلسة أمام قادة المعارضة بالعاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي تتحدث خلال جلسة أمام قادة المعارضة بالعاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

تاكايتشي تطمئن الأسواق: اليابان لن تشهد «صدمة تروس»

رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي تتحدث خلال جلسة أمام قادة المعارضة بالعاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي تتحدث خلال جلسة أمام قادة المعارضة بالعاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

في لحظة سياسية واقتصادية حساسة، خرجت رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي، لتؤكد أن بلادها لن تواجه لحظة انهيار مالي شبيهة بما عرفته بريطانيا خلال فترة رئاسة ليز تروس الحكومة، في وقت تتقاطع فيه تراجعات الين وارتفاع عوائد السندات مع سياسة مالية توسعية غير مسبوقة منذ جائحة «كورونا». وكانت الرسالة حازمة بأن «اليابان ليست في وضع يسمح بحدوث صدمة من هذا النوع... والأولوية هي الاستدامة المالية».

تصريحات تاكايتشي جاءت خلال جلسة في البرلمان، يوم الأربعاء، على خلفية قلق متصاعد في الأسواق بعد إقرار حكومتها برنامجاً ضخماً للتحفيز الاقتصادي بقيمة 21.3 تريليون ين (136 مليار دولار)، يتضمن إنفاقاً في الحساب العام بقيمة 17.7 تريليون ين. هذا الضخ المالي انعكس فوراً على الأسواق في صورة تراجع في الين، وهبوط في سندات الخزينة اليابانية؛ مما أثار تكهنات بشأن مسار الدين العام وقدرة الحكومة على السيطرة على التضخم.

لا «سيناريو تروس»

وسُئلت تاكايتشي مباشرة عمّا إذا كانت سياساتها قد تقود إلى سيناريو مشابه لما حدث في بريطانيا عام 2022، حين تسبب إعلان تخفيضات ضريبية غير ممولة في انهيار الجنيه الإسترليني وارتفاع هائل في عوائد السندات، فأجابت: «اليابان ليست بريطانيا... نحن نحقق فائضاً في الحساب الجاري، وهذا يمنحنا قاعدة صلبة».

وشددت على أن برنامجها ليس «إنفاقاً متهوراً»، وأن الحكومة ستعمل على خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي مع مراقبة الأسواق المالية من كثب. كما أكدت أن الحكومة مستعدة للتدخل سريعاً ضد أي انهيارات مضاربية في سعر الين أو تقلبات حادة في الفائدة طويلة الأجل.

11 تريليون ين من السندات الإضافية

وفي تطوّر يزيد من حجم التحدّي المالي، كشفت قناة «أساهي» اليابانية عن أن الحكومة تخطط لإصدار أكثر من 11 تريليون ين (70 مليار دولار) من السندات الحكومية الإضافية هذا العام لتمويل الحزمة الجديدة.

ويمثل هذا الإصدار أكثر من نصف الميزانية التكميلية المخصصة للحزمة (17.7 تريليون ين)، وهو مستوى يفوق إصدار العام الماضي الذي بلغ 6.7 تريليون ين؛ مما يعزز التساؤلات بشأن مسار الدين العام في ثالث أكبر اقتصاد عالمي.

ورغم التحديات المالية، فإن مؤشرات الاقتصاد الحقيقي تُظهر بعض الإيجابية. فقد ذكرت الحكومة في تقريرها الشهري أن ثقة المستهلكين تتجه للتعافي بعد هبوطها في أبريل (نيسان) الماضي مع بدء الحديث عن الرسوم الجمركية الأميركية.

وأبقت الحكومة نظرتها للاقتصاد عند مستوى «تعافٍ معتدل»، وأكدت أن الاستهلاك الخاص، الذي يشكّل أكثر من نصف الناتج المحلي، يُظهر نمواً لثالث شهر على التوالي. في المقابل، خفّضت الحكومة تقييمها الواردات، ورفعت تقييمها أسعار الشركات من «ثابتة» إلى «مرتفعة بشكل معتدل».

وانكمش الاقتصاد الياباني لأول مرة منذ 6 أرباع بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، لكن اقتصاديين يعدّون ذلك مؤقتاً؛ إذ يظل الطلب الأساسي والإنفاق الخاص قويين نسبياً.

معركة الأجور مستمرة

من جهة أخرى، أعلن «اتحاد عمال الصناعات المعدنية» - الممثل لمليوني عامل في شركات كبرى مثل «تويوتا» و«نبون ستيل» - أنه سيطالب بزيادة 12 ألف ين شهرياً (77 دولاراً) في الأجور الأساسية للعام المقبل، وهي مطالب العام الماضي نفسها.

