الحكومة السودانية: موافقة «حميدتي» على الهدنة «مناورة مكشوفة»

مبعوث ترمب يدعو طرفي النزاع إلى قبول خطة واشنطن «من دون شروط مسبقة»

مسعد بولس يتحدث إلى الصحافيين في أبوظبي اليوم (رويترز)
مسعد بولس يتحدث إلى الصحافيين في أبوظبي اليوم (رويترز)
TT

الحكومة السودانية: موافقة «حميدتي» على الهدنة «مناورة مكشوفة»

مسعد بولس يتحدث إلى الصحافيين في أبوظبي اليوم (رويترز)
مسعد بولس يتحدث إلى الصحافيين في أبوظبي اليوم (رويترز)

قللت الحكومة السودانية من أهمية إعلان قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، هدنة إنسانية من جانب واحد، واعتبرها وزير الثقافة والإعلام، خالد الإعيسر، «مناورة سياسية مكشوفة»، ومحاولة جديدة لخداع المجتمع الدولي.

وكان حميدتي أعلن مساء الاثنين موافقته على هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تشمل وقف الأعمال العدائية، بعد أقل من يوم على رفض قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، مقترحاً دولياً بالهدنة.

وجاء ذلك في وقت أكّد مبعوث الرئيس الأميركي، مسعد بولس، الثلاثاء أن طرفي النزاع في السودان غير موافقين على مقترح وقف النار، وحثهما على قبول خطة واشنطن من «دون شروط مسبقة». وقال بولس للصحافيين في العاصمة الإماراتية أبوظبي: «نناشد الطرفين قبول الهدنة الإنسانية كما عُرضت عليهما دون شروط مسبقة». وأضاف: «نرغب بأن يقبلا النص المحدد الذي قُدّم لهما».

وجاءت تصريحات بولس خلال إحاطة إعلامية مشتركة مع المستشار الرئاسي الإماراتي أنور قرقاش في أبوظبي، بعد أيام على اتهام قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان المبعوث الأميركي بأنه منحاز للإمارات.

في غضون ذلك، قال وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر في منشور على «فيسبوك»، الثلاثاء: «أثبتت التجارب السابقة، وفي مقدمها هدن اتفاق جدة أن الجيش السوداني التزم بما وقّع عليه، بينما استغلت (الدعم السريع) تلك الهدن لتمرير إمدادات قواتها بالسلاح والعتاد وتحقيق مكاسب عسكرية».

وطالب المجتمع الدولي بأن يدرك أن موقف «الدعم السريع» عبارة عن «مناورة مفضوحة»، وبأن يضغط على هذه القوات لتنفيذ خريطة الطريق التي قدمتها الحكومة السودانية للأمم المتحدة لوقف الحرب في البلاد.

وكان قائد «الدعم السريع» دعا الاثنين دول الرباعية (الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر) للضغط على الجيش للتجاوب مع خطوته، مبدياً موافقة فورية على إنشاء آلية الهدنة الإنسانية، بإشراف «الرباعية» والاتحاد الأفريقي و«إيغاد» لضمان تنفيذها على الأرض.

وقال حميدتي: «إن الهدنة الإنسانية التي التزمنا بها، هي الخطوة الأولى لوقف العدائيات والوصول إلى حل شامل لوقف الحرب».

رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

وفي وقت سابق رفض قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الورقة المقدمة من «الرباعية» بشأن الهدنة، ووصفها بأنها «الأسوأ»، متهماً مستشار الرئيس الأميركي، مسعد بولس، بأنه «غير محايد»، وقال: «نخشى أن يكون عقبة في سبيل السلام».

وتابع البرهان: «نعول على المبادرة السعودية - الأميركية، ونتعاطى معها لوقف الحرب في السودان، إلى جانب خريطة الطريق التي تقدمنا بها سابقا إلى الأمم المتحدة».

تأتي هذه التطورات، بينما يواصل كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، زيارته للإمارات لإجراء مشاورات حول خريطة طريق «الرباعية» لتهدئة القتال في السودان.