وتُعدّ هذه الزيادة حاسمة للحكومة التي تراهن على رفع الأجور بوتيرة مستدامة تتجاوز التضخم. وتشير بيانات اتحاد «رينغو»؛ أكبر نقابة يابانية، إلى أن الشركات منحت هذا العام زيادة بلغت 5.25 في المائة، وهي الأعلى منذ 34 عاماً.

تحد كبير

ويكمن التحدي الأكبر أمام تاكايتشي في معادلة أن «تحفيزاً اقتصادياً كبيراً، مع سياسة نقدية منخفضة الفائدة، وتوسع في إصدار الدَّين، يؤدي إلى أسواق متوجسة من سيناريو تضخمي أو ضغوط على السندات والعملات»، وفق المراقبين.

ومع ذلك، ترى رئيسة الوزراء أن هيكل الاقتصاد الياباني، خصوصاً فوائض الحساب الجاري، يحمي البلاد من «سيناريو تروس»، مؤكدة أن الحكومة تمسك بزمام الأمور ولن تسمح بفقدان الثقة.

وستكشف الأسابيع المقبلة إلى أي حد تستطيع حكومة تاكايتشي تحقيق توازن بين التحفيز الاقتصادي والاستدامة المالية، خصوصاً مع مراقبة الأسواق 3 ملفات شديدة الحساسية، هي: قدرة الين على الصمود أمام موجات المضاربة، واستجابة المستثمرين لإصدارات السندات الضخمة، وما إذا كانت الأجور سترتفع فعلياً بما يكبح التضخم.

وبين التفاؤل الرسمي وحذر الأسواق، تبدو اليابان مقبلة على مرحلة اقتصادية دقيقة، ترسم فيها حكومة تاكايتشي ملامح سياستها الأعلى جرأة منذ عقود، على أمل أن تظل بعيدة عن «لحظة تروس»، وأن تثبت قدرتها على إعادة تحريك النمو دون خسارة ثقة المستثمرين.


مقالات ذات صلة

تعثّر «أوراكل» يهزّ أسهم الذكاء الاصطناعي... والسوق ترفض الاستسلام

الاقتصاد شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

تعثّر «أوراكل» يهزّ أسهم الذكاء الاصطناعي... والسوق ترفض الاستسلام

تلقّى الزخم القوي الذي يدعم أسهم الذكاء الاصطناعي ضربة مؤلمة بعد تقرير مخيّب من «أوراكل»، أعاد إلى الواجهة المخاوف من التقييمات المبالغ فيها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)

ديون مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تقفز إلى 125 مليار دولار

مع انتشار «حمّى الذكاء الاصطناعي» التي دفعت الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية، يتم تمويل مراكز البيانات اللازمة لتشغيل هذه التكنولوجيا بشكل متزايد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة تمثل العملات المشفّرة في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

نائب محافظ «المركزي الهندي» يحذر من العملات المستقرة... ويشكك في جدواها

قال نائب محافظ بنك الاحتياطي الهندي، تي رابي شانكار، يوم الجمعة، إن بلاده بحاجة إلى توخي الحذر تجاه العملات المستقرة، مشيراً إلى أنها تُشكّل مخاطر اقتصادية.

«الشرق الأوسط» (مومباي )
الاقتصاد يتسوق الناس في سوق بمدينة نيودلهي (رويترز)

ارتفاع طفيف لتضخم التجزئة بالهند يتيح خفضاً إضافياً للفائدة

أظهرت بيانات، الجمعة، أن التضخم في أسعار التجزئة في الهند ارتفع في نوفمبر (تشرين الثاني) من أدنى مستوى قياسي سجَّله الشهر السابق، لكنه ظلَّ دون النطاق المستهدف.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد أبخرة وعوادم تخرج من إحدى مصافي النفط في مدينة أومسك الروسية بسيبيريا (رويترز)

توقعات بتراجع إيرادات الطاقة الروسية لأدنى مستوى منذ جائحة «كوفيد-19»

من المرجح أن تنخفض إيرادات النفط والغاز الحكومية الروسية إلى النصف تقريباً في ديسمبر الحالي مقارنة بالعام الماضي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«موبايلي» تتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي لتطوير الرقمنة بالسعودية

جانب من اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين «موبايلي» والمنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)
جانب من اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين «موبايلي» والمنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)
TT

«موبايلي» تتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي لتطوير الرقمنة بالسعودية

جانب من اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين «موبايلي» والمنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)
جانب من اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين «موبايلي» والمنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

وقَّعت «موبايلي» اتفاقية تعاون استراتيجي مع المنتدى الاقتصادي العالمي، بهدف تطوير البنية التحتية الرقمية والمساهمة في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030» في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة «موبايلي»، نزار بانبيله، أن الشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي ستسهم في تطوير البنية التحتية الرقمية، مما يعزز مكانة السعودية مركزاً إقليمياً للتقنية والابتكار.

من جانبه، أكد رئيس تطوير الشراكات الدولية والاستراتيجيات الإقليمية، ألكسندر رافول، أن هذه الشراكة تهدف إلى دعم الابتكار وتعزيز التحول الرقمي في المملكة، لتحقيق مستقبل رقمي أكثر شمولية واستدامة.

وتُعد الاتفاقية خطوة نوعية تعكس التزام «موبايلي» بتعزيز التحول الرقمي في السعودية، وتشمل المشاركة في ورش عمل متخصصة لمناقشة سبل توظيف الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة التشغيلية، وتعزيز الأمن السيبراني، وتطوير الحلول السحابية.


سوريا تتوقع أن يصل إنتاجها من الغاز إلى 15 مليون متر مكعب بنهاية 2026

وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (أوابك)
وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (أوابك)
TT

سوريا تتوقع أن يصل إنتاجها من الغاز إلى 15 مليون متر مكعب بنهاية 2026

وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (أوابك)
وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (أوابك)

قال وزير الطاقة السوري محمد البشير، الأحد، إن سوريا تتوقع ارتفاع إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى 15 مليون متر مكعب بحلول نهاية عام 2026، مقارنة بنحو 7 ملايين متر مكعب حالياً.

يأتي ذلك في إطار جهود البلاد التي مزّقتها الحرب لتعزيز إمداداتها المحلية من الطاقة.

وتعاني سوريا نقصاً شديداً في الطاقة والوقود، في أعقاب حرب أهلية استمرت 14 عاماً، وألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية للطاقة، وقلّصت الإنتاج.

ويُشارك البشير في اجتماع وزاري لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، المنعقد في الكويت.

وقال الوزير إن بلاده تنتج نحو 100 ألف برميل يومياً من النفط، وتهدف إلى زيادة الإنتاج إذا تم حل مشكلات شرق نهر الفرات.


خبراء ومختصون من 25 دولة يلتقون في مؤتمر للشبكات الذكية بالسعودية

النسخة السابقة من المؤتمر السعودي للشبكات الذكية (الشرق الأوسط)
النسخة السابقة من المؤتمر السعودي للشبكات الذكية (الشرق الأوسط)
TT

خبراء ومختصون من 25 دولة يلتقون في مؤتمر للشبكات الذكية بالسعودية

النسخة السابقة من المؤتمر السعودي للشبكات الذكية (الشرق الأوسط)
النسخة السابقة من المؤتمر السعودي للشبكات الذكية (الشرق الأوسط)

يبحث مختصون وخبراء ومسؤولون في قطاع الكهرباء التحولات التي يشهدها القطاع، وتجدد مصادر الطاقة، وكفاءة الشبكات، وذلك في النسخة الثالثة عشرة من المؤتمر السعودي للشبكات الذكية 2025، الذي يُعقد في العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة من 15 إلى 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

ويُعقد المؤتمر برعاية وزارة الطاقة السعودية، التي تؤكد أن رعايتها تأتي ضمن جهودها المستمرة لدعم التطوير وتبادل الخبرات في المجالات ذات العلاقة بالمنظومة، في وقت يشهد فيه قطاع الكهرباء تحولاً جذرياً تماشياً مع مستهدفات «رؤية 2030»، عبر تنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية، ورفع موثوقية وكفاءة الشبكة الكهربائية، وتحقيق المزيج الأمثل لإنتاج الكهرباء.

ويُعد المؤتمر منصة دولية لتبادل المعرفة والخبرات، وبناء شراكات استراتيجية في مجالات الشبكات الذكية والاقتصاد الرقمي، كما يناقش التحديات والفرص والرؤى المستقبلية في قطاعي الكهرباء والطاقة المتجددة.

ويتطرق المؤتمر أيضاً إلى تكامل مصادر الطاقة المتجددة، وآليات الدمج الآمن للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وحلول تخزين الطاقة، وأنظمة التحكم الذكي بالأحمال، إضافةً إلى دور الأمن السيبراني في حماية البنية التحتية للطاقة وتعزيز موثوقية الشبكة الكهربائية.