واستهل المسؤول الأميركي زيارته، الاثنين، بلقاء وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، الذي أكد دعم بلاده للمساعي الأميركية وجميع الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار.

ومن المقرر أن يلتقي بولس في الإمارات بعدد من قادة التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة «صمود»، الذي يقوده رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك.

وقبل أيام، صرّح بولس بأن «الرباعية» طرحت خريطة طريق قريبة بعض الشيء للحل الذي تم التوافق عليه في «غزة»، تبدأ بهدنة إنسانية لوقف إطلاق النار والعمل الإنساني، وتناقش هيكلة الانتقال لحكم مدني، وإعادة إعمار السودان.

من جانبها، سارعت القوى السياسية المنضوية «تحالف صمود»، بالترحيب بموافقة قائد «الدعم السريع» على البدء فوراً في تنفيذ الهدنة الإنسانية المقترحة من قبل «الرباعية»، داعية قيادة الجيش السوداني للمضي ذات الاتجاه.

نازحون من الفاشر في مخيم إيواء في مدينة الدبة بشمال السودان يوم 20 نوفمبر الجاري (أ.ف.ب)

واشترط حاكم إقليم دارفور، مناوي أركو مناوي، الموالي للجيش، القبول بأي هدنة، بانسحاب «قوات الدعم السريع» من المواقع التي تسيطر عليها، وإطلاق سراح المختطفين، وإخراج المرتزقة الأجانب، بالإضافة إلى فتح الطرق لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

بدوره، رحب حزب الأمة القومي، الذي يعدّ أكبر الأحزاب السودانية، باستجابة قائد «الدعم السريع» لمقترح الهدنة الإنسانية من الرباعية الدولية، من جانب واحد، وحض قيادة الجيش السوداني على التعامل الإيجابي، وإعلان موافقتها على الهدنة.

وجدد الحزب المنضوي في «تحالف تأسيس» الموالي لــ«الدعم السريع»، دعمه الكامل لمبادرة «الرباعية» وكافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف الحرب في السودان.


مقالات ذات صلة

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

شمال افريقيا سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان (السودان))
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» (رويترز - أرشيفية)

تقرير: «الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

كشف تقرير جديد عن أن «قوات الدعم السريع» السودانية دمرت وأخفت أدلة على عمليات قتل جماعي ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر بإقليم دارفور غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا حقول «هجليج» السودانية النفطية (متداولة)

حكومة نيالا تنفي التنسيق مع حكومة بورتسودان على تأمين حقول «هجليج»

أبقى أطرافُ اتفاق حماية حقول النفط الثلاثي في حقول «هجليج» السودانية تفاصيلَ ترتيبات تأمين الحقول والمنشآت، التي أعقبت سيطرة «الدعم السريع» على المنطقة، سرية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا 
جانب من اجتماع القوى السودانية في نيروبي (الشرق الأوسط)

قوى سودانية تُوقّع «إعلان مبادئ» لإنهاء الحرب

وقَّعت القوى السياسية والمدنية في «تحالف صمود» السوداني، بالعاصمة الكينية نيروبي، أمس (الثلاثاء)، على إعلان مبادئ مشترك مع حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة عبد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
يوميات الشرق صورة أيقونية للراحل (صفحته على «فيسبوك»)

رحيل أيقونة الغناء السوداني ونقيب الفنانين عبد القادر سالم

ودَّع السودانيون أحد أبرز وجوههم الثقافية والموسيقية، الدكتور عبد القادر سالم، الذي توفي في الخرطوم بعد معاناة قصيرة مع المرض.

وجدان طلحة (الخرطوم)

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.


«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق ما كشف تقرير جديد.

وقال «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق، التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غضباً دولياً بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء، واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي. وأكد «مختبر الأبحاث الإنسانية» أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً يتطابق مع رفات بشرية. وتتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، كما تتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في غضون شهر اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي، لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية. وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي، وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف. وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة، ويُقدر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».

وأمس الثلاثاء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية، ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب غربي السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان، منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، حسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، التي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملاً في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف مدني». مضيفاً أن المعتقلين «محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».